جماهيرية القذافي تتقهقر مع تقدم الثوار

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ان التغيير في ليبيا لم يحدث بالطريقة التي مرت في تونس ومصر، بل احتاج الشعب الليبي الى استخدام الكفاح المسلح ضد النظام الدموي الذي لم يكتفي من دماء الليبيين ونفطهم طوال اربعة عقود مجدبة، حتى حول خروجه المذل من السلطة الى دمار وخراب شامل، وكانه يريد ان يقول لهم انه كما جاء الى السلطة على اصوات المدافع والرشاشات فأنه من المستحيل ان يخرج منها الا بنفس الطريقة.

ان ديدن المستبدين ومنطقهم لا يعرف غير هذا الاسلوب المنحرف في الفكر والتصرف، وقد ادرك الثوار هذا الامر وتحركوا سريعا في حمل السلاح من اجل القضاء على القذافي وكتائبه الامنية الذي اصبح ضعيفاً للغاية بعد ان وجه له الثوار ضربات قوية، من خلال السيطرة على مدن استراتيجية بمساعدة التحالف الدولي الذي وفر لهم الغطاء الجوي بعد ان شل حركة الطيران الحربي للقذافي، ودمر اغلب دفاعاته الجوية، واضعف الياته في ساحة المعركة.

وكما يحقق الثوار النجاحات تلوا الاخرى في ساحة المعركة، فأنه يحقق النجاحات ايضاً على الساحة السياسية، فالمجلس الوطني الانتقالي بدء ينظم اطراف المعارضة بعد ان اصبح الاعتراف به كممثل لليبيا امر واقعي، كما بدأت التحركات الدبلوماسية للمعارضة تأخذ القبول والايجاب لدى معظم دول العالم، مقابل انحسار دبلوماسية القذافي، وان دل هذا الامر على شيء فأنه يدل بالتأكيد على ان الثوار يسيرون في الطريق الصحيح وان النصر بات وشيكاً.

طرابلس تعاني

فإلى الخارج من الجدران المنيعة لمجمع الزعيم الليبي معمر القذافي في طرابلس يزيد نقص الوقود والطوابير التي لا تنتهي الاجواء قتامة في المدينة التي أنهكتها أسابيع من الصراع.

وتتقدم قوات المعارضة المسلحة بسرعة نحو أكبر معقل للقذافي ويخشى المواطنون في العاصمة بغض النظر عن ارائهم السياسية مما يخبئه المستقبل.

وتعيش طرابلس وسط أصوات الانفجارات ونيران الاسلحة المضادة للطائرات مع استمرار الغارات الجوية الغربية وقد أكسب الواقع الجديد البعض جرأة للتعبير عن غضبهم بصراحة أكبر.

وقال رضوان وهو في الاربعينات من العمر أثناء وقوفه في صف لشراء الوقود في محطة بنزين بوسط طرابلس "الوضع يزداد سوءا. أنا شخص بسيط. لا أعلم لماذا."

ومضى يقول "كل شيء صعب. هناك مشكلة في الغذاء حتى الخبز. لا تستطيع شراء الخبز بسهولة. أشتري الدقيق وأصنع الخبز لنفسي. أشعر بالقلق. هناك مشكلة خطيرة."

في احدى محطات التزويد بالوقود في طرابلس اصطفت مئات السيارات في طابور طوله أكثر من كيلومتر أمس الاحد. وانتظر قائدو السيارات المنهكون لساعات ليملاوا خزانات سياراتهم.

وعلقت محطة أخرى للوقود لافتة كتبت عليها "لا يوجد بنزين اليوم. الله أعلم متى." بحسب رويترز.

وانتظر معظم الناس صابرين بعد أن أوقفوا محركات سياراتهم. استظل البعض بالاشجار الكبيرة يدخنون. ونفد البنزين من سيارة في منتصف طريق ساحلي وساعدت مجموعة من المارة سائقها في دفعها الى الامام.

كانت الصورة مشابهة في أجزاء أخرى من طرابلس والبلدات القريبة. تعطلت شبكات الامداد بالسلع الاساسية من جراء القتال الممتد منذ أسابيع. وأدى تدفق اللاجئين الى خارج ليبيا الى نقص شديد في الايدي العاملة بالمخابز ما حد من انتاج ما يكفي من الخبز.

وليبيا عضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ولديها مصاف نفطية لكن القطاع تعطل بشدة من جراء الصراع. وتضرر جانب كبير من البنية التحتية لتكرير النفط كما تراجع انتاج النفط والمنتجات النفطية بدرجة كبيرة.

ويطمئن التلفزيون الحكومي الناس بأن احتياطيات الوقود كافية لكن مسؤولا بقطاع الطاقة اعترف لرويترز الاسبوع الماضي بأن ليبيا تحتاج الى استيراد المزيد من الامدادات للتعامل مع النقص.

وتتقدم قوات المعارضة المسلحة التي تسعى لاسقاط القذافي نحو غرب ليبيا بسرعة مدعومة بالغارات الجوية الغربية وتمكنت في الايام القليلة الماضية من استعادت الاراضي التي تركها الجيش المتقهقر.

وتطل طرابلس على ساحل البحر المتوسط ويعيش بها ما يصل الى مليوني نسمة وهي أكثر المدن تحصينا حيث لا تتسامح الميليشيات المرهوبة الموالية للقذافي مع المعارضة.

غير أن غضب بعض السكان كان واضحا حين حاول صحفيون الحديث معهم يوم الاحد.

وقال رجل وقف في طابور لشراء البنزين "التلفزيون يقول ان بريطانيا وفرنسا تريدان أن تأخذا نفطنا لكنني واقف هنا ولا أستطيع شراء البنزين لسيارتي... أين النفط.. أي نفط هذا الذي يتحدثون عنه.."

وقال رجل اخر وهو يفرك عينيه اللتين احمرتا بعد أن سهر ليلة كاملة دون نوم منتظرا في محطة بنزين "أنا منتظر منذ الساعة الرابعة صباحا. لا يوجد بنزين. أنا متعب جدا. ونعم أنا غاضب. كثيرون غاضبون."

كما عطلت الاضطرابات وصول امدادات الغذاء في الدولة الصحراوية التي تعتمد على الواردات لتغطية الطلب على الغذاء في الداخل.

وقالت فاطمة وهي في العشرينات من عمرها التي وقفت في صف للحصول على الخبز المقنن بأحد الاحياء ان شراء زيت الطهي والسكر والمنتجات الاخرى صعب.

وأضافت "قبل ذلك كان الوضع طبيعيا لكن الان هناك نقص. بدأ هذا مع الازمة قبل شهر والوضع يزداد سوءا." وتابعت أنها ترى أن أسعار المواد الغذائية الرئيسية مثل الارز والدقيق ارتفعت بمقدار الثلث على الاقل.

وقالت انها لا يسمح لها الا بشراء عبوة واحدة من الخبز لاسرتها في كل مرة. وتبدو السلع متوفرة لدى المتاجر في طرابلس لكن الكثير منها مغلق.

ويقول الناس ان سعر الخبز نفسه تغير قليلا ونجم النقص أساسا عن رحيل العمال الاجانب.

وقال علي محمد علي وهو شاب يعمل في مخبز "قبل ذلك كان الخبز متوفر الان لا. ليس لدينا عمال الان وبالتالي يصعب انتاج ما يكفي من الخبز."

وقال علي سالم وهو سائق سيارة أجرة شاب انه لا يعلم ماذا يجب أن يتوقع لكنه أنحى باللائمة على دول أجنبية في كل هذه المشاكل. وأضاف "انتظرت لاربع ساعات بالفعل. يجب أن أفعل هذا كل يوم. انا سائق سيارة أجرة." ومضى يقول "لا أحد يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك. غدا يمكن أن يتغير كل شيء. كل هذا بسبب الدول الاجنبية التي تتدخل."

متحمسون لوقف القتال

من جهته قال رجل أعمال انه تحدث الى المحيطين بالزعيم الليبي معمر القذافي وان شخصيات كبيرة قريبة منه لديها رغبة شديدة في التوصل الى وقف لاطلاق النار وابرام اتفاق سلام مع المعارضين الذين يحاولون الاطاحة به من السلطة.

وقال روجر تمراز وهو رجل اعمال له استثمارات في الشرق الاوسط لرويترز يوم الاحد ان ممثلين عن القذافي ابلغوه في الايام القليلة الماضية بأنهم على استعداد لابرام اتفاق مع المعارضين والقوات الغربية الداعمة لهم. واضاف تمراز الذي له صلات تجارية مع ليبيا منذ عشرات السنين " يعرفون انهم سيخسرون في نهاية الامر."

وأحرز المعارضون في ليبيا نجاحات كبيرة في مطلع هذا الاسبوع بفضل الضربات الجوية الغربية التي قلصت قدرة القذافي على تحريك مدرعات على الارض.

وقال تمراز ان اعضاء من الدائرة المقربة للقذافي ابدوا استعدادهم لمناقشة اجراء تغييرات على الدستور الليبي وتشكيل "حكومة انتقالية" تضم قوات المعارضة الذين يتقدمون نحو بلدات كانت خاضعة في السابق لسيطرة الموالين للقذافي. بحسب رويترز.

وأضاف تمراز ان القذافي والمقربين منه يدركون ان الزعيم الليبي سيتحتم عليه في اطار اي اتفاق سلام ان يتخلى عن حكمه ويدركون ان قيادة القذافي "وصلت الى نهاية الخط".

ولم يتسن على الفور التحقق من تأكيدات تمراز لكن وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون اعلنت مجددا في التلفزيون الامريكي ان هناك أدلة على ان مساعدي القذافي يحاولون ايجاد سبل لانهاء الصراع.

وقالت كلينتون "لدينا الكثير من الادلة على ان اشخاصا حوله يتواصلون" مع المجتمع الدولي.

واضافت "نرسل ايضا برساله للاشخاص المقربين منه..هل تريدون حقا ان تصبحوا منبوذين.. هل تريدون حقا ان ينتهي بكم المطاف أمام المحكمة الجنائية الدولية .. "حان دوركم الان للخروج من هذا والمساعدة في تغيير الاتجاه."

وقال تمراز ان الخطوة الاولى ستكون الاتفاق على وقف لاطلاق النار مع شكل من أشكال المراقبة الدولية.

ومن بين الاقتراحات الخاصة بمستقبل القذافي والتي يحبذها الذين أجروا اتصالات مع تمراز هي نفي الزعيم الليبي داخليا.

لكن تمراز اشار الى ان هناك على الاقل نسبة كبيرة من حاشية الزعيم الليبي قد تكون مستعدة لمغادرة ليبيا في اطار أي اتفاق سلام.

وقال تمراز انه اذا أصر الغرب أو المعارضة على رحيل عائلة القذافي بالكامل أو قبيلته عن ليبيا فان هذا لن يكون مقبولا نظرا لان قبيلته كبيرة جدا ومتناثرة. وفي هذه الحالة سيتواصل القتال.

حكومة وحدة وطنية

فيما قال مسؤولون من المعارضة ان المجلس الوطني الانتقالي للمعارضة الليبية في شرق البلاد سيكلف محمود جبريل بتشكيل حكومة مؤقتة لكن لا يمكن القيام بذلك في الوقت الذي يسيطر فيه معمر القذافي على معظم البلاد، وكان المجلس الوطني الانتقالي قد عين محمود جبريل رئيسا لحكومة مؤقتة جديد، لكن المتحدث باسم المعارضين عبد الحفيظ غوقة قال ان مثل هذه الخطوة يمكن اتخاذها فقط عندما تصبح البلاد موحدة تحت قيادة المعارضة.

وتجنب المجلس الوطني الانتقالي تعيين وزراء في حكومة وطنية خوفا من رفضها على انها غير شرعية بينما مازالت البلاد في حالة صراع، لكن متحدثا باسم المعارضين أكد ان جبريل هو المرشح الاول لتشكيل حكومة جديدة، وقال المتحدث مصطفى الغرياني انه سيختار وزرائه وعندما يحدث ذلك ستصبح هناك حكومة انتقالية جديدة، وعبر عن امله في مزيد من الاعتراف العالمي بالمعارضة، وقال غوقة ان من السابق لاوانه تعيين وزراء في حكومة وطنية وان جبريل مازال رئيسا فقط لهيئة عمل لفترة طارئة، وقال ان قرار تشكيل حكومة يمكن ان يتخذ فقط بمجرد ان يتخذ اعضاء المجلس الوطني الانتقالي الواحد والثلاثين الين يتمركزون في مدينة بنغازي الشرقية قرارا في هذا الشأن. بحسب رويترز.

كما اكد مسؤولو المعارضة انه لم تعلن اسماء أكثر من نصف أعضاء المجلس من أجل ضمان أمنهم لانهم في مدن تسيطر عليها قوات القذافي أو تقوم بتهديده، وجبريل اصلاحي شارك ذات مرة في مشروع لاقامة دولة ديمقراطية في ليبيا لكنه بذل جهودا مضنية لينأى بنفسه عن قيادة القذافي، وأمضى جبريل الذي تلقى تعليمه في مصر والولايات المتحدة معظم حياته المهنية خارج ليبيا كمحاضر في التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار قبل ان يطلب منه ابن اصلاحي للقذافي ان يرأس مجلس التخطيط الاقتصادي الرئيسي في ليبي، واستقال بعد ان اصيب بالاحباط عندما رفضت مؤسسة محافظة مقترحاته لتحرير الاقتصاد الليبي الذي تديره الدولة وعاد للتركيز على شركة استشارية مقرها مصر حسبما ذكر اشخاص على معرفة به، وجبريل أقل شهرة في ليبيا من مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني ووزير العدل السابق في حكومة القذافي الذي أمضى الاسابيع القليلة الاخيرة في زيارة بلدات وقرى في شرق البلاد لكسب شعبية لتأييده لتزعم المعارضة.

واكتسب بعض الشهرة في بلاده عندما بدأت الجهود تؤتي ثمارها حيث اعترفت فرنسا بالمجلس كممثل شرعي لليبيا وأيد مجلس الامن التابع للامم المتحدة فرض حظر طيران فوق ليبيا وتوجيه ضربات جوية لقوات القذافي، وقال الغرياني انه لديه المهارة والموهبة والعلاقات الدولية، وتحت قيادة عبد الجليل وجبريل رفضت حركة المعارضة أي اقتراح بامكانية التوصل الى اتفاق مع القذافي قائلة انه يجب تقديمه للمحاكمة على الجرائم التي ارتكبها ضد الانسانية، وقال غوقة "نحن نرفض رفضا قاطعا أي تفاوض أو نقاش أو حوار مع هذا النظام"، وأضاف "نرى في المجلس الوطني ان الضربات الجوية يجب ان تتوسع لتشمل المناطق التي يهدد فيها المدنيين" المعارضة الليبية تتعهد

كما قال اعضاء من المجلس الوطني الانتقالي الليبي في باريس ان المعارضة المسلحة تريد اذا تمكنت من الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي اقامة حكم ديمقراطي علماني يحترم العقود النفطية التي وقعتها البلاد في عهده، وقال علي زيدان وهو احد اعضاء المجلس المؤلف من 31 عضوا ان بمقدور المعارضة المسلحة التغلب على قوات القذافي خلال عشرة ايام اذا واصل ائتلاف القوى الغربية الهجمات التي يشنها بتفويض من الامم المتحدة، وقال زيدان للصحفيين ان المعارضة الليبية تريد ان يكون القضاء على نظام القذافي بيديها مضيفا انه يريد من المجتمع الدولي تدريب مقاتلي المعارضة وتسليحهم، وتابع ان الشعب الليبي يتمنى ان يظل القذافي حيا ليلقى القبض عليه ويحاكم على "الجرائم التي ارتكبها ضد الانسانية".

وقال منصور سيف النصر المتحدث باسم المجلس في الاتحاد الاوروبي ان المعارضة الليبية المسلحة تريد من الائتلاف مواصلة قصفه لدبابات القذافي ومدفعيته الثقيلة لتسهيل تحركها نحو الغرب، واضاف سيف النصر (60 عاما) وهو دبلوماسي سابق ورجل اعمال حاليا انه ما ان يتم "تحرير" الاراضي الليبية سيجلو المجلس الوطني عن الساحة مفسحا السبيل لجمعية تأسيسية تضع دستورا وتقيم دولة ديمقراطية وعلمانية، واضاف سيف النصر الذي يقيم في الخارج منذ تولي القذافي السلطة عام 1969 ان الانتخابات ستكون "حرة وتتسم بالشفافية"، ووعد زيدان بالوفاء بالعقود النفطية المبرمة مع الشركات الاجنبية واحترام الاتفاقات الموقعة مع البلدان الاخرى اذا وصلت المعارضة الى السلطة، لكنه اضاف ان المعارضة ستقدر بالتأكيد الدول التي ساعدتها. بحسب رويترز.

من جهتها استهدفت عمليات قصف جوية مواقع القوات الموالية للقذافي في مدينة اجدابيا شرق ليبيا، فيما يؤكد المتمردون انهم يستفيدون من عمليات القصف تلك لشن هجومات، وسمع هدير طائرات في السماء فيما ازدادت الانفجارات، وارتفعت سحب دخان كثيفة في القطاع، وقال العقيد محمد الساير الذي انشق وانضم الى التمرد، "لقد دخلنا المدينة، وعما قريب ستسقط البوابات الشرقية والغربية للمدينة، اننا نقوم بزعزعتها"، وعلى طريق يبعد بضعة كيلومترات الى الشرق من هذه المدينة الاساسية التي تبعد 160 كلم جنوب غرب بنغازي معقل المتمردين، قال "اننا نهاجم البوابة الشرقية، وهنا، لديهم 15 دبابة وخمسين رجل، وليس امامهم من خيار آخر غير الاستسلام".

وتفيد شهادات متطابقة على بعد كيلومترات من شرق اجدابيا، ان المتمردين يقومون بمزيد من عمليات التوغل لاستعادة السيطرة على المدينة، وقال المواطن السوري عبد الرؤوف (43 عاما) وهو على متن سيارة بيك آب مع نحو عشرة اشخاص آخرين بعد ان هربوا من اجدابيا "لقد دخلت سيارات تقل ثوارا الى وسط المدينة واقتربت المعارك من منزلنا، فكان لا بد من الرحيل"، واكد انه شاهد سيارات للثوار تتجول في اجدابيا. بحسب رويترز.

وشوهد عشرات السكان من هذه المدينة الساحلية وهم يهربون على متن سيارات سياحية باتجاه الجنوب، فيما تسيطر القوات الموالية للقذافي على المدخلين الشرقي والغربي للمدينة، وقال الليبي منصور الزقزق (42 عاما) "الوضع بات لا يطاق فكان لا بد من الرحيل"، واوضح قائلاً تبكي النساء والاطفال باستمرار، ولقد ازداد الوضع سوء، لدينا جيران لا يملكون سيارة، هم مسجونون وعليهم البقاء"، وكانت القوات الموالية للقذافي تمكنت الاسبوع الماضي من السيطرة على اجدابيا، وكانت تنوي التوجه الى بنغازي قبل ان يجبرها تدخل قوات التحالف ابتداء من التاسع عشر من الشهر الحالي على ان تعود ادراجها.

القذافي يتوعد

على صعيد متصل قال الزعيم الليبي معمر القذافي ان القوات الاجنبية التي تقود هجوما على حكومته سوف تهزم وينتهي مصيرها في مزبلة التاريخ وتوعد بمواصلة القتال، وفي كلمته المقتضبة التي اذاعها التلفزيون الليبي من باب العزيزية "هذه معركة صليبية جديدة تشنها الدول الصليبية على الاسلام، يحيا الاسلام في كل مكان، كل الجيوش الاسلامية يجب ان تشترك في المعركة، كل الاحرار يجب ان يشتركوا في المعركة، مظاهرات في كل مكان تؤيدكم في اسيا في افريقيا في امريكا في اوروب، شعوبهم ضدهم، الذين ضدكم هم حفنة صغيرة من الفاشيين حفنة صغيرة من المجانيين حفنة صغيرة من الذين سيسقطهم شعوبهم، سننتصر في هذه المعركة التاريخية، لن نستسلم، لن ترهبن، نحن نستهزئ بصواريخهم انها خط لوح هذه صواريخ خط لوح الليبيون يضحكون الليبيون يستهزئون نحن سنهزمهم باي طريقة كانت اذا كانت بالمدى القصير سنهزمهم ان كانت على المدى الطويل سنهزمهم نحن مستعدون للمعركة ان كانت طويلة او قصيرة.

واضاف "اقوى دفاع جوي هي الجماهير هذه الجماهير، القذافي وسط الجماهير هذه الدفاع الجوي مظاهرات في كل مكان في الكرة الارضية تؤيد الشعب الليبي ضد هذا العدوان غير المبرر عدوان مخالف لميثاق الامم المتحدة عدوان ظالم سافر من حفنة من الفاشيين سيضعهم التاريخ في مزبلته، "ايها الشعب الليبي العظيم انك تعيش الان ساعات مجيدة هذه هي العزة هذه هي الساعات المجيدة التي نحياها نحن الان كل الشعوب معنا نحن نقود ثورة العالمية ضد الامبريالية ضد الطغيان انا اقول لكم انا لا اخاف من العواصف وهي تجتاح المدى ولا من الطائرات التي ترمي دمارا اسودا انا صامد بيتي هنا في خيمتي في المنتدى انا صاحب الحق اليقين وصانع منه الفدى انا هنا انا هنا انا هنا. بحسب رويترز.

وقيل للمراسلين الاجانب في طرابلس ان الزعيم الليبي تحدث في مقره في طرابلس وانه تحدث الى انصاره الذين يشكلون درعا بشرية لحمايته، وكانت الكلمة اول ظهور علني للقذافي منذ 15 من مارس اذار لكنه اصدر منذ ذلك الوقت تصريحات صوتية مسجلة وأجريت معه مقابلات، وتبع القاء الكلمة اطلاق العاب نارية في العاصمة الليبية وسمعت حشود أنصاره وهي تهتف وتطلق النار في الهواء في وسط المدينة.

الذهب يمول معركة القذافي

من جهتها ذكرت صحف بريطانية ان معمر القذافي يمتلك مخزوناً كبيراً من الذهب يعتبر مفتاحاً رئيساً للمعركة التي يخوضها حالياً في ظل الحملة العسكرية وفي ظل العقوبات الدولية المفروضة ضد نظامه، وقالت ان البيانات الأخيرة لصندوق النقد الدولي تشير إلى ان في مصرف ليبيا المركزي، الذي يسيطر عليه القذافي، 143.8 طناً من الذهب، بالرغم من ان كثراً هم من يقولون ان الكمية الحقيقية للذهب قد تكون عدة أطنان أكثر، وأشارت إلى ان مخزون ليبيا من الذهب هي من بين أكبر 25 مخزوناً في العالم، ويقدر ثمنه بأكثر من 6.5 مليار دولار، ما يكفي لدفع رواتب جيش صغير من "المرتزقة" لمدة أشهر وربما سنوات.

ونقلت الصحف عن أشخاص مطلعين على نشاط ليبيا في سوق الذهب قولهم انه فيما تحتفظ غالبية المصارف المركزية بمخزونها من الذهب في لندن أو نيويورك أو سويسرا، فإن الذهب الليبي موجود في ليبي، ونسبت الى بعض المصرفيين قولهم انه بالرغم من ان الحكومات الأميركية والأوروبية جمدت ملايين الدولارات التي تخص القذافي، وفيما طالت العقوبات المصرف المركزي، إلا ان مخزون الذهب قد يحييه إذا تمكن من بيعه، وأضاف المصرفيون ان على القذافي إخراج الذهب من ليبيا لجمع مبالغ مالية كبير. بحسب يونايتد برس.

وإذ لفتت الصحيفة إلى انه قبل اندلاع العنف كان الذهب في المصرف المركزي الليبي في طرابلس، إلا انها رجحت انه نقل إلى مكان آخر مثل مدينة سبها في جنوب البلاد لتكون قريبة من الحدود مع تشاد والنيجر، وقال المصرفيون ان ما من مصرف دولي أو مركز تجاري سيبيع أي ذهب له صلة بالقذافي، لكنه قد ينقل الذهب إلى تشاد والنيجر حيث يستبدله بمبالغ تحول إلى مصرف يملكه المصرف الأجنبي الليبي وهو فرع من المصرف المركزي، واعتبرت انه بالإضافة إلى كميات الذهب، لا بد ان القذافي جمع مبالغ مالية كبيرة من بيع النفط خارج القنوات التقليدية.

يشار إلى ان التحالف الدولي بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وبمشاركة دول عربية، بدأ بقصف مواقع في ليبيا، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي1973 الذي قضى بفرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين، وقد أصيب مقر القذافي بطرابلس بهجوم صاروخي ولم يتضح ما إذا كان الزعيم الليبي في باب العزيزية ساعة استهدافه أو لا.

تواصل التقدم غربا

من جهة اخرى فأن المعارضة الليبية تقول إنها تتقدم إلى الغرب بعد استعادة بلدة البريقة واجدابيا والعقيلة، والطائرات الفرنسية تدمر طائرات عائدة لقوات القذافي، تقول قوات المعارضة الليبية انها استعادت السيطرة على بلدة بن جواد التي تبعد 525 كيلومترا شرقي العاصمة طرابلس، وانها تتقدم نحو معقل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في الشرق وهو مدينة سرت، وكانت الانباء افادت بان قوات المعارضة الليبية استولت على بلدة راس لانوف النفطية، بعد تقدمها غربا مسيطرة على بلدات البريقة واجدابيا والعقيلة، وتفيد الانباء الواردة من ليبيا ان المعارضين المسلحين يتقدمون غربا بعد ان طردوا قوات القذافي من بلدة اجدابيا الاستراتيجية.

وكانت المعارضة الليبية اعلنت ان مقاتليها استعادوا السيطرة على بلدة البريقة شرقي البلاد وذلك بعد ساعات فقط من سيطرتهم على مدينة اجدابي، من جانب آخر، نقل عن شهود من سكان مدينة مصراته قولهم إن القوات الموالية للقذافي عاودت قصف المدينة بعد توقف قصير، وكانت فرنسا اعلنت ان طائراتها المقاتلة دمرت خمس طائرات ومروحيتين من القوات الجوية الليبية في هجوم لها على قوات القذافي، وقال متحدث فرنسي ان الطائرات الليبية كانت في قاعدة مصراته الجوية وتستعد لشن هجوم على المدينة التي تسيطر عليها قوات المعارضة الليبية.

وكانت مصادر في المعارضة قالت ان القوات الموالية للقذافي قصفت المدينة من جهتي الشرق والغرب بالمدفعية الثقيلة، الا ان القصف توقف بعد قيام طائرات التحالف الدولي بتوجيه ضربات جوية لقوات القذافي، واعلن متحدث حكومي ليبي ان التحالف الدولي شن غارات جوية مكثفة على القوات الموالية للقذافي على الطريق الممتدة بطول 400 كلم بين اجدابيا وسرت شرق ليبيا.

وقال المتحدث " تتواصل الضربات الجوية ضد شعبنا بكثافة كبيرة ونخسر الكثير من الارواح لعسكريين ومدنيين"، واضاف: "استمرت الضربات الجوية على مدى ساعات دون توقف" واصفا هذا الهجوم بانه "لااخلاقي وغير شرعي".

كما ذكر التلفزيون الرسمي الليبي نقلا عن مصدر عسكري ان غارات جوية غربية استهدفت مناطق عسكرية ومدنية في بلدة سبها جنوبي العاصمة طرابلس واجدابي اوكانت المعارضة قد اعلنت في وقت سابق ان قواتها المدعومة من جانب الطيران الغربي انتزعت السيطرة على مدينة اجدابيا النفطية من القوات الموالية للقذافي، وشوهد عددا من سكان المدينة اعتلوا الآليات المدمرة وهم يطلقون النار في الهواء احتفالا بتحريرها من قبضة القذافي ويهتفون بعبارات الشكر للرئيس الامريكي اوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون. بحسب البي بي سي.

من جهته دعا البابا بنديكتوس السادس عشر الاسرة الدولية لبدء حوار فوري في ليبيا للتوصل الى وقف لاطلاق النار قائلا انه قلق بشأن سلامة المدنيين، وفي خطابه الاسبوعي للشعب الامريكي قال الرئيس باراك اوباما ان العملية العسكرية "الواضحة والمركزة" في ليبيا ناجحة، واضاف "لايفوتكم انه لاننا تحركنا بسرعة فقد حال ذلك دون كارثة انسانية وانقذت ارواح عدد لا يحصى من المدنيين من الرجال والنساء والاطفال الابرياء".

من جهته اعرب النظام الليبي عن استعداده لقبول خطة الاتحاد الافريقي التي تقترح وقف المعارك وفتح حوار بين اطراف النزاع الليبيين تليه مرحلة "انتقالية" ديموقراطية، وقال اعضاء وفد حكومي كبير خلال اجتماع عقده الاتحاد الافريقي في اديس ابابا لم يحضره اي ممثل عن حركة التمرد "نحن مستعدون لتنفيذ خارطة طريق" اقترحها الاتحاد الافريقي بما فيها "تطبيق سياسة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي بشكل سلمي وديموقراطي".ومع اقتراب قمة متوقعة الثلاثاء في لندن، اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعداد "مبادرة فرنسية بريطانية" تهدف الى حل سياسي للنزاع "لنثبت ان الحل لا يمكن ان يقتصر على التحرك العسكري"، وقبل ذلك بساعات، قال قائد الاركان الفرنسي الاميرال ادوار غييو ان العمليات العسكرية ستستغرق على الارجح "اسابيع"، كما اكد مساعد الاميرال الاميركي بيل غورتني "لم تبق للقذافي تقريبا اي دفاعات مضادة للطيران ولا يستطيع طيرانه التحليق وسفنه راسية في الموانئ ومخازن ذخيرته ما زالت تتعرض الى التدمير وابراج الاتصالات تدمر ومخابئ القيادة غير قابلة للاستعمال"و واعلن مسؤول في وزارة الصحة الليبية ان الغارات الدولية خلفت ما لا يقل عن 114 قتيلا و445 جريحا معظمهم في طرابلس وضواحيها.

حرمان النظام الموارد النفطية

الى ذلك قرر الاتحاد الاوروبي تجميد اصول القسم الاكبر من شركات القطاع النفطي الليبي بامل حرمان نظام معمر القذافي من موارده، وفرض منطقة حظر جوي مدني لقطع الطريق على المرتزقة، وتشمل العقوبات مؤسسة النفط الليبية و"خمسة من فروعها" كما اوضح الاتحاد الاوروبي في بيان، واقرت اوروبا بشكل ملموس "تجميد الاموال والموارد الاقتصادية" للشركات المستهدفة ومنع "دفع اموال لها"، وتاتي هذه القرارات تنفيذا لجزء من القرار المصادق عليه الاسبوع الماضي في مجلس الامن الدولي، كما افادت المجر التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي في بيان، غير انها تذهب الى ابعد من ذلك باضافة "شركات نفطية اخرى لم يذكرها القرار رقم 1973".

وقد ورد اسم المؤسسة الوطنية للنفط بين الشركات التي يستهدفها القرار رقم 1973 الذي تم تبينه الاسبوع الماضي باعتبارها "تحت سيطرة معمر القذافي وعائلته"، واعتبر مجلس الامن انها "تشكل مورد تمويل لنظامه"، وتعتبر مؤسسة النفط الليبية هيئة محورية في النظام الليبي وتدير جملة من الشركات الناشطة في مجال استكشاف النفط وانتاجه وتسويقه، وعلاوة على هذه الشركة، قررت الدول الاوروبية فرض عقوبات على 14 شركة اخرى.

وقد قررت وزارة الخزينة الاميركية من جهتها توسيع عقوباتها الاقتصادية على النظام الليبي لتشمل 14 شركة اخرى هي فروع لمؤسسة النفط الوطنية الليبية، وبموازاة ذلك قرر الاوروبيون تمديد منطقة الحظر الجوي على الرحلات الجوية وعبور اجواء ليبيا كما تنص عليه خطة الائتلاف الدولي العسكرية، وافاد الاتحاد الاوروبي في بيان ان ذلك يهدف الى "منع التحليق في المجال الجوي الليبي"، وكذلك منع "طائرات ليبية وطائرات (ليست ليبية بالضرورة) توجد اسباب للاعتقاد بانها تنقل مواد محظورة او مرتزقة مسلحين" من دخول المجال الجوي الاوروبي، وفي الاجمال، ومنذ بداية الازمة الليبية اقر الاتحاد الاوروبي حظرا على الاسلحة وحظرا على العتاد الذي قد يستخدمه نظام القذافي للقمع وتجميد الاصول وعدم تسليم تاشيرات لمعمر القذافي و37 من المقربين منه والمسؤولين الليبيين. بحسب فرانس برس.

كما جمد الاصول والتحويلات المالية الى 11 مؤسسة بينها المصرف المركزي الليبي ومصارف استثمارية وصناديق سيادية تدير الموارد النفطية، وتنفيذا لهذه العقوبات جمدت مختلف الدول الاوروبية مليارات اليورو من الاصول الليبية، اي ما بين ستة الى سبعة في ايطاليا واكثر من مليار في السويد وعدة مليارات في الماني، ويناقش الاوروبيون منذ عدة اسابيع فرض عقوبات نفطية على ليبيا لكن عدة دول وخاصة ايطاليا التي تعتبر اكبر مستورد للنفط والغاز منها، تتحفظ على ذلك كما افاد دبلوماسيون، وتعتبر ليبيا من اكبر منتجي النفط في افريقيا ويستعمل العقيد القذافي موارده النفطية لتجنيد مرتزقة لمهاجمة المتمردين في بلاده، الا انه لا يتوقع ان تكون للقرار نتيجة في الوقت الراهن على استيراد النفط الى الاتحاد الاوروبي حيث ان الدول المعنية مثل اسبانيا وايطاليا خصوصا، "تحولت الى مصادر اخرى" كما اعلنت الناطقة باسم المفوضية الاوروبية المكلفة بالطاقة مرلين هولزنر.

المعارضة تطلب التدريب والسلاح

في سياق متصل قال قائد معسكر تدريب في ليبيا ان المقاتلين الليبيين الذين يحاربون الزعيم معمر القذافي يحتاجون الى مدربين وأسلحة من الغرب لمساعدتهم على أن يشكلوا قوة أكثر تنظيما للتقدم باتجاه العاصمة طرابلس.

وبعد ايام من الغارات الجوية التي تقوم بها القوى الغربية لم يتمكن المقاتلون الذين يفتقرون الى النظام والمعدات الكافية من استغلال الوضع الراهن وظل أغلبهم متمركزا في شرق البلاد مما أثر خطر تجمد الوضع على ما هو عليه، حيث قال فوزي بوكتيف وهو مهندس لمشاريع النفط ويدير الان قاعدة تدريب خارج بنغازي "نحن ننتظر الدعم، نحتاج ذخيرة، نحتاج أسلحة، لاننا ليس لدينا ما يكفي للتقدم الى الغرب، الى طرابلس وسرت."

وأضاف في معسكر سابق للقذافي أطلق عليه الان معسكر شهداء 17 فبراير "نريد مدربين غربيين، لا نريد قوات ولكن مدربين وأسلحة يقدمونها لنا"،ويدعو المقاتلون منذ فترة لشن غارات جوية لكنهم يرفضون الاستعانة بقوات برية أجنبية ضد القذافي، ولم يذكر بوكتيف تفاصيل عن عدد المقاتلين الذين يجري تدريبهم في القاعدة أو يحدد من الذي يقوم بالتدريب. لكنه قال ان المقاتلين يحاربون قوات القذافي باستخدام أسلحة "من النظام القديم" لكن هذا ليس كافيا لتشكيل جيش. بحسب رويترز.

ومضى يقول "نحتاج بنادق كلاشنيكوف، صواريخ ستينجر، صواريخ مضادة للدبابات، كل أنواع الاسلحة المضادة للدبابات، هذا ما نحتاج اليه، وصول أسلحة أثقل سيستغرق وقتا أطول وكذلك التدريب عليها" مضيفا أن المجلس الوطني الانتقالي للمعارضين يجب أن يبحث التقدم بطلب رسمي، وقال محللون ان من غير المرجح أن يرسل الغرب مدربين أو أسلحة نتيجة للتداعيات السياسية والقانونية لذلك، ويمثل الافتقار الى قيادة قوية في صفوف مقاتلي المعارضة مأزقا للحكومات الاجنبية التي قامت بغارات جوية وبحرية ضد قوات القذافي، وفي حال اخفاق المقاتلين المعارضين في التقدم واستمرار سيطرة القذافي على غرب البلاد قد يواجه الغرب احتمال أن يكون مضطرا لحراسة منطقة حظر الطيران في المستقبل لاجل غير مسمى.

وأقر بوكتيف الذي وصف معسكر التدريب بأنه "مشروعه الجديد" بأن مقاتلي المعارضة لا يشكلون جيشا رسميا بل انها قوة من المتطوعين الذين وحدوا صفوفهم على كراهية القذافي.

وقال انه فيما يتعلق بالمال "لدينا من النفط ما يمكننا من دفع مقابل أي شيء، لا توجد مشكلة"و وبعد زخم أولي مكن المقاتلين من التحرك السريع في أنحاء المنطقة الصحراوية الواقعة الى الغرب من بنغازي والسيطرة على سلسلة من البلدات النفطية أجبرهم هجوم عنيف من قوات القذافي الافضل تجهيزا بكثير على التقهقر.وقال بوكتيف "نحن نصلح أنفسن، نحن نعد أنفسنا لتشكيل ما يشبه الجيش، نقول فلنتوقف لحظة، ولننظم أنفسن، حتى اذا تقدمنا الى الامام يكون ظهرنا محميا.

الالاف يغادرون والازهر يدين

قالت الامم المتحدة ان القتال في شرق ليبيا ربما يكون شرد عشرات الالاف وعطل الخدمات الاساسية وخطوط امداد المواد الغذائية بشكل خطير، وذكرت المنظمة في تقرير ان ثمة درجة عالية من عدم اليقين بشأن الوضع الانساني الحالي في ليبيا حيث بدأت الغارات الجوية الغربية في مطلع هذا الاسبوع، وفر اكثر من 335600 شخص من ليبيا معظمهم الى تونس ومصر منذ بداية الازمة، وقال مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة "وضع المدنيين في وحول اجدابيا ومصراتة ومناطق اخرى حيث يتواصل القتال يظل مبعث قلق شديد."

وقتل ما لا يقل عن 45 شخصا من بينهم مدنيون واطفال في المعارك في مدينة مصراتة التي تسيطر عليها المعارضة في الغرب يومي الاثنين والثلاثاء واصيب 189 اخرون، ونقل المكتب عن المعارضين قولهم ان الوضع في مصراتة حرج اذ لا توجد مياه او وقود أو كهرباء، وجاء في تقرير اصدره المكتب ووكالات معونة اخرى تابعة للامم المتحدة ان سكان البلدات التي تتعرض لهجمات ربما يحتاجون امدادات مع تعطل الخدمات وخطوط امداد المواد الغذائية، وتابع "الاحتياجات الطبية في ليبيا تزداد نتيجة القتال الاخير وتتفاقم بسبب نقص الفرق الطبية، وجاء فيه "ثمة تقارير غير مؤكدة عن وجود 80 ألف نازح اخر داخل ليبيا"، وقالت هيئات اغاثة ان الليبيين يعانون بشكل متزايد من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية والادوية الاساسية ومن ارتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية مع اشتداد حدة الصراع. بحسب رويترز.

من جهته ندد الازهر "بالاعتداء" الغربي على ليبيا وقال انه يؤيد ما وصفها بالمطالب المشروعة للشعب الليبي، وقالت صحيفة الاهرام ان الازهر حذر الولايات المتحدة وبريطانيا من "تقسيم ليبيا وتدمير ثرواتها الطبيعية والبشرية كما حدث بالعراق، "وندد أيضا بالحكومات العربية التي قمعت مواطنيها لعقود من الزمان، وطالب الحكام بأن "يوازنوا بين تركهم لمناصبهم وبين الدماء التي تسيل انهارا نتيجة للتمسك بالبقاء في مناصبهم وأن يتركوا أماكنهم كأقل واجب يرد الى شعوبهم التي تحملتهم وصبرت عليهم طويلا"، كما أدان الازهر سلبية العالم العربي والاسلامي ومؤسساته التي تقاعست عن واجبها في حل المشكلات الداخلية السياسية والاقتصادية وغيرها التي أدت بدورها الى موجة من الانتفاضات الشعبية تهز العالم العربي. بحسب فرانس برس.

امرأة تروي مأساتها

 الى ذلك وعند ساعة الافطار في مطعم فندق ريكسوس في طرابلس عندما دخلت فجأة امرأة شابة بهو الفندق مناشدة الصحافيين المساعدة وهي تكشف عن ساقيها لتريهم آثار كدمات وجروح مؤكدة انها تعرضت للتعذيب والاغتصاب على ايدي رجال النظام، وفي الحال اخرج الصحافيون كاميراتهم ودفاترهم لتسجيل هذه الشهادة المؤلمة لكن رجال الامن المنتشرين باعداد كبيرة في الفندق سرعان ما تدخلوا وتعاملوا بخشونة مع الصحافيين منتزعين هواتفهم المحمولة ومحطمين كاميرا شبكة تلفزيون غربية.

واكدت المراة والدموع تنهمر من عينيها انها تعرضت للتعذيب والاغتصاب "المتكرر" على ايدي رجال "كتائب القذافي"، وقالت انها تدعى ايمان العبيدي وانها اعتقلت عند نقطة تفتيش في طرابلس لانها من ابناء بنغازي، ثاني مدن البلاد ومعقل الثوار التي تقع على بعد نحو الف كلم شرق طرابلس، واضافت وهي تعرض آثار الكدمات على معصميها "قيدوا يدي وتناوبوا على اغتصابي طيلة يومين"، ودعت الصحافيين قائلة "صوروا، صوروا، اظهروا للعالم ما فعلوه بي" فيما كان رجال الامن يحاولون اقتيادها الى الخارج، وعند اقتيادها الى موقف سيارات الفندق سأل احد الصحافيين رجال الامن الى اين ياخذون المراة فردت هي "الى السجن" قبل ان يزج بها بالقوة داخل سيارة، واكد احد عناصر الامن انها ستنقل الى المستشفى وقال اخر "انها امراة مجنونة، وثملة الم تشموا رائحة الخمر؟".

وقد ساد التوتر بعد ذلك بقليل مؤتمرا صحافيا جاء نائب وزير الخارجية خالد الكعيم ليندد فيه ب"دعم" قوات التحالف الدولي للثوار والذي مكنهم السبت من استعادة السيطرة على مدينة اجدابي، الا ان الشيء الوحيد الذي كان يشغل بال الصحافيين هو مصير هذه المرأة الشابة.

وفي محاولة للتهرب من الاسئلة عن هذه "الحالة" قال نائب وزير الخارجية انه لا يملك معلومات كافية عن "الحادث" مؤكدا ان المراة "ستعامل حسب القانون"، وبعد قليل اكد المتحدث باسم النظام موسى ابراهيم ان "العناصر الاولى للتحقيق تؤكد ان المراة كانت في حالة سكر"، واضاف وسط دهشة الصحافيين "لقد اقتيدت الى المستشفى للتاكد من سلامة قواها العقلية"، وقال ابراهيم آسفا وقد بدا عليه الضيق "كونوا مهنيين، لماذا تهتمون بحالة هذه المراة فقط بينما هناك مئات الحالات التي تستحق منكم الاهتمام؟".وعندما اوضح الصحافيون انهم لا يملكون حرية الحركة اللازمة لرؤية هذه الحالات الاخرى اجاب "هذا من اجل سلامتكم، الناس في حالة غضب شديد بعد الغارات الاجنبية ويمكن ان يتعرضوا لكم"، واضاف "نحن نحقق حاليا لنعرف من هي ومن هي اسرتها وما اذا كانت تعرضت فعلا للاغتصاب ام انها ببساطة مجرد تخيلات" مؤكدا انه سيتم التاكد من "سلامتها النفسية". بحسب فرانس برس.

ويرغم الصحافيون الاجانب المعتمدون في طرابلس على البقاء معظم الوقت في فندق ريكسوس الذي لا يسمح لهم بالخروج منه الا بموافقة من السلطات وبرفقة مسؤول رسميو وسائقو سيارات الاجرة الذين يتجراون على نقل اي صحافي يغامر بالخروج من الفندق يعرضون انفسهم للسجن ويكرر ابراهيم "هذا من اجل سلامتكم انتم".

سيواجهون العدالة

من جهة اخرى قال السفير الامريكي المتجول لجرائم الحرب ستيفن راب ان الاشخاص المتهمين بقصف محتجين مناهضين للحكومة في ليبيا وقصفهم سينتهي بهم الحال في المحكمة الجنائية الدولية عاجلا ام اجل، وبعد شهر تقريبا من احالة مجلس الامن الدولي بالاجماع ليبيا الى المحكمة الجنائية الدولية تفرض قوات غربية منطقة حظر طيران فوق البلاد لحماية المدنيين الذين يتعرضون لهجوم من القوات الموالية لمعمر القذافي، وقال ستيفن راب رئيس الادعاء السابق لمحكمة سيراليون التي تدعمها الامم المتحدة "هل أرى انه سيأتي يوم يكون فيه الاشخاص المسؤولون عن هذا النوع من السلوك في المحكمة الجنائية الدولية، نعم انها ليست مسألة ما اذا كان سيحدث ذلك ولكن مسألة متى سيحدث ذلك."

وقال كبير المدعين في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينيو أوكامبو ان القذافي وابناءه وكبار مساعديه سيحاكمون على العنف، وصرح انه ربما يسعى الى اصدار اوامر اعتقال بحلول نهاية مايو ايار، وقال راب "علينا ان ننظر الى ماذا سيكون الموقف في هذا الوقت لكني اتوقع انه في هذه الحالة سيكون هناك دعم قوي لضمان ان اوامر الاعتقال هذه نفذت"، وعلى الرغم من ان بعض المحللين حذروا بان الغرب ربما يغامر بالتورط في حرب اهلية في ليبيا اشار راب الى اعتقالات الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش والرئيس الليبيري السابق تشارلز تيلور لاثبات امكان القيام بهذه الاعتقالات، وقال راب "في ذلك الوقت كان من غير الواضح كيف كان سينفذ (امر الاعتقال)" لكنه اضاف ان ميلوسوفيتش اعتقل في وقت لاحق في ابريل نيسان 2001. واضاف "هذا لا يعني انه اعتقل في الحال لكنه اشار بشكل واضح الى انه سيكون هناك عواقب فيما يتعلق بالعدالة في المستقبل."

وقال راب ان احالة مجلس الامن الدولي بالاجماع لليبيا يمثل وجهة نظر عالمية بان المحكمة الجنائية الدولية كانت لاعبا رئيسيا لتنفيذ المحاسبة لانتهاكات حقوق الانسان الخطيرة.

وقال ان قرار الولايات المتحدة بدعم الاحالة اكد مجددا نقطة قامت بها ادارة الرئيس باراك اوباما بان واشنطن ترى المحكمة الجنائية الدولية كملاذ اخير "لها مكان في ضمان وجود محاسبة."

واضاف راب ان الاحالة السريعة وتحقيق المحكمة الجنائية الدولية كنتيجة لذلك ارسلت اشارة رادعة للموالين للقذافي، وقال "حتى اذا لم تردعه (القذافي) فانك تردع اخرين وهناك دليل بالتأكيد على ان اشخاصا احجموا عن العمل في جانب القذافي لارتكاب هذه الجرائم او ان يكونوا متواطئين وتتناقص اعداد الاشخاص الذين يرتكبون الاعمال الوحشية ضد شعبهم"، لكنه حذر من ان المقاومين الذين يقاتلون القذافي يمكن ان يكونوا عرضة للملاحقة القضائية بسبب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية اذا ما ارتكبوا على سبيل المثال حالات قتل انتقامية للقناصة الذين يتم القبض عليهم، وقال راب ان القوات العاملة على فرض منطقة حظر طيران لن تكون عرضة للملاحقة القضائية لكن بدلا من ذلك ستواجه محاكمة في بلادها اذا ما ارتكبت جرائم عن عمد ضد المدنيين. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/آذار/2011 - 23/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م