
شبكة النبأ: تتسارع التغييرات
السياسية في المنطقة العربية واربكت هذه التغييرات حسابات الدول الكبرى
في العالم، ففي خضم سلسلة الانتفاضات العربية من المتوقع ان قادة الدول
العربية لا يستطيعون مواجهة العواصف الشعبية.
فبعد أن تهاوى النظام السياسية في كل من تونس ومصر وليبيا... وصلت
الدعوات الى السعودية التي اهتزت لفقد الحليف المصري حسني مبارك مما
زاد قلق السعودية من أن تشجع الاحتجاجات في البحرين على الضغط من أجل
اجراء اصلاحات.
وفي دلالة نادرة على توجه الثورة الى السعودية اطلقت مجموعة من
الناشطين السعوديين حملة عبر الفيسبوك تدعو الى اصلاحات سياسية. يقول
المحلل بمجموعة يوراسيا ومقرها واشنطن ايهم كامل ان السعوديين الشيعة
سيسعون الى مزيد من المساواة الاجتماعية والاقتصادية والدينية... ستمثل
هذه تحديات على المدى الطويل للاسرة (السعودية) الحاكمة خاصة وأنها
تستعد لانتقال للسلطة من جيل الى جيل.
ويعتقد خبراء من ان الحزمة التي اعلن عنها العاهل السعودي، الملك
عبدالله بعد غياب ثلاثة اشهر عن البلاد، هي محاولة لشراء ولاء شعبه
واحتواء الغضب ومنع انتقال الثورات التي تجتاح العالم العربي وان هذه
الحزمة لن تمنع الثورة حسب محللين، فالنظام السعودي وان امتلك المصادر
المالية التي لم تكن متوفرة لدى النظامين المصري والتونسي الا انه يظل
غير مستقر في منطقة تتغير فيها الخريطة الجيوسياسية. وان النظام العربي
الوراثي الشكلي وغير الشكلي قد اصيب بضربة لم يصب بها من قبل.
بينما يرى محللون آخرون من ان المملكة العربية السعودية قد تكون
بمنأى عن خطر إزاحة النظام الحاكم.
يقول مدير مركز الشرق الاوسط بجامعة لندن، د. فواز جرجس على ان
احتمال تكرار ما حدث في مصر وتونس والان في ليبيا في السعودية بعيد.
لكن اذا كانت الثورة ستقف في مكان ما ففي الاغلب في الصحراء على باب
بيت آل سعود حيث اكبر امدادات النفط العالمية.
فانه رغم وجود فقر الا ان سكان السعودية افضل حالا وان الحكام
يستخدمون المال لمنع المعارضة، وهو ما فعله الملك مؤخرا.
كما ان تركيبة المجتمع تجعل المملكة اقل عرضة (للثورة) لان عنصري
النظام الرئيسيين، الحكومة ورجال الدين السنة المحافظين، متحدين.
ومن معززات بقاء النظام السعودي عندما أرسلت الولايات المتحدة
دبلوماسيين كبار لتقديم المشورة والطمأنينة لملوك العرب الذين يقاتلون
من أجل البقاء. ومن أجل ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة.
ويرى مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز كينيث
بولاك أن الملوك والعائلات المالكة في وضع يسمح لهم بإقالة الحكومات
دون إقالة أنفسهم.
وقد حكم العديد من الملوك بشكل قمعي مثلهم مثل الرؤساء تماما.
ولطالما ادعى الرؤساء أنهم أتوا إلى السلطة بشكل ديمقراطي، رغم أن معظم
انتخاباتهم قد زورت. تلك القشرة الشرعية تختفي عندما تنفجر المظالم
المكبوتة في مجتمعاتهم. معظم الرؤساء يحكمون بلدانا مكتظة بالسكان، ولا
يمتلكون الثروة النفطية التي يمتلكها ملوك دول الخليج، وبالتالي لا
يستطيعون استرضاء مواطنيهم بخفض الضرائب وزيادة الأجور، مثلما فعل ملوك
السعودية والأردن مؤخرا.
الأميركيون يدركون أن ليس لديهم خيار سوى دعم بلدان مثل المملكة
العربية السعودية، كما أنهم يدركون أن الوضع قد يتغير بسرعة وبدون سابق
إنذار في أي مكان، مثلما حدث في ليبيا، حيث العقيد معمر القذافي الذي
هو ليس بملك ولا رئيس، حيث أمسى نظامه على شفا الانهيار بسرعة مذهلة.
ولكن حتى الآن، يبدو أن الملوك العرب في موقع آمن.
وفي الوقت الذي تبدي فيه الإدارة الأميركية ثقتها في قدرة العائلة
المالكة السعودية على اجتياز المرحلة، تبرز على السطح سيناريوهات مشككة،
حيث فشلت الإدارة في السابق في التنبؤ بقرب التغيير في مصر.
الإدارة الأميركية حثت السعودية على عدم التدخل في محاولة الملك
البحريني حمد لإجراء إصلاحات في البحرين، وهي جزيرة متصلة بالمملكة
العربية السعودية عن طريق جسر، وتعتمد على السعوديين في الحصول على
الدعم السياسي والاقتصادي. ويبدو أن الزخم الذي اكتسبه المعارضون
البحرينيون الشيعة من أسبابه الكثافة الشيعية في شرق المملكة العربية
السعودية.
ويعتقد محللون سياسيون بان مجموعة من المثقفين في السعودية حذروا من
ان منحة الانفاق الكبيرة التي اعلنها الملك ليست بديلا عن الاصلاح
السياسي.
وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اعلن عن خطط
انفاق وعلاوات ومنح اجتماعية بنحو 36 مليار دولار مستبقا احتجاج ضد
الحكومة يجري الاعداد له الشهر المقبل.
ودعا مجموعة من العلماء والمثقفين السعوديين في بيان لهم العائلة
المالكة للتعلم من الانتفاضات الاخيرة في الخليج وشمال افريقيا وان
تصغي لمطالب شباب المملكة المحبط، الذي يخطط لما اسماه يوم غضب في 11
مارس/اذار.
ان المحللين يرون ان ملك السعودية، البالغ من العمر 86 عاما، والذي
وعد باصلاحات لدى اعتلائه العرش في 2005 لم يغير كثيرا من الوضع الراهن.
ورغم الثروة النفطية الهائلة الا ان السعودية اشعلت فتيل الثورة في
الدول العربية الاخرى، فنصف عدد السكان تحت سن 18 عاما وعكس بقية دول
الخليج التي لا توجد بها بطالة كبيرة فان 40 في المئة من الشباب
السعودي من سن 20 الى 24 عاطل عن العمل.
بعض المحللين يرون ان 20 مليونا من سكان المملكة وعددهم 27 مليونا
يشعرون بالانفصال التام عن الدولة، مما يشكل قنبلة معارضة موقوتة.
استنتاجات وسيناريوهات محتملة
لايمكن ان تخرج السعودية عن أجواء الثورات او بمعزل عن التطورات
الجارية، والتي ابتدأت من مجموعة عوامل وهي كالتالي:
- اطلاق مجموعة من الناشطين السعوديين حملة عبر الفيسبوك تدعو الى
اصلاحات سياسية.
- ان السعوديين الشيعة سيسعون الى مزيد من المساواة الاجتماعية
والاقتصادية والدينية.
- ان حزمة المساعدات التي اعلن عنها العاهل السعودي، هي محاولة
لشراء ولاء الشعب واحتواء الغضب وان هذه الحزمة لن تمنع الثورة حسب
محللين. وان الحكام يستخدمون المال لمنع المعارضة، وهو ما فعله الملك
مؤخرا.
- أن الزخم الذي اكتسبه المعارضون البحرينيون الشيعة من أسبابه
الكثافة الشيعية في شرق المملكة العربية السعودية. وان السعودية اشعلت
فتيل الثورة في الدول العربية الاخرى.
وبالتالي تترتب على ذلك سيناريوهات محتملة
- اندلاع صراع سني- شيعي.
- اندلاع صراع عربي - ايراني في مناطق حدودية خليجية- ايرانية. وهذا
ما تبين من خلال التدخل السعودية ضد الشيعة في اليمن في محافظة صعدة.
عندما شنت جماعات سنية وهابية سعودية هجوما على الحوثيين الشيعة.
- اهتزاز القطاع النفطي حيث تمتلك السعودية أكبر احتياط نفطي في
العالم. فان السعودية تضخ النفط بكميات كبيرة، وتمنع حدوث الأزمات
الدولية، التي يمكن أن تسببها الصدمات النفطية.
- تدخل امريكي لصالح النظام الملكي على اعتبار السعودية من اقوى
الحلفاء للولايات المتحدة في المنطقة، اضافة الى نشر القدرات العسكرية
الأميركية في منطقة الخليج وهي بالأساس غطاء عسكري يصدر صفقات من
الأسلحة. |