الخطأ القاتل... بداية انقراض آخر سلالات مشايخ الخليج

عدنان الصالحي

 

شبكة النبأ: ما حدث في البحرين وما يحدث يبدو انه خرج عن أطار الوضع السياسي المتأزم في دولنا العربية عموما الى قضية ثانية تماما، فبدخول دول معروفة بتشددها المذهبي والديني على خط الحالة انتقل الموضوع من شان داخلي سياسي الى حالة أوسع تهدد بقيام ثورة على مستوى المنطقة تتمثل في معركة طائفية شرسة تسبب المشايخ الخليجين في البحرين والسعودية في اندلاعها.

هذا الإجراء الناتج من ضيق التفكير وانعدام الرؤية الصحيحة والتعصب الأعمى والحقد التاريخي المتجذر ضد طائفة معينة مستصحبين في ذلك أخطاء أسلافهم الأمويين والعباسين، سيؤدي على ما يبدو الى نهاية حكم هذه المشايخ وانقراض آخر سلالاتهم.

تصور العوائل الحاكمة في البحرين والسعودية بان تعاونهم في قمع المتظاهرين وتشكيل تكتل طائفي و تقوية هذا الخط المتشدد، هو تصور خاطئ سيمثل كارثة كبيرة ستأتي بالنهاية على كلا الدولتين ان لكم يكن على جميع الممالك الأخرى في المنطقة، بعد أن كانت منحصرة في دولة البحرين خصوصا، كون الشرارة تحولت من سياسية الى طائفية قاتلة مقيتة سيدفع كل مذهب باتجاه الاندكاك في صنف مذهبه شاء ام أبى.

 الهرولة السعودية الإماراتية للتجحفل مع المشيخة البحرينية لم يكن ناتج من التمسك بما يسمى معاهدة الدفاع المشترك او الحفاظ على امن دولة خليجية بقدر الخوف من انهيار السد (المملكي) لهذه المشايخ وانحدار السيول التغيرية للشعوب باتجاه مناطق السعودية والإمارات وباقي المناطق العربية، كان السبب الأول والاهم في دفع القوات الحكومية باتجاه خوض المعركة في معقلها الرئيس في المنامة.

هذا الخطأ القاتل سيتسبب على اقل تقدير بخليج عربي متوتر الى أزمان ليست بالقليلة أن لم يعود بنا الى أجواء تشابه في وضعها حرب الخليج الأولى في الثمانينات حيث سيخيم التوتر على المنطقة وتتقطع الدول العربية الى جهات متناثرة حسب خرائط سياسية مختلفة، إن لم يكن سببا في انهيار جميع هذه الحكومات الكارتونية وهو ما يتوقع حدوثه .

نظرة الحكومات الخليجية الضيقة للوضع الدولي والإقليمي وتصورهم بان إغماض العين الأوربية والغربية وخصوصا الامريكين عنهم في هذه الفترة وانشغال العالم بأحداث ليبيا سيمثل فترة ذهبية لتصفية المعارضة المصنفة على طائفة معينة، ومحاولة بناء قوة بوليسية ضاربة او تحويل ما تم إنشاءه سابقا تحت ما يسمى (قوات درع الجزيرة) بعيد الغزو الصدامي لدولة الكويت، الى منظومة قمعية ضد الشعوب العربية، إنما هو قراءة خاطئة مستصحبه جميع الأخطاء التاريخية حيث ستشكل كارثة سياسية على كل المشتركين في هذه الإبادة الجماعية.

 ما يحدث في البحرين يستدعي وقفة مهمة وتاريخية ستسجل للجميع او على الجميع وخصوصا المنظومة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجميع الشخصيات الدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتي يجب ان تتمثل في:

1- اعتبار ما يجري في البحرين سابقة خطيرة باستقدام قوات أجنبية لضرب شعب اعزل، كان ينتهج الوسائل السلمية والحضارية للتعبير عن رأيه .

2- العمل على تقديم حكام دولتي البحرين والسعودية الى محاكم جرائم بحق الإنسانية، كونها استخدمت العنف ضد التظاهر والاعتصام السلمي، ودفعت باتجاه إثارة العنف الطائفي والاقتتال الأهلي ونشر الكراهية من اجل بقاء كراسي حكوماتهم.

3- استخدام قوات تابعة لحكومات تمثل مذهبا متشددا ومن صنف معروف بعدائه للمتظاهرين تم جلبهم على وفق رؤية الكراهية والعداء التاريخي لغرض قمع المتظاهرين، بعلم وبإصرار مسبق، إنما هو دفع باتجاه تعزيز الإرهاب الدولي وإقامة بؤر توتر جديدة .

4- التحرك السريع للمطالبة ومن خلال القنوات القانونية الدولية بسحب جميع القوات غير البحرينية من هذه الدولة ووقف الاعتداءات بحق المتظاهرين وإنشاء لجان تحقيقيه ضد كل من يثبت تورطه بسف دماء الأبرياء.

5- تحميل الحكومات التي دفعت بالمنطقة الى هذا الوضع والتي شاركت بإرسال قواتها جميع التبعات القانونية ودفع الحقوق العامة والشخصية لكل المتضررين من جراء هذا الفعل العدائي.

6- إعلان حالة الاستنفار القصوى في جميع البلدان الإسلامية وإقامة التظاهرات والاعتصامات أمام سفارات الدول المشاركة بمجزرة البحرين.

7- وقف التعاملات مع الشركات التابعة للدول المشاركة في هذه الجرائم، وتعليق جميع الأنشطة التجارية والاقتصادية لحين بداية رؤية جلية للوضع الحالي.

8- تحمل الإعلام مسؤوليته الأخلاقية بنقل ما يجري من قمع وسفك للدماء وعدم التغاضي والانتقائية بالتعامل مع الأحداث من دولة الى أخرى حسب الانتماء والتوجه، فالتاريخ لن يرحم والشعوب لن تنسى المواقف.

النقطة التي وصلت لها الأوضاع في البحرين هي نقطة اللاعودة بكل تأكيد فالدماء التي جرت والحقوق التي صودرت ونهبت، دفعت باتجاه نهاية هذه الحكومات والمشايخ التي يبدو إنها لم تقرا ولم تفهم بأي صورة لما حدث في مصر وتونس وبقيت تردد المقولة الفضفاضة التي يتداولها حكام هذه الدول (البحرين والسعودية وال...... ليست تونس ولا مصر) وهي مجرد خيال يتمسكون به وأحلام يقظة، سرعان ما تنجلي لهم على حقيقة مرة يرون فيها أنفسهم بمصير ما قبلهم من الطغاة والدكتاتورية، حيث مزابل التاريخ ولعنات الأجيال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/آذار/2011 - 11/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م