عن ظاهرة الاسماء والاغاني التي تتصدر واجهات سيارات الاجرة

سائقون لا يجدون ضررا ومواطنون يطالبون بمنعها

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: (ليش زعلانه) و(لا تلحقني مخطوبة) و(أوف منك يا زمن) و(سلمتك بيد الله) و (مو كافي صبر)، وعلى هذه الشاكلة تطالعك مئات مئات الصور والعبارات والحكم المجانية التي اختطت بعناية فائقة لتتخذ من أقصى اليمين أو الشمال لواجهات الزجاج الخلفي لسيارات الاجرة مستقرا لها ومقاما، وهي اشبه ما تكون بالمعرض المتحرك او الجوال الذي يجوب عاصمتنا الحبيبة بغداد، وبعض المحافظات العراقية الاخرى.

ومن اجل ملاحقة تلك الظاهرة وأسباب أنتشارها ومغزى وجودها حاولنا ان نصغي لآراء من التقيناهم بالصدفة ونحن نرفع لواء حرية التعبير عن الرأي على امل ان نقف على حدود تلك الممارسة من قريب او بعيد.

جاسم رشيد يعتبر هذا اللون من التصرف غير مقبول بأي حال من الاحوال بحكم الضوابط الدينية والاجتماعية والعشائرية التي ندين بها وان التفريط بجزء منها يعتبر هدر لكرامة الانسان ذكر كان ام انثى. ويقول خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "ناهيك عن ما تسببه تلك العبارات من خدش للحياء والتجاوز على الذوق العام لاسيما وهي تحاكي شرائح المجتمع كافة من دون ان تستثني اي منا سواء كان صغير ام كبير".

اما ابو علي سائق وهو في العقد الخامس من عمره وقد مارس مهنة السياقة لأعوام طويلة لأنها مصدر رزق الوحيد وعنوان اساسي لصمود عائلته المكونة من سبعة اشخاص في هذا الزمن، يعتقد بان المسؤولية بالكامل تقع على عاتق المؤسسة الحكومية ويخص بالذكر دائرة المرور لأنها المعنى الاول بهذه المشكلة ومن واجبها البحث عن الضوابط اللازمة والعقوبات الرادعة التي من شانها ان تقوم سلوك العاملين بتلك المهنة، فيقول لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) ، "مهنة السياقة كانت على الدوام سباقه في رفع شعار الفن والذوق والاحترام لان السائق بمثابة الوجه الحضاري للبلد وعنوان سمعته، اضف الى ذلك فان سيارة الاجرة مهيأة لاستقبال الرجال والنساء والاطفال فمن غير الممكن ان يستقبل أي فرد منا بناته او اخواته بتلك العبارات الرخيصة وغير المؤدبة ناهيك عن كون تلك الالفاظ قد تسبب الكثير من الحرج وتشوه منظر المركبة".

 الدكتور جبار شنشل مختص في علم النفس وهو يعتقد بان هذا النوع من الاعراض يدخل في خانة الامراض النفسية وليست الجسدية وهو تعبير واضح وصريح عن مدى افتقاد الشخص المعني لخاصية الاستقرار العاطفي والنفسي على امل ان يتخذ من تلك العبارات ملاذا امنا ومتنفس رحب للخلاص من العقد النفسية والاجتماعية، فيقول لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "اعتقد من وجهة نظر طبية بانها سوف تتضاعف من اجراء التركيز عليها".

محمد فاخر شاب يعمل سائق كوستر في احد المناطق الشعبية وهو ممن يؤيدون تلك الموجة على اعتبارها تواكب العصر وتدغدغ مشاعر الصبايا والشباب على حدا سواء ولا توجد فيها مضار حسب ما يعتقد وهي شان شخصي مختص بصاحب العجلة ولا يوجد فيها اساءة اخلاقية لأي شخص بل العكس صحيح فهي تعطي للحياة زخما معنويا وانسانيا اساسه حالة التواصل الانساني بحسب رايه، فيقول، ان العبارات المكتوبة على خلفية سيارات الاجرة في الاعم الاغلب متداولة وليس فيها شيء غير مهذب لاسيما وهي تردد بعض كلمات الاغاني المطروحة صباح مساء من على وسائل الاعلام وتلقى اقبال واسع من قبل الاوساط الشبابية ولها مستمعين كثر.

ويتابع، هذا النوع من الكتابات يدخل في إطار الاكسسوارات المطلوبة في الوقت الحاضر من اجل تزيين السيارة اولا وجعل شكلها مقبول وان هذا النوع من الكتابات أو الرسوم ليس حكرا على السواق العراقيين فقط حتى نعتبره شذوذ بل نجده متوفرة في اكثر البلدان حضارة.

فيما كان المواطن منير جاسم كان من اشد المعاندين لفكرة العقوبات الرادعة والقوانين الجزائية، على امل ان تكون تلك الخطوة هي الرهان الحقيقي لخيارات الشعب على اعتباره هو صاحب القرار الاول والاخير في معالجة الظواهر الاجتماعية والسلوكية الضارة من منطلق الاحساس بالمسؤولية وعدم الاتكال على المؤسسة الحكومية من اجل تحفيز روح المواطنة وترويض المجتمع العراقي على حرية الرفض او القبول لهذه الفكرة او تلك، فيقول، واذا ما حاولنا ان نربط ذلك المفهوم بموضوعة الكتابات والرسوم البارزة التي يضعها الكثير من سواق سيارات الاجرة اليوم ليبعثوا برسائلهم المجانية وهي تحمل نكهة الغزل المبطن او العتب او محاكات بعض الحكم والابيات الشعرية ومنها من يدخل في خانة التسبيح لله والحمد لرسوله وبعض الارشادات التربوية والمرورية التي تدعو السائق للتريث وعدم الاسراع خشيت ان يلقى حتفه والى ما الى ذلك من النصائح العاطفية التي ابتدعها هواة تلك الموجة، وهي على ما أعتقد في غير محلها ولا تلبي رغبات جميع شرائح المجتمع وتشوه منظر السيارة وقد يشوبه الكثير من الاخطاء النحوية والاملائية ناهيك عن العواقب الكارثية التي تسببها تلك الدعايات لأنها تحجب الرؤيا لدى السائق ولا تمكنه من رؤية من يسير خلفه.

وفي هذا الخصوص تحدث الى (شبكة النبأ المعلوماتية) فائز عبود على اعتباره سائق سيارة اجره وهو يعزي سبب انبثاق تلك الظاهرة الى حالة الانفتاح الموجودة وعدم وجود الرقيب الذي يتابع ويدقق في كل صغيرة وكبيرة في السيارة فان سائق السيارة كان يخشى رجال المرور لانهم يحاسبونه على أي نقص موجود ابتداء من العجلة البديلة الاسبير الى المطفأة التي تهتم بإخماد الحريق الى المثلث الى عدة صيانة السيارة وما الى ذلك من الامور الاخرى ذات العلاقة بسلامة السيارة وضرورة جاهزيتها للعمل الا ان الاوضاع قد تغيرات وليس هناك من يحاسب وهذا مما اعطى فسحة للسواق الجدد ان يعملوا ما بدى لهم خصوصا ونحن نتحدث عن ظاهرة الكتابات غير المرخصة اجتماعيا ومروريا لأنها تمثل خرق لمنظومة السلوك الاجتماعي بسبب فضاضتها وتشكل عائق مروري لأنها تسد منافذ الرؤية الخلفية للسيارة لان اغلب الكتابات توضع على الزجاج الخلفي او على الصندوق الخلفي للسيارة وكنت اتمنى على هيئة النقل الخاص وعلى افراد المرور ان يولون اهتمام اكبر من اجل معالجة تلك التصرفات لأنها باتت تشكل ظاهرة غير حضارية ومنافية للذوق العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/نيسان/2011 - 28/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م