سلاح... ومصالحة

جواد العطار

فاجأتنا وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، قبل ايام، كما فاجئت اغلب فئات الشعب بمؤتمر صحفي ودون سابق انذار، اعلن وزيرها عامر الخزاعي فيه بان " اربعة الى خمسة فصائل مسلحة قررت القاء السلاح والانضمام الى العملية السياسية ".

والسؤال الذي يثار تعليقا على هذا الخبر، هل ان ابواب العملية السياسية ما زالت مفتوحة بعد المخاض العسير الذي دفع الشعب العراقي ثمنه انهارا من دماء ابناءه الزكية الطاهرة طيلة السنوات الثمان الماضية على ايدي مجموعات مسلحة ؟ وهل تملك وزارة شؤون المصالحة؛ القرار في قبول ادخال المسلحين الى الصف الوطني دون استشارة الشعب المعني بالقضية وصاحب الرأي؛ والحق؛ في البت بهذا الموضوع او حتى نوابه البرلمانيين ؟.

ونتساءل ثانية: لماذا عقد المؤتمر في مقر مجلس الوزراء ؟ هل لحماية المسلحين من الشعب ام لاضفاء الشرعية الحكومية على القضية برمتها. واذا كان الرد الجاهز ان المفاوضات ليست جديدة بل هي استكمالا لجهود الوزارة السابقة ! فلماذا لم يظهر السيد اكرم الحكيم وزير المصالحة الوطنية السابق في المؤتمر الصحفي، ولماذا لم نسمع بمراحل المفاوضات ومقدار التنازلات قبل هذا الاعلان الغامض ؟؟.

واذا كانت مسألة المصالحة قد اصبحت ضرورة قصوى في الوقت الراهن والى هذه الدرجة، فانها لا ينبغي ان تعقد مع المسلحين الذين سحب الشعب العراقي البساط من تحت اقدامهم، بل مع الكتل السياسية المؤمنة بالعملية السياسية ذاتها والتي تثير خلافاتها حول الكثير من المسائل الراهنة العديد من العراقيل التي تحول دون تسمية الوزراء الامنيين على سبيل المثال او قضايا القوانين المطروحة على طاولة البرلمان منذ اكثر من عام وعامين.

 وان كان هناك من يحاجج حول المصالحة مع المسلحين، فاننا نجيبه بالقبول والايجاب لكن مع الاحتفاظ بالحق العام والحق الشخصي تجاه من يريد العودة الى الصف الوطني من المسلحين دون اعتماد عبارة " لم تتلطخ ايديهم " مقياسا لانها عبارة مطاطية ومن السهل الحصول من خلالها على جواز المرور والبراءة، بل بالرجوع الى معيار الرأي القضائي والقانوني، واعتماد الشروط الموضوعية التالية:

1. ان لا تكون القاعات المغلقة ساحة للمشاورات والاتفاقات والصفقات المشبوهة، بعيدا عن الشفافية واطلاع الشعب والسياسيين على كافة التفاصيل.

2. ان لا يهمش دور البرلمان في المفاوضات او الاتفاقات، بل يجب الركون اليه واستشارته قبل وبعد انتهاء المباحثات.

ان الحكومة ووزارة شؤون المصالحة ووزير المصالحة لا يملكون الحق في بالتصرف بقضايا تمس امن الشعب العراقي ومستقبله وجراحاته التي لم تندمل بعد، بل ان الوزير المعني يغامر بمستقبله المهني والسياسي حينما يظهر في هكذا مؤتمرات مع علمه وادراكه لرفض الشعب والكثير من النواب والكتل السياسية التصالح مع هكذا جماعات، بل واتهام كل من يقف معها بالاصطفاف ضد مصلحة الشعب العراقي وتلك مواقف الكتلة الصدرية التي اعلنتها بعد المؤتمر مباشرة.

ان السير في هذ المشوار لا يرفضه من يخاف على مصلحة الوطن ومستقبله اجياله كما لا يرفضه دعاة التعايش والتسامح، لكن؛ ليس بالقصر الذي يراه البعض رغبة في تحقيق مصالح شخصية او حزبية تدعمها نتائج سريعة وملموسة على الارض، بل هو طريق طويل يحتاج الى اندمال الجراح والرعاية اللاحقة لذوي الشهداء والمتضررين من افعال الجماعات المسلحة والى التيقن والتفحص العميق للجماعات ومدى ايجابيتها وعن ما ستقدمه من تنازلات للشعب العراقي، وبعد ان نقيس فقرات الدستور ونعرض الامر على البرلمان وعبر وسائل الاعلام ممكن ان نخرج بنتائج ترضي الجميع وتخدم الوضع العام... ولكن ان سرنا على هذا المنوال من القرارات الارتجالية والمؤتمرات الصحفية المفاجئة، فاننا يمكن ان نرى، في يوم من الايام، عتاة البعث من " يونس الاحمد والدوري " يجلسون هم او من يمثلهم في قاعة مؤتمر صحفي مغلقة تحت مسمى مصالحة ليدخلوا العملية السياسية من اوسع ابوابها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/نيسان/2011 - 2/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م