القذافي بين حصاري... الثوار والمجتمع الدولي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان القذافي بات اكثر ادراكا ان ما تبقى هو مسالة وقت حتى تطبق عليه العدالة الانسانية وينال هو وافراد عائلته جزاءه العادل جراء ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب الليبي والشعوب الاخرى على مدى حقبة استيلائه على السلطة هناك.

فبعد ان امسى القذافي محاصرا داخليا من قبل الثوار، اتجه المجتمع الدولي وعبر منظماته الى فتح ملفات الجرائم التي قام بها ملك ملوك افريقيا كما يحب ان يصف نفسه في الفترة الحالية وما سبقها، استعدادا لتقديمه الى محكمة الجزاء الدولية في حال بقي حيا، وهو امر مستبعد في حال القى عليه القبض من قبل الثوار.

حيث تشير الانباء الواردة من داخل الاراضي الليبية ان شباب الثورة انتزعوا السيطرة في اغلب المناطق والمدن، وخصوصا العاصمة طرابلس، التي انفلت عقال اغلب مقاطعاتها عن هيمنة قوات المرتزقة التي تم استيرادها مؤخرا لقمع المنتفضين، فيما لا يزال القذافي قابعا في مقره المنزوي مع بعض اعوانه بعد ان تقطعت بهم سبل الفرار.

القرار 1970

فقد تبنى مجلس الامن الدولي بإجماع اعضائه الـ15 قرارا يقضي بفرض عقوبات قاسية على نظام الزعيم الليبي معمر القذافي الذي طالبه الرئيس الاميركي باراك أوباما بالتنحي فورا، فيما سحبت الحكومة البريطانية الحصانة الدبلوماسية منه ودعته الى الرحيل.

وتزامنت الضغوط الدولية مع الاعلان عن سيطرة المعارضين لحكم العقيد على بلدة الزاوية القريبة من طرابلس، وتحذير أوروبي من ان القمع الذي يمارسه نظام القذافي ضد الانتفاضة سيكون له عواقب، في تلميح الى عقوبات وشيكة.

القائمة المشمولة بالعقوبات يندرج اسم الزعيم الليبي معمر القذافي وابنائه السبعة وابنته بالاضافة الى شخصيات اخرى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنظام الليبي على قائمة من 16 شخصا شملتهم العقوبات التي اقرها مجلس الامن الدولي : حظر السفر 1- عبدالقادر محمد البغدادي (رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية) 2- عبدالقادر يوسف دبري (قائد القوات الخاصة لمعمر القذافي) 3- ابوزيد عمر دوردة (مدير منظمة الامن الخارجي) 4- اللواء ابوبكر يونس جابر (وزير الدفاع) 5- معتوق محمد معتوق (وزير الخدمات) 6- سيد محمد القذافي (قريب لمعمر القذافي) 7- عائشة معمر القذافي (ابنة معمر القذافي) 8- هنيبال معمر القذافي (نجل معمر القذافي) 9- خميس معمر القذافي (نجل معمر القذافي) 10- محمد معمر القذافي (نجل معمر القذافي) 14- سيف العرب القذافي (نجل معمر القذافي) 15- سيف الاسلام القذافي (نجل معمر القذافي) 16- العقيد عبدالله السنوسي (المخابرات العسكرية) تجميد أرصدة 1- عائشة معمر القذافي (ابنة معمر القذافي) 2- هنيبال معمر القذافي (نجل معمر القذافي) 3- خميس معمر القذافي (نجل معمر القذافي) 4- معمر محمد ابومنيار القذافي (زعيم النظام والقائد الاعلى للقوات المسلحة) 5- معتصم القذافي (نجل معمر القذافي) 6- سيف الاسلام القذافي (نجل معمر القذافي).

وتفصيلاً تشمل العقوبات التي تبناها مجلس الامن في قراره رقم 1970 حظرا على بيع الاسلحة والذخائر الى ليبيا ومنعا للسفر الى اراضي الدول الاعضاء لـ16 شخصا من بينهم معمر القذافي وسبعة من ابنائه وابنته واشخاص على صلة وثيقة بالنظام.

وبموجب هذا القرار، رأى مجلس الامن ان الهجمات الواسعة والممنهجة الحاصلة حاليا (في ليبيا) ضد المدنيين يمكن ان ترقى الى تصنيف الجرائم ضد الانسانية. وقرر المجلس رفع الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 الى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية وطلب من السلطات الليبية التعاون الكامل مع المحكمة.

وطلب اعضاء مجلس الامن ايضا في القرار الوقف النهائي لاعمال العنف واتخاذ تدابير للاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الليبي. كما حض السلطات الليبية على ابداء اكبر قدر من ضبط النفس وتوفير الامن لجميع الاجانب وتأمين العبور الآمن للمؤن الانسانية والطبية والرفع الفوري لكل القيود المفروضة على وسائل الاعلام بأشكالها كافة.

وقررت الدول الاعضاء كذلك فرض تجميد للارصدة المالية العائدة للعقيد القذافي واربعة من ابنائه وشخص قريب من النظام. وحصل التصويت في حضور الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.

واشار السفير البريطاني في الامم المتحدة مارك ليال غرانت الى ان القرار يوجه اشارة قوية الى تصميم المجتمع الدولي على الوقوف الى جانب شعب ليبيا. من جهتها لفتت سفيرة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية سوزان رايس الى ان المجتمع الدولي تحدث بصوت واحد. واضافت «انه انذار واضح الى السلطات الليبية بان عليها وقف اعمال العنف».

وشدد السفير الفرنسي في الامم المتحدة جيرار ارو على ان الافلات من العقاب ليس خيارا. وقال بان كي مون ان القرار يوجه رسالة قوية بأن الجرائم لا يمكن ان يجري التسامح معها. واضاف «آمل ان تسمع الرسالة» في طرابلس.

الا ان اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية لم يحظ بإجماع مجلس الامن. وبحسب دبلوماسيين فإن الصين وروسيا وجنوب افريقيا والهند والبرازيل والبرتغال طرحت تساؤلات في هذا الشأن.

وبعد التصويت على القرار، قال المندوب الليبي ان نظام القذافي «فقد شرعيته ولا شك ان هذا القرار دعم معنوي قوي للشعب الصامد امام رصاص سفاح طرابلس».

ورأى شلقم ان هذا القرار سيكون «اشارة الانطلاق للانقضاض النهائي على النظام الفاشي القابع في طرابلس».

من جهة أخرى، قال الرئيس الاميركي اوباما ان الزعيم الليبي معمر القذافي يجب ان «يرحل الآن» لأنه فقد الشرعية للبقاء في الحكم كما جاء في بيان للبيت الابيض. وأضاف البيان ان «الرئيس صرح بأنه عندما يصبح السبيل الوحيد لبقاء قائد في الحكم هو اللجوء الى العنف ضد شعبه فإنه بذلك يكون قد فقد الشرعية للحكم وعليه القيام بما يجب فعله لبلده وان يرحل الآن». وادلى اوباما بهذه التصريحات الاكثر حزما حتى الآن بحق القذافي خلال محادثة هاتفية مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بحسب البيان.

وتأتي دعوة اوباما الى رحيل القذافي فورا في وقت يتمسك هذا الاخير بالحكم. وفي لندن قال وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيغ ان الحكومة البريطانية سحبت الحصانة الدبلوماسية في بريطانيا من القذافي وأبنائه وحث العقيد على التنحي.

وتابع في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية «بالطبع حان الوقت لأن يرحل القذافي». كما توالت دعوات للقذافي بالتنحي من ألمانيا وايطاليا التي قالت ان سقوط القذافي اصبح حتمياً.

وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون من ان القمع الذي يمارسه نظام القذافي ضد الانتفاضة سيكون له عواقب لكن دون ان تدعو الى رحيل القذافي خلافا للولايات وبريطانيا. وصرحت اشتون في بيان ان القذافي والسلطات الليبية يعلمون ان اعمالهم غير المقبولة والمشينة سيكون لها عواقب. ويضع الاتحاد الاوروبي اللمسات الاخيرة على قرار يفرض عقوبات على ليبيا شبيه بالقرار الذي تبناه مجلس الامن.

كذلك اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مكالمة هاتفية مع نظيره الليبي موسى كوسا ان بلاده تدين الاستخدام غير المقبول للعنف ضد مدنيين في ليبيا، حسب ما افادت وزارة الخارجية الروسية.

وفي اليوم الثالث عشر من انتفاضة غير مسبوقة لا ترد اي بوادر من القذافي توحي بأنه قد يتخلى عن السلطة التي يمسك بزمامها منذ نحو 42 عاماً. واعلن نجله سيف الاسلام الذي لطالما اعتبر خلفا مرجحا له، ان «ثلاثة ارباع البلاد تعيش في حالة ممتازة». لكنه اقر بضرورة اجراء اصلاحات وقال انه كان يدعو اليها قبل وقوع الاحداث. بحسب رويترز.

أبرز نقاط قرار العقوبات في ما يلي أبرز النقاط الواردة في القرار الذي تبناه مجلس الامن الدولي بشأن ليبيا: التعبير عن القلق البالغ حيال الوضع في ليبيا وإدانة العنف واللجوء الى القوة ضد المدنيين.

التعبير عن القلق البالغ حيال مقتل مدنيين والرفض بشكل لا لبس فيه التحريض على العنف ضد المدنيين الذي يمارس من أعلى المستويات في الحكومة الليبية. اعتبار ان الهجمات الواسعة والممنهجة التي حصلت في ليبيا ضد المدنيين يمكن ان ترقى الى تصنيف الجرائم ضد الانسانية. المطالبة بالانهاء الفوري للعنف والمطالبة بتدابير للاستجابة للتطلعات المشروعة للسكان. دعوة السلطات الليبية الى:

اولا- التصرف بأكبر قدر من ضبط النفس.

ثانيا- ضمان أمن جميع الاجانب.

ثالثا- توفير العبور الآمن لكل المؤن الانسانية والطبية.

رابعا- الرفع الفوري لكل القيود المفروضة على وسائل الاعلام بأشكالها كافة.

الإحالة إلى الجنائية القرار بإحالة الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 الى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية. الحظر على الأسلحة منع التزود المباشر او غير المباشر، ببيع او نقل الاسلحة او المواد المتصلة بها من الانواع كافة.

منع السفر القرار بأن كل الدول الاعضاء ستتخذ التدابير اللازمة لمنع دخول او عبور الاشخاص المعنيين إلى أراضيها. تجميد الأصول القرار بأن كل الدول الاعضاء ستجمد من دون تأخير كل الاصول والموجودات المالية الاخرى والموارد الاقتصادية الموجودة على اراضيها، والمملوكة او المدارة بطريقة مباشرة او غير مباشرة من جانب الاشخاص المعنيين.

المساعدة الإنسانية الطلب من كل الدول الاعضاء العمل معا والتصرف بالتعاون مع الامين العام (للامم المتحدة) لتسهيل ودعم عودة الوكالات الانسانية، وجعل المساعدة الانسانية متوافرة.

على غرار صدام

وكي لا يعيد التاريخ نفسه عندما وقف الجيش الامريكي وحلفاؤه الاوروبيون يتفرجون فيما أرسل دكتاتور عربي يائس دباباته وطائرات الهليكوبتر وسحق انتفاضات شعبية وانتقم من الشعب.

كان هذا حال العراق تحت حكم الرئيس الراحل صدام حسين بعد حرب الخليج قبل 20 عاما بالتمام والكمال لا ليبيا يوم الاثنين حيث لاتزال النتيجة غير واضحة.

وبعد أن طرد ائتلاف قادته الولايات المتحدة الغزاة العراقيين من الكويت قمع صدام المتمردين الشيعة والاكراد في مارس اذار 1991 على الرغم من أن الرئيس الامريكي انذاك جورج بوش كان قد شجعهم على التمرد.

لكن أحجم عن اعلان منطقة حظر جوي للدفاع عن الجيوب التي يسيطر عليها المحتجون في وجه قوات القذافي وهو الاقتراح الذي طرحه ابراهيم الدباشي نائب مندوب ليبيا بالامم المتحدة والذي كان من أوائل الدبلوماسيين الليبيين الذين نددوا بالعقيد وانشقوا عليه.

وقال مالكولم تشالمرز من معهد رويال يونايتد سيرفسز وهو مؤسسة بحثية عسكرية بريطانية "الامور تتحرك بسرعة شديدة على الارض في ليبيا الان بحيث يمكن أن ينتهي هذا الامر بأيدي الليبيين أنفسهم وهذه هي أفضل نتيجة ممكنة."

واستطرد قائلا انه يجب وضع خطط طواريء لاعلان منطقة حظر جوي اذا اقتضت الضرورة.

وبموجب شروط الاستسلام التي أنهت حرب الخليج عام 1991 حظر الجيش الامريكي تحليق الطائرات العراقية ذات الاجنحة الثابتة لكنه لم يمنع طائرات الهليكوبتر التي استخدمتها قوات صدام لالحاق الدمار بالمتمردين الشيعة والاكراد.

بعد ذلك طبقت القوى الغربية حظرا جويا اكثر صرامة فوق كردستان العراق وتأكدت من تراجع قوات صدام جهة الجنوب لاقناع مئات الالاف من الاكراد الذين أصابهم الذعر وفروا الى جبال ايران وتركيا بأن العودة امنة.

ومكن هذا الاكراد من الحصول على الحكم الذاتي -حين كان الاقتتال فيما بينهم متوقفا- بشمال العراق في تحد لصدام.

لكن العراق سابقة شائكة لان الولايات المتحدة كانت تطبق منطقة الحظر الجوي التي أعلنت فوق الجنوب بشكل انتقائي واستغلتها عام 1992 لتدمير الدفاعات الجوية العراقية في الاعوام السابقة لغزوها العراق عام 2003 .

ويبدو الحصول على موافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة على القيام بعمل عسكري في ليبيا صعبا الان وسيصور القذافي اي تدخل غربي على أنه اعتداء للاستعمار الجديد ويستغله لتقويض المسوغات الوطنية لخصومه.

وفقد القذافي السيطرة على معظم أنحاء ليبيا التي سيطر عليها محتجون يطالبون بانهاء حكمه الممتد منذ 41 عاما لكنه تعهد بالقتال حتى اخر قطرة في دمه. واذا تحول هذا الى صراع طويل ودموي مع لجوء القذافي لاستخدام الطائرات والدبابات ضد المدنيين والجنود الذين تمردوا عليه فان الدعوات الى القيام بعمل عسكري دولي قد تتزايد.

ووردت تقارير غير واضحة عن استخدام القوة الجوية الليبية ضد المدنيين وهو ما نفاه أحد ابناء القذافي. واتجه طياران ليبيان منشقان بطائرتيهما الى مالطا في 21 فبراير شباط وقالا انه صدرت لهما أوامر بقصف المحتجين.

وقال رانج علاء الدين ودانييل كورسكي على موقع (اوبن ديموكراسي) على الانترنت "في الوقت الحالي يحتاج الليبيون بشدة الى اجراء يحد من قدرة القذافي على قتل شعبه" وأضافا أن عقوبات الامم المتحدة ليست كافية وأنه يجب حرمان الزعيم الليبي من قدرته على استخدام القوة الجوية.

ويقول تشارلز هيمان وهو محلل دفاعي بريطاني اخر انه قد يتم فرض منطقة حظر جوي هذا الاسبوع بقيادة القوى الاوروبية وليس الولايات المتحدة.

وأضاف "أعتقد أن (الرئيس الامريكي باراك) أوباما يلتزم الصمت لانه يريد أن يتحمل الاوروبيون مسؤولية هذا."

ويتحدث الزعماء الغربيون بمزيد من الجرأة الان بعد أن خفضت عمليات الاجلاء أعداد رعاياهم الذين تقطعت بهم السبل في حقول النفط والمدن الليبية انخفاضا حادا.

وفي اتصال هاتفي مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قال أوباما "حينما لا تكون لدى زعيم من وسائل البقاء الا استخدام العنف الشامل ضد شعبه فانه يكون قد فقد الشرعية في أن يحكم وينبغي أن يفعل الشيء الصواب للبلاد من خلال المغادرة الان."

وقال روبرت سبرينجبورج الاستاذ بالكلية البحرية للدراسات العليا في مونتيري بكاليفورنيا ان واشنطن فشلت في الانحياز الى صف الاحتجاجات الداعية للديمقراطية بالعالم العربي او التوصل الى سبل عملية لمساندتها.

وأضاف "بالنظر الى هذا سيبدو من قبيل النفاق بالنسبة للبعض أن تلعب الولايات المتحدة دورا نشطا في ليبيا بالنظر الى أنها كانت شديدة السلبية في مصر وتونس وبالبحرين واليمن."

والعقوبات الامريكية وسيلة بطيئة وغير مضمونة للمساعدة في ازاحة القذافي لو لم يفعلها الليبيون أنفسهم.

وسيكون شن غارة عسكرية أمريكية تستهدف القذافي على غرار غارات القصف التي أمر رونالد ريجان الرئيس الامريكي انذاك بتنفيذها ضد الزعيم الليبي عام 1986 خيارا ينطوي على "مجازفة كبيرة".

وقال سبرينجبورج "البديل الثالث سيكون خنق قدرات القوات في المناطق المحررة من خلال القوات المصرية والتونسية. وستفضل المعارضة نفسها هذا. أظن ان التونسيين والمصريين سيكونون مستعدين وان العالم لن يعترض."

وفي مصر التي يديرها المجلس الاعلى للقوات المسلحة بعد أن أطاح محتجون بالرئيس السابق حسني مبارك قال مصدر عسكري مصري ان جميع الخيارات مفتوحة في ليبيا بما في ذلك استخدام القوات البرية اذا فوضها مجلس الامن الدولي بذلك.

وسيكون فرض منطقة حظر جوي تحت مظلة الامم المتحدة اكثر قبولا من مبادرة للولايات المتحدة او حلف شمال الاطلسي خاصة اذا أيدت الجامعة العربية او حتى الاتحاد الافريقي هذا الاجراء.

وقال ديفيد كورترايت من معهد كروك لدراسات السلام الدولي بجامعة نوتردام في انديانا ان على أوباما السعي للحصول على تفويض من مجلس الامن الدولي لبدء التخطيط لمنطقة الحظر الجوي هذه وأن يطلب مساندة الدول العربية.

وقال كورترايت "حتى اذا لم ترسل مصر او المغرب الا بضع طائرات فسيكون هذا مهما جدا على صعيد الشرعية السياسية للعملية."

وقال اندرو بروكس الضابط السابق بالقوات الجوية البريطانية ومحلل شؤون الفضاء ان فرض منطقة حظر جوي "سيكون قابلا للتنفيذ" في وجود طائرة انذار مبكر محمول جوا وبضع طائرات مقاتلة.

وأضاف "السؤال هو ما هو الثمن السياسي وبأي سلطة سياسية.." وتحدث عن الحوادث المحتملة اثناء العمليات التي قد تسفر عن وقوع خسائر بشرية غير مقصودة بين المدنيين.

وكان السياسي العراقي الشيعي احمد الجلبي الذي قاد جماعة معارضة مدعومة من المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) في شمال العراق في التسعينات قد دعا الجامعة العربية الى لعب دور في أي منطقة حظر جوي تفرض على ليبيا.

وقال "المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية هائلة لانه تم السماح للقذافي بالتسلح مثلما تم السماح لصدام بالتسلح."

مستعدون لدعم طرابلس

من جهته قال لواء بالجيش في شرق ليبيا انشق على نظام الزعيم الليبي معمر القذافي إن قواته مستعدة لمساعدة المحتجين الذين يقاتلون في طرابلس اذا دعوهم إلى ذلك ورفض اي حاجة إلى المساعدة العسكرية الاجنبية.

وفقد القذافي السيطرة على الشرق بسرعة بعد اندلاع الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكمه الذي امتد 41 عاما في 15 فبراير شباط. وأنشأ الثوار في مدينة بنغازي الشرقية مجلسا وطنيا وتعهدوا بتقديم العون للمعارضين الذين ما زالوا يقاتلون ضد القذافي.

وقال اللواء احمد القطراني أحد أبرز قادة الجيش في بنغازي والذي انشق على حكم الزعيم الليبي ان المحتجين في طرابلس يقولون انهم بخير حتى الآن ولا يحتاجون للمساعدة لكنه اذا طلبوا المساعدة فسوف تتحرك القوات في المنطقة الشرقية لدعمهم. بحسب رويترز.

ويقول سكان بنغازي إن المئات من سكان المدينة توجهوا بالفعل إلى طرابلس لدعم جهود محاولة السيطرة على العاصمة من ايدي الموالين للقذافي. واشار القطراني ان الجيش لن يتحرك الا اذا دعاه قادة المحتجين في طرابلس.

ويحدد مدى مشاركة وحدات الجيش في القتال ضد أنصار القذافي بشكل كبير الزمن الذي ستستغرقه المواجهة.

وقال القطراني دون ان يفصح عن مصدر معلوماته ان الموالين للقذافي في طرابلس يسيطرون على وحدة واحدة من وحدات الجيش وانها ستنضم الى الشعب قريبا. وقال ان القوات الجوية ترفض تماما تنفيذ اي اوامر يصدرها القذافي لها.

واضاف القطراني أن القذافي يسيطر على عدد قليل من القوات في المناطق التي يسيطر عليها فقط وقال ان مدينة سرت مسقط رأس القذافي والتي تقع في منتصف المسافة تقريبا بين بنغازي وطرابلس في طريقها للسقوط في ايدي الثوار.

وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة "تتواصل" مع جماعات المعارضة الليبية الساعية للاطاحة بالقذافي. ورد القطراني الذي لم يتعرض مباشرة لتصريحات كلينتون بأن المحتجين لا يحتاجون للمساعدة الاجنبية في زحفهم الذي قاموا به بأنفسهم دون أوامر من الخارج.

وشهد الشرق هدوءا في معظم انحائه منذ خروجه على حكم القذافي على الرغم من وقوع بعض اعمال السلب والنهب والخروج على القانون والنظام في الايام الاولى. ونظم الليبيون في الشرق لجانا للمساعدة في استعادة الامن والنظام وادارة الخدمات الاساسية.

وقال القطراني إن بعض أعمال العنف الفردية ما زالت تقع في الشرق لكنه قال انها اعمال بسيطة. والقى باللائمة فيها على "مرتزقة وأجانب يحاربون الشعب" في مناطق مثل البيضاء الى الشمال من بنغازي.

واضاف أن قواته ستسعى لتأمين مناطق النفط الرئيسية مثل البريقة وراس لانوف حيث توجد محطات استخراج النفط الخام بينما يقترب القتال من طرابلس. وتعتمد ليبيا بشكل كبير في اقتصادها على صادراتها النفطية.

وقال إن منطقتي راس لانوف والبريقة امنتين لاستخراج النفط وان اي قتال هناك سيكون خطيرا. واضاف ان هدف قواته هو تأمين هذه المناطق ليكون الموقف فيها جيدا عندما تسقط طرابلس وان القوات ستسعى لمنع وقوع اي قتال في هذه المناطق.

رفض التدخل الاجنبي

في السياق ذاته قال مناهضون للزعيم الليبي معمر القذافي في شرق ليبيا انهم شكلوا مجلسا وطنيا ليبيا مؤكدين انه ليس حكومة مؤقتة ولكن وصفوه بأنه واجهة للثورة.

وقال عبد الحفيظ غوقة المتحدث باسم المجلس الوطني الليبي الجديد الذي تشكل عقب اجتماع معارضي القذافي في مدينة بنغازي بشرق البلاد ان المجلس ليس حكومة مؤقتة ولا يجري اتصالات مع حكومات اجنبية ولا يريد تدخلها.

وقال غوقة في مؤتمر صحفي عقب تجمع بنغازي للاعلان عن تشكيل المجلس أن الهدف الرئيسي للمجلس الوطني هو ايجاد وجه سياسي للثورة. لكنه قال ان المجلس ليس حكومة مؤقتة.

وقال غوقة ان المجلس سيساعد في تحرير مدن ليبية اخرى وخاصة طرابلس من خلال الجيش الوطني الذي اعلن جزء منه تأييده للشعب. ولم يذكر اي تفاصيل عن الكيفية التي سيقدم بها المجلس يد المساعدة.

وقال غوقة في تصريح ليس ردا مباشرا على تصريحات كلينتون انهم يرفضون تماما التدخل الاجنبي. وأضاف ان الشعب الليبي سيحرر باقي انحاء ليبيا وسيقضي على قوات الامن التابعة للقذافي.

ورفض غوقة مبادرة قام بها وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل لتشكيل حكومة مؤقتة ووصف هذه الخطوة بأنها "وجهة نظره الشخصية".

وقالت صحيفة قورينا الليبية في طبعتها على الانترنت ان عبد الجليل قاد تشكيل ادارة مؤقتة مقرها بنغازي في خطوة ايدها سفير ليبيا لدى الولايات المتحدة الذي اعلن انشقاقه عن القذافي.

وقال غوقة ان العمل جار بخصوص شؤون العضوية في المجلس الوطني وأعماله. وأضاف ان من السابق لاوانه الحديث عن انتخابات فالعاصمة ما زالت تحت الحصار. ونفى المتحدث أيضا اجراء أي مفاوضات مع القذافي قائلا انه لا يرى مجالا للتفاوض. وأصر على ان المجلس يسعى لابقاء البلاد موحدة حيث لا يمكن أن تكون ليبيا مقسمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/آذار/2011 - 25/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م