اصدارات جديدة: 60 دقيقة هزت العالم

 

 

 

الكتاب: 60 دقيقة هزت العالم.. قصة المجزرة التي تعرض لها اسطول الحرية.

الكاتب: هاني سليمان

الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون

عدد الصفحات: 104 صفحات متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: في كتاب (60 دقيقة هزت العالم.. قصة المجزرة التي تعرض لها اسطول الحرية) يروي هاني سليمان لا قصة الاعتداء على الاسطول فقط بل قصته ايضا وهو الذي اصيب بالرصاص في رجليه وقصصا اخرى في الحديث عن سعي الاسطول الى تخفيف معاناة اهل غزة.

الدكتور هاني سليمان الذي كانت له تجربة سابقة في نطاق عمليات اغاثة اهل غزة ادت به ايضا الى الوقوع في اسر الاسرائيليين يكتب بمزيج من التوثيق والاجواء الادبية المؤثرة ولم يكتف -وحسنا فعل بذلك- بسرد جاف لقضية مهاجمة الاسرائيليين لما سمي "اسطول الحرية" وسقوط قتلى وجرحى مما ادى الى ازمة بين تركيا واسرائيل.

وسليمان ناشط في هذه المجالات وهو عضو "الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي" ورئيس لجنة حقوق الانسان في "المنتدى القومي العربي" وعضو مؤسس في " تجمع اللجان والروابط االشعبية" ورئيس "لجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار عن غزة" فضلا عن كونه محاميا في الاستئناف واستاذا جامعيا.

ورد الكتاب في 104 صفحات متوسطة القطع وصدر عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت. بحسب رويترز.

والواقع هو ان المؤلف لم يبدأ عمليا في الحديث عن ابحار الاسطول والسفينة التركية "مرمرة" التي كان هو على متنها الا بعد اكثر من 50 صفحة من الكتاب بينما عرض في الصفحات السابقة امورا اخرى واستطرادات مسلية ومؤثرة عن تجربته السابقة مع رفقاء الرحلة الاولى التي كتب هو عنها قصة "غزة في مرمى البصر."

يبدو لنا سليمان في البداية كمن يكتب عن نفسه وذكرياته واحلامه وامور واحداث واجهها اكثر من كتابته عن الرحلة. الا ان هذه الكتابات والتداعيات تشكل قراءة ممتعة وتدل على قدرة ادبية بينة وان كانت احيانا تنمو على حساب الشأن الاساسي اي موضوع الكتاب الذي كما يقال يجب ان يقرأ احيانا من عنوانه.

يقول الكاتب انه استعار العنوان او قسما منه من كتاب اجانب سبقوه الى عنوان او عناوين من هذا النوع. ويقص علينا في بعض الاماكن حكاية حيرته في اختيار عنوان للكتاب قبل ان ينتهي الى هذا العنوان الحالي. كما ينقلنا ايضا الى تحليلات واخبار سياسية منها ما هو افعال واحداث موثقة ومنها الناتج عن وجهات نظر. انه يكتب باسلوب الروائي احيانا كما يوثق باسلوب الباحث احيانا اخرى.

في "مقدمة" يتساءل هاني سليمان عن سبب مهاجمة اسرائيل لهم قبل لن يصلوا الى مياهها الاقليمية فيقول "لماذا تقدم اسرائيل على التعرض "لاسطول الحرية" المتجه الى غزة في المياه الدولية..

"هل تخاف من مئات الناشطين الاجانب الذين ركبوا سفنهم لاعلان التضامن مع شعب محاصر ام انها تخاف ممن هم وراء هؤلاء من مؤسسات المجتمع المدني في دول ناصرت حكوماتها اسرائيل على الدوام.. أما كان افضل لها ان تفوت على حركة المقاومة الاسلامية ( حماس) "الارهابية" نصرا كبيرا كما تقول وسائل اعلامها.."

سليمان الذي اصيب في رجليه بقي يعاني من الام في عصب الرجل اليمنى وهو في هذا الصدد يقول "يعود التأخير في كتابة هذه القصة الى حجم الالام التي انتابتني طوال هذه المدة والى نوعية الادوية التي كنت "اسفها" تسكينا للالم في العصب المجروح... والسبب الثاني عدم استقراري على اسلوب انقل به هذا الحدث الذي هز ضمير العالم... وما زاد في حيرتي ايضا هو اختيار عنوان لهذه القصة هل اختار العنوان ذاته لهذه الرحلة المشابهة للاولى."

وفي عرض لعناوين محتملة خطرت في باله توصل في احدها الى القول "وخلافا لمقولة هيرودوت "انت لا تعبر النهر ذاته مرتين" فقد استهواني عنوان يقول "انت تعبر البحر مرتين "تأكيدا على رحلة كسر الحصار... حين امتطينا البحر نفسه وسلكنا الطريق نفسها."

والواقع ان أمرا التبس على المؤلف وهو ان قائل هذا القول هو الفيلسوف هيراقليطس الذي عاش قبل سقراط وقال بفكرة التحول الدائم وليس لهيرودوت الذي اعطي لقبا هو "ابو التاريخ."

اضاف انه استوحى العنوان "من الناشط المدني الامريكي جون ريد الذي عايش الثورة البلشفية في روسيا القيصرية وكتب عنها قصته الخالدة (عشرة ايام هزت العالم).

كانت الوفود المشاركة تتجمع في مدينة انطاليا الساحلية التركية تمهيدا للانطلاق لاحقا في رحلة اسطول الحرية. رجال ونساء وشبان في مقتبل العمر مسلمون ومسيحيون ويهود عرب واجانب...

"القاعة كبيرة جدا يفضح ضيق مساحتها العدد الكبير من المشاركين بحقائبهم وادواتهم الشخصية بحناجرهم العطشى للبوح والهتاف بما يكنون وما يضمرون. بترديدهم عبارة "الله اكبر" لدى ذكر الاقصى او لدى كل كلمة يقولها ناشط او لدى كل صرخة يطلقها امام مسجد القدس الشيخ رائد صلاح.

"او دمعة تنسال على خد مطران القدس في المنفى هيلاريون كبوجي ابن السنوات التسعين المتورم القدمين و"الهارب" (كما قال المؤلف) اثر عملية في القلب كان يفترض الا تجعله يغامر بالقيام بالرحلة."

حدس سليمان او تحليله كما يخبرنا هو جعله يصل الى حال فيه "قرأت العنوان العريض للمجزرة قبل حصولها بعدة ايام وقراءة الخبر هذا قبل حصوله لا تحتاج الى مبصر احيانا بل الى مبصر يجيد الملاحظة."

كان الجو عابقا بالعواطف الجياشة ومشحونا كما قال بالاصرار والتحدي "فاذا نفذ العدو نياته باقتحام الاسطول واسر الناشطين فان مجزرة تنتظرنا على الباخرة."

ويدخل الكاتب في تفاصيل عن تأثير اللوبي الاسرائيلي الشديد على السياسة الامريكية ويضيف متحدثا عن "انباء من هنا وهناك تفيد ان باخرة الشهيدة راشيل كوري الاتية من ايرلندا قد عطلها الموساد (جهاز الاستخبارات الاسرائيلي) في مينائها فتأخر ابحارها يومين.

"ونقل الينا البريد الالكتروني ان الباخرة المنطلقة من اليونان فشلت في الابحار بسبب نجاح الموساد في تعطيلها فتأخر ابحارها ليومين اضافيين وانبأتنا الهواتف النقالة ان الضغط الدبلوماسي الامريكي- الاسرائيلي على حكومة قبرص قد نجح في منع النواب الاوروبيين من الانطلاق من ميناء قبرص فاضطروا للانتقال الى قبرص التركية للالتحاق بالاسطول المنتظر في مدينة انطاليا التركية."

يروي المؤلف قصصا عن هجوم القوات الاسرائيلية على السفينة مرمرة ومقاومة ركابها وافراد طاقمها العزل من السلاح ووقوع ما لا يقل عن تسعة قتلى وعدد كبير من الجرحى ومن ثم عن نقله واخرين بواسطة طائرات هليكوبتر حربية اسرائيلية الى المستشفى في بتاح تكفا للعلاج والتحقيق معهم ويسرد قصصا عن تعاطف ممرضين واطباء عرب معهم ثم يروي عملية نقله بمعية الصليب الاحمر الى الحدود اللبنانية-الاسرائيلية حيث سلم الى لبنان.

ويشدد على دور الاعلام الذي على رغم جهود الاسرائيليين لمنعه استطاع بطرق مختلفة نقل كل التفاصيل فشهدها العالم مما فوت كما قال على اسرائيل اي فرصة للقيام بما خشوا ان تقوم به انتقاما منهم.

والواقع ان سرد الحوادث وشرح الاوضاع وبلغة ادبية غالبا جاء في شكل شيق جمع بين العملين القصصي الروائي والصحفي. قراءة ممتعة ومعلومات كثيرة وكتابة بنبض حي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/آذار/2011 - 27/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م