صراع القمة... من حرائق طرابلس الى امن بغداد

عدنان الصالحي

 

شبكة النبأ: القمة العربية المزمع عقدها في العاصمة العراقية بغداد مطلع ايار /مايو المقبل يبدو انها اصبحت محط صراع لا كثر من جهة فالأوضاع الاقليمية والداخلية تشير الى عدم امكانية عقد هذه القمة نتيجة لظروف كثيرة فيما تؤكد الحكومة العراقية بانها ماضية بعقدها وتوفير الاجواء اللازمة لها وانها ستُعقد في موعدها المقرر رغم جميع ما تمر به المنطقة من ارتجاجات سياسية وامنية.

هذه الاوضاع  تتمثل في:

اولا: الوضع العربي، متمثل في حالة التظاهرات والصدامات والمعارك التي تدور في بلدان عربية كثيرة منها اليمن وليبيا والبحرين وسوريا، اضافة الى الدول التي خرجت من عنق الزجاجة ولكنها مازالت تعيش ارهاصات التحول مثل مصر وتونس والتي مازال الحكم فيها انتقاليا، اضافة الى دول اخرى تحاول اخفاء ما يجري فيها بسبب وجود حالة التذمر الداخلي مثل الجزائر والمغرب، فيما تعيش بلدان عربية اخرى ازمة سياسية شديدة كلبنان، وتبقى دول الخليج العربي هي الاخرى تعاني من ازمة سياسية غير ظاهرة للعيان داخلية بسبب التذمر الشعبي فيها وخارجية مع الحكومة العراقية نتيجة موقف الاخيرة من الاحداث الجارية في البحرين والتدخل السعودي العسكري في هذا البلد والذي ظهر بمثابه الحرب على الطائفة الشيعية هناك والموقف الواضح للحكومة والبرلمان العراقيان تجاه حالة القمع التي تمارسها القوات البحرينية ودرع الجزيرة في هذا البلد.

مضافا لذلك فان انعقاد القمة سيكون انعطافه كبيرة للدول العربية، فهي لا تريد ان تتغيب عن الحضور فذلك بمثابة سقوط سياسي لأنظمتها واعترافها ضمنيا بعدم قدرتها على التواصل الدولي واحتمالية موافقة الدولة المقيمة للقمة حضور المعارضة السياسية لتلك الحكومات قد يمثل اعتراف عربي رسمي بتلك المعارضة وفقدان الحكومات الحالية شرعيتها العربية.

ثانيا: الوضع العراقي الداخلي

أ‌- (سياسيا): متمثل في حالة عدم الانتهاء الكلي من تشكيل الحكومة بتأخر الوزارات الامنية وعدم تطبيق اتفاق اربيل بشكل تام، وبروز توتر سياسي مستقبلي بشكل طفيف في القوت الحالي قد يتفاقم مستقبلا اذا لم يتم حسم بعض الخلافات القائمة بين دولة القانون والقائمة العراقية، مما سيؤدي الى خلق جو من الفتور السياسي بين الكتل المكونة للحكومة.

من جانب اخر فان الحكومة والبرلمان العراقي يسابقان الزمن من اجل النهوض بمستوى الخدمات المتدهور في البلاد منذ سقوط النظام السابق، وتعهد الحكومة تحقيق طفرة نوعية في الخدمات قبيل الصيف القادم، بدوره يحتاج الى جهد استثنائي كبير لما تعانيه الدولة من تراكمات كبيرة من حالة الفساد الاداري والمالي والتوافقات السياسية الثقيلة في تمرير القوانين وتوزيع الصلاحيات بشكل يؤخر الاتفاق حتى على ابسط الامور.

ب‌- (امنيا): فالنشاط العسكري للجماعات المسلحة داخل البلاد مازال قائما والمتمثل بالهجمات التي تقوم بها بين الفينة والاخرى سواء ضد قوات الامن العراقية او المدنيين العراقيين، رغم انحساراها بشكل كبير، هذه الجماعات تحاول بشتى الطرق تصعيد الموقف الامني قبيل انعقاد القمة لأقناع الدول التي تحاول الحضور بان الوضع في العراق ليس كما تصوره الحكومة العراقية وهو في حالة اهتزاز مستمر، فانعقاد القمة العربية في بغداد قد يمثل لهذه الجماعات انكسار في شوكتها بشكل كبير فتحقيق اجتماع بهذا المستوى يعني دخول البلد المنظومة العربية بشكل لا رجعة فيه واعتراف الحكومات العربية بالعملية السياسية  بواقعها الحالي دون الالتفات الى من هم خارجها، وهذا ما سيزعج هؤلاء المعارضون وسيحاولون بشتى الطرق ضرب القاعدة الامنية وهز استقرارها حتى ولو كان الهدف تأخير الانعقاد على ابسط الصور لا الغائه.

في قبال ذلك فان الحكومة العراقية تعتبر انعقاد القمة والايفاء بالتزاماتها تجاه ما اطلقته من وعود بتوفير الجو  المناسب بمثابه انجاز كبير لا يمكن التراجع عنه حتى وان لم يحضر من القادة العرب الا النزر اليسير، فهي ترى (الحكومة العراقية) بانها صاحبة الكلمة الفصل في المشهد السياسي والامني وانها قادرة فعلا على تنفيذ وعودها والتزاماتها، وهو بلا شك سيمثل اختبارا حقيقي لها ولقدراتها الاستخباراتية والامنية ونجاحها السياسي على مدى السنوات الماضية في جوها الاقليمي والعربي  ولعل انعقاد القمة العربية في بغداد يعتبر تحول كبير يجب ان ينجز حتى ولو كان الحاضرون بمستوى اقل من الرؤساء ولكن انعقادها وعدم ترحيلها الى اشعار اخر يعني ضربة قاصمة لمستبيحي الوضع الامني وخلاف ذلك فأنها ستعتبر نكسة سياسية كبرى لأول تجربة عراقية_عربية بعد التحول السياسي عام 2004.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/نيسان/2011 - 8/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م