قدسية الملوك العرب ومصالح أوباما

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تعتبر أزمة البحرين عثرة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وانها قد تعمق الصدع في العلاقة الامريكية الخليجية وبالخصوص السعودية التي قد تدخل مرحلة جديدة من العلاقات بعد ان طلبت الولايات المتحدة عدم ارسال قوات سعودية الى البحرين، واعتبر الأمريكيون الرد السعودي تجاهلا لطلبهم.

فالسعودية أظهرت حالة من التبرم بخصوص الرسائل الأمريكية من قبل إدارة أوباما للتجاوب مع ما يوصف بـالقيم الإنسانية العالمية بما فيها الاحتجاجات السلمية. وانهم ما زالوا غاضبين من تجاهل الرئيس أوباما مطلبهم بمساندة الرئيس المصري السابق حسني مبارك رغم إقدامه على إطلاق الرصاص على المتظاهرين.

ويرى محللون سياسيون ان مسألة البحرين هي أهم خلاف يحصل بين الولايات المتحدة والسعودية منذ عقود، وهذا الخلاف قد يشير الى تغييرات جوهرية في سياسة الادارة الاميركية والتزامها بالمحافظة على الوضع السائد في الخليج خاصةً ان الدول الخليجية فقدت ثقتها بالرئيس الاميركي باراك اوباما، وتعتبر هذه الدول أن اوباما هو رئيس ضعيف يضحي بحلفائه التقليديين في سعيه للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ.

قال كينيث بولاك خبير شؤون الشرق الاوسط بمعهد بروكينجز في واشنطن ان الادارة الامريكية تسير على حبل مشدود. فمن ناحية تريد ان تتبنى هذا النوع من المطالب من اجل تغيير ديمقراطي ومن ناحية اخرى لا تريد ان ينتهي بها المطاف على الجانب الاخر في مواجهة من اي نوع مع السعوديين.

يقول مراقبون ان المحادثة الهاتفية بين الرئيس أوباما والملك عبد الله بن عبد العزيز، فشلت في تخفيف حدة التوتر بين الجانبين، وان نية الملك عبد الله للاستماع لإدارة أوباما قد تبخرت.

وجاء رد فعل البيت الابيض حذرا في طرح رؤية ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما تجاه التحرك السعودي واصرت الحكومة الامريكية على انه ليس غزوا بينما حثت السعودية ودول الخليج الاخرى التي تنشر قوات في البحرين التحلي بضبط النفس.

وقليلون هم من يتحدثون عن خطر يتهدد الثوابت الاساسية للعلاقات الامريكية السعودية التي تقوم على النفط والتعاون في مكافحة الارهاب وقلق مشترك تجاه إيران.

ولكن تدخل السعودية في البحرين يضيف عنصرا جديدا غير متوقع للمزيج الذي قد يأتي بنتائج عكسية اذا ما تصاعدت أعمال العنف السياسي في المملكة الصغيرة.

لكن محللون آخرون يعتقدون ان دعم الادارة الاميركية للتغيير الديمقراطي في الشرق الاوسط وضع الولايات المتحدة في مواجهة مع السعودية.

لكن واشنطن ترى انه من الضروري ان يقدم الحكم السني في البحرين بعض التنازلات السياسية ويعطي الاغلبية الشيعية المزيد من السلطة.

ويعتقد خبراء ان الحماس الاميركي لم يلق استحسان الانظمة المحافظة في الخليج بل اثار نقمتهم وقرروا التدخل العسكري لمساندة العائلة المالكة في البحرين.

ويأتى الموقف السعودي من اعتقاد الأسرة الملكية بأن حدوث انتفاضة شيعية فى جارتها البحرين ربما تنتشر يجرؤ الشيعية فى السعودية، وهى المخاوف التى يشاركهم فيها المسئولين الأمريكيين. والنقطة التى يختلف حولها أوباما والملك عبد الله هى الكيفية التى يتم بها معالجة الأزمة. فيما يرى الأمريكيون أن الاصلاحات في دول الخليج مطلوبة.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي توني كارون ان خطوة السعودية تستهدف المساعدة في قمع انتفاضة تطالب بالديمقراطية وتعتبر صفعة على وجه الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى ان ذلك يكشف تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.

وقال توبي جونز خبير الشؤون السعودية بجامعة رتجرز ان السعودية ربما تستعرض عضلاتها امام طهران وواشنطن لاظهار انها سوف تتحرك حين ترى خطرا يتهدد مصالحها.

ويأتي موقع القوى كما يرى محللون سياسيون النفوذ لدى الولايات المتحدة مما يمنحهم حرية أكبر. وتعتمد دول الخليج العربية تقودها السعودية على المال والقوة العسكرية في الوقت الحالي لقمع احتجاجات في المنطقة المصدرة للنفط ولكن من المستبعد ان تنجح في وقف الاضطرابات دون تقديم تنازلات سياسية هامة.

يقول المحلل الامني تيودور كاراسيك انها المرة الاولى التي تهدد فيها هذه الانتفاضة الشعبية ككل نظاما ملكيا بشكل فعلي... اذا سقط نظام ملكي ستتعرض جميع الانظمة الملكية لذلك النوع من الضغط.

ولكن التحرك فيه مقامرة، فحتى اذا نجح المزج بين الاغراء بالجزرة والتلويح بالعصا في قمع الاحتجاجات في البحرين في الوقت الحالي فان الحكومات في منطقة الخليج مهددة بشكل أكبر مع اكتساب دعوات الديمقراطية في العالم العربي زخما.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/آذار/2011 - 15/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م