الطائر المفترس يدمي تنظيم القاعدة

علي عبد الرسول معاش

 

شبكة النبأ: بعد سلسلة من الهجمات الناجعة باتت الولايات المتحدة تعول بشدة على طائراتها الموجهة في عملياتها العسكرية في افغانستان، حيث كشف قادة عسكريين عن دقة ونوعية الضربات التي تقوم بها الطائرات بدون طيار في اقتناص قادة تنظيم القاعدة في مناطق الحرب.

وتصر الولايات المتحدة على مشروعية ما تنفذه تلك الطائرات على الرغم من موجة الاحتجاجات التي اطلقها بعض دعاة حقوق الانسان، معتبرين اداءها اقرب الى عمليات اغتيال غير شرعية تهدف الى تصفية الخصوم جسديا بشكل مشبوه، سيما ان نشاطها يأتي في سياق سري يشرف على عملها جهاز المخابرات الامريكية، وتسبب بسقوط ضحايا مدنيين.

تنظيم القاعدة

فقد قتل أكثر من 40 شخصا في باكستان مؤخرا في هجوم طائرة أمريكية بدون طيار قرب الحدود الافغانية. وقد كان استخدام طائرات بدون طيار مثاراً للجدل دائما، ولكن مدير الاستخبارات المركزية الامريكية السابق مايكل هايدن يقول ان هذه الطائرات تكسب الحرب ضد تنظيم القاعدة.

بعد عشر سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر يبدو أن القاعدة تتراجع. وأحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك هو أن قيادته لم تعد تتمتع بالحصانة في ملاذها الآمن في المناطق القبلية في باكستان، حيث بقيت لسنوات من هناك تخطط لعمليات وتجند الجهاديين.

ولا يذكر مدير المخابرات المركزية السابق "طائرة بدون طيار" بشكل واضح. فالسياسة الأمريكية في استهداف أفراد بالقتل يعد حساساً وسرياً. ولكن كيف يمكن أن يكون برنامج سرياً ونتائجه واضحة للغاية؟

يعتقد الجنرال مايكل هايدن أن نتائج هذه السياسة مذهلة: "جزء كبير من قيادة القاعدة في منطقة القبائل شل نشاطهم...كنا نقول سابقاً إما الأسر وإما القتل. في العامين الماضيين وفي هذه السياسة لم نعد نأسر، ببساطة نقتل".

من المفارقة أن برنامج القتل عبر طائرات من غير طيار تسارع إلى حد كبير في عهد الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي أذن بأكثر من 160 هجمة "مفترسة"، أي أربعة أضعاف ما أذن به سلفه الرئيس جورج بوش الابن. بحسب البي بي سي.

ولم تقتصر الهجمات على استهداف تنظيم القاعدة ولكن قادة طالبان أيضاً الذين يختبئون في المناطق الحدودية ذاتها. وكان البرنامج مثيراً للجدل بدرجة كبيرة.

ونفى الجنرال هايدن ان تكون الهجمات اغتيالات مرخص لها من قبل الدولة، وقال ان الولايات المتحدة في حالة حرب مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان، وكانت تتصرف ببساطة بمنطق الدفاع عن النفس.

وعندما قلت له بأن الحرب كانت من الناحية القانونية في أفغانستان لا باكستان، قال لم تنظر الإدارة الأمريكية إلى الأمر بهذا الشكل. "هذه ليست اغتيالات، وهذه حرب، وهو عمل ضد عدو مسلح. إنه الحق الطبيعي للدول في الدفاع عن النفس". "أنا ملتزم فقط بسؤولياتي الاخلاقية والقانونية أمام مواطني دولتي، بملاحقة هذ العدو أينما كان".

ومهما كانت وكالة الاستخبارات المركزية يعتقد بفاعلية برنامجه هذا، فإنه قد الحق الضرر بسمعة الولايات المتحدة في باكستان، وبالتالي يكسب الزخم للدعاية المعادية للولايات المتحدة، وتجذب المزيد من المجندين للجماعات المسلحة. ووفقاً لـ "مؤسسة أمريكا الجديدة"، فإن مثل هذ1ه الهجمات ما بين عامي 2004 و 2010 قد تكون مسؤولة عن نحو 25٪ من القتلى.

ويبدي مدافعون عن حقوق الإنسان على جانبي المحيط الأطلسي قلقاً متزايداً إزاء سياسة الولايات المتحدة التي تلعب دور والقاضي والجلاد والجلاد في آن معاً.

وقال جميل جعفر من المجلس الأميركي للحريات المدنية: "هذه هي تماما القوة العارمة، والقدرة على تسمية شخص ما كعدو ومن ثم تصفيته، من دون أي إجراء قضائي من أي نوع."

وردد أفكار جعفر مدير مؤسسة "ريبريف" كلايف ستافورد سميث: "من يقتل بالفعل؟ هل هؤلاء الناس حقا من طالبان وتنظيم القاعدة أم أنهم مدنيون يقتلون بشكل عشوائي؟".

واضاف سميث: "اعتقد اننا سنكون من السذاجة بمكان إن صدقنا الدعاية التي تقول ان اطلاق هذه الأسلحة دقيق وقتل الاشخاص المناسبين فقط".

وقد كانت هذه الهجمات مؤثرة جدا في جعل كبار قيادة تنظيم القاعدة يقضون معظم يومهم بالقلق بشأن بقائهم على قيد الحياة، بدلا من تهديدنا، وهذا جهد اضافي في الانتصار بهذه الحرب".

لكن أصوات أخرى محترمة جدا ومن أصحاب الخبرات في العمل الاستخباراتي، لا يشاطرون هايدن تصوره هذا.

في مقابلتها التلفزيونية الأولى، طلبت من المدير العام السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية MI5 ، البارونة مانينجهام بولر، اذا رأت ان كان بالامكان كسب هذه الحرب، وهي التي أمضت 40 عاماً في محاربة الإرهاب.

قالت: "ليس بالمعنى العسكري، لن يكون هناك معركة كـ واترلو أو العلمين، لا اتفق مع مقولات الانتصار في الحرب على الارهاب".

واضافت بولر: "إذا استطعنا الوصول إلى حالة يكون فيها دد أقل من الهجمات، وهجمات أقل فاعلية، وعدد شبان اقل ينضمون للمجموعات المسلحة، وووجدنا حلا للقضية الفلسطينية، أعتقد أنه يمكننا أن نشير إلى مرحلة انخفض فيه التهديد".

وفي نهاية المقابلة، ونظرا لخبرتها الطويلة في مكافحة الارهاب في ايرلندا الشمالية، ومعرفتها الوثيقة بالمحادثات السرية بين MI5 والجيش الجمهوري الايرلندي، سألتها إذا كان ينبغي لنا أن نتحدث إلى تنظيم القاعدة كما كنا قد تحدثنا إلى الجيش الجمهوري الايرلندي.

فاجأني ردها: "آمل أن يكون هناك أناس يحاولون القيام بذلك". "من الأفضل دائما أن نتحدث إلى الناس الذين يهاجمونك بدلاً من مهاجمتهم، إذا كنت تستطيع ذلك".

واضافت بولر: "لا أعرف إذا ما كان هناك أناس يحاولون، ولكني آمل أن الناس يحاولون التواصل مع طالبان والقاعدة".

ومن ثم سألتها، إذا كانت تعتقد أن تنظيم القاعدة سيستمع، أجابت: "لا أعرف، ولكن لا يعين هذا بأن الأمر لا يستحق المحاولة".

القتل المستهدف

فيما وصف تقرير دولي الهجمات الصاروخية بواسطة طائرات استطلاع دون طيار بأنها جزء من "ترخيص غير مبرر بالقتل دون مساءلة." وحذر التقرير من أن هذه الهجمات تساهم بضعف وزوال القوانين الدولية التي تحكم شؤون الحرب. وحث التقرير الدول على تحديد قواعد القانون الدولي التي يعتقد أنها توفر أسس لأي محاولات قتل مستهدف والأسباب التي تقف وراء القتل بدلاً من القبض على الأشخاص المستهدفين.

وقال أستاذ القانون بجامعة نيويورك، فيليب ألستون، الذي أعد التقرير للأمم المتحدة "إن القواعد التي توضع اليوم ستصبح قوانين تحكم سلوكيات العديد من الدول في المستقبل."

وأضاف أليستون، الذي يعمل كذلك في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: "إن المجتمع الدولي بحاجة إلى أن يكون أكثر إصراراً على المطالبة بالمساءلة."

وأوضح أليستون أن نحو 40 دولة تمتلك تكنولوجيا طائرات الاستطلاع من دون طيار، وأن العديد منها حاولت الحصول على تقنية شن هجمات صاروخية بواسطتها. وقال: "إنني قلق على وجه الخصوص من كون الولايات المتحدة غير مدركة لهذه الحقيقة بإصرارها على التوسع غير المحدد بمنح نفسها الحق باستهداف أشخاص في مختلف أنحاء العالم"، مشيراً إلى أن هذا الترخيص بالقتل المستهدف لا يخول أي دولة حق إلحاق الضرر بالقوانين التي وضعت لحماية الحق بالحياة. بحسب السي ان ان.

وخلال 8 سنوات من حكم الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، شنت طائرات الاستطلاع من دون طيار 45 هجوماً صاروخياً، وارتفع هذا الرقم بشكل كبير مع استلام الرئيس الأمريكي الحالي سدة الحكم، حيث وصل الرقم إلى 53 هجوماً العام الماضي و39 هجوماً خلال العام الحالي، في هجمات داخل الأراضي الباكستانية وحدها.

ويميز التقرير الدولي بين هجمات التحالف الدولي، التي تتسمع بالعلنية، وتلك التي تمارسها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، والتي قال أليستون إن هجماتها مسؤولة عن مقتل المئات من الناس، وتتسم بالسرية.

وقال إن المجتمع الدولي لا يعرف متى وأين تمنح الوكالة الأمريكية CIA رخصة بالقتل، ولا تصنيف الأفراد المستهدفين بالقتل، وكيفية ضمان أن عملية القتل شرعية ومتابعة العملية عندما يكون هناك مدنيون يتعرضون للقتل بصورة غير مشروعة.

وحث أليستون، الذي يؤيد منع السي آي إيه من هذا القتل، كافة الأجهزة الاستخباراتية على وقف أعمال القتل في الدول الأخرى. يشار إلى أن إسرائيل واحدة من دول قليلة أيضاً في امتلاك مثل هذه التقنية واستخدمتها مراراً في تصفية مسؤولين ونشطاء في حركة حماس في السنوات الماضية.

انهاء الهجمات

من جهته حث محقق للامم المتحدة على انهاء الهجمات بطائرات بلا طيار محذرا من أن عمليات القتل بعيدا عن ميدان المعارك قد تؤدي الى تبني عقلية ألعاب الفيديو (بلاي ستيشن).

وقال فيليب الستون المقرر الخاص للامم المتحدة بشأن اعمال القتل خارج نطاق القضاء ان الهجمات الصاروخية قد لا يكون لها مبرر الا عندما يكون من المستحيل الامساك بالمتمردين أحياء واذا نفذتها قوات مسلحة امريكية نظامية تعمل من خلال اشراف سليم والتزام بقواعد الحرب.

وقال في تقرير من 29 صفحة ان استخدام وكالة المخابرات المركزية للطائرات التي تعمل بلا طيار في افغانستان وباكستان لمحاربة مقاتلي القاعدة وطالبان أدى الى مقتل "مئات كثيرة" من الناس بينهم مدنيون أبرياء.

واضاف الستون قوله "اجهزة المخابرات التي بحكم تعريفها تصر على أن تبقى غير عرضة للمساءلة الا امام من يدفعون أجورهم ليس لها مكان في ادارة برامج تؤدي الى قتل أناس في بلدان أخرى."

وألستون خبير مستقل سيقدم تقريره الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة يوم الخميس. والولايات المتحدة من بين اعضاء المجلس المكون 47 عضوا.

وقال في تقريره ان العالم لا يعرف متى وأين تكون وكالة المخابرات المركزية مفوضة للقتل وما هي معاييرها في اختيار الاهداف وهل هي أعمال قتل مشروعة وماذا تفعل للمتابعة حينما يقتل مدنيون بغير وجه حق.

وفي عهد الرئيس باراك اوباما كثفت وكالة المخابرات المركزية الامريكية هجماتها بطائرات بلا طيار في المناطق القبلية لباكستان المتاخمة لافغانستان مستهدفة المستويات الرفيعة من قادة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وأيضا مقاتلين عاديين غير معروفين الى حد كبير.

وقال مسؤولون امريكيون في وقت سابق من هذا الاسبوع انه يعتقد ان القيادي الثالث في تنظيم القاعدة الشيخ سعيد المصري المعروف ايضا باسم مصطفى ابو اليزيد الذي تمتد مسؤولياته من العمليات الى جمع الاموال قتل في الاونة الاخيرة في ضربة جوية صاروخية على المناطق القبلية في باكستان.

وقال ألستون وهو أسترالي يقوم بالتدريس في مدرسة القانون بجامعة نيويورك أنه من المعتقد ان الولايات المتحدة تسيطر على اسطول من الطائرات بلا طيار من مقر وكالة المخابرات المركزية في فرجينيا بالتنسيق مع طيارين مدنيين بالقرب من مطارات مخبأة في افغانستان وباكستان يتحكمون في تلك الطائرات عن بعد.

وقال الستون مشيرا الى لعبة الفيديو الشهيرة لشركة سوني "لان القائمين على تنفيذ تلك الضربات يبعد مقرهم الاف الاميال عن ميدان القتال ويتولون العمليات كاملة من شاشات كومبيوتر ... فانه يوجد خطر أن يكتسبوا عقلية ألعاب البلاي ستيشن في القتل."

وقال ألستون ان عمليات القتل الموجهة والمقصودة يجوز اللجوء اليها في الصراعات المسلحة حينما تستخدم في مكافحة مقاتلين او مدنيين منغمسين بشكل مباشر في أنشطة شبيهة بالقتال. واستدرك بقوله "ولكن هذه العمليات يجري استخدامها بشكل متزايد بعيدا عن اي منطقة قتال."

وقال ألستون ان روسيا يشتبه ايضا بارتكابها عمليات قتل متعمدة ومقصودة في الشيشان وخارج هذه المنطقة المتمردة في اطار عملياتها لمكافحة الارهاب.

ويقول الستون ان الولايات المتحدة واحدة من بين 40 بلدا تملك تكنولوجيا الطائرات التي تعمل بلا طيار. ويقال ان بريطانيا والصين وفرنسا والهند وايران واسرائيل وروسيا وتركيا تملك او تسعى الى امتلاك القدرة على اطلاق صواريخ من طائراتها التي تعمل بلا طيار.

ولكن ألستون قال انه يجب على الدول ان تستخدم قوات مؤهلة وان تسعى قدر الامكان لاعتقال المشتبه لا قتلهم.

واضاف قوله "ومن ثم يجب على القوات الامريكية بدلا من استخدام الهجمات بالطائرات بلا طيار ان تنفذ متى أمكن وحيثما أمكن عمليات اعتقال او قوة أقل من القوة القاتلة."

من استيفاني نيبهاي

حق الدفاع عن النفس

من جانبه عرض المستشار القانوني لوزارة الخارجية الاميركية هارولد كو، في خطاب الاساس القانوني لهذه الضربات، مشيرا الى انها "تستهدف" عناصر القاعدة وطالبان من دون ان يذكر باكستان او مكان تنفيذ الغارات. وقال مقدما لاول مرة حجة قانونية ان الولايات المتحدة في حالة "نزاع مسلح" مع القاعدة والطالبان وحلفائهما نتيجة هجمات 11 ايلول/سبتمبر، و"بامكانها ان تستخدم القوة بما يتماشى مع حقها في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي".

ولكنه اضاف امام مؤتمر الجمعية الاميركية للقانون الدولي انه "في ما يتعلق بمسألة الاستهداف التي جرى التعليق عليها كثيرا في وسائل الاعلام والاوساط القانونية الدولية، فتوجد بالطبع حدود لما يمكن ان اقوله في العلن".

واضاف "ما يمكنني قوله هو انه وفقا للرؤية المتأنية لهذه الادارة (..) ان اختيار الاهداف بما فيها العمليات المميتة التي تستخدم فيها طائرات بدون طيار، يتماشى مع القوانين المعمول بها، بما فيها قوانين الحرب".

ولم تعلق السي آي ايه على الخطاب، لكن متحدثا باسمها قال ان "عمليات مكافحة الارهاب التي تنفذها الوكالة تلتزم التزاما تاما بموجبات القانون". بحسب فرنس برس.

ولكن كو عارض ذلك قائلا ان الحظر الاميركي على عمليات الاغتيال التي تنفذها الحكومة لا ينطبق على هذه الحالة. وقال انه وبموجب القانون الاميركي فان "استخدام منظومة اسلحة قانونية - بما يتماشى مع قوانين الحرب المعمول بها - من اجل استهداف زعماء مقاتلين على مستوى عال وبدقة، وعندما يكون بهدف الدفاع عن النفس، فانه ليس مخالفا للقانون وبالتالي لا يعتبر +تصفية+"

وقال كو كذلك ان الحكومة الاميركية ليست مضطرة لاعطاء المقاتلين المستهدفين في هذه الضربات حقوقا قانونية لان الولايات المتحدة في حالة حرب وتتصرف عملا بمبدأ حق الدفاع عن النفس.

واضاف ان الحكومة حريصة على حصر الهجمات بضرب اهداف عسكرية "مشروعة" وعلى ان تلتزم الهجمات بمبدأ "التكافؤ" والحد باكبر قدر ممكن من سقوط ضحايا مدنيين في هذه الضربات.

واثار مقتل مدنيين في ضربات الطائرات بدون طيار غضب السكان في باكستان وعزز المشاعر المعادية للاميركيين. وتنتقد باكستان في العلن هذه الضربات الجوية الدقيقة، لكنها تتعاون في الخفاء مع الاميركيين، كما يقول المحللون. وقال سناتور اميركي في زلة لسان السنة الماضية ان اسلام اباد تتيح استخدام قاعدة عسكرية على ارضها لهذه الطائرات.

مقتل 500 متشدد وقلة من المدنيين

الى ذلك ذكر مسؤولون إن تقديرات الولايات المتحدة تظهر ان هجمات وكالة المخابرات المركزية الامريكية بطائرات بلا طيار في المناطق القبلية لباكستان خلال العامين الماضيين أودت بحياة اكثر من 500 من المتشددين أغلبهم من المستويات الدنيا وأقل من 30 مدنيا.

ويقل عدد من يسمون القتلى من المقاتلين وغير المقاتلين في تقديرات الحكومة الامريكية كثيرا عن بعض الروايات الصحفية الباكستانية التي ذهبت الى تقدير عدد قتلى المدنيين بأكثر من 600.

وكان هذا احصاء جزئيا لمحصلة هجمات الطائرات بلا طيار منذ صيف عام 2008 حينما بدأ توسيع هذا البرنامج في عهد الرئيس السابق جورج بوش. وقد يساعد اوساط المخابرات الامريكية في الرد على احتجاجات باكستان وجماعات حقوق الانسان بشأن أعداد القتلى بين المدنيين.

ويقول خبراء إن الارقام تظهر ان الغالبية العظمى من الخمسمائة متشدد الذين قتلوا أو اكثر من 90 في المئة حسب بعض التقديرات هم مقاتلون من المستويات الدنيا الامر يثير تساؤلات بشأن مقدار ما تعرفه وكالة المخابرات المركزية عن العناصر المستهدفة قبل أن تقتل.

وقال محللون إن الحقيقة بشأن الخسائر في صفوف المدنيين يصعب التحقق منها لان المنطقة يصعب الى حد كبير على الغرباء دخولها ومن غير الواضح ما هي المعايير التي تستخدمها وكالة المخابرات المركزية في اختيار اهدافها وتحديد من الذي يعتبر مقاتلا.

وقال مسؤول أمريكي في مجال مكافحة الارهاب طلب الا ينشر اسمه إن التقديرات تم تجميعها باستخدام معلومات الاستخبارات المتاحة والصورة الملتقطة من الطائرات بلا طيار التي يمكنها التحليق ساعات بعد تنفيذ هجماتها وذلك لتقييم الاضرار.

ولم يكن هناك تأكيد مستقل يذكر لارقام الخسائر والاصابات في المناطق القبلية التي لا يسمح فيها بوجه عام للصحفيين بالسفر اليها الا في رحلات يشرف عليها الجيش الباكستاني.

وتظهر بيانات رويترز ومنظمات اخرى ان عدد القتلى منذ منتصف عام 2008 كان اكبر كثيرا من 500. ويظهر احصاء لرويترز ان قرابة 850 شخصا قتلوا في 110 هجمات على الاقل منذ عام 2008.

ومن الذين قتلوا في هجمات الطائرات بلا طيار فان نحو 14 يعتبرهم الخبراء من كبار قادة تنظيم القاعدة او حركة طالبان او جماعات متشددة اخرى بينما يعتبر 24 اخرون قادة من المستويات العليا الى المتوسطة.

وقال مسؤول مكافحة الارهاب ان ضربات وكالة المخابرات المركزية ليست "عشوائية" وانها تستند الى "معلومات ومراقبات يجري تجميعها."

وقال مسؤولون ان التقديرات الامريكية لعدد قتلى المدنيين تشمل بعض الذين كانوا مسافرين مع متشددين مطلوبين او يعيشون معهم مثل الزوجة الثانية لزعيم طالبان الباكستانية. وقد قتل الاثنان في هجوم طائرة بلا طيار في أغسطس اب الماضي.

مقتل قيادي كبير

في السياق ذاته اعلن مسؤول اميركي في جهاز مكافحة الارهاب ان حسين اليمني القيادي الكبير في تنظيم القاعدة في باكستان الضالع في هجوم استهدف وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه) في افغانستان اخيرا، قتل دون شك في باكستان.

وقال المسؤول رافضا كشف اسمه "لدينا معلومات تفيد ان حسين اليمني -المسؤول الكبير في القاعدة المتمركز في المناطق القبلية في باكستان- قتل الاسبوع الفائت".

واوضح المسؤول في رسالة الكترونية ان حسين اليمني كان متخصصا في "المتفجرات والعمليات الانتحارية"، ويشتبه في انه لعب "دورا اساسيا" في الهجوم الذي استهدف قاعدة اميركية في شرق افغانستان واسفر عن سقوط سبعة قتلى في كانون الاول/ديسمبر الماضي.

وقد فجر طبيب اردني كان على ما يبدو عميلا مزدوجا، نفسه في قاعدة خوست قرب الحدود الباكستانية في الثلاثين من كانون الاول/ديسمبر. وكان ذلك اعنف اعتداء تعرضت له سي.آي.ايه منذ 1983.

واكد المسؤول ان حسين اليمني قتل في غارة شنتها طائرة بدون طيار على مدينة ميرام شاه الباكستانية. وقال ان "الغارة التي اصابته على ما يبدو استهدفت ميرام شاه في عملية واضحة ودقيقة تدل على انه لا يمكن لهؤلاء القتلة الاختباء حتى في مواقع محصنة". واضاف المسؤول الاميركي ان مقتله "قد يكون اخر انتصار في حملة منهجية دكت القاعدة وحلفائها لحرمانهم من قياداتهم ومدبريهم ومقاتليهم".

وقد كثفت وحدات سي.آي.ايه والجيش الاميركي المنتشر في افغانستان خلال الاشهر الاخيرة الغارات بالطائرات بدون طيار على المناطق القبلية الباكستانية الحدودية التي تعتبر معقل طالبان الباكستانية وتنظيم القاعدة والقاعدة الخلفية لطالبان الافغانية. بحسب فرانس برس.

وفي حديث نشر على موقع واشنطن بوست على الانترنت، نوه مدير سي.آي.ايه ليون بانيتا بالتقدم الذي تم احرازه في مكافحة عناصر القاعدة بواسطة غارات الطائرات من دون طيار.

وقال "حسب المعلومات التي نحصل عليها، من الواضح جدا انهم يجدون صعوبات كبيرة في وضع تسلسل قيادي وهم غير منظمين"، رافضا التعليق مباشرة على الغارة المعلنة اليوم.

واضاف انه رغم ان التنظيم ما زال يتوصل الى قتل اميركيين وما زال يبحث عن تجنيد عملاء دون علاقة ظاهرة مع منظمات ارهابية، فان سي.آي.ايه "تمارس بوضوح ضغطا هائلا على عملياته".

وخلص الى القول ان "الرئيس (باراك اوباما) كلفنا بمهمة تفكيك واستئصال القاعدة والانتصار عليها وحلفائها العسكريين واظن ان هذا هو ما نحاول القيام به".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/آذار/2011 - 23/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م