الانتفاضة اليمنية: صالح مات سياسيا ولا يزال يماطل

 

شبكة النبأ: على غرار تشبث الرئيس الليبي معمر القذافي، يقوم الرئيس اليمني علي عبد صالح بالمماطلة والمراوغة وقمع المتظاهرين للبقاء في السلطة التي رفض التخلي عنها علانية وحتى اشعار اخر.

ويرى العديد من المحللين ان صالح بات رئيس ميت سياسيا، وبحكم المخلوع بالرغم من مماطلته، وامسى حاله حالي الرؤساء العرب الذين خلعوا قبله.

فيما صالح انه وعلى الرغم من اتساع مساحة الجماهير اليمنية المطالبة بتنحيته، يرى انه رئيس شرعي للبلاد حتى فترة ولايته القادمة، سيما انه يتربع على عرش السلطة منذ ما يوازي الثلاثين عاما.

من جانب آخر يرى سكان جنوب اليمن ان ما يدور من اضطرابات على المشهد السياسي الداخلي يساعد بطريقة واخرى على نيل حلم الانفصال الذي يطالبون به منذ سنوات عديدة.

البقاء في  السلطة

فقد أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مجددا انه سيبقي في منصبه حتى نهاية ولايته في 2013 رافضا خطة المعارضة لتنحيه هذا العام.

وقال مصدر مسؤول من مكتب رئاسة الجمهورية في بيان "ان الانتقال السلمي والسلس للسلطة لا يتم عبر الفوضى وانما عبر الاحتكام لارادة الشعب المعبر عنها من خلال الانتخابات."

وقالت المعارضة ان صالح متمسك بخطة سابقة للتنحي في عام 2013. ولكنه وافق على خطة اصلاحية اقترحها رجال دين لتعديل قوانين الانتخابات والتمثيل البرلماني والنظام القضائي.

وصالح حليف قوي للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا له. ويكافح صالح لتعزيز هدنة هشة مع المتمردين الشيعة في شمال البلاد ولاخماد تمرد انفصالي في الجنوب.

وتجري الاحتجاجات في ارجاء اليمن الذي يقطنه 23 مليون نسمة وهو متاخم للسعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

ويقول المحتجون انهم ضاقوا ذرعا بالفساد المتفشي وارتفاع معدل البطالة في بلد يعيش 40 بالمئة من سكانه على دولارين أو أقل في اليوم ويواجه الثلث منهم جوعا مزمنا.

وقال شهود ان طالبين اعتقلا في بلدة المكلا بمحافظة حضرموت بشرق البلاد بعد أن اطلقت الشرطة أعيرة في الهواء لتفريق عدة الاف من المتظاهرين.

من جهة اخرى قالت مصادر مقربة من حاشد عبد الله الاحمر نائب وزير الشباب والرياضة انه استقال من الحزب الحاكم احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين المناوئين للحكومة. بحسب رويترز.

وتأتي استقالته بعد يوم من استقالة على احمد العمراني وهو حليف للرئيس صالح يتمتع بالنفوذ من محافظة البيضاء. وجاءت استقالة العمراني بعد اسبوع من استقالة تسعة اعضاء بالبرلمان من حزب المؤتمر الشعبي العام.

وفي وقت سابق قال شهود ان ثلاثة محتجين اصيبوا حين اطلقت قوات الامن اليمنية النار في الهواء واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين اعتصموا في مدينة عدن الجنوبية.

وقال الشهود انه جرى تفريق المحتجين الذين تجمعوا في ميدان بحي الشيخ عثمان عقب صلاة الجمعة.

وقال مراسل ان ما يقدر باكثر من 100 ألف شخص احتشدوا في واحدة من أكبر المظاهرات ضد الحكومة في صنعاء وان اعدادا مماثلة تظاهرت في تعز جنوبي صنعاء.

وخرج أكثر من 20 ألف متظاهر الى شوارع عدن كما تظاهر عشرات الالاف في اب جنوبي صنعاء. واتهم المتمردون الشيعة في الشمال الجيش اليمني باطلاق صواريخ على مظاهرة في حرف سفيان التي تجمع فيها الالاف مما أسفر عن مقتل شخصين واصابة 13 اخرين.

مقتل ستة عسكريين

في سياق متصل اكد قيادي في المعارضة اليمنية انتهاء الحوار غير المباشر مع السلطة عبر علماء الدين من دون نتيجة، مشيرا الى ان لا خيار امام المعارضة الآن سوى الشارع حتى تنحي الرئيس علي عبدالله صالح.

وفي المقابل، سجل تطور امني ميداني تمثل بثلاث هجمات دامية تحمل بصمات القاعدة استهدفت القوات الامنية في جنوب وشرق البلاد واسفرت عن مقتل عقيدين واربعة جنود.

واعلن القيادي في المعارضة المنضوية تحت لواء اللقاء المشترك محمد الصبري "نهاية مرحلة من الحوار غير المباشر عبر العلماء".

وقال الصبري "ما اعلن عنه باسم مصدر في الرئاسة يؤكد بان الرئيس اصبح ميتا سياسيا وان خيارنا الوحيد هو الشارع".

واضاف "وجهنا دعوة لكل الشعب لتوسيع دائرة الاعتصامات والتظاهرات وتصعيد النضال السلمي في الشارع في كل المناطق حتى لا يبقى امامه (صالح) الا خيار واحد، الرحيل".

وكان علماء برئاسة رئيس هيئة علماء اليمني عبدالمجيد الزنداني بوساطة بين المعارضة والرئيس للتوصل الى صيغة سلمية لانتقال السلطة في اليمن، وقد اقترحت المعارضة من خلال الوساطة انتقالا سلميا للسلطة قبل نهاية السنة.

ورفض الرئيس اليمني هذا المطلب معتبرا انه يمثل "عملية انقلابية على الشرعية"، بحسب وكالة الانباء اليمنية.

ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول في الرئاسة قوله ان المقترحات التي قدمتها المعارضة الى العلماء يشوبها "الغموض " و"الالتباس".

وقال المصدر ان الرئيس يرفض خصوصا بندا ينص على "وضع برنامج زمني (...) لا يتعدى نهاية هذا العام" لانتقال السلطة على ان يعلن الرئيس ذلك للشعب الذي له ان يرفض او يوافق".

وقال المصدر ان "تلك التفسيرات المتعسفة تمثل عملية انقلابية مكشوفة على الديموقراطية والشرعية الدستورية" محذرا من ان اي "محاولة للخروج عن الدستور (...) تنطوي على مجازفة خطيرة تهدد امن وسلامة الوطن".

وجدد المصدر المسؤول التأكيد على "عدم ترشيح الرئيس نفسه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2013 وعدم التوريث".

وعلى صعيد آخر، قتل اربعة جنود من الحرس الجمهوري اليمني في مأرب شرق صنعاء برصاص مجهولين يعتقد انهم من تنظيم القاعدة فيما قتل عقيد في ابين (جنوب) برصاص مسلحين كانا يركبان دراجة نارية، بحسب فرانس برس.

وقامت القوات اليمنية بحملة عسكرية مستخدمة المروحيات والمركبات العسكرية لتعقب عناصر التنظيم في مارب حسبما افاد مصدر امني.

واكد المصدر المحلي ان "اربعة جنود من الحرس الجمهوري قتلوا على يد مسلحين مجهولين يعتقد انهم من القاعدة". واشار المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان الهجوم "استهدف سيارة تغذية تابعة للحرس الجمهوري وكان على متنها اربعة جنود قتلوا جميعا.

وذكر المصدر ان الهجوم "يشبه هجمات سابقة نفذتها القاعدة" ووقع في منطقة قريبة من وسط مدينة مأرب حيث المركز الاداري للمحافظة، ومن وادي عبيدة الذي يعد معقلا للتنظيم على حد قوله. من جانبه، قال مصدر امني ان حملة عسكرية اطلقت على الفور لتعقب منفذي الهجوم.

وذكر المصدر ان "مروحية قامت بضرب مركبتين للقاعدة خلف منطقة عروق ال شبوان شرق مارب" في وادي عبيدة، دون ان يتضح ما اذا كان ذلك اسفر عن اصابات في صفوف المسلحين. واشار المصدر الى انه تم تحريك قوات من الحرس الجمهوري لتعقب عناصر التنظيم في المنطقة.

الى ذلك، اعلن مسؤول امني ان عقيدا في المخابرات يدعى عبدالحميد الشرعبي "قتل على يد عنصرين من القاعدة" في زنجبار عاصمة محافظة ابين الجنوبية.

قال المسؤول ن الشرعبي "كان يمر في السوق العام للتسوق، وهاجمه شخصان على دراجة نارية واطلق احدهما النار عليه فقتل على الفور فيما لاذا بالفرار".

وفي سيناريو مماثل تماما، قتل العقيد شايف الشعيبي برصاص مسلحين يعتقد انهما من القاعدة في مدينة سيؤون بحضرموت (شرق) حسبما افاد مصدر امني لوكالة فرانس برس.

وقال شهود عيان ان مسلحين على دراجة نارية اطلقا النار على العقيد بينما كان يزور مطعما شعبيا واصيب في الراس وتوفي على الفور، اما المهاجمان فقد لاذا بالفرار.

وفي اب على بعد 200 كلم جنوب صنعاء، هاجم انصار للنظام اليمني متظاهرين في مدينة اب جنوب اليمن ما ادى الى جرح 61 شخصا خصوصا بسكاكين وحجارة وهراوات، على ما اعلن ناشط معارض.

واوضح عبد الكريم محمد علي وهو احد منظمي التحركات الاحتجاجية في اب ان مئات الاشخاص المؤيدين للمؤتمر الشعبي العام هاجموا متظاهرين متجمعين للمشاركة في مسيرة في ساحة المدينة.

وقال ان 61 شخصا جرحوا من بينهم شخصان اصيبا بالرصاص وثلاثة في حال الخطر بعد اصابتهم بادوات حادة.

واشار علي الذي تم الاتصال به عبر الهاتف الى ان انصار النظام هاجموا المتظاهرين بالحجارة والهراوات والسكاكين من دون ان تتدخل القوى الامنية المنتشرة في المكان.

وهذا التدهور الامني حذا بالحكومة الاميركية الاحد الى الطلب من رعاياها عدم التوجه الى اليمن ومن الموجودين هناك مغادرتها.

واوضحت الحكومة في مذكرة ان "وزارة الخارجية تحث الاميركيين على عدم التوجه الى اليمن"، سامحة للموظفين غير الاساسيين في السفارة الاميركية بمغادرة هذا البلد.

وكانت لندن نصحت رعاياها بعدم التوجه الى اليمن الذي يشهد "اعمال عنف متصاعدة" ودعت البريطانيين الموجودين في اليمن الى المغادرة اذا ما كان وجودهم غير ضروري.

وحذت اوتاوا حذو بريطانيا الاحد، مذكرة بان الاجانب يواجهة مستوى خطر "مرتفع جدا" بسبب تظاهرات مناهضة للحكومة، كما دعت الكنديين الى المغادرة طالما ان الامر لا يزال ممكنا.

صالح يقيل 4 محافظين

من جهته أصدر الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، قراراً بإقالة أربعة محافظين، فيما جدد هجومه على الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، واتهم كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بالوقوف وراء ما أسماه "مخطط أجنبي"، لإثارة الفوضى في الدول العربية.

وقرر الرئيس اليمني تعيين كل من عدنان عمر محمد الجفري، والذي كان يشغل منصب محافظ "عدن"، وسالم أحمد الخنبشي، محافظ "حضرموت" السابق، وأحمد سالم الجبلي، محافظ "الحديدة" السابق، كأعضاء في مجلس الشورى، بينما قرر تعيين محافظ "لحج" السابق، محسن علي ناجي النقيب، نائباً لوزير الصناعة والتجارة.

وكان الرئيس اليمني قد أبدى استعداده للرحيل عن مقاليد الحكم في البلاد، مشدداً على أن يجري ذلك "عن طريق انتقال سلس للسلطة وليس عبر الفوضى"، فقد اتهم "البيت الأبيض" بالضلوع في ما يجري من أحداث في البلاد العربية، من خلال تشكيل "طوق أو سياج لأمن واستقرار إسرائيل، ولخدمة الصهيونية."

وأضاف صالح، في كلمة متلفزة الثلاثاء، أن تل أبيب تحتوي على "غرفة عمليات زعزعة النظام العربي"، وهي تدار من البيت الأبيض، مشيراً إلى أن المحتجين في هذه البلاد "ليسوا إلا منفذين فقط، ويريدون جرنا إلى استخدام العنف أو إلى حرب، لكننا لن ننجر إلى هذا المخطط."

وسخر الرئيس اليمني من نظيره الأمريكي باراك أوباما، وقال بطريقة انفعالية: "نحن نسمع تصريحات (أوباما) حول كثير من القضايا في الوطن العربي"، وقال بلهجة محلية: "شو دخلك بمصر وعُمان والبحرين؟.. أنت رئيس الولايات المتحدة ولا رئيس العالم العربي."

لكن صالح، تعهد في السياق نفسه، خلال لقاء مع أساتذة وطلاب بكلية الطب في جامعة صنعاء الثلاثاء، بحماية أمن وسلامة المتظاهرين، مجدداً الدعوة إلى المعارضة اليمنية باستئناف الحوار، مضيفا: "لا حل إلا بالحوار وبصندوق الاقتراع."

ووصف ما يحدث من احتجاجات شعبية في موريتانيا وسلطنة عُمان وحتى فلسطين بـ"المقلدين"، في إشارة إلى شعوب البلدين، معتبراً أن هذه عبارة عن "عاصفة لرياح التغيير"، إلا أنه أضاف: "لكن التغيير يأتي بطرق سلمية وديمقراطية ومن داخل الشعوب، وينبغي ألا نكون أسرى لدول أجنبية."

وفي الأثناء، تتواصل الاعتصامات في اليمن، ففي الساحة التي أغلق منافذها الفرعية سكان الأحياء المجاورة، واصل آلاف  المحتجين اعتصامهم  للأسبوع الثالث على التوالي، وتواجدت النساء والأطفال اليوم لساعات لمساندة المحتجين في ظل تفتيش من قبل قوات الأمن المنتشرين في المداخل المؤدية إلى الساحة التي تتعالى فيها الشعارات المطالبة برحيل صالح.

وبحسب شهود عيان حاول محتجون تعليق شعارات إضافية وفتح ميكرفونات على باب الجامعة الخلفي (غرب الجامعة)، وهو مدخل لسكن أساتذة الجامعة، إلا أن  قوات من الشرطة قامت بتفريقهم. بحسب السي ان ان.

على الجانب الآخر، رفع المؤيدون للرئيس صالح والمعتصمون في ميدان التحرير الخيام الخاصة بهم، وبدأت أمانة العاصمة برفع المخلفات في الميدان.

وكان المجلس المحلي بأمانة العاصمة اليمنية قد طالب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والمواطنين برفع المخيمات من ساحات "ميدان التحرير" وجامعة صنعاء والشوارع المحيطة بها، وعدم استخدام الساحات الأكاديمية والتعليمية لتصفية الحسابات الحزبية الضيقة.

أما في تعز، فقد واصل المئات اعتصامهم في ساحة الحرية.

وقد أسفرت موجة الاحتجاجات في المدن اليمنية عن مصرع 17 شخصاً وإصابة آخرين، فيما كشف وزير الداخلية اليمني، مطهر رشاد المصري، عن مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة وإصابة 10 آخرين، خلال الاحتجاجات التي شهدتها اليمن.

وجدد المصري تأكيده على وقوف الأجهزة الأمنية على الحياد من المظاهرات والمسيرات، سواء كانت مسيرات مؤيدة أو معارضة للرئيس علي عبد الله صالح.

لا توجد مؤامرة أجنبية

من جهة اخرى قالت الولايات المتحدة ان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يعرف جيدا انه لا وجود لمؤامرة أجنبية وراء الاضطرابات في بلاده مُضيفة انه يتعين عليه ان يستجيب لطموحات شعبه.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي.جيه. كراولي في رسالة عبر موقع تويتر "الاحتجاجات في اليمن ليست نتاج مؤامرات خارجية. الرئيس صالح يعرف ذلك جيدا. شعبه يستحق استجابة أفضل."

وزارت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون اليمن في يناير كانون الثاني وحثت صالح على تصعيد المعركة ضد جناح القاعدة في اليمن الذي يعتبره مسؤولون أمريكيون مصدر خطر متنام للامن. بحسب رويترز.

وتعهدت كلينتون بتوسيع علاقة الولايات المتحدة مع اليمن التي توترت بسبب رغبة واشنطن في اصلاحات اقتصادية وسياسية أسرع تعتقد انها يمكن أن تتسبب في ابطاء تجنيد متشددين.

ويشعر المحتجون في اليمن بالغضب من انتشار الفساد وارتفاع معدل البطالة حيث يعيش 40 بالمئة من تعداد السكان على أقل من دولارين في اليوم أو أقل ويواجه ثلث السكان مجاعة مزمنة.

انفصاليو الجنوب

فيما تأخذ الاحتجاجات في جنوب اليمن منحى مختلفا اذ تعزز امال الجنوبيين بأن الاستقلال المفقود منذ نحو عشرين عاما يمكن استعادته.

وفي مجالس القات التي يجتمع فيها الناس يوميا لمضغ أوراق النبات المنشط يتركز الحديث عن تراجع جنوب اليمن وفرص انفصاله من جديد عن الشمال الاكثر قبلية.

ويقول المستشار المالي ياسين مكاوي وهو يمضغ القات ويحتسي مشروبا حلوا ان الرئيس اليمني على عبد الله "صالح سيسقط مثل غيره من الاباطرة العرب. وستكون هذه خطوة حاسمة باتجاه استعادة الجنوب لاستقلاله."

وتصاعدت على مستوى البلاد الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكم صالح المستمر منذ 32 عاما وشهد الجنوب أغلب حالات الوفاة المعلنة وعددها 24 حالة. ورغم تصاعد الميول الانفصالية التزم المحتجون في عدن العاصمة السابقة للجنوب بشعارات يستخدمها الشماليون تطالب برحيل صالح.

ويقول الجنوبيون انهم شهدوا دخولهم تنخفض والمجتمع يزداد تشددا دينيا والفساد ينتشر وعدن تفقد بريقها اليساري الذي اكسبها وصف "كوبا الشرق الاوسط".

وبعد أربع سنوات من ابرام اتفاق وحدة هش مع الشمال عام 1990 اندلعت حرب أهلية خسرها الجنوب.

ويضيف مكاوي "حتى الماء كان طعمه أفضل. الوحدة كانت تجربة كارثية لم نكن نتصور قط أن اليمن الموحد يعني التمييز والهيمنة على أرضنا ومواردنا."

وعززت الانتفاضة الدامية في ليبيا والاستفتاء على انفصال جنوب السودان في يناير كانون الثاني الماضي الامال في الاستقلال.

وانسحبت قوات الامن وأغلبها من الشماليين من عدن في الايام القليلة الماضية. وتقيم وحدات الشرطة المعروفة باسم الامن المركزي حواجز طرق لكنها في الاغلب تسمح للناس بالمرور. غير أن حركة المرور محدودة. ومطاعم السمك الشهيرة لا تجد القدر المعتاد من الزبائن.

وفي عدن وهي ميناء عالمي تراجعت أهميته منذ استقلال جنوب اليمن عن الاستعمار البريطاني عام 1967 يقول السكان ان الحكومة التي يهيمن عليها الشماليون تقوض أسلوب حياتهم.

ويشيرون الى تقاليد مدنية وروح التسامح التي لم يبددها حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت تقوم على مباديء النظام السوفيتي في الجنوب.

ويقول المهندس محمد أمان "أذكر انني كنت ألعب كرة القدم مع مسيحيين ويهود في الشارع. ونقاب المرأة الذي ينتشر في عدن الان لم يكن معروفا لنا."

وأضاف "صالح ومجموعته لا يكفيهم أخذ ارضنا وحرماننا من صوت في الحكومة بل هم يحاولون محو هويتنا. الاغاني التي كنا نغنيها.. حتى المعمار. عدن كانت مبانيها باللون الابيض المائل للصفرة لتتمشى مع الطبيعة وليس فوضى الالوان التي جاءوا بها."

وقال تمام باشرحيل ردا على سؤال عما اذا كانت الوحدة ممكنة بدون دعم دولي -فالسعودية تمول صالح والولايات المتحدة تعتبره حليفا في حربها على تنظيم القاعدة- ان الرئيس فقد فائدته.

وأضاف باشرحيل ناشر صحيفة الايام التي حظرت قبل عامين "الغرب بدأ يفهم اللعبة. بدأوا يفهمون ان كلام صالح عن أنه حصن في مواجهة القاعدة والاضطرابات غير صحيح."

ووقعت أغلب أعمال العنف في عدن في حي المعلا التجاري الذي تزدهر فيه الاعمال نسبيا بالمقارنة مع نصيب الفرد من الدخل القومي في اليمن الذي يزيد قليلا على ألف دولار في السنة. وتقبع جبانة بريطانية كبيرة على امتداد الشارع الرئيسي وأخرى يهودية خلفها يخفيها جدار.

ومن المزارات الرئيسية في عدن حصن البصيرة الواقع على قمة صخور بركانية ويطل على بحر العرب لكنه لم يجتذب أي زوار منذ أن تصاعدت الاحتجاجات قبل اسبوعين.

وقال أحمد عبد الواحد حارس بوابة الحصن "الحصن تم تجديده العام الماضي ونستقبل نحو 15 سائحا غربيا أسبوعيا. الان لا احد يأتي. لم يكن من السهل حتى بالنسبة لي الحضور الى هنا."

لكن ليس كل الجنوبيين مؤيدين للاحتجاجات أو يحنون لماضي الجنوب المستقل بل يذكرون بدلا من ذلك الحكم السلطوي للحزب الاشتراكي ذي اليد القوية وتأميم الاقتصاد.

ويقول مصطفى خضر الذي يعيش حياة بسيطة من بيع السيارات المستعملة "كنت أقف في الصف لساعات طويلة مع أمي لشراء الخبز. صالح بقى أكثر من وقته وربما أيضا يحول اليمن الى جمهورية تورث لكن البديل ليس التخريب."

وأضاف "عدن كانت دائما هي التي تتحمل العبء الاكبر للازمات الاقتصادية" مشيرا الى الصراع الذي اندلع عام 1994 وحرب أهلية في ثمانينات القرن الماضي قتل فيها الالوف وقال "نريد ان ننجوا بأنفسنا هذه المرة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعائ 9/آذار/2011 - 3/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م