تنظيم الطاقات... سبيل لنجاح الشعوب

رؤى من فكر الامام الشيرازي

 

شبكة النبأ: الامم الناجحة لم تستطع أن تحقق أهدافها، في الوصول الى حياة راقية، لو لا أنها سعت لتنظيم طاقاتها، لكي تصبّ بالاتجاه الذي يساعدها، على البناء، والاستقرار، والتطور الدائم، فتنظيم الطاقات، والتخلص من العشوائية، شرط أساس لتطوير المجتمع، والسبب واضح تماما، حيث لاتضيع الجهود الفردية، ولا الجماعية هباءا، بل تتحد جميع الفعاليات، وتنسجم، وتتناسق، لكي تصبح في خدمة الفرد والكل معا.

وطالما أن شعوبنا العربية، والاسلامية، دخلت مرحلة القضاء على الانظمة القمعية، التي لاتزال تتساقط واحدا تلو الآخر، فإننا بحاجة الى تنظيم قدراتنا، وطاقاتنا، ووضعها في الاتجاه الذي يساعد على بناء أنماط الحياة المتطورة، في جميع المجالات، ولو لا التنظيم، والسعي الى التقريب بين الجهود المختلفة، والتنسيق بينها، لايمكن أن نصل الى ما نهدف إليه، من حياة حرة كريمة مرفّهة.

يقول الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، في كتابه القيّم الموسوم بـ (الصياغة الجديدة)، في هذا الخصوص:

(إن تنظيم عملنا وتنظيم أنفسنا والتنسيق فيما بيننا في مرحلة الإعداد شيء نحتاج إليه كما نحتاج إليه بعد الوصول إلى الهدف).

لكن علينا أن نفهم، بأن عملية التنظيم، لا تتحقق بصورة تلقائية، بل لابد أن نتحرك وفق خطط مسبقة، كي نتعلم التنظيم ونوظّفه لصالحنا، فالامر لا يمكن أن يتم من دون السعي إليه، ومعرفته، ودراسته، ونشره بين الجميع، لكي يصبح سلوكا متّبعا من قبل الجميع، لذا يؤكد الامام الشيرازي بكتابه نفسه على ان:

(القدرة التنظيمية داخل الأمة ليس شيئاً يمكن أن يوجد بين عشية وضحاها، إن القضية تحتاج إلى عمل جاد ومستمر بيننا جميعاً).

فحين تحقق الانتفاضات المباركة، نتائجها المضمونة في القضاء على الانظمة القمعية الفاسدة، لابد أن يكون هناك سعي دؤوب، لتنظيم الجهود الشعبية، والنخبوية كافة، من اجل تحقيق الاهداف المنشودة، ولن يتم هذا الامر، من دون التخطيط، والتعاون المستمر بين الجميع، سواء كانوا من القيادات، أم من عامة الناس، يقول الامام الشيرازي في هذا الصدد:

(إن التعاون بين قطاعات الأمة بمستوى علماء الدين والخطباء والتجار والعمال والمهندسين والأطباء والطلبة الجامعيين والحوزويين والفلاحين والعمال وغيرهم واجب ضروري يجب أن نزرعه في أنفسنا، فإن التعاون بين هذه القطاعات سيؤدي شيئاً فشيئاً إلى نتائج مثمرة بعد مدة من الزمن).

وعنصر التعاون، لن يتحقق قبل أن يبدأ الجميع بإزالة الحواجز الفاصلة، بين افراد المجتمع، سواء كانوا افرادا او غيرهم، فحين يبدأ العمل على تحقيق الهدف الاسمى، لابد أن تتوافر له الارضية السليمة، من خلال الانسجام الشعبي، مع القادة، وبين افراد المجتمع أنفسهم، إذ يؤكد الامام الشيرازي، في كتابه المذكور على أن:

(هناك حواجز كثيرة تفصلنا عن بعضنا البعض، وهذه الحواجز لا تظهر في فترة الاختلاط والصداقة والسفرات والرحلات السياحية إنما تظهر عندما نبدأ بالعمل الجدي. هذه الحواجز التي تقف جداراً سميكاً يجب أن ننسفها حاجزاً بعد حاجز حتى تتحد وتتلاحم الأمة ونستطيع بالتالي العمل والتنسيق جميعاً).

وهناك شرط مهم، لابد من توافره في المجتمع، فحين تنتصر ارادة الشعب، على الحكام الطغاة، فلابد أن يشترك الجميع، في رصد الظواهر التي لاتخدم المجتمع، ولابد أن نتخلص، من السلوكيات التي لاتنسجم مع اهداف الشعوب الحية، التي لا تصبر على الظلم، ولهذا يؤكد الامام الشيرازي في كتابه نفسه قائلا:

(يجب أن لا يخفى علينا شيء مهم وهو السلوك الأخلاقي السيئ وجوانب النفاق والحسد والكسل التي تقف عقبات كؤودة أمام عملية البناء والإعداد الذاتي للفرد والأمة. فإن هذه الأنماط الأخلاقية الفاسدة يلزم أن نقلع جذورها من الأساس بيننا كأفراد وكأمة، حتى تكون نفوسنا صافية وخالية كي ننطلق للبناء الذاتي ونخدم الآخرين ونقيّمهم التقييم السليم)

وطالما أن الشعوب المنتفضة على حكامها راهنا، هي في معظمها من المسلمين، فإن الواجب يحتم علينا، أن نتّحد ونمضي معا بقوة، لازاحة الحكومات المستبدة، وفي هذا المجال، يقول الامام الشيرازي، في كتابه بهذا الصدد:

(الواجب على المسلم أن يلقن الحكام ما لقنه المسلم الأعزل ـ إلا من سلاح الإيمان ـ في أول الإسلام فصاروا عبرة للشعوب في نضالها ضد قوى السيطرة والظلم، أما أن لا نحرك ساكناً ولا نبذل جهداً فمعنى ذلك إنا لا نعترف بمواهبنا وقدراتنا وطاقاتنا، ومن ثم لا نستطيع أن نعرف نواقصنا ونكملها).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آذار/2011 - 22/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م