السعودية وحصار جيل الثورات

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: أفزعت الثورات المتتالية في المنطقة العربية أصحاب النظام السعودي وهو يرى الأنظمة تنهار أو في طريقها للأنهيار كما هو الحال مع تونس ومصر واليمن وليبيا ،والبحرين"المربكة".

حيث تحرك مؤشر الاحتجاجات في المنطقة العربية تجاه السعودية، ويعتقد مراقبون أن السعودية لاتبتعد كثيرا من نطاق الثورة ضد النظام. فما هي الاحتمالات التي تشعل فتيل الثورة الشعبية هناك؟

بعد ان استعرضت قوات الأمن السعودي قوتها في مناطق سعودية عديدة منها المنطقة الشرقية والعوامية والاحساء والقطيف لمنع المواطنين من التظاهر، في الوقت الذي يرى فيه محللون سياسيون هناك مشاكل كبيرة بين الحكومة السعودية وحركات المعارضة بمختلف توجهاتها. فالكثير من الشيعة مثلا يعارضون نظام الحكم السعودي الوهابي.

ويشعر رؤوس النظام السعودي بأنهم محاصرون بـ جيل من الثورات، ما يجعل رؤية آل سعود بأنهم محصنين من الثورات أمراً غير ممكن.

يرى الخبير السياسي الألماني غيدو شتاينبيرغ أن أنظمة الحكم في الخليج العربي كلها قلقة من تطور الأوضاع وتفاقم الأزمات السياسية التي قد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بهذه الأنظمة. ولكنه يقول أن هناك فارقا بين السعودية من جهة، وبين مصر وتونس من جهة أخرى. إذ أن النظام السعودي يمتلك القدرات المادية لشراء المعارضة. ولكن باستثناء واحد، ألا وهو الشيعية. ويوضح شتاينبيرغ بأن ما وصفه بالنظام الطائفي في السعودية يشكل خطرا على الحكومة السعودية التي تخشى من احتجاجات الشيعة.

حيث ان الحكومة السعودية تحرك نحو عشرة آلاف عنصر امن الى محافظات في المنطقة الشرقية ذات الاغلبية الشيعية، التي تشهد تمردا متصاعدا، حيث اقفلت قوات الامن الطرق السريعة التي تربط مدينة الدمام بغيرها من المناطق، خشية من "يوم غضب" اطلق عليه اسم ثورة حنين.

يقول الكاتب الصحفي روبرت فيسك، ان اسوأ كوابيس السعودية، المتمثل في وصول الصحوة العربية الجديدة والتمرد والانتفاض، الى البلاد، وهو امر يثير قلقا كبيرا في اوساط اسرة آل سعود الحاكمة.

ويشير فيسك الى ان ما يحدث في السعودية مدفوع مما حدث في البحرين، ذات الغالبية الشيعية والتي تحكمها اسرة سنية، حيث طالب المحتجون بالتخلص من حكم آل خليفة، وهو ما دفع ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز الى ابلاغ السلطات البحرينية بانها اذا لم تتمكن من سحق انتفاضة الشيعية، فستتدخل السعودية بقوتها.

وتقول المعارضة السعودية، انها تتوقع ان يحتشد ما لا يقل عن 20 ألف سعودي في الرياض ومحافظات المنطقة الشرقية خلال الايام الستة المقبلة، للمطالبة بوضع حد للفساد، وربما، في حال الضرورة، الى اقصاء آل سعود عن الحكم.

وفي حال قررت الاسرة المالكة السعودية استخدام اقصى قوة ضد المتظاهرين، فان الرئيس الامريكي باراك اوباما سيجد نفسه امام احد اكثر القرارات حساسية في عهده.

ففي مصر دعم اوباما المحتجين بعد تدخل الشرطة واستخدامها القوة النارية ضدهم، لكن في حال السعودية، التي تعتبر حليفا اساسيا لواشنطن، واحد اهم مصدري النفط في العالم، سيجد اوباما نفسه مضطرا الى الوقوف مع الابرياء وحمايتهم.

ويبدو أن حكومات هذه الدول قد أدركت الخطر الكامن في غياب الحريات والعدالة الاجتماعية، وشرعت بالتالي في الإعلان عن إصلاحات سياسية واقتصادية. في محاولة استباقية قبل حدوث احتجاجات التي يمكن أن تشعل ثورة ضد النظام القائم.

غير أن هذه الإصلاحات السريعة وتوزيع الأموال على الشعب من أجل إخماد فتيل الثورة قبل اشتعاله، لا يُعتبر مفيداً أو مقنعاً في نظر الكثير من المثقفين السعوديين، الذين وقعوا مؤخراً على ما أسموه ب إعلان وطني للإصلاح. وان إنفاق الأموال التي قد تكون ذات فاعلية قصيرة الأمد.

ويبقى السؤال عما إذا كان الوضع في السعودية قد يؤدي في وقت قريب إلى هذا التفاقم المذكور في الإعلان أو إلى انفجار الوضع الأمني، أو إلى احتجاجات واسعة النطاق قد تكون نهايتها الإطاحة بالنظام الحاكم في البلاد، كما حدث في تونس ومصر مؤخراً. والظروف التي قد تسمح بنشوب اضطرابات ما بين الحكومة وبين فئات عريضة من الشعب هي متوفرة أيضاً في السعودية. فبالرغم من أن السعودية هي من أضخم الاقتصادات العربية، وبالرغم من أنها تمتلك أكبر احتياطات النفط في العالم، إلا أن نسبة البطالة فيها تقدر بحوالي 10 بالمائة، ونسبة البطالة غير الرسمية قد تكون أعلى بكثير من هذا التقدير.

وتشير الإحصائيات إلى أن نصف سكان المملكة هم تحت سن الثامنة عشرة، وأن نسبة البطالة لدى الشباب ما بين سن العشرين والأربعة وعشرين عاماً تقدر بحوالي 40 بالمائة. كما أن مستوى الفساد في السعودية لا يزال عالياً. فطبقا لمؤشر منظمة الشفافية الدولية احتلت السعودية المرتبة الخمسين، وهو ما يدل على نسبة عالية من الفساد، مقارنةً مع الدول الغربية الصناعية.

يقول الكاتب والباحث السياسي السعودي حمزه الحسنان ما تشهده السعودية من تحركات احتجاجية اليوم تدلل على ان هناك تجاوبا كبيرا مع الدعوة للتظاهر بشكل واسع في المملكة يوم 11 مارس آذار من الشهر الحالي.

وتوقع الكاتب ان خروج جميع المواطنيين في عدة اماكن في البلاد سيكسر الوطق الامني الذي يفرضه النظام على المحتجين والمعارضين وهو امر ضروري لحمل السلطات على التجاوب مع مطالبهم.

تحديات الثـورة ومقوماتها

هناك تحديات ومقومات استنتجت من تجارب الثورات الأخرى التي حدثت في المنطقة العربية. فما هي أبرز هذه التحديات التي تقف بوجه المجتجين؟ وماهي المقومات التي قد تدفع بنجاح الثورة في السعودية؟

- ان التوافق بين الشعب والقوات الأمنية عامل مهم في نجاح الثورات. لذلك من الضروري دراسة الوضع الأمني. وتبقى الثورات السلمية عامل نجاح رغم وجود أية قوة عسكرية.

- بقاء رأس النظام في الحكم عامل آخر يساهم في بقاء أجندة النظام الحاكم.

- عدم وضوح أهداف الثورة والغاية المنشودة، والاختلاف بين الثوار حول طرق تنظيم وادارة الاحتجاجات.

- اشعال الثورة وترك المجتجين في وسط الطريق، مما يولد مشاعر لدى المحتجين ببرود الثورة.

 أما الجانب الايجابي ومن مقومات نجاح الثورة في السعودية، تفيد المعلومات بان الحراك الجماهيري في بعض مناطق السعودية بدأ يدب وتوجد حركات ناشطة تتفاعل عبر وسائل الاتصال المختلفة للمطالبة باجراء اصلاحات سياسية. كما تقدم العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية بتقديم مطالبات لإجراء إصلاحات السياسية.

ان المعارضة السعودية قد حددت يوم 10 آذار  2011 ويوم 20 آذار 2011 موعدا لتسيير مظاهرات تطالب بإجراء إصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية.

من جهتها تعمل السلطات السعودي على احتواء الأزمة عبر طرق مختلفة منها، تقديم خدمات اقتصادية كتقديم المنح والمساعدات. وتشديد الرقابة وتنفيذ الاعتقالات. وتقوم السلطات السعودية برصد مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت.

لكن حركات المعارضة تختلف بتوجهاتها تماما فهناك من يخالف توجهات التحالف مع الولايات المتحدة وهناك قوى تعارض النفوذ الوهابي. وهناك معارضة أخرى تعارض أسلوب الحكم ومعارضة السياسات الاقتصادية.

ويشير محللون الى ان جميع قوى المعارضة تمتاز بنضوج سياسي الى حد ما وهي مستعدة لتسيير المظاهرات داخل المملكة، فهل سيدفع ذلك بالسلطات السعودية إلى إجراء اصلاحات؟ أم أن النظام السعودي سيقع ضمن مسار رياح التغيير؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/آذار/2011 - 1/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م