
شبكة النبأ: بدأت تظهر هذه الايام في
وسائل الاعلام المقارنات بين صدام حسين والقذافي وايهما يكرهه العرب
اكثر من غيره. المقارنة تصب لمصلحة صدام حسين في تأخره عن المركز الاول
الذي يحتله القذافي كأكثر شخصية مكروهة من قبل العرب مقارنة به.
ربما ان العرب لم ينسوا موقف القذافي من الحرب العراقية الايرانية
التي شذ فيها عنهم ووقف الى جانب ايران ضد حارس البوابة الشرقية قائد
الضرورة التاريخية، وربما يعد العامل الطائفي مرجحا ايضا لهذه الكراهية
.. فصدام في العام 1991 وجه طائراته ومدفعيته وراجمات صواريخه الى
الشيعة في انتفاضتهم الشعبانية ضده، في حين ان القذافي ليس لديه
مواطنين شيعة يوجه اسلحته ضدهم بل هو يوجهها الى مواطنيه السنة. مما
دعا القرضاوي اشهر عالم في جزيرة الافتاء القطرية الى اصدار فتواه
الشهيرة بإهدار دمه، في وقت لم يتجرأ اي واعظ من وعاظ السلاطين ان يفتي
بهدر دم صدام حسين رغم الدمار الذي الحقه بالكويت في غزوته الشهيرة.
ونجد امتدادا لهذا الموقف مما يحدث الان في البحرين ومواقف الدول
اتجاه احداثها مقارنة بما حدث في مصر وتونس وما يحدث الان في اليمن
وسوريا، ويمتد هذا الموقف يوميا ويتفاعل في وسائل الاعلام العربية
المرئية والمسموعة والمقروءة، وهو موقف ليس بغريب وخصوصا على العراقيين
الذين عاشوا لعقود طويلة تحت حكم طاغيتهم صدام حسين وما عانوا منه منذ
العام 2003 وحتى الان من مواقف ملتبسة ( تحت شعار حلال علينا حرام
عليكم ).
فالقواعد الامريكية في العراق هي حلال على البحرين وقطر وحرام على
العراق .. والحماية العسكرية لأنظمة الخليج حلال عليها وحرام على
العراق، وامريكا حين تدافع عن تلك الانظمة فهو جزء من رسالتها في
احترام حقوق الانسان ، وايران حين تنتقد التدخل السعودي في البحرين فهو
حرام عليها لأنه تدخل في شؤونها الداخلية. وغيرها الكثير من التخاريف.
المفارقة الاخرى اضافة الى من يكرهه العرب اكثر من غيره هي جيش
الايتام الذي سيخلفه ملك ملوك افريقيا بعد رحيله كما خلف صدام حسين جيش
ايتامه الممتد على مشارق الارض ومغاربها، والايتام هنا لا يراد بهم من
فقدوا اباءهم وامهاتهم نتيجة للموت بأشكاله المتعددة بل هو تعبير مجازي
يقصد منه ( المستفيدون من الحاكم ماديا ومعنويا والمحسوبين على جوقته
من الشخصيات والكتاب والشعراء الذين اسسوا ممالك مديحهم لهذا الحاكم ).
وقد ظهر المصطلح بعد ان نشرت جريدة المدى بعد سقوط نظام صدام حسين
اسماء المئات من المستفيدين من ( كوبونات النفط ) التي اغدقها صدام
حسين على تلك الشخصيات، حينها انكر قلة منهم تلك الكوبونات وصمت الاكثر
منهم او اعترف صراحة او ضمنا بتلقيها. وقد تقطعت بتلك الشخصيات السبل
والدروب حتى اذا هدأت الضجة توجه قسم منهم الى مبايعة حكام الخليج وقسم
اخر توجه الى القذافي واخرون توجهوا الى حكام بلدانهم.
بعد تنحي مبارك ظهرت قوائم سوداء تضم اسماء عدد من الفنانين والكتاب
الذين دافعوا عن مبارك خلال فترة حكمه او اثناء الثورة عليه، كتبت
فاطمة المحسن في جريدة العالم: ( كل الذين دافعوا عن صدام حسين، انضموا
الآن الى صوت الثائرين ضد القذافي في مفارقة غريبة، تدل على الزمن
العربي الجديد، فهم يسوقون المبررات ذاتها التي حملتهم للدفاع عن بطلهم
الأول، كي يهاجموا بها العقيد. لعل أبرز هؤلاء عبد الباري عطوان صاحب
جريدة القدس التي كرست ثقافة القاعدة من التورا بورا حتى بغداد. فكانت
صوتاً للشيخ بن لادن حسب ما أطلق عطوان عليه من تسميات. ولن يجد عزت
الدوري إلى اليوم مكاناً لنشر بياناته الثورية الداعية إلى قتل
العراقيين مثل جريدة القدس. محزن جدا أن نرى تطابقا بين خطاب الدوري
وخطاب سعدي يوسف، في العدد ذاته من الجريدة، في مفارقة تدل على زمن
العراق الملتبس، فقد نسي الشيوعي الأخير سنوات عمره التي أنفقها في
الوقوف ضد صدام حسين، ليتفرغ لأهاجٍ مضحكة لا تليق باسمه ومكانته
الشعرية. ولن تكون قناة الجزيرة التي يديرها اخوان مصر وحماس على مبعدة
من هذه الموجة التي ركبتها اليوم، مثل جني ترك قمقمه القديم ).
اين سيذهب حارث الضاري ولمة المقاولين الوطنيين ومشعان الجبوري
وفضائيته المليئة بالقيح ؟ اين سيتوجه هؤلاء المرتزقة حاملي الاقلام
ومكبرات الصوت اذا سقط القذافي؟ مؤكد انهم هذه المرة سيتوجهون الى
محميات الخليج، الف مرحى لأسواق عكاظ الجديدة. |