الشيعة في الشرق الأوسط... صراع لإثبات الذات

 

شبكة النبأ: بعد عددها الثالث عشر عن "يهود العراق" وعددها الرابع عشر عن "مسيحيي العراق" قدمت مجلة مسارات التب تصدر في بغداد، وفي عددها الخامس عشر عددا مكرسا عن الشيعة في الشرق الاوسط، متناولا الشيعة في اهم دول الشرق الاوسط.

وقدم رئيس تحرير المجلة الكاتب والأكاديمي "سعد سلوم" في افتتاحيته المعنونة "فهم الشيعة" قراءة شاملة لأوضاع الشيعة في الشرق الأوسط في ظل سعيهم لتعزيز هويتهم الجماعية فهم حسب قوله "يخوضون صراعا لإثبات الذات انتقل من السجالات الفقهية الى الصراعات السياسية، وهم كمذهب رؤيوي يستشرف نهاية التاريخ يبقى في حالة غليان دائم في منطقة الخليج التي تحتوي على ثلاثة ارباع احتياطي النفط، والتي يشكلون أغلبية سكانها".

ويشير الكاتب ايضا الى انه سواء قرأنا "الشيعية" كمذهب رومانسي فيه قدر من التركيز على المأساة التاريخية التي هي في عود ابدي، أو نظرنا اليها كمذهب ثوري نما رؤية متميزة لنهاية التاريخ وخلاص العالم، فأن "الشيعة" يمرون بمرحلة تحول تجعل تقديم قراءة موحدة للـ"شيعة" و"الشيعية" ضربا من التبسيط المخل بتباين مجتمعاتهم وأفكارهم ومطالبهم، فقد تحول الشيعة من مذهب يمثل ثقافة احتجاج الى دين دولة (ايران) او تجربة حكم قلقة (العراق) او حركة مطالب بحقوق المواطنة (البحرين، السعودية،) او ارادة لا تلين للمشاركة في الحكم (لبنان) وهم بحاجة الى تأمل الذات في ظل هذه التحولات وإعادة ترتيب العلاقة مع الآخر.

تناول الأكاديمي البحريني الدكتور نادر كاظم في دراسته عن شيعة البحرين اشكالية التوافق داخل الدولة وفق نموذج الدولة/الأمة وهو النموذج الذي ينزع إلى تعريف احادي للهوية، إذ ان الولاء هو ناتج عن علاقة مفترضة بين النظام السياسي والهوية الثقافية، وهو مأزق تعيشه الدول المستحدثة ومنه البحرين، تسبب به دفع ابنائها إلى الولاء لطوائفهم بدلا من النظام السياسي.

في حين تناول الأكاديمي السعودي الدكتور توفيق السيف في دراسته عن شيعة السعودية تفاصيل العوامل المؤثرة على العلاقة بين الشيعة والحكومة السعودية، مشيرا الى الحرمان الذي تعانيه الاقلية الشيعة هناك في ممارسة حقوقها الدينية والسياسية منذ قرون. وهذا الارث من التمييز الطائفي أمسى المنظار الوحيد الذي ينظر من خلاله الشيعة للدولة السعودية، فيما تتبع السلطة السياسية في هذا البلد نسقا ثقافيا ودينيا رافضا لأبناء هذه الطائفة وهو نهج سعت بعض المحاولات إلى ردمها في محاول للإصلاح التي تهدف إلى مزيد من إدماج الشيعة كمواطنين متساوي الحقوق مع الآخرين.

اما استاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة اللبنانية الدكتور سعود المولى في مقاله عن "شيعة لبنان"فبحث في تفجر الوعي السياسي الشيعي في هذا البلد وصولا إلى تماهي التشيع في كيان حزب الله، الذي يتبع هو الآخر استراتيجيات ذكية ومعقدة من اجل إثبات الذات أولا، وفرض هيمنته في لبنان ثانيا.

وسلط رئيس تحرير مجلة اطياف الدكتور "علي احمد رشيد" في دراسته عن شيعة ايران الضوء على مرحلة تاريخية مهمة عند الشيعة، ويجادل الكاتب بأن السلالة الصفوية كانوا اول الحكام - وبفعل الظروف الخاصة التي حكمت ايران قبل أكثر من خمسة قرون - الذين تمكنوا من مزج العناصر القومية الفارسية مع الثقافة الشيعية، ليحولوا هذا المذهب من ملجأ للمضطهدين والمظلومين والثوار على مرّ التاريخ، إلى مذهب للسلطة والحكم.

وانطلق الاكاديمي السعودي الدكتور فؤاد ابراهيم في دراسته عن شيعة العراق من الثورة العراقية الكبرى عام 1920 بوصفها نقطة البداية للوعي الشيعي المعاصر في العراق وحافزا لاندماجهم في الحياة السياسية والاجتماعية بعد قرون طويلة من الانكفاء والانعزال الإجباري تارة والاختياري تارة أخرى. ويسبر الدكتور فؤاد اغوار الثقافة السياسية الشيعية المبكرة ومجهودها الاستثنائي في لمّ المكونات المتنافرة ضمن كيان العراق الحديث من خلال رؤية تحليلية للتأريخ العراقي المعاصر والتفاعل بين السلطة العربية السنية الوريثة للنظام العثماني والمدعومة من بريطانيا، وبين الشيعة ومؤسساتهم التمثيلية. وبهذا يدعو الدكتور فؤاد إلى مراجعة نقدية في الداخل الشيعي إذ لا مجال أمام شيعة العراق – كأغلبية ديمغرافية تحدد الملامح الرئيسية لهوية هذا البلد- الا معالجة التراث الهائل من التحدي الطائفي الذي خلفته الأنظمة السياسية السنية والتي رسخت اقدامها في مؤسسات الدولة التعليمية والاعلامية والسياسية والعسكرية.

وناقش رئيس تحرير مجلة قضايا اسلامية معاصرة الدكتور عبد الجبار الرفاعي في دراسته "الميراث الرمزي للنجف"، المكانة الروحية للمدينة الشيعية المقدسة بوصفها مدفناً للإمام علي أول الائمة لهذه الطائفة. ويتناول الرفاعي الرصيد الرمزي لهذه المدينة عبر المؤسسات التي تحتضنها والمواقف التي انطلقت منها لتكون الشرارة التي اطلقت –وما تزال تطلق- الحراك الاجتماعي والسياسي الشيعي في مختلف بقاع العالم الإسلامي.

اما استاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد الدكتور خالد حنتوش وفي دراسته "حوزة النجف: نظرة من الداخل" فتناول بناء المؤسسة الدينية الشيعية التي طالما بقيت عصية على الفهم من حيث تركيبها الهرمي ومؤسساتها الفرعية وديناميكية القرار والتوجيه فيها. وتكمن أهمية المؤسسة الدينية الشيعية في مدينة النجف الاشرف انها بقيت موصدة أمام تدخل السلطات السياسية –عكس مثيلتها السنية- منذ تأسيسها قبل أكثر من الف عام، فيما كان لهذه المؤسسة وما يزال تأثير بالغ على مجريات الحياة عند الشيعة في جوانبها الثقافية والاجتماعية والسياسية والدينية.

اما الصفحة الاخيرة للعدد والتي حملت عنوان "رسالة الشيعة العرب" فقد كتبها الدكتور ليث كبة المتحدث السابق بإسم الحكومة العراقية، اشار فيها الى التحول الحاسم الذي يمر به شيعة العراق والخليج ولبنان الامر الذي يؤكد ضرورة قراءتهم الموضوعية لأنفسهم في سياق قراءة اكبر لما حصل للشيعة والتشيع على مر التاريخ، وفي هذا السياق ليس من مصلحتهم فحسب ولكن من مسؤوليتهم ايضا ان يمارسوا نقدا ذاتيا عاليا، وهو ما يتطلب حسب الكاتب الاستعانة بأدوات محايدة في علوم التاريخ والسياسة والاجتماع لتقديم صورة التشيع العربي الى عموم المسلمين.

الشيعة في المسرح والشعر والرواية

ويسلط المسرحي ياسر البراك الضوء في مقاله "مسرح التعزية عند الشيعة" على الفن المسرحي الذي اشتهر به الشيعة في إعادة انتاج الرموز المذهبية خاصة مأساة عاشوراء، ويتحدث عن جذور مسرح التعزية ودلالات الرموز فيها، فضلا عن ديناميكيات التفاعل بين الجمهور المشاهد من جهة، والممثل المشارك من جهة أخرى، في مسرحية التعزية بوصفها تفاعلا جماعيا.

اما مسار الشعر الذي حمل عنوان "طفل لاعب باللاهوت" فقد كان شهادة كتبها الشاعر احمد عبد الحسين عن تجربته الشعرية، والمؤثرات الشيعية على بناء ذاكرته وهويته وكيف تمثلت بشكل لاواع في شعره خلال مراحل تحول هويته كشاعر وإنسان.

وقدم الباحث المتخصص بالانثربولوجيا علاء حميد قراءة لإهم الإيقونات الشيعية محللا الدلالات الرمزية التي تنطوي عليها صور ائمة الشيعة مثل ايقونة الامام علي والعباس والحسين والرضا والمهدي وعلاقتها بالهوية الشيعية.

أما كتاب العدد فهو دراسة قدمها الاكاديمي والمؤرخ رونين زيدل عن "الشيعة في الروايات العراقية" يتطرق فيها الكاتب الى كيفية تحول الطائفية الى شفرة للتعبير عن الهوية الشيعية وهي بذلك كانت إما تلقى تجاهل الأدب أو شجبه الشديد، ومن خلال تحليله للروايات العراقية يجد انها تسلط الضوء على الكيفية التي امتنعت فيها عن المساس بهذه المسألة بالغة الحساسية، التي تخص الشيعة في العراق، إما بعدم التطرق لها أصلاً او المرور عليها بإيجاز بوصفها هامشية على السرد، وترتكز هذه الدراسة المهمة والأولى في مجالها، على قراءة ما يقارب المئة رواية عراقية مكتوبة خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين.

مواد اخرى

واجرى رئيس تحرير المجلة حوارا مع المفكر الفرنسي "جيل كيبل" Gilles Kepel قدم فيه كيبل تصوراته عن الصراع للسيطرة على الإسلام السياسي بين السنة والشيعة وانعكاساته على العراق فضلا عن مناقشة إمكانية تعايش الإسلام مع الديمقراطية.

في حين كان مسار الديمقراطية مادة مترجمة لـ Sreeram Chaulia حملت عنوان "ديمقراطية الشيعة : حقيقة ام اسطورة؟" 'Shia Democracy': Myth or Reality? تناولت من خلال عناوين : المجتمعات الشيعية كونها قيمة على الديمقراطية، قادة الشيعة كقيمين على الديمقراطية الخ اطروحات اهم الكتاب في الشأن الشيعي مثل: ولي نصر، مهدي خلجي، شهلا حائري، لارا ديب، نوح فيلدمان الخ وجادلت بشكل خصب عن امكانية ان يكون الشيعة (الطائفة الاصغر في الاسلام) قوة ديمقراطية.

مسارات : مجلة فكرية ثقافية تصدر عن مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية، صدر عددها الاول في 9 نيسان 2005.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/آذار/2011 - 20/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م