حروب امريكا... نزف بطيء لجيشها المنهك

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: لم تكن تعرف امريكا انها حينما تدخل حربا ما (وما اكثر الحروب التي تدخلها بداعي او بدونه) انها ستؤذي نفسها بعد ان تقتل اعدادا كبيرا مما تسميهم بالإرهابيين او لتحقيق العدالة كما يدعون ولكنها الان تعاني من ازمة صعبة وهي ان الكثير من جنود جيشها تعرضوا لأمراض نفسية كارثية وخطيرة فهي تؤدي الى الغضب وفقدان السيطرة وفي الاخر الى العنف والتحطيم النفسي.

كما وانها تخسر الملايين من الدولارات على شراء الاسلحة والمعدات الحربية لتنفيذ حروبها وذلك ما جعلت المصانع الامريكية عاجزة عن تجهيز مثل هذا الكم الهائل من الاسلحة وكانت مجبرة على اخذ الاسلحة واستيرادها من دول اخرى وطبعا هذا يكلفها مال اكثر.

أزمات صحية للجنود

لفتت أحدث الدراسات إلى أن الجنود الأمريكيين الذين عانوا من "اضطرابات ما بعد الصدمة"، أثناء القتال في العراق، أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل صحية على المدى الطويل، مقارنة برفاقهم الجنود من عانوا من صدمة دون أن يتخلف عنها اضطرابات، وتعرف بـconcussion.

وتقول الدراسة التي خلصت بالتشديد على ضرورة فحص الجنود لمعاينة احتمالات إصابتهم باضطرابات ما بعد الصدمة post-traumatic stress disorder PTSD، إن المشاكل الصحية المزمنة الناجمة عنها تشمل الاكتئاب والصداع والهيجان ومشاكل بالذاكرة.

ومنذ بداية عملية "عاصفة الصحراء" قبل عقدين من الزمن، نشر الملايين من الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان والملايين من دولارات الولايات المتحدة، حيث تعرض العمليات القتالية الجنود لخطر الإصابة بالصدمات النفسية والإصابات الجسدية الناجمة عن انفجارات العبوات الناسفة، وفق ما تقول الخلفية المرافقة للدراسة التي نشرت في "أرشيف الطب النفسي العام." وتعرف إصابات المخ الناجمة عن الصدمة traumatic brain injury، ويرمز إليها بـTBI بـ"توقيع الإصابة" لتلك النزاعات المسلحة.

وذكر الباحثون في جامعة "مينسوتا" و"نظام الرعاية الصحية لشؤون قدامى المحاربين" في مينابوليس" أن الدراسات السابقة بينت وجود رابط بين "اضطرابات ما بعد الصدمة" والإصابة بالإعاقة ومشاكل صحية على المدى الطويل، دون التطرق لأبعاد تأثير الصدمة concussion دون سواها على الصحة على المنظور البعيد.

وقام فريق البحث بمعاينة 2677 جندي من "الحرس القومي لكتيبة الفريق القتالي" التي شاركت في المهام القتالية في العراق، وأكمل المشاركون أول استبيان عام 2007، قبيل شهر واحد من انتهاء فترة نشرهم في العراق لمدة 16 شهراً. وقرر 1935 من الجنود المشاركة في مسح آخر بعد عام من البحث الأول. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وأظهر الاستبيان الأول أن 9.2 في المائة من الجنود يعانون من أعراض الصدمات وأن 30.2 في المائة  لاحتمال الإصابة بـ"اضطرابات ما بعد الصدمة"، وفي المسح الثاني، ارتفعت نسبة الفئة الأولى إلى 22 في المائة، وجرى تشخيص 30.4 في المائة منهم باحتمال الإصابة بـ"اضطرابات ما بعد الصدمة."

ووجدت الدراسة أن الجنود المصابين بالصدمة، وليس الاضطرابات التي تعقبها، لم يعانوا من مشاكل صحية على المدى الطويل، وعلى نقيض المصابين "باضطرابات ما بعد الصدمة" من اشتكوا من أزمات صحية تفاوتت بين مشاكل بالذاكر والاكتئاب والصداع والهيجان.

ويذكر أن  دراسة طبية سابقة وجدت بأن ربع عدد الجنود الأمريكيين العائدين من العراق وأفغانستان يعانون من حالات نفسية مرضية بعد كشف طبي. وشملت الدراسة التي نشرت في مجلة أركايفز أوف أنترنل ميديسين الأمريكية 103,788 جندي شاركوا في الحربين في العراق وأفغانستان بين 2001 و2005.

ويعتبر التوتر الناجم عن الصدمات النفسية الحالة المرضية الأكثر انتشارا بين الجنود، إلا أن الدراسة وجدت مشاكل طبية أخرى يعاني منها الجنود، مثل الاضطراب النفسي، والاكتئاب والإفراط في تناول المهدئات. وقد أجريت الدراسة بينما كان الجنود يعالجون في مراكز خاصة بالمشاركين في الحروب.

الأمراض العقلية

أكد تقرير طبي صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون" أن الأمراض العقلية والنفسية باتت المسبب الأكبر لإدخال الجنود الأمريكيين الذكور إلى المستشفيات، وثاني أكبر مسبب لإدخال الجنديات إلى العيادات والمراكز الطبية بين حالات الولادة.

وقال التقرير الذي أعده مكتب الرقابة الطبية إن هناك: "موجة واسعة ومتنامية" من المشاكل العقلية والنفسية في صفوف عناصر الجيش الأمريكي. وذكر التقرير المكون من 31 صفحة، أن هذه المشاكل تتزايد وسط الشعب الأمريكي ككل، ولكنها تتزايد بوتيرة أعلى في صفوف القوات المسلحة، وخاصة الفصائل القتالية التي شاركت في مهام عسكرية بالعراق وأفغانستان. وجاء في التقرير: "الأمر الأبرز على هذا الصعيد هو أن الأزمات النفسية الناتجة عن حالات ما بعد الصدمة تزايدت ست مرات في الفترة ما بين 2003 و2008."

كما جاء أيضاً: "لقد تعرض الجيش لأسوأ أنواع أزمات ما بعد الصدمة، وذلك بعد ظهور الأمراض التي تحتاج إلى وقت طويل للعلاج، وبينها التوتر والاكتئاب الطويل الأمد والثنائية القطبية وإدمان الكحول والمخدرات." بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وأظهرت الأرقام التي قدمتها مكتب الرقابة الطبية أن حجم القوى العاملة التي فقدها الجيش جراء المشاكل النفسية يفوق بنسبة الضعف ما فقدته القوات البحرية، وبنسبة ثلاثة أضعاف خسائر القوات الجوية، وأعادت الدراسة الأرقام إلى فترات الخدمة الطويلة التي قضاها جنود الجيش في أفغانستان والعراق.

وكان الجنرال بيتر شياريلي، نائب رئيس هيئة الأركان للجيش الأمريكي، قد لفت العام الماضي إلى أن "الإجهاد والضغوط" التي تتعرض لها القوات جراء عمليات الانتشار المتعددة والمتكررة مسؤولة، جزئياً، عن ارتفاع معدلات الانتحار بين أفراد الجيش الأمريكي.

وقال خلال جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية "للجنة الخدمات المسلحة" بمجلس الشيوخ: "أعتقد أنها الآثار التراكمية لعمليات الانتشار التي تمتد من 12 إلى 15 شهراً." واستشهد شياريلي بعمليات الانتشار المتكررة، والابتعاد لفترات طويلة عن الأسرة، إلى جانب تابو "وصمة العار" التي تحول دون طلب المساعدة النفسية، كعوامل مساهمة في إقدام الجنود على الانتحار.

رامسفيلد وحرب العراق

قالت صحيفة واشنطن بوست ان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي السابق دافع عن حرب العراق في كتاب جديد عن مذكراته قائلا انها كانت تستحق الثمن الذي دفع فيها وظل غير نادم على طريقة ادارته للصراع.

وقال رامسفيلد في مذكراته التي تقع في 800 صفحة وتطرح في الاسواق انه لو ظل نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في السلطة لكانت منطقة الشرق الاوسط "أكثر خطورة مما هي عليه الان."

وكان رامسفيلد ومسؤولون امريكيون قد تحدثوا عن خطر مزعوم تشكله اسلحة الدمار الشامل العراقية كمبرر للغزو الامريكي للعراق عام 2003 . ولم يعثر قط على مثل هذه الاسلحة في العراق.

وكان وزير الدفاع الامريكي السابق شخصية محورية في الحرب وأقاله الرئيس الامريكي السابق جورج بوش عام 2006 بعد ان وجدت القوات الامريكية نفسها في مستنقع العراق بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من القتال. ويغطي كتاب رامسفيلد وهو بعنوان "المعروف وغير المعروف" الذي حصلت واشنطن بوست على نسخة منه حياة رامسفيلد كلها لكن أكثر من نصف الكتاب يركز على السنوات الست التي قضاها في حكومة بوش كوزير للدفاع.

وقالت الواشنطن بوست ان رامسفيلد الذي يتحدث للمرة الاولى منذ اقالته يعطي شرحا وتفسيرا لأفكاره وأعماله المتعلقة بالحرب ويقدم على موقعه على الانترنت الكثير من الوثائق التي كانت سرية ووثائق أخرى خاصة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وذكرت الصحيفة ان تفسير رامسفيلد للأخطاء التي حدثت في العام الاول من الاحتلال الامريكي للعراق يتمحور حول فشل الاستعداد قبل الحرب لكيفية ادارة المرحلة السياسية الانتقالية بعد الحرب حين تباينت بشدة وجهات نظر وزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين. وقالت الصحيفة ان رامسفيلد قال ان بوش كان يترأس عملية للأمن القومي شابتها الية غير متناسقة لاتخاذ القرار وانجراف سياسي كان له تأثير مدمر على جهود الحرب. وخطأ رامسفيلد بوش لعدم بذله المزيد من الجهود لحسم الخلافات بين كبار المسؤولين في ادارته.

بريطانيا وأمريكا

قال وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو أمام لجنة في لندن تجري تحقيقا بخصوص الحرب في العراق في اخر أيام جلسات اللجنة العلنية ان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير لم يكونا ينتويان شرا بالعراق في عام 2003.

ورفض سترو الذي كان وزيرا للخارجية في بريطانيا بين عامي 2001 و2006 اتهامات وجهها منتقدون للحرب بأن العمل العسكري كان دوما ما انتواه بوش وبلير على المدى الطويل. وقال "ثمة نوع من الاعتقاد الواسع النطاق.. أن كل ما حدث كان مخططا مسبقا انطلاقا من نوايا شريرة للرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير."

وأضاف "ينبغي أن أقول لكم حيث أني كنت في قلب الاحداث مباشرة ان ذلك لم يكن صحيحا على الاطلاق بالنسبة لرئيس الوزراء بلير على الاقل." كما أكد سترو أنه توجه لمقابلة بلير قبل نحو أسبوع من الغزو ليقول ان بريطانيا يمكن أن تتراجع عن العمل العسكري. وكان شاهد لم يذكر اسمه قد قال في التحقيق ان سترو عرض على بلير "طريقا للخروج" لكن بلير كان مصمما.

وقال سترو "لا أعتقد أن أحدا كان تواقا الى العمل العسكري. انه أمر رهيب وسيقتل أناس. كنت قلقا اذ رأيت أننا ينبغي أن نستكشف كل البدائل الممكنة." وذكر أنه رغم أنه كان يرى الموضوع "من منظور مختلف" عن منظور بلير فقد أيد تماما قرار الحرب. وكان سترو اخر شخص أدلى بشهادته علنا في التحقيق الذي يجرى بخصوص دور بريطانيا في الحرب.

وتمارس لجنة التحقيق المؤلفة من خمسة أعضاء عملها منذ نوفمبر تشرين الثاني عام 2009 واستمعت الى شهادات مسؤولين كبار في الجيش والحكومة وشخصيات سياسية منها بلير وخلفه رئيس الوزراء السابق جوردون براون. وقال رئيس اللجنة المسؤول الحكومي السابق جون تشيلكوت ان اللجنة ستحتاج الى عدة شهور أخرى لإعداد تقريرها النهائي حيث تحتاج الى عقد المزيد من جلسات الاستماع المغلقة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال "نركز الان أنا وزملائي على كتابة تقريرنا وقلنا اننا سنقدم رواية موثوقا بها لقرابة تسع سنوات من وجود بريطانيا في العراق." وأضاف "انها مهمة كبيرة وسنصل الى كل نتائجنا وتوصياتنا على أساس تحليلنا لجميع الادلة."

وعندما تقدم اللجنة تقريرها سيكون معظم التركيز على ما ستتوصل اليه بخصوص قرار بلير ارسال 45 ألف جندي بريطاني للاشتراك في الغزو ومشروعية الحرب التي قتل فيها 179 جنديا بريطانيا.

وزعم منتقدون طويلا أن بلير تعمد تضليل الرأي العام بخصوص الاسباب التي ساقها للحرب وهي أسلحة الدمار الشامل التي قال ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يملكها ولكن لم يعثر عليها قط.

وكان سترو في ثالث مرة مثل فيها أمام لجنة التحقيق يبدو مهتاجا في بعض الاحيان وخاصة عندما أصر على أن تغيير النظام لم يكن على جدول الاعمال البريطاني في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة. وقال "وجهة النظر التي عبرت عنها علنا هي نفسها التي عبرت عنها سرا وهي أن تغيير النظام لم يكن فكرة طيبة لنسعى الى تحقيقها كهدف وكان ذلك غير قانوني بشكل واضح على أي الاحوال ولذا لم يكن خيارا."

ربع مليون رصاصة كلفة قتل المقاوم الواحد

أشارت صحيفة بلفاست تلغراف أن الولايات المتحدة تستخدم قرابة ملياري رصاصة وقذيفة سنويا حيث قدرت أن قتل مقاوم واحد في العراق أو أفغانستان يتكلف بقرابة 250 ألف طلقة مما جعل المصانع الأمريكية للذخائر غير قادرة على تلبية الطلب الكبير لتبدأ مؤخرا استيراد الرصاص من الكيان الاسرائيلي من شركة IMI التي تصنع ذخائر جيش الاحتلال ذاته.

وتشير تقديرات تستند إلى تقرير حكومي أمريكي أن القوات الأمريكية قتلت قرابة 20 ألف مقاوم، ولذلك استخدمت قرابة 1.8 مليار طلقة وقذيفة صغيرة كل عام. وتضاعف هذا الرقم خلال خمس سنوات نتيجة لاستمرار هذه الحروب في كل من أفغانستان والعراق فضلا عن تكثيف عمليات التدريب الهادف لتأسيس جيش قابل للقتال المستديم وفقا لتقرير حكومي أصدره مكتب المحاسبة العام GAO. 

ولدى تقدير كلفة قتل كل مقاوم في العراق أشار الرئيس السابق للقوات الأمريكية في العراق بعبارته الشهيرة أنه "نحن لا نعد الجثث". وتشير التقديرات المستندة إلى التقارير الحكومية إلى أن القوات الأمريكية اطلقت قرابة 6 مليارات طلقة بين عامي 2002 و2005.

فيديو مسيء

أكدت مصادر في قيادة القوات البحرية الأمريكية اتخاذ قرار بإقالة القائد أوين هونرز، آمر حاملة الطائرات "انتربرايز،" وذلك بعد الكشف عن تسجيلات فيديو مسيئة، ترصد تصرفات قام بها عندما كان نائباً لقائد الحاملة، سخر خلالها من الشاذين جنسياً وأطلق العديد من الشتائم المقذعة.

وتُظهر التسجيلات التي عرضتها صحيفة "فيرجينين بايلوت" على موقعها شخص يعتقد أنه هونرز، وهو يقوم بحركات ساخرة وتمثيليات تتهكم على الشاذين جنسياً، ويظهر في بعضها نساء من عناصر البحرية في حمام مشترك.

ويعتقد أن التسجيلات عرضت خلال العامين 2006 و2007، وذلك خلال تنفيذ الحاملة، وهي واحدة من 11 حاملة طائرات في الأسطول الأمريكي، مهمات قتالية في العراق وأفغانستان، ويرجح متابعون أن الهدف منها كان الترفيه عن الجنود ورفع معنوياتهم. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

من جانبها، أصدرت البحرية الأمريكية بياناً قالت فيه إن إنتاج هذا النوع من التسجيلات المصورة على متن حاملات الطائرات والسفن المقاتلة "أمر غير مقبول على الإطلاق،" وشددت على أنها "لا يمكن أن تتسامح مع تصرفات من هذا النوع.

وذكر البيان أن البحرية ستطلق تحقيقات واسعة للوقوف على الظروف والخلفيات الكاملة لهذه التسجيلات، مع الإشارة إلى أنها تدرك بأن المقصود منها "لم يكن إهانة أي شخص على الإطلاق." يشار إلى أن هذه التسجيلات عرضت أكثر من مرة على القناة التلفزيونية الداخلية لحاملة الطائرات "انتربرايز،" وقد شاهدها أكثر من ستة آلاف بحار، ويؤكد هونرز في بعضها أن قادته لا يعرفون شيئاً مما يفعله.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/شباط/2011 - 22/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م