طالبان والقاعدة... رفاق الامس اعداء اليوم

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم من مرور ما يوازي العشرة اعوام على ازاحتها عن السلطة في افغانستان، بالتوازي مع المعارك الشرسة التي شنتها القوات الدولية على مقاتليها، لا تزال حركة طالبان تمثل خطر قائم على حكومة كابل والقوات الاجنبية حتى الان، بعد ان استطاعت من خلال حرب العصابات التي تشنها الحركة انهاك القوات الدولية واستنزافها على الدوام.

الا ان ذلك القتال كان كفيلا في الوقت ذاته على تكبيد طالبان خسائر جسيمة في افرادها وتشتيت قيادتها بشكل ملحوظ، حيث باتت عملياتها العسكرية تتباين في اعدادها ونوعياتها ما بين جزر ومد.

بث الخوف

فقد قال محللون عسكريون أفغان وامريكيون ان حملة حركة طالبان والمجموعات المسلحة في أفغانستان تستخدم وجهاً جديداً ومرعباً إذ ان المسلحين يستخدمون الانتحاريين الذين يتسببون بأكبر عدد من الضحايا ويخططون لحملة اغتيالات أيضاً.

ونقلت صحيفة 'نيويورك تايمز' عن المحللين قولهم ان رهان المسلحين هو على ان الخوف سيولد الغضب وسيفقد الأفغان أي إيمان لديهم بالقوات الحكومة الأفغانية ويعودون بالتالي إلى 'طالبان'.

وقال الجنرال جاك كي، الذي تقاعد من الجيش الامريكي في العام 2003 وهو حالياً أحد مستشاري قائد الناتو في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس، 'لا بد من التساؤل حالياً، إن كنت في طالبان ماذا كنت ستفعل؟'.

ورأى انه نظراً لاحتشاد قوات 'الناتو' في الجنوب، يبدو ان الجواب هو مهاجمة المدنيين وخلق حالة من عدم الاستقرار في مسعى لإعادة تعزيز الامتعاض من القوات الأجنبية والشكوك بالرئيس الأفغاني حامد كرزاي.

ولفتت الصحيفة إلى انه خلال أقل من 4 أسابيع، قتل 116 أفغانياً في 7 تفجيرات انتحارية، مشيرة إلى ان هذا تغيير واضح عن التفجيرات الانتحارية قبل 6 أشهر فقط يوم كان عدد الضحايا أقل.

واعتبرت ان التكتيكات الجديدة تسلط الضوء على تحدي حركة التمرد المتأقلمة التي لديها خزان من المقاتلين المحتملين وغالبيتهم من المناطق القبلية الباكستانية.

وقال بعض المحللين ان كرزاي خلط المشكلة من خلال الإصرار على انه لا يجب توجيه اللوم إلى طالبان في العنف فهم 'أخوة غاضبون' وليسوا أعداء قاتلين. بحسب يونايتد برس.

ورأت 'نيويورك تايمز' ان الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة تكمن خلف الاعتداءات الأخيرة، وان كلا من باكستان وإيران تدعم طالبان وتظهر خصومتها للولايات المتحدة على الأراضي الأفغانية.

ونقلت عن حسيب هميون مدير شركة استشارات أفغانية قوله انه 'لا بد من رؤية هذه الاعتداءات في إطار استراتيجي أوسع'.

وأضاف هميون ان 'القوات الدولية وحكومتنا مشتتة الانتباه، وحكومتنا لا تركز بما يكفي على حشد الناس ضد القوى (المجاورة) والائتلاف العسكري الدولي لم يركز بما يكفي على باكستان'.

وإذ لفتت إلى ان القادة الامريكيين يقللون من أهمية الاعتداءات في إطار القتال بشكل عام في أفغانستان، لفتت إلى ان المسؤولين الأمنيين الأفغان يرون فيها تطوراً مزعجاً.

وقال مسؤول أمني أفغاني سابق 'لن تتأثر زيادة العمليات الامريكية بذلك مباشرة وإنما يمكن أن تشغل الاعتداءات الانتحارية القادة الأمنيين الأفغان وتقلص من قدرتهم على المساهمة في القتال بالجنوب'.

ونقلت 'نيويورك تايمز' عن الأدميرال غريغوري سميث قائد العلاقات الإستراتيجية في الناتو قوله ان الامريكيين لم يتوقعوا هذه الوتيرة من التفجيرات الانتحارية لكنهم كانوا يستعدون لمحاولات اغتيال مسؤولين.

وأضاف سميث 'نأخذ الأمر على محمل الجد وطلبنا من موفد تحديد الخسائر المدنية، ونحن ننزعج عندما نفقد مدنياً واحداً'. لكنه أشار إلى ان الاعتداءات على المدنيين تشهد ازدياداً، وان التفجيرات الانتحارية أكثر تعقيداً.

وقال مسؤول عسكري امريكي كبير ان 'التفجيرات الانتحارية مطلوبة وتحظى بتمويل من شبكة حقاني ولكن جماعة عسكر طيبة والقاعدة تسهل تنفيذها'. وأوضح ان 'القاعدة' و'عسكر طيبة' تؤمن الانتحاريين والمواد المتفجرة مقابل المال، وحقاني تختار الأهداف.

واعتبرت الصحيفة ان الوضع في أفغانستان شبيه بما كان عليه في العراق في الـ2005، واستغرق الأمر 4 سنوات لوقف العنف، مضيفة ان زيادة التفجيرات الانتحارية تهدد بتقويض الفائدة النفسية التي تأتت عن تعزيز قوة القوات الامريكية في جنوب أفغانستان.

خلاف مع قادة الصف الأول

فيما أقر قادة من الصف الثاني في حركة 'طالبان' بوجود خلاف مع كبار القادة من الصف الأول، بعدما تحمل الأقل مسؤولية وزر القتال وباتوا يترددون في العودة إلى مناطق المعارك.

وأجرت صحيفة 'نيويورك تايمز' الامريكية مقابلات مع قادة 'طالبان' من الصف الثاني قالوا فيها ان المعاناة من الهزائم في جنوب أفغانستان تدفع الكثير من مقاتلي الحركة إلى عبور الحدود باتجاه باكستان.

وأضافوا ان المقاتلين يتعرضون لضغوط من قادتهم للعودة إلى أفغانستان والقتال من جديد لكن الكثيرين يترددون في ذلك، أقله الآن.

وقال أحد قادة طلبان من الصف الثاني طلب عدم الكشف عن هويته لأنه يختبئ من القوات الامريكية والأفغانية 'تحدثت إلى بعض القادة، وهو يترددون في القتال'.

وأضاف 'من المؤكد ان ثمة خلافا بين القادة الميانيين وكبار القادة على خلفية المطالب بالتوجه للقتال'. واعتبرت الصحيفة ان هذه الاختلافات لا تشير فقط إلى تزايد الضغوط في ساحة المعارك على القادة من الصف الثاني مثله، وإنما أيضاً إلى صعوبة إنهاء حركة التمرد طالما ان كبار قادة 'طالبان' يتخذون من باكستان ملاذاً لهم.

وقال القائد من الصف الثاني ان زملاءه لا يجدون أي خيار سوى الامتثال لطلب كبار القادة منهم الاستمرار في حركة التمرد وإن كانوا مترددين في ذلك. ولفت إلى انه لا يستطيع البقاء في مكان واحد لأكثر من يوم واحد، مشيراً إلى ان قوات طالبان تلقت صفعات في القتال أخيراً والبعض باتوا يخافون.

وأضاف 'مقارنة مع سنتين ماضيتين يوم كان الناس يرغبون في القتال، يمكن القول ان هذا المزاج تراجع فقد تعبنا من القتال ونقول لأنفسنا هذا الأمر ولكننا تعهدنا بعدم ترك البلاد في أيدي الأجانب'. بحسب يونايتد برس.

وتابع ان قادة طالبان يناقشون حتى خيار محادثات السلام، لكنهم يقولون انهم لن يتفاوضوا مع الحكومة الأفغانية بعد رحيل القوات الأجنبية. وأشار إلى ان للملا عمر أحد كبار قادة طالبان تأثيراً كبيراً على المقاتلين، و'نحن نطيع أوامره وكل واحد من طالبان يفعل ذلك، ونحن نؤمن به'. ورغم اعترافه بالانتكاسات، إلا ان القائد المذكور أكد ان ضحايا طالبان أقل مما تزعم قوات 'الناتو'.

وقال ان قواته تنتظر الربيع ليتحسن الطقس وتنمو أوراق الأشجار لشن عمليات. وشدد على ان طالبان ستعود إلى أرضها 'فهذا بلدنا وهؤلاء شعبنا وعلينا أن ننسحب فقط وننتظر ونستخدم تكتيكاتنا'.

ونقلت 'نيويورك تايمز' عن أحد أقرب مؤيدي طالبان في هلمند قوله ان المسلحين خسروا في العام الماضي 500 مقاتل بينهم قادة معروفون والذين نجوا احتجوا لدى القيادة في باكستان وتساءلوا لماذا عليهم التضحية بهذا العدد من الرجال؟

وقال مسؤول استخباراتي في الناتو انه تلقى تقريراً عن حصول عراك بالسكاكين بين قيادة طالبان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهذا دليل على تنامي التوتر الداخلي.

كما حث المسؤول عن انقسامات في طالبان حول تفجير انتحاري نفذ في زفاف في قندهار في العام الماضي تم تنظيمه من قبل قائد ميداني أصولي من دون موافقة القيادة.

كما نقلت عن مسؤولين عسكريين أمريكيين قولهم انه خلال القتال في فصل الخريف الماضي، وجد قادة طالبان أنفسهم أحياناً من دون استجابة لطلباتهم للمساعدة.

ليست حليفة القاعدة 

على صعيد متصل نقلت صحيفة نيويورك تايمز ايضا عن استاذين جامعيين اميركيين قولهما انه كان ينظر الى مقاتلي حركة طالبان بشكل خاطئ على انهم حلفاء عقائديين للقاعدة، واشارا الى امكانية اقناعهم بالتخلي عن دعم هذا التنظيم الاسلامي.

ولفت هذان الاستاذان الجامعيان في تقرير نشرته الصحيفة الاثنين بعنوان "فصل طالبان عن القاعدة: اساس النجاح في افغانستان"، الى تباينات عدة بين قادة كل من طالبان والقاعدة بدأت منذ ما قبل اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، وقد ازدادت حدتها منذ ذلك التاريخ.

وقد عمل معدا التقرير وهما اليكس ستريك فان لينشوتن وفيليكس كوين من جامعة نيويورك، في افغانستان على مدى سنوات. ويؤكد هذان الاستاذان الجامعيان ان تكثيف العمليات العسكرية ضد طالبان قد يزيد من صعوبة التوصل الى اتفاق مع الحركة.

ويضيف التقرير ان الهجمات ضد قادة طالبان تترجم عبر وصول مقاتلين جددا اصغر سنا واكثر تشددا الى راس الحركة، ما يسمح للقاعدة بزيادة نفوذها.

ويقترح على الولايات المتحدة البدء بحوار مع عناصر طالبان الاكبر سنا قبل ان يفقد هؤلاء سيطرتهم على الحركة.

ولا يبدي معدا التقرير اعتراضا على الحرب التي يشنها الحلف الاطلسي، الا انهما يريان وجوب اجراء مفاوضات بموازاة المعارك. وكتب الاستاذان الجامعيان ان اتفاقا سياسيا امر ضروري كي لا تتصاعد حدة النزاع. بحسب فرانس برس.

ومن المقرر ان تبدأ القوات الدولية التي يقودها الحلف الاطلسي بنقل المسؤولية القتالية الى القوات الافغانية في موعد غير محدد هذا الربيع، في عملية من المفترض ان تنتهي العام 2014 مع تولي القوات الافغانية كامل المسؤوليات الامنية على مجمل اراضي البلاد.

ويهدف الحلف الاطلسي الى المساعدة على بناء جيش وشرطة افغانيين قويين تضمان 306 الاف عنصر بحلول نهاية العام 2011، في سبيل تسهيل نقل الصلاحيات التي يمارسها حاليا نحو 140 الف جندي من قوات الاطلسي.

وجاء في التقرير الذي نشرته جامعة نيويورك ان السياسة الامريكية رغم ذلك التي تنطوي على محاولات لتفتيت طالبان "تخلق بشكل غافل فرصا للقاعدة لتحقيق اهدافها."

وقال التقرير ان العلاقة بين طالبان والقاعدة توترت قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة عام 2001 نظرا لوجود خلافات كبيرة في العقائد.

وخرجت القاعدة من رداء التشدد الاسلامي في الشرق الاوسط خاصة مصر وحين شارك أعضاؤها في القتال ضد السوفيت في أفغانستان بلورت لنفسها مفهوما عن الجهاد العالمي.

بينما نشأ قادة طالبان في مناطق الريف في جنوب أفغانستان بمعزل عن الاحداث العالمية. وكان عدد كبير منهم صغيرا في السن جدا ليلعب دورا كبيرا في الجهاد الافغاني ولم تكن لهم علاقات وثيقة بالقاعدة الى ان جاءوا الى السلطة عام 1996 .

وجاء في التقرير "العلاقة بين القاعدة وطالبان في النصف الثاني من التسعينات معقدة وشابها التوتر في احيان كثيرة. كان الاثنان لا يعرفات الكثير عن بعضهما البعض."

وقال الباحثان ان زعماء طالبان لم يعرفوا مسبقا بهجمات سبتمبر. وذكرا ان اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة استغل قيادة طالبان لافتقارها للخبرة الدولية وانها وجدت نفسها بعد ذلك مضطرة الى القيام برد فعل.

وأخطأت قيادة طالبان على الارجح في حساب رد الفعل الامريكي للهجمات التي وقعت في واشنطن ونيويورك وطلبت أدلة على تورط ابن لادن حتى تستطيع ان تقرر تسليمه الى دولة اسلامية اخرى لمحاكمته.

وقال الباحثان اللذان ينشران كتابا عن طالبان والقاعدة في ابريل نيسان ان قطع الروابط بين الجماعتين وهو شرط رئيسي لواشنطن للتوصل الى تسوية عبر التفاوض لانهاء الحرب الافغانية ليس عقبة كبيرة كما كان متصورا من قبل.

وجاء في التقرير "تزعم طالبان انها لا تستطيع ان تعلن عن خلافاتها مع المتشددين الاجانب حاليا لانها مرتبطة بزواج مصالح."

لكنها في الوقت نفسه أكدت انها لن تسمح باستخدام أفغانستان كقاعدة للارهاب وتشعر بأهمية طمأنة المجتمع الدولي على ذلك.

ولم يتحدث التقرير عن كيف يمكن لطالبان ان تقطع روابطها مع القاعدة او الى اين يذهب التنظيم اذا اجبر على الخروج من ملاذاته الامنة على الحدود الافغانية الباكستانية.

ولمح التقرير الى ان طالبان قد تكون في نهاية المطاف مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة في محاربة الارهاب الدولي وان كان موقفها الان ملتزم بعدم التفاوض الى ان ترحل القوات الاجنبية عن أفغانستان.

وقال التقرير ان السياسة الامريكية التي تستهدف قادة من مستويات متوسطة واعتقال كبار الزعماء في باكستان يضر بالقيادات الكبيرة في السن ويمهد الطريق لجيل من القيادات الاصغر الاكثر انفتاحا على القاعدة.

ميلشيا باكستانية

من جهته قال زعيم ميليشيا قبلية في شمال غرب باكستان انه مصمم على محاربة محاولات طالبان السيطرة على المنطقة ولن يردعه تفجير انتحاري في اليوم السابق.

وشن مهاجمان انتحاريان هجوما على مجمع يضم مكتب مسؤول حكومي كبير في منطقة مهمند يوم الاثنين أثناء اجتماع حول سبل دعم الميليشيا التي تعرف باسم العسكر. وسقط 40 قتيلا على الاقل وأصيب 60 شخصا بجروح.

وقال ديلاور ادي زاي "لن نلقي أسلحتنا.. لن نسمح لطالبان بأن تستعيد السيطرة على أرضنا.. سنحاربهم."

والميليشيا التي يتزعمها ادي زاي وتضم نحو 1200 مقاتل هي احدى الميليشيات التي تشكلت لمساعدة الحكومة على محاربة المتشددين. وينتقد ادي زاي حجم الدعم الحكومي للميليشيا التي يتزعمها.

وقال "الحكومة لا تدفع حتى ثمن الرصاص الذي نطلقه. انه لامر محزن. المتشددون أفضل حالا من رجالي لانهم يحصلون على الاسلحة والذخائر مجانا وتحصل عائلاتهم على تعويض اذا قتلوا."

وتحتاج باكستان التي تشكو من نقص في الاموال الى كل المساعدة التي تستطيع الحصول عليها في الحرب ضد المتشددين المرتبطين بالقاعدة المصممين على زعزعة استقرار الحكومة الباكستانية المدعومة من الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وتشجع السلطات الباكستانية رجال قبائل البشتون على الحدود الافغانية على احياء ميليشيات تقليدية للتصدي للتشدد الاسلامي المتصاعد.

وبموجب تقليد عمره قرون شكلت قبائل البشتون ميليشيات في المناطق التي تتمتع بحكم شبه ذاتي لمحاربة العصابات الاجرامية وفرض أعرافهم القبلية. وردت طالبان باغتيال شيوخ القبائل ورجال الميليشيات وشن تفجيرات انتحارية.

وقال عصام الدين محسود وهو أحد شيوخ القبائل في وزيرستان الجنوبية الذي قاوم جهود الحكومة لتشكيل ميليشيا "طالبان الباكستانية قوية للغاية ونحن لسنا أقوياء. لا وجه للمقارنة. رأيتم ما فعلوه مع هؤلاء الذين تحدوا طالبان."

والمخاطر كبيرة. وتوجد قواعد ومخابئ في المناطق القبلية في شمال غرب باكستان لبعض الجماعات المتشددة الاكثر خطورة في العالم. وتعتقد الولايات المتحدة أنه لا يمكن كسب الحرب ضد التشدد اذا لم تقض باكستان على هذه الجماعات.

وقال مسؤول عسكري كبير في شمال غرب البلاد "لا يمكنك السيطرة على منطقة شاسعة كتلك لفترة طويلة بالجنود وحدهم ويتعين عليك دفع السكان لتحمل مسؤولية تأمين قراهم وبلداتهم."

وأضاف "يعرف رجال القبائل أن حياتهم مهددة وأن المتشددين سيواصلون الهجوم عليهم لكن يتعين عليهم أن يقاتلوا دفاعا عن بقائهم."

حظر أنشطة طالبان الباكستانية

الى ذلك قالت بريطانيا ان الحكومة تحركت لحظر حركة طالبان الباكستانية باعتبارها جماعة ارهابية بجعل الانتماء الى هذه المنظمة أو جمع أموال لها في بريطانيا أمرا غير قانوني.

وجماعة طالبان الباكستانية هي الجماعة الاكثر تأثرا بتنظيم القاعدة وهي الحليف الرئيسي المتمركز في شمال غرب باكستان وتركز على مهاجمة الدولة الباكستانية التي تعتبرها غير شرعية.

وقدمت تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية أمرا تنفيذيا يحتاج الى موافقة تشريعية الى البرلمان وستجري مناقشته سيحظر الامر التنفيذي طالبان الباكستانية بموجب قانون الارهاب البريطاني.

وقالت ماي في بيان "التجريم قاس ولكنه سلطة ضرورية للتعامل مع الارهاب وهو مسار للعمل نأخذه مأخذ الجد." وتقول في البيان انها تعتقد أن جماعة طالبان الباكستانية "متورطة في الارهاب."

وتابعت قائلة "التجريم يعني أن عضوية طالبان الباكستانية ستصبح جريمة جنائية وان التنظيم لن يكون قادرا على الحركة بشكل قانوني في بريطانيا بما في ذلك جمع الاموال." وهددت الجماعة في العام الماضي بشن هجمات ضد الولايات المتحدة وأوروبا.

وأعلنت الجماعة أيضا مسؤوليتها عن هجوم في يوليو تموز الماضي عن هجوم في مهمند وهي منطقة للبشتون في على حدود باكستان الشمالية الغربية مع أفغانستان سقط في 102 قتيل و80 مصابا على الاقل.

وفي أكتوبر تشرين الماضي قال مسؤول مخابرات باكستاني ان بريطانيا قتل في هجوم بطائرة أمريكية بلا طيار في باكستان له صلة بأمريكي مولود في باكستان حاول تفجير سيارة ملغومة في ساحة تايمز سكوير المزدحمة في نيويورك في مايو أيار الماضي.

وقال مسؤول المخابرات الذي رفض الكشف عن هويته لرويترز ان البريطاني ويدعى عبد الجبار كان أيضا بصدد انشاء فرع لطالبان في بريطانيا.

وهناك 46 جماعة تعتبرها بريطانيا تنظيمات ارهابية دولية محظورة بموجب قانون الارهاب لعام 2000 .

تدمير تمثالي باميان

من جانب آخر بعد عشرة اعوام على تدميرهما بايدي حركة طالبان، لم يجر ترميم تمثالي باميان ربما لان الحرب ما زالت مستعرة او لعدم وجود اتفاق بين حكومة كابول وشركائها الدوليين حول ترميم هذه الاثار التي تعد الاهم في تاريخ افغانستان.

ففي اذار/مارس 2001، أمر القائد الاعلى لحركة طالبان الملا محمد عمر بتدمير تمثالين يبلغ طول أحدهما 38 مترا والثاني 55 مترا، لأنه رأى انهما يخالفان الاسلام.

واعتبرت هذه الخطوة تحديا للمجتمع الدولي الذي دعا الى حماية هذه الكنوز الاثرية التي تعود الى 1500 عام. بعد ذلك بعشر سنوات ما زال الامر على حاله، ولم يجر ترميم أي من التمثالين.

ومع ان اليونسكو ادرجت وادي باميان على قائمة التراث العالمي المهدد منذ 2003، الا انها لم تتوصل الى اتفاق مع الحكومة الافغانية بعد بهذا الشأن.

يقول فيليب ماركيز الذي يعمل في الدائرة الاثرية الفرنسية في افغانستان "كما هو الحال عموما في كل انحاء افغانستان، خيبة الامل اكبر من الرضى لأن الآمال حول اعادة الاعمار كانت كبيرة جدا فيما الحقيقة جاءت مختلفة".

فبعد عشر سنوات على تدمير التمثالين، عقدت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) الاجتماع التاسع للخبراء الدوليين حول هذه القضية.

واكد المجتمعون على التقدم في اعمال الترميم واستطلاع الاراء حول ما يمكن ان يكون عليه موقع باميان الاثري في المستقبل لا سيما تصور الحكومة الافغانية.

وجرى التشديد في اليونيسكو على ان "الكثير قد تم انجازه" في هذا الحقل الضخم الذي يتطلب عملا مضنيا يبدأ من خلال المحافظة على الموقع.

يقول رضا شريفي الذي يعمل مع اليونيسكو في كابول "جرى تنظيف المواقع من المتفجرات، وتثبيت بقايا التماثيل" بواسطة اعمدة معدنية يتراوح طولها بين خمسة امتار وعشرة، وبعض الاضافات الكيميائية. واوضح شريفي ان كلفة هذه الاعمال وصلت الى ما بين ثلاثة واربعة ملايين دولار.

الا ان اعادة ترميم تمثالي بوذا ما زال محل جدل فيما جرى جمع الاف القطع التي تناثرت بعد تفجير التمثالين، وجرى وتخزينها في مستودعات.

فالحكومة الافغانية تطالب بترميم جزئي على الاقل يتيح احياء هذا المكان الاثري الواقع على طريق الحرير والذي كان من اكثر الاماكن ازدهارا في البلاد قبل الغزو السوفياتي في الثمانينات.

وتقع باميان في منطقة جبلية على بعد حوالى مئتي كيلومتر عن العاصمة كابول، وهي تتميز عن سائر مناطق البلاد بأنها بمنأى عن اعمال العنف.

ويرى محمد اكبري المنتخب عن منطقة باميان ان تمثالي بوذا هما الوسيلة الوحيدة للخروج من الفقر حاليا. ويقول "الناس يريدون ان يعاد بناء التمثالين لان أي مشروع لتنمية الوادي يتصل بهما".

ويقول تيمور حكيميار مدير منظمة غير حكومية في كابول "يجب اعادة بناء التمثالين حتى باستخدام قطع جديدة اذا اقتضى الامر، ذلك سيجذب الناس مجددا".

غير ان اليونسكو ما زالت حتى الان متحفظة على بناء اي تمثال، اذ يخشى خبراؤها من ان تتحول الى مكان اشبه "بمدينة ديزني".

ويرى عدد من العلماء ان باميان تحتوي على الكثير من الثروات من قلاع ولوحات وكهوف، منها ما اكتشف فعلا ومنها ما لم يكتشف بعد وانه قد يكون من الافضل التريث قبل الشروع في بناء التمثالين مع ما يحمله من مخاطر وتكاليف.

وترى حاكمة ولاية باميان حبيبة سورابي انه "لا بد من التوصل الى تسوية في النهاية وهذا يتطلب بعض الوقت". وهي تطالب باعادة بناء واحد من التمثالين فقط.

في الآونة الاخيرة، قال الباحث الالماني ارفين امرلينغ ان اعادة بناء التمثال الصغير أمر ممكن لكنه معقد وباهظ التكاليف. الا ان عددا من الباحثين يشككون في ذلك.

يقول حكيميار "من المؤسف انه لم يجر التوصل الى رأي موحد حول مستقبل هذا الموقع بعد مرور عقد من السنوات". لكنه يضيف "نعلم جيدا ان البلاد تعاني من اضطرابات أمنية وأن الثقافة لا تشكل اولوية الآن".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/آذار/2011 - 4/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م