مجرمو حرب خارج نطاق العدالة الانسانية

نزاعات تخلف الاف القتلى ومئات حالات الاغتصاب

شبكة النبأ: يشكل مجرمو الحروب المنتشرين في مناطق النزاعات حول العالم وخزة في ضمير الانسانية لما اقترفته ايديهم بحق الآخرين من جرائم وانتهاكات ادمت امم وشعوب بكاملها.

فعلى مدى تاريخنا الحديث بالذات، ارتكبت المئات من تلك الافعال الشنيعة، الا ان قلة منهم من استطاع المجتمع الدولي ان يسري عليهم جزاء ما قاموا به، والغالبية الباقية ينعمون بحياة مستقرة دون ادنى احساس بالندم او القلق من الملاحقة القانونية.

لاجئون في بريطانيا

حيث يعيش في بريطانيا مئات اللاجئين المشتبه في ارتكابهم جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، على الرغم من التوصيات من قبل وحدة الحدود البريطانية باتخاذ اجراءات قضائية ضدهم. فخلال السنوات الخمس الماضية أوصت وحدة خاصة بجرائم الحرب تعمل ضمن إدارة الهجرة، باتخاذ اجراءات قانونية ضد 495 فردا يشتبه في ارتكابهم جرائم تعذيب وتطهير عرقي وجرائم حرب اخرى.

ووفقاً للبيانات التي تم تقديمها من قبل الوحدة للمجموعة البرلمانية الخاصة بالتطهير العرقي فإن خمس هذا العدد فقط رُفضت طلباتهم لدخول بريطانيا، او انهم رحلوا عن البلاد اختياريا او اجباريا وتبقى منهم ما يصل الى 383 مشتبهاً فيهم. كما قدمت الوحدة تهماً ضد 47 مشتبها فيه لدى ادارة اسكتلنديارد (الشرطة البريطانية). وتضم هذه المجموعة البالغ عددها 383 مشتبها فيه 105 عراقيين و75 افغانيا، و73 سريلانكيا، و39 روانديا، و 32 زمبابويا، و 26 من الكونغو الديموقراطية. ويعتقد أن بينهم أيضاً مسؤولين كبارا من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ومسؤولاً استخباراتياً كبيراً من الحكومة الافغانية، متورطين في عمليات تعذيب، وقائد شرطة سابقاً من الكونغو الديمقراطية اعترف في مقابلة مع محطة اذاعية انه أشرف على عمليات تعذيب. بحسب رويترز.

ويقول رئيس المجموعة البرلمانية لمناهضة التطهير والجرائم الاخرى ضد الانسانية، البرلماني العمالي مايكل ماكان «إن بريطانيا تتغافل عن تقديم هؤلاء المتهمين للمحاكمة». ويضيف«إننا نعلم أن هناك مشتبهاً فيهم اكدتهم لنا وحدة الحدود البريطانية، بيد انه اتضح لنا ان هذا الامر قد تم وضعه في اسفل الاوليات». ويؤكد أن مشتبهي جرائم الحرب يتعرضون للملاحقة الشديد في البلدان الاخرى، الا أن العقبة الكبيرة التي تواجه البلاد في هذا الصدد تتمثل في عدم وجود موارد كافية للمساعدة على التحقيق في مثل هذه الجرائم. ويقول «في كثير من الاحيان لا نتمكن من تحديد اقامة هؤلاء المتهمين، فإذا ما صدر امر اعتقال بحق أحد هؤلاء الاشخاص فهناك احتمال ضئيل في إلقاء القبض عليه». ويقول ناشطو حقوق الانسان ان القوانين التي جلبها وزير الداخلية السابق جاك سترو من اجل سد الثغرات القانونية في هذا الشأن عام ،1991 والتي من شأنها أن تجلب المشتبه فيهم امام المحاكم لم يتم استخدامها. ويقول الناشط كيفين لو الذي يمثل ضحايا التعذيب، إن هناك الكثير من المسؤولين الحكوميين الذين يقولون انه لا ينبغي أن تصبح بريطانيا ملجأ آمنا لمشتبهي التطهير العرقي والجرائم الدولية الاخرى، ويضيف «إلا انه ما لم تكن هناك ارادة سياسية وموارد مناسبة لتفعيل القانون الجديد، فإنه يستحيل تقديم مثل هؤلاء الاشخاص للمحاكمة».

ويرى كثير من المسؤولين ان من شأن القوانين الجديدة المضمنة في «قانون الوفيات المشتبه فيها»، أن تفتح الباب امام محاكمة العديد من متهمي التطهير العرقي في رواندا الذين فروا الى بريطانيا، ومن بينهم شخصيات مثيرة للجدل امثال، تشالز مونيانيزا، وكلستين اوغيراشيبوجا، وفينسيت باجينيا، وايمانويل نتيزريايو، ويواجه هؤلاء الاربعة تهم القتل او التآمر مع آخرين أو مساعدتهم على قتل اعضاء من مجموعة التوتسي العرقية، الا أن هؤلاء نجحوا في ابريل 2009 في استئناف احكام ضد إبعادهم من بريطانيا الى رواندا تحت مبرر أنهم لن يحصلوا على أحكام عادلة في رواندا.

تعديل قانون جرائم الحرب

الى ذلك اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده ستعدل قانونا يسمح بملاحقة اجانب على اراضيها متهمين بارتكاب جرائم حرب، وذلك اثر ارجاء الدولة العبرية حوارا استراتيجيا مع لندن بسبب هذا القانون.

وفي بيان نشرته في لندن ردت وزارة الخارجية البريطانية على المخاوف الاسرائيلية من هذا القانون، مؤكدة ان مشروع "تعديل" هذا القانون سيقدم الى البرلمان "في مستقبل قريب جدا" من اجل اقراره.

وفي تصريح للصحافيين في رام الله قال هيغ اثر لقائه مسؤولين فلسطينيين ان "مسالة الاختصاص القضائي العالمي تشكل امرا نعيده الى نصابه الصحيح في الحكومة الجديدة (...) لكننا سنفعل ذلك على طريقتنا الخاصة وفي توقيتنا الخاص".

وجاء هذا التصريح بعيد اعلان يغال بالمور المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية ان تعديل هذا القانون يشكل من وجهة نظره "الاولوية الاولى في جدول اعمال" زيارة هيغ الى اسرائيل، مشيرا الى ان الدولة العبرية ارجأت استئناف "الحوار الاستراتيجي" مع بريطانيا ما لم تراجع لندن هذا القانون. بحسب فرانس برس.

وينعقد هذا الحوار بين البلدين سنويا ويركز على قضايا الدفاع والامن، وكان من المفترض ان ينعقد هذه السنة في تشرين الاول/اكتوبر في بريطانيا، الا انه لم ينعقد بحسب مصدر دبلوماسي.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيانها "نحن نشاطر الاسرائيليين قلقهم" حول مبدأ الصلاحية الدولية التي يتمتع بها القضاء البريطاني. واضاف البيان ان مشروع تعديل القانون "سيقدم في مستقبل قريب جدا" الى البرلمان.

ويسمح القانون البريطاني بان يصدر قاض مذكرة توقيف ضد شخصية اجنبية تزور بريطانيا بطلب من المدعي اذا رأى انه شارك في جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية.

واستخدمت منظمات فلسطينية هذا التشريع للتقدم بشكاوى امام محاكم بريطانية ضد مسؤولين سياسيين او عسكريين اسرائيليين اتهمتهم بارتكاب جرائم حرب.

وفي وقت سابق هذا الاسبوع، الغى وزير شؤون المخابرات الاسرائيلية دان مريدور زيارة الى لندن على خلفية مخاوف من امكان توقيفه، مع تكهنات وسائل الاعلام المحلية بان يكون لهذا القرار صلة بالهجوم الاسرائيلي الدامي على اسطول سفن المساعدات الانسانية المتجهة الى غزة نهاية ايار/مايو، بحسب ما افادت وسائل اعلام اسرائيلية.

ورفض متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي التعليق على هذه المعلومات، الا ان هيغ اصر على ان "حيزا كبيرا من الحوار الاستراتيجي يتواصل على الدوام بما يشمل اليوم وغدا".

واشارت السفارة البريطانية في تل ابيب الى انه سيتم طرح مسودة تعديل لنص القانون امام البرلمان "في الاسابيع المقبلة".

وقالت المتحدثة كارن كوفمان ان "الحكومة البريطانية تفهم ان لدينا مشكلة حقيقية نعالجها"، مشيرة الى ان الامر سيتطلب "اشهرا عدة" قبل اقرار التعديل.

واضافت "سنقدم مسودة (تعديل) في الاسابيع المقبلة بهدف تمريرها لدراستها في الدورة الحالية للبرلمان". واكدت كوفمان ان بريطانيا لا تزال "ملتزمة بالحوار الاستراتيجي مع اسرائيل" و"تناقش حاليا المواعيد مع وزارة الخارجية الاسرائيلية".

ومارست اسرائيل ضغوطا على بريطانيا طوال خمس سنوات لحملها على تعديل النص القانوني بعد ان ارغم عدد كبير من ابرز المسؤولين السياسيين والعسكريين على الغاء زياراتهم خشية توقيفم.

وفي كانون الثاني/يناير، تعهد رئيس حكومة بريطانيا انذاك العمالي غوردن براون بتغيير القانون بعد ان الغت تسيبي ليفني زعيمة المعارضة ووزيرة الخارجية خلال فترة الهجوم الاسرائيلي على غزة نهاية 2008 ومطلع 2009 زيارة لها الى بريطانيا عقب صدور مذكرة توقيف بحقها، ما اثار تشنجات دبلوماسية بين البلدين.

وفي مقابلة مع الصحيفة الواسعة الانتشار يديعوت احرونوت تصادف مع زيارته الاولى الى اسرائيل بصفته وزيرا للخارجية، قال هيغ ان على الاسرائيليين ان ينتظروا من باب الاحتياط ان يتم تعديل القانون قبل ان يزوروا بريطانيا. واضاف "اعتقد انه من الحكمة ان ننتظر اولا اقرار هذا القانون ثم نبادر لدعوتهم".

ووصل هيغ الى اسرائيل لاجراء محادثات من المتوقع ان تركز على كيفية مساعدة اسرائيل والفلسطينيين على تجاوز المراوحة الحاصلة في مفاوضات السلام.

وعلقت المفاوضات نهاية ايلول/سبتمبر بعد انتهاء مهلة التجميد الجزئي للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

ورفضت اسرائيل تمديد التجميد، في حين يشترط الفلسطينيون وقف بناء المستوطنات اليهودية على الاراضي الفلسطينية لمتابعة المفاوضات، وهو ما ضاعف الجهود الدبلوماسية سعيا لانقاذ المفاوضات من المازق الذي تتخبط فيه راهنا.

شمعون بيرس

فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن منظمة حقوقية سويسرية قدمت طلبا إلى المدعي العام السويسري بإصدار مذكرة اعتقال ضد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس الذي يزور سويسرا حاليا بشبهة ارتكاب جرائم حرب.

وطالبت منظمة "الحق للجميع" الحقوقية السويسرية باعتقال بيرس بسبب "مشاركته في جرائم حرب" خلال الحرب على غزة في نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009.

وكتب مدير المنظمة الحقوقية أنور الرغبي في الطلب الذي قدمه للمدعي العام السويسري أن "سجل سويسرا في مجال حقوق الإنسان يلزم سويسرا باعتقال بيرس". وأضاف أن "هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة بعد تقرير غولدستون الذي اتهم إسرائيل بتنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وعقب ديوان الرئيس الإسرائيلي على ذلك بالقول إن "المنظمات الفلسطينية تقدم شكاوى في كل مرة تصل فيها شخصية إسرائيلية رفيعة المستوى لزيارة في دول أجنبية ولا يوجد أي تأثير للشكوى التي قدمتها المنظمة الفلسطينية في سويسرا وزيارة الرئيس تجري في أجواء دافئة وودية ومن دون تظاهرات".

ووصل بيرس إلى سويسرا الاثنين والتقى مع رئيسة سويسرا ميشلين كلمي راي وبعد ذلك سيزور بريطانيا حيث من المقرر أن يلتقي مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

الجيش الاسرائيلي

من جهته ندد الجيش الاسرائيلي الجمعة بنشر لائحة على الانترنت تتضمن اسماء واحيانا عناوين 200 عسكري قدموا على انهم متورطين في "جرائم حرب" اثناء الحرب الاسرائيلية الدامية على قطاع غزة في 2008/2009. وافاد مصدر عسكري اسرائيلي انه "بعد تدقيق خبراء قانونيين اتضح ان نشر هذه المعلومات لا يشكل تهديدا حقيقيا للذين وردت اسماؤهم على اللائحة".

واشار بيان عسكري اسرائيلي الى ان "الجيش الاسرائيلي يندد بنشر معلومات شخصية حول مئات الجنود والضباط الاسرائيليين، لا تستند الى اي اساس".

واشارت صحيفة هآرتس ان موقعا على الانترنت مقره في بريطانيا نشر منذ اربعة ايام لائحة باسماء 200 عسكري من رئيس الاركان غابي اشكينازي الى جنود عاديين، تحت عنوان "مجرمو حرب اسرائيليون". وتورد اللائحة الاسم والصورة وتاريخ الولادة للبعض ورقم الهوية وحتى العنوان الشخصي لبعض الجنود الذين اتهمتهم بارتكاب "جرائم حرب" اثناء العملية الاسرائيلية "الرصاص المصبوب" بين كانون الاول/ديسمبر 2008 وكانون الثاني/يناير 2009 التي ادت الى مقتل اكثر من 1400 فلسطيني اغلبهم من المدنيين و13 اسرائيليا اغلبهم من العسكريين.

وافاد ناشرو اللائحة انهم يريدون "تحويل الانتباه الى افراد" معتبرين ان العسكريين المذكورين "يتحملون مسؤولية شخصية خاصة". واشار هؤلاء الى ان "الاشخاص المذكورين هنا شغلوا مناصب قيادية اثناء الهجوم ولم يتصرفوا فحسب باسم الة دولة فتاكة بل نشطوا في تشجيع اخرين على فعل المثل". بحسب فرانس برس.

وفي تقرير نشر في ايلول/سبتمبر 2009 اتهمت لجنة تابعة للامم المتحدة برئاسة القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدشتاين اسرائيل وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) بارتكاب الكثير من "جرائم الحرب" وحتى "جرائم ضد الانسانية" في الهجوم.

مذبحة سربرنيتشا

من جهته نفى مهاجر الى اسرائيل من يوغوسلافيا السابقة اتهامات بالمشاركة في مذبحة ضد مسلمي البوسنة أثناء الحرب الأهلية في التسعينات فيما يشير الى انه سيكافح التسليم لمواجهة اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في سراييفو.

وألقي القبض على الكسندر سفيتكوفيتش وهو صربي بوسني انتقل الى الدولة اليهودية في عام 2006 لاتهامه بالانتماء الى احدى فرق إطلاق النار التي أعدمت نحو 8000 رجل وفتى من سربرنيتشا في أسوأ فظائع ترتكب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال فادم شوب محامي الدفاع الذي تحدث بعد ان أمرت محكمة في القدس بحبس سفيتكوفيتش احتياطيا ان موكله كان يعمل سائقا لدى قوات صرب البوسنة لكنه بريء من تهمة القتل في عام 1995.

وقال شوب "انه ينفي كل المزاعم ضده. وهو ينفي انه شارك في أي نوع من جرائم الحرب. كان جنديا في الجيش لكنه لم يشترك في أي جريمة." وقال ان اسرائيل لم تسلم على الاطلاق أيا من مواطنيها في تهم ابادة جماعية و"لا نعتقد ان هذا مكان مناسب للبداية."

وفي تصريحات لراديو اسرائيل قال شوب ان تسليم سفيتكوفيتش يمكن ان يفتح السبيل للادعاء في الخارج بشأن مسؤولين وعسكريين اسرائيليين يتهمهم نشطون مؤيدون للفلسطينيين بارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية وغزة. وقال "يوجد عدد من الأشخاص في اسرائيل بينهم شخصيات كبيرة يخشون ان يجدوا أنفسهم في وضع مماثل. لذلك فان هذا الأمر يجب مراجعته بعناية."

وقال مكتب المدعي البوسني انه يعتقد ان سفيتكوفيتش شارك في اطلاق الرصاص على أكثر من 800 مسلم بوسني من سربرنيتشا التي كانت منطقة تخضع لحماية الامم المتحدة الى ان سقطت في أيدي الصرب.

ووفقا للأدلة التي أشار اليها طلب التسليم لدى الادعاء الاسرائيلي ان سفيتكوفيتش "بدأ استخدام بنادق آلية من طراز ام-84 من أجل تسريع عملية القتل."

وقال المدعون ان هذه المزاعم ضد سفيتكوفيتش تبرر احتجازه لدى الشرطة "نظرا لضخامة الخطر الذي يفرضه على المواطنين."

وزواج سفيتكوفيتش من امرأة يهودية لديه منها أطفال ساعده في تأمين الحصول على جنسية اسرائيلية.

ضحايا الاغتصاب

في سياق شبيه، خمسة عشر عاما مرت على انتهاء حرب البوسنة، وما زال الالم والخجل والشعور بالعار يهيمن على النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب ابان ذلك النزاع الذي استمر من العام 1992 الى العام 1995 والذي دمر حياتهن الى الابد.

تتناول انيسة سالسينوفيتش ستة انواع مختلفة من الادوية يوميا، وتمضي ايامها امام شاشة التلفزيون تتابع البرامج الرياضية، من مباريات كرة السلة والروغبي، حتى باتت ملمة بكل الفرق والتشكيلات. فهذه أفضل طريقة تبعد عنها خواطر ما جرى معها في أحد ايام حزيران/يونيو من العام 1992. ففي ذلك اليوم، قبض الصرب على زوجها نصرت، ثم اعدموه بعد أيام قلائل. وذات يوم، طرق بابها رجل صربي كان صديقا لزوجها.

تروي انيسة وقائع ايامها السود تلك، فترتعد اطرافها وتذرف عيناها الدموع. وتقول "في المرة الاولى، تحرش بي امام اهلي، ثم واظب على اغتصابي في كل مرة كان يأتي". وتضيف تلك السيدة ذات الاعوام الخمسة والخمسين "لقد مات جزء مني، انه عار لا احتمله".

وانيسة سالكينوفيتش، وهي ام لولدين، واحدة مما لا يقل عن 20 الف امرأة بوسنية معظمهن من المسلمات، تعرضن للاعتداء الجنسي خلال حرب البلقان.

في فوكا، مسقط رأس انيسة جنوب البوسنة، ارتكب الجنود الصربيون ورجال الميليشيات اعمال خطف وتعذيب واغتصاب بحق مئات النساء المسلمات خلال اشهر عدة. والانتهاكات هذه جرت في قاعة رياضية على مقربة من مركز الشرطة.

وقد دفعت هذه الانتهاكات في البوسنة، كما مثيلاتها في رواندا وغرب افريقيا في التسعينات، مجلس الامن الدولي لاصدار قرار حمل الرقم 1325، دعا كل اطراف النزاع الى اتخاذ اجراءات لحماية النساء من العنف الجنسي والاغتصاب خلال الحروب.

ترى دوبرافكا ديزداريفيتش الطبيبة النفسية المتخصصة في الامراض العصبية في مستشفى ساراييفو ان "احد اهداف التعذيب هو تشويه صورة الضحية، فمن الطبيعي اذا ان يواجه الضحايا هذا الامر بالصمت". وتضيف "هناك توافق على الصمت. نعلم ان شيئا ما جرى، لكننا لا نتكلم عنه".

وتقول ديزداريفيتش ان "عددا من العائلات تفككت جراء اعتراف نسائها بأنهن تعرضهن للاغتصاب، فالرجال لم يتمكنوا من احتمال ذلك"، وتشير الى الصعوبة التي تواجهها المرأة التي تعرضت للاغتصاب في ان ترتاح مع نفسها مجددا. وتضيف "اذا قتلتم الانوثة في امرأة، من الصعب جدا علاج ذلك (...) والهدف من الاغتصاب، المتمثل بتدمير الحياة الجنسية، يتحقق".

تتقاطع شهادة انيسة مع شهادات نساء اخريات كن ضحايا للاغتصاب، لا سيما من جيرانهن الذين نشأوا بجانبهن منذ الطفولة، وربما جمعتهم صداقة قبل اندلاع الحرب.

باكيرا هازيسيتش واحدة من تلك النساء ايضا.. وهي تتذكر كيف جاء اليها رجل صربي كان صديقا لزوجها ورفيقا له في رحلات الصيد، في 27 نيسان/ابريل 1992 برفقة جنديين صربيين، اعتدى احدهما على ابنتها التي كانت في الثامنة عشرة من عمرها واغتصبها في غرفة مجاورة، فيما اغتصب صديق الطفولة باكيرا في قبو.

وتحت ضغط منظمات ضحايا الاغتصاب والمنظمات غير الحكومية، اقرت حكومة الاتحاد الكرواتي المسلم في البوسنة قانونا في العام 2008 يمنح المرأة المغتصبة وضع ضحايا الحرب.

ويعني ذلك حصولهن على مساعدة مالية شهرية قيمتها 260 يورو، وتسهيلات للحصول على الخدمات الطبية.

وتعمل المنظمات غير الحكومية بالتعاون مع صندوق الامم المتحدة للسكان والحكومة البوسنية على اقرار سياسة تعمم هذا الوضع على كل النساء ضحايا الحرب في كل البلد.

هياكل عظمية

من جهتهم قال مصدر رسمي ان خبراء في الطب الشرعي عثروا على الهياكل العظمية "لخمسين شخصا على الاقل" هم ضحايا حرب البوسنة (1992-1995) على الارجح، في بحيرة لتجميع المياه شرق البوسنة.

وقالت ياسمينة ماميليدجيزا الناطقة باسم اللجنة الدولية للمفقودين، لوكالة فرانس برس "يمكننا ان نقول بالتأكيد ان العظام التي عثرنا عليها تعود الى حوالى خمسين شخصا".

وبدأ خبراء في الطب الشرعي نهاية تموز/يوليو عمليات بحث في بحيرة بيروتشاك (شرق) الواقعة على نهار درينا على الحدود بين صربيا والبوسنة بعدما انخفذ منسوبها بسبب عملية اصلاح للسد.

وسيتم انتشال الجثث التي عثر في قعر البحيرة الخميس ونقلها الى مختبر لتشريحها والتعرف عليها، حسبما ذكر مسؤول في اللجنة البوسنية للمفقودين عمر ماسوفيتش لوكالة فرانس برس.

واوضح ان معظم الهياكل العظمية التي عثر "على اجزاء من معظمها" قد تكون لضحايا مسلمين قتلتهم قوات صرب البوسنة في منطقة فيزيغراد في بداية الحرب.

واضاف ان هناك "عشر جثث اقدم وقد تكون لعسكريين من النمسا والمجر قتلوا خلال الحرب العالمية الاولى"، موضحا ان قطعا نقدية تعود الى تلك الفترة عثر عليها قرب هذه الجثث.

وقال ماسوفيتش انه يجب البحث في حوالى عشرين كيلومترا من الارض قبل اغلاق السد المقرر مطلع ايلول/سبتمبر واعادة منسوب مياه البحيرة الى مستواه. واوضح انها "الفرصة الاخيرة للبحث في هذا الموقع. المرة السابقة التي انخفض فيها منسوب المياه كانت في 1978".

متمردو جيش الرب

كما اعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان الخميس ان متمردي جيش الرب للمقاومة خطفوا نحو 700 شخص، ثلثهم من الاطفال، اثناء هجمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وافريقيا الوسطى المجاورة منذ شباط/فبراير 2009.

واكدت هيومن رايتس ووتش في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه ان متمردي جيش الرب للمقاومة "خطفوا خلال الاشهر ال18 الاخيرة ما لا يقل عن 697 راشدا وطفلا في اطار حملة قاموا بها في جمهورية افريقيا الوسطى وفي اقليم يويلي السفلي المجاور بشمال جمهورية الكونغو الديمقراطية".

واوضحت المنظمة غير الحكومية بعد تحقيق اجرته في 12 تموز/يوليو الى 11 اب/اغسطس 2010 في هذين البلدين "ان نحو ثلث المخطوفين هم من الاطفال الذين ارغم كثيرون منهم على الخدمة كجنود او استعبدوا جنسيا من قبل المقاتلين في المجموعة المسلحة".

واكدت هيومن رايتس ووتش التي تقول انها استطلعت 520 مدنيا "بينهم 90 وقعوا ضحايا خطف في السابق"، ان "جيش الرب للمقاومة قتل بوحشية الراشدين والاطفال الذين حاولوا الهرب وكانوا يمشون ببطء شديد او عجزوا عن حمل احمال ثقيلة ارغموا على نقلها".

وتنتهج حركة التمرد الاوغندية طريقة العمل نفسها في كلا البلدين بحسب المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان، فتقوم بمهاجمة "القرى في الصباح الباكر او في نهاية النهار عندما يعود السكان الى منازلهم".

واوضحت المنظمة "ان مقاتلي جيش الرب للمقاومة يقبضون على ضحاياهم ويربطونهم ببعضهم ببعضا من الوسط ليشكلوا بذلك سلاسل بشرية طويلة. ويتبع عمليات الخطف عموما عمليات نهب للمواد الغذائية والملابس والملح واشياء اخرى".

وفي اواخر ايار/مايو خلال احدى حملاتهم الاخيرة في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية قام مقاتلو جيش الرب للمقاومة "بمهاجمة العديد من القرى القريبة من مدينة انغو عاصمة اقليم (يويلي السفلي) وخطفوا 23 شخصا بينهم 16 طفلا" بحسب هيومن رايتس ووتش.

واكدت هيومن رايتس ووتش "ان الاطفال المخطوفين يفصلون عموما عن الراشدين ويحتفظ بهم بقرب قادة جيش الرب للمقاومة. ونادرا ما يطلق سراحهم. ويتعلمون بسرعة على اطاعة اوامر" حركة المتمردين.

ويعتبر جيش الرب للمقاومة من اشرس حركات التمرد في العالم واكثرها وحشية، ويتزعمه جوزف كوني الذي تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

وقد بدأت هذه الحركة نشاطها في 1988 في شمال اوغندا قبل ان تتوسع في اقصى شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ نحو عشر سنين، ثم في افريقيا الوسطى في 2008. كذلك تنشط الحركة في جنوب السودان.

تحويل مبنى "الإعدامات" إلى بيت "التجارة العادلة"

من ناحيتها تعرضت أعمال عائلة "تشيد ليبرتي" ومبنى شركتها المشهور إلى الكثير من الضرر، خلال فترة الحرب الأهلية في ليبيريا، والتي امتدت لنحو 14 عاماً، وشهدت الكثير من المقابر الجماعية والإعدامات.

فذلك المبنى البارز في مدينة مونروفيا، احتلته إحدى الفصائل المتحاربة، مما أدى إلى نهب استثمارات الأسرة، حتى أن الأسلاك الكهربائية المعدنية الموجودة في المبنى تمت سرقتها.

ويقول تشيد عن دور بناية عائلته في الحرب "كان هناك شائعات يتناقلها الناس عن أنه إذا أنت عبرت الشارع ونظرت إلى المبنى، فإنك يمكن أن تؤخذ وتعدم"، مضيفاً "لم تكن تلك المليشيا تريد لأحد أن يعرف ما يجري هناك."

والآن، الحرب انتهت، ولكن تبقى آثار ثقوب الرصاص في المبنى، شاهدة على سنوات من الدمار، وتذكارا أيضا لكثير من الليبيريين على أن إعادة البناء لن تكون سهلة، وهو أمر دفع تشيد إلى العودة إلى الوطن من الولايات المتحدة.

وعمد تشيد إلى تجديد الطابق السفلي من المبنى، وأطلق مشروع "نساء ليبيريا،" للخياطة، وهو مبادرة ضمن ما يعرف بـ"التجارة العادلة،" لتعزيز حقوق المرأة، والمطالبة بارتفاع الأجور، والأهم من ذلك، الأعمال التجارية.

ويقول تشيد "أطلقنا المشروع في مرحلة ما بعد الصراع حيث لدينا نساء من كلا طرفي النزاع، تضررن جدا، وعملن معا، وغنين معا، وصلين معا، وفعلن كل هذه الأشياء العظيمة معا، مثل تصدير القمصان لتجار التجزئة الرئيسية في الولايات المتحدة."

ويأمل تشيد في استغلال تخفيف القيود على استيراد السلع القطنية في الولايات المتحدة من دول مثل ليبيريا، ومن أجل ذلك، لتستطيع النساء في الطابق السفلي من مبنى عائلته من تحقيق أرباح محتملة من الدخول إلى السوق الدولية وبيع القمصان، عبر مبادرة "التجارة العادلة."

ويعمل لدى تشيد حاليا 32 امرأة، ولكن بحلول نهاية الأشهر الـ18 المقبلة، يأمل في أن يكون العدد أكثر من 500 امرأة، يعملن على 370 آلة خياطة، وبطاقة إنتاجية تبلغ نحو أربعة ملايين قميص في السنة.

ومبادرة "التجارة العادلة" تركز على الممارسات الجيدة في العمل، والأجور العادلة، والشفافية، وهو نظام عمل يضع الناس والبيئة في المرتبة الأولى، في الوقت الذي يتم فيه اتخاذ القرارات الشرائية والإنتاجية.

متمردون يغتصبون 200 امرأة

من جهة اخرى قالت جماعات للاغاثة ان متمردين في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية اغتصبوا زهاء 200 امرأة خلال سيطرتهم على احدى البلدات على مدى اربعة ايام.

ويجوب متمردون من الهوتو ينتمون الى جماعة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وأفراد ميليشيا ماي ماي شرق الكونجو حيث يروعون المدنيين ويغتصبون الاف النساء سنويا رغم حملة ينفذها الجيش الكونجولي وتساندها الامم المتحدة للقضاء على العصابات المسلحة.

وهاجمت جماعة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وميليشيا ماي ماي بلدة لوفونجي في شمال اقليم كوفو وسيطرت عليها حتى الثالث من أغسطس اب.

وقالت ستيفانيا تراساري المتحدثة باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية يوم الاثنين "خلال الهجوم نهب المتمردون منازل السكان واغتصبوا عدة نساء في لوفونجي والمناطق المحيطة."

وقتل ما يقدر بزهاء 5.4 مليون شخص في الكونجو الديمقراطية خلال حرب استمرت بين عامي 1998 و2003 وكارثة انسانية أعقبتها.

وشاح الذكرى في البيرو 

من جانبهم يخرج الاف من البيروفيين الذين اختفوا خلال النزاع الذي كان دائرا بين العامين 1980 و2000 تدريجا من نسيان استمر 20 عاما بفضل "وشاح الذكرى" الضخم البالغ طوله 350 مترا والذي حاكته امهاتهم او زوجاتهم في رمز الى ذاكرة باتت تجرؤ على اسماع صوتها.

في غالبية الاحيان يتم التعرف على قريب مفقود من خلال قطعة قماش خاطتها النساء له، خلال عمليات نبش القبور الجماعية في البيرو وهو امر نادرا ما يلجأ اليه هذا البلد، ومن هنا أتت فكرة حياكة الوشاح.

وقد ابصرت الفكرة النور في منطقة اياكوتشو (جنوب شرق) في جبال الانديس، وهي الاكثر تضررا من هذا النزاع لانها كانت واقعة بين فكي كماشة، بين المتمردين الماويين في "الدرب المضيء" من جهة والقمع العسكري الذي لا يرحم من جهة اخرى.

وتقول مارينا غارسيا وهي مصورة من ليما تشارك في تنظيم المشروع "الحياكة هي بالنسبة لهؤلاء النساء علامة حب وطريق يسلكنه في الحداد".

وتضيف وهي تتحدث عن الوشاح الطويل المؤلف من اكثر من الف مستطيل بحجم ورقة كبيرة (ايه-فور) او اكبر بقليل "انهن يخترن اللون ونوع القطبة ويكتبن رسالة في غالب الاحيان تكون اسم الشخص المفقود وتاريخ اختفائه. انها اشبه بجزء صغير من الذاكرة".

واسفر النزاع عن مقتل او فقدان اكثر من 69 الف شخص. ومع 15 الف مفقود، تضم البيرو بعد غواتيمالا اكبر عدد من المفقودين في اميركا اللاتينية على ما يفيد الصليب الاحمر الذي يساعد في عمليات البحث.

وتفيد لجنة الحقيقة والمصالحة التي شكلت من 2001 الى 2003 ان في البلاد اربعة الاف مقبرة جماعية تم نبش حوالى 15 منها فقط.

اديلينا احدى المشاركات في حياكة الوشاح في اياكوتشو على اقتناع بان زوجها زوسيمو "قتل واحرقت جثته" وانها لن تعثر عليه بعد الان.

كانت في التاسعة عشرة وحاملا بطفلها الثاني عندما اقتحم جنود ملثمون منزلهما واقتادوا زوجها. وبما انها تدخلت للحؤول دون ذلك، انهالوا عليها بالضرب مما ادى الى اجهاضها الجنين. ولم تر زوسيمو منذ كانون الاول/ديسمبر 1983.

وتضيف ادلينا "في كل مرة كنت اسمع فيها انهم عثروا على رفات هنا او هناك كنت اسارع لاستعلم عنه" راوية مساعيها المتكررة لكن عديمة الجدوى في قاعدة لوس كابيتوس في اياكوتشو السيئة الذكر.

واثارة موضوع النزاع في البيرو حيث يبقى الجهاز العسكري نافذا لا تزال حساسة جدا سياسيا فيما تبقى محاكمة عسكريين سابقين امرا نادرا...مع ان لجنة الحقيقة والمصالحة اشارت الى ان 46 % من انتهاكات حقوق الانسان ارتكبتها القوى الامنية.

الهدف من الوشاح ابراز واقع ان هؤلاء المفقودين لا يزالون راسخين في الذكرى وان سعي عائلاتهم الى العدالة لن يتوقف. وتقول ادلينا "نحيك روابط مع منظمات لنصبح اقوى".

في تموز/يوليو نظمت "الحائكات" اعتصاما حياكيا في ليما امام قصر العدل. واستقبلهن رئيس الوزراء الذي وعد ببدء دفع تعويضات فردية في العام 2011، وهي تعويضات واردة في خطة اقرت العام 2005.

ويوضح خيسوس آلياغا من مجلس التعويضات الوطني "الامر لا يتعلق بتعويضات هائلة بل يهدف الى توفير بعض العزاء المادي. ولهذه التعويضات خصوصا بعد رمزي كبير". الا ان الوشاح لا يزال يزعج.

فقد سحبت بلدية سان ايسيدرو، حي الاعمال في ليما في نهاية الاسبوع الماضي صورا عن النزاع اعتبرت "عنيفة للاطفال" من معرض كان يقدم الوشاح في العاصمة البيروفية.

وقد قرر القيمون وقف المعرض الذي يبحث عن مكان جديد لا يتعرض فيه للرقابة. وسيجول الوشاح في العام 2011 على عدة دول في اميركا اللاتينية وفي الولايات المتحدة واوروبا.

محاكمة الخمير الحمر

من جهته اقر "دوتش" جلاد الخمير الحمر بانه اشرف على عمليات تعذيب واعدام 15 الف شخص، لكن محاميه قالوا انه كان "مجرد سكرتير" في نظام بول بوت، وذلك في اول جلسة استئناف في محاكمته جرت في بنوم بنه الاثنين.

ومثل كاينغ غيك اياف، المدير السابق لسجن العاصمة الملقب ب"اس21" في عهد نظام الخمير الحمر (1975-1979) والمحكوم عليه بالسجن ثلاثين عاما في تموز/يوليو 2010 بعد اعترافه، امام المحكمة العليا التي تشرف عليها الامم المتحدة طالبا الافراج عنه ببساطة.

واعتبر محاموه انه لا ينتمي الى كبار كوادر النظام الذي تسبب في اختفاء ربع سكان كمبوديا خلال السبعينيات، ولا الى كبار المسؤلين عن الجرائم المرتكبة. وبما انه لا يعود للمحكمة الا ان تحاكم هاتين الفئتين من المتهمين، اعتبر المتهم ان صلاحياتها لا تنطبق عليه.

وقال المتهم باقتضاب للقضاة "انها مسألة قانونية بحتة وانا افوض محاميا للتصرف باسمي" ثم عاد الى الجلوس.

واعلن احد محامي الدفاع ويدعى كار سافوث ان "دوتش لم يكن سوى سكرتيرا لم تكن له نفوذ حقيقية لاتخاذ قرارات او القيام باي شيء من شانه ان يتناقض مع القيادة او الاوامر التي تصدر على كبار المسؤولين".

واوضح ان استاذ الرياضيات السابق الملاحق بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، كان في "مرتبة متندية" في الجهاز.

واضاف ان "دوتش لم يكن سوى أداة استعملها اولئك الناس وبالتالي يجب ان يوضع خارج الصلاحيات القضائية للمحكمة (...) واذا تبين اي شك في ذلك فيجب اعتبار المتهم بريئا".

وقد تعامل اول متهم في نظام بول بوت الملاحق قضائيا، بشكل كبير مع المحكمة وطلب العفو من الضحايا خلال محاكمته امام محكمة البداية.

لكنه وبعد ان ادلى ببعض الاعترافات وذرف بعض الدموع وروى روايات مروعة حول الفظاعات التي اشرف عليها، ادهش الضحايا والمحكمة ومحاميه الفرنسي فرانسوا رو، عندما طالب باطلاق سراحه. ومن حينها تخلى عن خدمات المحامي رو.

وخلال الايام الثلاثة او الاربعة التي تستغرقها جلسات الاستئناف سيحاول الادعاء ان يحصل على حكم بالسجن مدى الحياة بحق موكله الذي سيفرج عنه بعد اقل من 19 سنة اذا ثبت الحكم الاول.

واعتبرت كلير دوفي المحللة في منظمة مبادرة العدالة للمجتمع المفتوح "انها لحظة مجازفة بالنسبة للدفاع ان تستخدم مثل هذه المبررات التي كان يمكن استعمالها قبل المحاكمة".

واضافت "فوجئ الجميع عندما انتقل دوتش من الاعتراف بمسؤوليته والتعبير عن اسفه الى مطالبته بالافراج عنه" و"المسألة الان هي معرفة ما اذا كان ذلك سيكون حاسما في الاستئناف".

ولا يتوقع ان يصدر الحكم قبل حزيران/يونيو، وسيطول الوقت بالنسبة لمن تبقى من الناجين من "اس21" حيث قال احدهم بون مينغ لفرانس برس ان "الحكم على دوتش خفيف الى حد انه لا يمكنني ان اقبله"، مضيفا "اريد ان يبقى في السجن بقية حياته".

وقد قضى نحو مليوني شخص تحت التعذيب والانهاك او سوء التغذية ابان الممارسات الماركسية اللينينية المجنونة والبشعة التي كان يمارسها الخمير الحمر قبل ان يطيح بهم الفيتناميون. وقد توفي "الاخ رقم واحد" بول بوت سنة 1998 بدون التعرض الى اي مضايقة.

وبعد اشهر ستبدأ محاكمة اربعة من كبار قادة النظام بمن فيهم "الاخ رقم اثنين" المدبر الايديولوجي نوون تشيا ولا ينوي احد منهم، خلافا لدوتش، ان يعترف بالذنب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/نيسان/2011 - 27/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م