حرب البحرين.. المستقبل المظلم

ياسر محمد

يرى مراقبون بأن مستقبل العلاقة بين شعب البحرين والسعودية تتجه إلى مسار خطير وذلك بعد الخطوة التي اتخذتها حكومة البحرين من دعوة قوات خليجية ومنها وبالنسبة الأكبر القوات السعودية وما يجري من مواجهة المتظاهرين بالقسوة لفرض تنفيذ الحضر وقمع مسيرات المحتجين السلمية التي تطالب بإصلاحات شاملة.

فإنه وبعد سقوط عدد من الشهداء والجرحى بإصابات بليغة من قبل القوات الأمنية المشاركة في ما يسمى بـ"فرض النظام" ضد الشعب الجار والمتصاهر مع شعب المنطقة الشرقية، أصبحت احتمالية تولد حالة من النقمة وربما مشاكل عديدة مع الزوار السعوديين كبيرة ومتوقعة وفقاً للمراقبين.

لم نكن ننظر لأهالي البحرين الأحرار وبلادهم على أنها دولة منفصلة عنا، فمنهم من هو متزوج منا والعكس، وهناك من له فروع من أسرته في المنطقة الشرقية ناهيك عن التداخل الثقافي والاجتماعي في تشابه العادات والتقاليد واللهجة وغيرها من الأمور التي تشعرك بين أهلك وأبناء وطنك، ولكن ولشديد الأسف باتت هذه العلاقة الحميمة مهددة بالتراجع ويشوبها شيء من التوتر المستقبلي إذا ما نظرنا لأعداد السعوديين المتجهين للبحرين يومياً وفي العطل والمناسبات.

لن يكون بالأمر اليسير أن يرى مواطناً بحرانيا أصيب بأذىَ بليغ في جسمه أو فقد أحد أحبته وهو يرى إبن الدولة الشقيقة يجول في بلده حال الرخاء بينما لم يقف معه وقت الشدة بل التزم الصمت وربما التأييد لمهاجمته نتيجة لخلافات عقدية دينية جاثمة في النفوس المريضة.

كان من الصعب على أصحاب الضمائر وكل من شاهد ما بثته وسائل الإعلام المستقلة في نشراتها الاخبارية من مشهد مصور لاثنين من قوات درع الجزيرة وهما يلوحان بيديهما من فوق مدرعتهما العسكرية بعلامة النصر! وكأن المسألة باتت حرباً ضد غزاة ومجرمين في حرب عسكرية وجهتها فلسطين لمحاربة اليهود لا شعب البحرين المسلم!

إن الدرس الذي لم يُتقن بعد هو أن الإدارة الأمريكية تقف مع الدول وقفة صامدة ضد شعوبها حتى تكتمل أجندة مصالحها وتصل إلى ما تصبوا إليه من مصالح آنية ومستقبلية وتهيء الأرضية لخلق المزيد من التوترات الداخلية التي هي مفتاح بيدها ضد الدولة الراغبة في زعزعتها مستقبلاً.

إن الدور الأمريكي الآني يكمن في زج دول عديدة داخل صراعات ليس من شأنها الدخول فيها، وعندما تتأزم الأمور أكثر وأكثر ويحين الوقت لتجني الولايات المتحدة الثمرة، تترك تلك الحكومات وتدعم الشعوب للقيام بتمردات داخلية ضدها من أجل زعزعة الأوضاع السياسية والأمنية حتى يكون لها نصيب آخر من كعكة الصراع الجديد.

ولا حاجة للتذكير بأمثلة بعيدة من التاريخ السياسي في دعم الولايات المتحدة لأنظمة سياسية وتخليها عنها بسرعة البرق وأقربها وأجلاها المثال المصري الذي عايشنا كيف بصقت أمريكا عليه بشكل لم يكن متوقعاً بعد أن امتصت منه ما يكفيها من مصالح.

فعلى الحكومات ألا تراهن على أمريكا في دعمها ضد شعوبها، فإن الرهان الوحيد هو الوقوف إلى جانب الشعب وتحقيق تطلعاته وإيجاد حياة عيش مرفهة وديمقراطية متناهية الأبعاد تجعل من المواطن الحارس والمدافع الأول عن حكومته ووطنه. لعل الجميع تابع حالة التضامن بين القيادة والشعب في دولة الكويت وكيف خرج المتظاهرون اليوم 18 مارس دعماً للبحرينيين ورفضاً لاستخدام العنف ضدهم من قبل القوات المشاركة وهم يرفعون الشعارات ويرددون الكلمات التي تثني على دور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في عدم إرسال أي قوات كويتية ميدانية للبحرين.

نحيي سلمية تحركات أهلنا في البحرين وصمودهم ووعيهم وفطنتهم للعبة الطائفية التي حاول المتنفذون الترويج لها، ونقول لهم يؤلمنا كشعبٍ جار لكم ما يجري عليكم وقلوبنا معكم، فلا يستطيع إنسان شريف طاهر المولد أن يقبل ما يجري على أناس أبرياء ويبقى بلا مشاعر تجاههم أو يلتزم الصمت ..

 نسأل الله لهم العزيمة الراسخة والصبر على بلاء الله الذي هو من صبر الإمام الحسين (ع) ملهم الأحرار ومثبت أقدامهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آذار/2011 - 14/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م