جدوى التعليم وآليات الثواب والعقاب

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: لقد تحول العنف المدرسي الى ظاهرة بارزة في العديد من المجتمعات وبالرغم من منع الدول للعقاب الجسدي الذي يتعرض له الطلاب على ايدي المعلمين في المدارس ولكافة المراحل الدراسية ووجود العديد من القوانين التي تحاول الحد من هذه الافعال لكننا نجدها تمارس حتى في اكثر الدول تقدماً.

ان هذه الظاهرة تنعكس سلباً على نفسية الطلاب وبالتالي تؤثر في المستوى الدراسي لهم، وقد قامت العديد من المراكز التخصصية بالعديد من الدراسات والبحوث حول العنف المدرسي وأثارة السلبية على المجتمع الطلابي وحاولت توعية المعلمين واولياء الامور والطلاب من خلال اقامة الندوات وعقد المؤتمرات لشرح كافة الجوانب المتعلقة بالعنف.

ان العنف لا ينبغي له الدخول الى المؤسسة التعليمية وعلى الجميع تقع مسؤولية القضاء علية، وينبغي الاشارة هنا الى ان جميع الاديان السماوية وفي مقدمتها الدين الاسلامي القويم قد رفض جميع انواع العنف الجسدي او الكلامي وحث على التواصل مع الاخر بطرق حضارية عقلانية وان تكون بصورة سلمية لا تجرح مشاعر الاخرين. 

منع العقاب الجسدي

منع العقاب الجسدي في المدارس في العديد من مناطق كوريا الجنوبية ترك المعلمين حائرين، في بلد تسوده الثقافة العسكرية وقد أدارته حكومات استبدادية حتى نهاية ثمانينات القرن الماضي، تقول جنيفر شانغ، 36 عاما، وهي معلمة رياضيات في مدرسة تقع بالقرب من سيول "لا أدري كيف يمكنني الاستمرار في صف فوضوي يضم أربعين فتى هائجا، ولا كيف أفرض الهدوء من دون معاقبتهم".

لتأديب تلامذتها، كانت تستعمل عصا من خشب الجوز، لكن السلطات التعليمية في عاصمة كوريا الجنوبية منعت العقاب الجسدي في المدارس في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وحذت حذوها مقاطعتان، وقد أثارت هذه القرارات جدالا حادا في كوريا الجنوبية، حيث تولى أهمية كبرى للتعليم وحيث العقاب الجسدي أمر مقبول ويتم تشجيعه، فدخول جامعة مرموقة يحدد المسيرة المهنية، وحتى إمكانات الزواج. وهي ضغوط تبرر، وفقا للأهل والمعلمين، اللجوء إلى الصفع أو الضرب بالعصا في حال لم ينجز التلامذة فروضهم أو بعد نيلهم علامات سيئة أو إذا ما ثرثروا.

وكعقاب، يفرض على التلامذة أيضا القيام بتمارين لعضلات الذراعين عن طريق الانبطاح ومحاولة الارتفاع مرة بعد مرة بالاستناد الى اليدين او اصابع القدمين، أو إبقاء أذرعتهم مرفوعة، أو السير حول الملعب بوضعية القرفصاء. بحسب فرانس برس.

وأظهرت دراسة حديثة أن 70% من التلامذة أو طلاب المدارس الثانوية خضعوا لعقاب جسدي. وقد أدت إصابات خطرة تسبب بها الضرب العنيف إلى إدخال بعض المعلمين إلى السجن، وفقا لكيم دونغ سيوك الناطق باسم اتحاد نقابات المعلمين، فإن أعداد التلاميذ الكبيرة في الصفوف والضغوط للنجاح تدفع المعلمين إلى اعتماد قواعد تأديبية صارمة، يقول كيم "بوجود 40 تلميذا في الصف الواحد ورغبة كل الأهل بدخول اولادهم الى جامعات جيدة، تستحيل ممارسة هذه المهنة من دون عقاب جسدي"، وتضم الصفوف في كوريا الجنوبية 35،3 تلميذا كمعدل وسط، وهو احد اعلى المعدلات في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

وقد أظهر فيلم فيديو تم تصويره بواسطة هاتف نقال، معلما يشتم طفلا في الحادية عشرة من عمره ويضربه، الأمر الذي أثار صدمة كبيرة في تموز/يوليو الماضي، فاستغل المسؤول الجديد في دائرة التعليم في سيول هذه الجلبة لمنع كل أشكال العقاب الجسدي.

واشار الناطق باسم المكتب التربوي الى ان "العقاب الجسدي همجي وغير انساني وغالبا ما يعتبر الوسيلة الأبسط للتعبير عن الغضب. والأمر الأكثر خطورة هو أنه يجعل العنف اليومي أمرا عاديا بنظر الشبان".

ويرى المعلمون ان هذا الحظر أتى بشكل فجائي. يقول كيم دونغ سيوك "نحن نعرف أن الزمن تغير وانه لم يعد يجب علينا ان نضرب التلامذة، لكننا نريد أن نتمكن من اللجوء الى انواع عقاب اخرى"، ويشكك المعلمون في فعالية اقتراحات السلطات التعليمية: فاستدعاء الأهل أو إرسال الأطفال إلى صفوف "للتفكير" لا يأتي بأية منفعة تذكر، وفقد اظهر استطلاع للرأي اجري في كانون الثاني/يناير الماضي وشمل 23 الف تلميذ وطالب في الصفوف الثانوية ان 50% منهم يؤيدون العقاب الجسدي وان 40% يعارضونه و10% ليس لديهم رأي في هذا الموضوع.

يقول جيون جون سو، وهو طالب في الصفوف الثانوية في مدينة غيمشيون (وسط البلاد) "عندما يضربني احد المعلمين، أقول لنفسي إن ذلك يحصل لسبب وجيه وإنني أستحقه، مع أنني أشعر ببعض الإهانة".

العنف موجود

في سياق متصل كشفت نتائج دراسة تقييم مبادرة الكفاءة الصحيّة في الأردن للعام الماضي أن مشكلة العنف بين طلبة المدارس للفئة العمرية من 13 عاما إلى 15 عاما، تظهر بين أكثر من الربع من عددهم، لكنها لدى الذكور اكثر من الإناث.

واوصت الدراسة التي اطلقت نتائجها مؤخراً، برنامج شركاء الإعلام لصحّة الأسرة الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وبدعم فني من جامعة جونز هوبكنز ومركز برامج الاتصال في كلية بلومبيرغ للصحة العامة، فيما يتعلق بمشكلة العنف في المدارس (تعرض للضرب للدفع او للركل او للحبس)، بضرورة تفعيل دور المرشدين الاجتماعيين للحد من انتشار هذه الظاهرة .

وأظهرت الدراسة أن السلوكات الإيجابية للطلبة على صعيد النظافة الشخصية ارتفعت بنسبة كبيرة وصلت لنسبة 90% من الطلبة يقومون بتنظيف أسنانهم و 93% من الطلبة يغسلون أيديهم بالماء والصابون قبل الأكل وبعده وبعد استخدام الحمام.

واستهدفت الدراسة طلبة المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 13 – 15سنة وتم اختيار 8 مدارس بشكل عشوائي من جميع المدارس المشتركة في المبادرة متضمنة 6 مدارس حكومية و مدرستين خاصتين من أصل 117 مدرسة وشملت العينة جميع الطلبة من الذكور والإناث في الصفوف(الثامن ، التاسع ، العاشر). بحسب فرانس برس.

وبلغ حجم العينة  1533 طالبة و1123 طالبا كما تم تصميم هذه الدراسة بحيث يمكن مقارنة نتائجها مع نتائج المسح الصحي العالمي للطلبة في الأردن  في عام 2007 وكان معدل الاستجابة الكلي 92%  (الاناث 96%-الذكور87%) .

وبيّنت الدراسة أن الأفراد الذين شاركوا في فعاليات المبادرة التي بدأت منذ العام 2006 وتعرضوا لوسائلها التوعوية استطاعوا اكتساب سلوكيات صحيّة أفضل خاصة الذين شاركوا في المحاضرات الصفيّة والذين اطلعوا على كتيّب (جواز السفر لمسقبلي) الذي أعده القائمون على المبادرة، كما أظهرت الدراسة أن نسبة كبيرة من الطلبة قامت بتغيير سلوكياتها وعاداتها اليومية الصحية الغذائية،وبدأت بممارسة التمارين الرياضية،وأن معدل انتشار السمنة – بالاعتماد على الإفصاح الذاتي– ضمن طلبة المدارس يبقى متدنيا (أقل من 10%) إلا أن النتائج  تدل على أنه يزداد، أضافة الى ان نسبة كبيرة من الطلبة المدخنين حاولوا الإقلاع عن التدخين بعد قراءة الكتيب والاشتراك في أنشطة المبادرة أي وبشكل عام تحسّنت العادات الصحية الغذائية مقارنة بنتائج  2007  .

وأوصت الدراسة بضرورة استمرارية تنفيذ مبادرة مدارس الكفاءة الصحية كجزء من الجهود المتواصلة لتحسين الممارسات والنتائج الصحية في الأردن، وضرورة توسيع نطاق انتشار النسخ الالكترونية والمطبوعة خاصّة كتيّب  «جواز السفر لمستقبلي».

كما أوصت بضرورة تعزيز مفهوم مبادرة «حياتي أحلى» لدى الطلبة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمفهوم التخطيط للمستقبل وتأثيرها على نوعية حياة الفرد، إضافة إلى التركيز على أهمية ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم وضرورة الحصول على غذاء صحي خاصة في المناطق الأقل حظاً والتي لا تستطيع العائلات بها توفير ما يكفي من الغذاء لأبنائهم وتكثيف الجهود التي تحد من انتشار ظاهرة التدخين بين الطلبة.

وتعتبر مبادرة مدارس الكفاءة الصحية من المداخل الرئيسية للعمل على ترسيخ وتعزيز الممارسات الصحية السليمة ويتم تنفيذها مع وزارتي الصحة والتربية والتعليم ،ومديرية التعليم والثقافة العسكرية، وتهدف هذه المبادرة الى إكساب الطلبة المعلومات والمهارات والاتجاهات الضرورية التي  تساعدهم على ممارسة سلوكيات وأنماط صحية سليمة في الحياة اليومية و المستقبلية إضافة الى السعي الى بناء عرف وثقافة سائدة تجاه القضايا الصحية  المتعلقة بانماط الحياة الصحية، كما تهدف المبادرة الى تفعيل الشراكات بين المدرسة والأهالي والمجتمع ومقدمي الخدمات والاستفادة من كافة الخدمات الصحية المتاحة و تعزيز  بيئة مدرسية  داعمة يشترك بها أطراف العملية التعليمية من مدراء ومعلمين للمساعدة في تعزيز السلوكيات الصحية وتبني الكفاءة الصحية. إضافة الى تمكين الطلبة بمهارات الدعوة وكسب التأييد ليستطيعوا أن يكونوا وسائط للتغيير الايجابي في أسرهم ومجتمعاتهم.

وتجدر الإشارة الى تحقيق المبادرة للعديد من الإنجازات أبرزها اعداد أدلة تدريبية ومواد تثقيفية وتوزيعها على الطلبة لتساعدهم على التخطيط وتنفيذ الانشطة والفعاليات، ومنها الحقيبة التثقيفية التي شملت كتيب الأنشطة والدليل العملي وحقيبة الأهداف إضافة الى كتيب الكلمات الصباحية و حقيبة (التعايش معا) حيث شملت هذه المواد مواضيع الصحة النفسية والاجتماعية.

كما تم إعداد حقيبة (نحكي بصراحة) والمتكونة من كتيب للطالب ودليل للمعلم ونشرة للأهالي والتي تعالج القضايا المتعلقة بصحة المراهقين.

 كما تم أيضا إدماج الرسائل الصحية في منهاج التربية المهنية والتثقيف الصحي وتدريب ضباط الارتباط من مسؤولي الصحة المدرسية في كل من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم وتحميل المعلومات المتعلقة بأنماط الحياة الصحية ومبادرة مدارس الكفاءة الصحية على البوابة الالكترونية الصحية ومنظومة التعليم الالكتروني لوزارة التربية والتعليم.

مواقف الأديان العنف

الى ذلك يتعامل الاسلام مع مفهوم العنف والعقاب على أنهم مفهومين منفصلين ومختلفين، فينبذ العنف ويدعو إلى الرفق والعطف والتسامح ومقابلة السيئة بالحسنة حيث يقول رسول الله (ص)" صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك، عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدي لك" 1، ويقول أيضاً " اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" 2، وفيما يتعلق بالعنف الكلامي فالإسلام يرفضه رفضاً قاطعاً ويطالب بعدم الاستهزاء والاستهتار بالآخرين، وهذا واضح من قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن، و لا تلمزوا أنفسكم ولا تلامزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الأيمان ومن لم يثب فأولئك هم الظالمون" (سورة الحجرات، آية 11).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعتبر الإسلام العنف الجسدي على أنه نوع من أنواع العقاب وانه وسيلة تربوية فيذكر " العقاب هو نوع من أنواع التربية ويستخدم لكف سلوك غير مرغوب فيه أو يكون لتأديب إنسان أو ردعه عن ظلم الآخرين "، فنجد من ذلك إجازة باستخدام العقاب بشكل عام ويصل إلى العقاب البدني وهذا ما أكد عليه مشيراً إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرب غير شديد وغير مؤلم.

كما يرفض الدين المسيحي أي نوع من أنواع العنف سواءً التعذيب الجسدي أو المعنوي، القتل، الانتحار المتعمد، الوأد، بتر الأعضاء… الخ، ويدعو إلى مسامحة المعتدي والمحبة كما يحث على احترام الشخص الإنساني والنفس الإنسانية فيقول السيد المسيح " الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (متى 25: 40). كما يذكر " أن السيد المسيح قد رفض الغضب والعنف على أنواعه الجسدي والكلامي قائلاً لنا سمعتم أنه قيل لآبائكم: لا تقتل، فمن قتل يستوجب حكم القاضي، أما أنا أقول لكم من غضب على غيره باطلاً أستوجب حكم القاضي، ومن قال لغيره، يا أحمق أستوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا جاهل أستوجب نار جهنم" (متى 5: 21).

 وبذلك نرى تصريح واضح وصريح على لسان المسيح عليه السلام بضرورة عدم استخدام العنف، وهذا ما يؤكده تصرف السيد المسيح مع بطرس أيضاً عندما أراد أن يستخدم العنف دفاعاً عنه قال له " أغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف، بالسيف يهلك " (متى 26: 52).

أسباب العنف في المدارس

على صعيد متصل تعتبر العملية التربوية مبنية على التفاعل الدائم والمتبادل بين الطلاب ومدرسيهم. حيث أن سلوك الواحد يؤثر على الآخر وكلاهما يتأثران بالخلفية البيئية، ولذا فإننا عندما نحاول أن نقيم أي ظاهرة في إطار المدرسة فمن الخطأ بمكان أن نفصلها عن المركبات المختلفة المكونة لها حيث أن للبيئة جزءاً كبيراً من هذه المركبات، اما أهم الأسباب التي تقف وراء ظاهرة العنف:

1) طبيعة المجتمع الأبوي والسلطوي: رغم أن مجتمعنا يمر في مرحلة انتقالية، إلا أننا نرى جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية ما زالت مسيطرة. فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف من قبل الأخ الكبير أو المدرس هو أمر مباح ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة، وحسب النظرية النفسية- الاجتماعية فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً، مسموحاً ومتفقاً عليه.

بناءً على ذلك تعتبر المدرسة هي المصب لجميع الضغوطات الخارجية فيأتي الطلاب المٌعنّفون من قبل الأهل والمجتمع المحيط بهم إلى المدرسة ليفرغوا الكبت القائم بسلوكيات عدوانية عنيفة يقابلهم طلاب آخرون يشابهونهم الوضع بسلوكيات مماثلة وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها، كما في داخل المدرسة تأخذ الجماعات ذوات المواقف المتشابه حيال العنف شلل وتحالفات من أجل الانتماء مما يعزز عندهم تلك التوجهات والسلوكيات، فيذكر (هوربيتس) " إذا كانت البيئة خارج المدرسة عنيفة فأن المدرسة ستكون عنيفة ".

تشير هذه النظرية إلى أن الطالب في بيئته خارج المدرسة يتأثر بثلاث مركبات وهي العائلة، المجتمع والأعلام وبالتالي يكون العنف المدرسي هو نتاج للثقافة المجتمعية العنيفة.

2) مجتمع تحصيلي: في كثير من الأحيان نحترم الطالب الناجح فقط ولا نعطي أهمية وكياناً للطالب الفاشل تعليمياً. الطالب الذي لا يتجاوب معنا. حسب نظرية الدوافع فالإحباط هو الدافع الرئيسي من وراء العنف، إذ أنه بواسطة العنف يتمكن الفرد الذي يشعر بالعجز ، أن يثبت قدراته الخاصة. فكثيراً ما نرى أن العنف ناتج عن المنافسة والغيرة. كذلك فإن الطالب الذي يعاقب من قبل معلمه باستمرار يفتش عن موضوع (شخص) يمكنه أن يصب غضبه عليه.

العنف موضوع واسع وشائك، هناك العديد من الأمور التي تؤثر على مواقفنا اتجاه العنف بحيث نجد من يرفض ومن يوافق على استخدام العنف لنفس الموقف، وهذا نابع من عدة عوامل كالثقافة السائدة والجنس والخلفية الدينية وغيرها.

3) العنف المدرسي هو نتاج التجربة المدرسية.

هذا التوجه يحمل المسئولية للمدرسة من ناحية خلق المشكلة وطبعاً من ناحية ضرورة التصدي لها ووضع الخطط لمواجهتها والحد منها، فيشار إلى أن نظام المدرسة بكامله من طاقم المعلمين والأخصائيين والإدارة يوجد هناك علاقات متوترة طوال الوقت، ومما يؤكد على ذلك أن (كولمن) أستنتج من بحثه " أن السلوكيات العنيفة هي نتاج المدرسة "، ويمكن تقسيمها إلى 3 مواضيع وهي علاقات متوترة وتغيرات مفاجئة داخل المدرسة (إحباط، كبت وقمع للطلاب) والجو التربوي.

علاقات متوترة وتغيرات مفاجئة داخل المدرسة

ان تغيير المدير ودخول آخر بطرق تربوية أخرى وتوجهات مختلفة عن سابقه تخلق مقاومة عند الطلاب لتقبل ذلك التغيير، فدخول مدير جديد للمدرسة مثلاً، وانتخاب لجنة أهالي جديدة تقلب أحياناً الموازين رأساً على عقب في المدرسة، ترك المعلم واستبداله بمعلم آخر يعلم بأساليب مختلفة، عدم إشراك الطلاب بما يحدث داخل المدرسة وكأنهم فقط جهاز تنفيذي، شكل الاتصال بين المعلمين أنفسهم والطلاب أنفسهم والمعلمين والطلاب وكذلك المعلمين والإدارة له بالغ الأثر على سلوكيات الطلاب، ففي أحد الأبحاث  أشير  إلى أن تجربة في إحدى المدارس الأمريكية لدمج طلاب بيض مع طلاب سود لاقت مقاومة شديدة و عنف بين الطلاب حيث لم تكن الإدارة قد هيئت الطلاب بعد لتقبل مثل تلك الفكرة.

إحباط وكبت وقمع للطلاب

فمتطلبات المعلمين والواجبات المدرسية التي تفوق قدرات الطلاب وإمكانياتهم، مجتمع تحصيلي، التقدير فقط للطلاب الذين تحصيلهم عالي، العوامل كثيرة ومتعددة غالباً ما تعود الى نظرية الإحباط حيث نجد أن الطالب الراضي غالباً لا يقوم بسلوكيات عنيفة والطالب الغير راضي يستخدم العنف كإحدى الوسائل التي يُعبر بها عن رفضه وعدم رضاه وإحباطه، فعلى سبيل المثال:-

1- عدم التعامل الفردي مع الطالب، وعدم مراعاة الفروق الفردية داخل الصف.

2- لا يوجد تقدير للطالب كانسان له احترامه وكيانه.

3- عدم السماح للطالب بتعبير عن مشاعره فغالباً ما يقوم المعلمون بإذلال الطالب وإهانته إذا أظهر غضبه.

4- التركيز على جوانب الضعف عند الطالب والإكثار من انتقاده.

5- الاستهزاء بالطالب والاستهتار من أقواله وأفكاره.

6- رفض مجموعة الرفاق والزملاء للطالب مما يثير غضبه وسخطه عليهم.

7- عدم الاهتمام بالطالب وعدم الاكتراث به مما يدفعه الى استخدام العنف ليلفت الانتباه لنفسه.

8- وجود مسافة كبيرة بين المعلم والطالب، حيث لا يستطيع محاورته او نقاشه حول علاماته او عدم رضاه من المادة. كذلك خوف الطالب من السلطة يمكن أن يؤدي الى خلق تلك المسافة.

9- الاعتماد على أساليب التلقين التقليدية.

10- عنف المعلم اتجاه الطلاب.

11- عندما لا توفر المدرسة الفرصة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ عدوانيتهم بطرق سليمة.

12- المنهج وملاءمته لاحتياجات الطلاب.  

الجو التربوي

كما ان عدم وضوح القوانين وقواعد المدرسة، حدود غير واضحة لا يعرف الطالب بها حقوقه ولا واجباته، مبنى المدرسة واكتظاظ الصفوف التدريس الغير فعال والغير ممتع الذي يعتمد على التلقين والطرق التقليدية، كل هذا وذاك يخلق العديد من الإحباطات عند الطلاب الذي يدفعهم إلى القيام بمشاكل سلوكية تظهر بأشكال عنيفة وأحياناً تخريب للممتلكات الخاصة والعامة، بالإضافة الى استخدام المعلمين للعنف والذين يعتبرون نموذجاً للطلاب حيث يأخذونهم الطلاب قدوة لهم.

 الجو التربوي العنيف يوقع المعلم الضعيف في شراكه، فالمعلم يلجأ إلى استخدام العنف لأنه يقع تحت تأثير ضغط مجموعة المعلمين الذي يشعرونه بأنه شاذ وان العنف هو عادة ومعيار يمثل تلك المدرسة والطلاب لا يمكن التعامل معهم الآ بتلك الصورة وغالباً ما نسمع ذلك من معلمين محبطين محاولين بذلك نقل إحباطهم إلى باقي المعلمين ليتماثلوا معهم فيرددون على مسمعهم عبارات محبطة، وهنا شخصية المعلم تلعب دور في رضوخه لضغط المجموعة إذا كان من ذوي النفس القصير او عدم التأثر بما يقولون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آذار/2011 - 14/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م