لو قتلنا الجهل يا سكان البقعة الخضراء؟

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: يا سادة يا كرام: أيها المستكثرين من الذنوب، تذكروا، إن أباكم آدم أخرج من الجنة بذنب واحد! لذلك، نقول للساكن في البقعة الخضراء، إن لم تكن وردا فلا تكن شوكا.

قال الإمام علي بن أبي طالب (ع): لو كان الفقر رجلا لقتلته!

لو استبدلنا الفقر بالجهل، ماذا يحصل؟

كل نجاح يحتاج الى ثقافة عامة عميقة راسخة: في الفن، المهنة، الأدب، السياسة... خاصة هذه الأخيرة. السؤال المتوثب هنا، ما سر الفشل عندنا؟

لا تتردد، قلها: الجهل!

الجهل هو سر فشلنا في سائر مضامير الحياة: الإدارة، الاقتصاد، العلم، التعليم.. الرياضة.

فلو قتلنا الجهل:

لقتلنا الفقر، منذ أبي ذر، وقتلنا المرض، وقتلنا البؤس، وقتلنا المسكنة، وقتلنا الاتكالية، وقتلنا المخبر السري، وقتلنا الكاتم للصوت، وقتلنا الهزيمة في أنفسنا، وقتلنا الذل والهوان الذي يسكننا، منذ زمن طويل، وقتلنا الزيف والخديعة الذي استأجرته لنا الوفود من دكاكين السياسة. قال الشاعر:

وأثبت في مستنقع الموت رجله... وقال لها من تحت أخمصك الحشر

حينما برز علي بن أبي طالب لقتال (ع) بطل الأبطال الصنديد عمرو بن عبد ود العامري، قال النبي محمد بن عبد الله(ص) وهو يخشى على رسالة الله تعالى: (خرج الإيمان كله الى الشرك كله).

فلو قتلنا الجهل، بضربة واحدة، كل ما تزخر به نفوسنا من عيب وعطب ونقص وضعف، نقتل الجهل ! نقتل معه كل فرعون، نحطم كل كرسي متجبر.

لننس بيت عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلن أحد علينا... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

لننسه، لأننا فهمناه عكس ما أراد به شاعر بني تغلب.

لو تم لنا توظيف قاتل مأجور من طوابير العاطلين لقتل الجهل، ماذا ندفع له من أجر؟ وهل تعتبر فعلته جريمة، تتطلب محامي؟ أم يكتفي بالثواب الأخروي؟

كشعب واحد، لو قتلنا الجهل، قتلة رجل واحد، يا ترى، أي جاهل يثأر لدمه!؟

لو قتلنا الجهل: لتوفر الدواء والماء والهواء والغذاء والكهرباء.  

لكن، ما جدوى أن تعالج الفلاح وهو يعيش في ظل الإقطاع وتصحر الأرض وجفاف الماء واستيراد الخضر.

ما جدوى أن تعالج الطالب في ظل التدريس الخصوصي والشهادات المزورة والمدارس الخاصة والجامعات الأهلية الأجنبية غير الرصينة وغير المرخصة.

ما جدوى أن تعالج العامل وهو في سجل العاطلين عن العمل، ملابسه فيها من الثقوب أكثر مما فيها من القماش، والخصخصة تخيم على المعامل.

ما جدوى أن تعالج المريض والطبيب وهمي والدواء مغشوش و بعض المستشفيات الخاصة غير نظامية.

ما جدوى أن تعالج الفتى والفتاة والدعارة والمخدرات منتشرة. لكن الأستاذ (تجهيل) بالمرصاد! عبر لوحاته.

لقد وجد مواطن عراقي متعب، ساقه القدر في ممر ضيق، لوحات دلالة مغرية، مزخرفة، كتب على كل واحدة منها عبارة:

الأولى: أنا واعظ أصلي للفقراء.

الثانية: أنا محامي أترافع عن الفقراء.

الثالثة: أنا طبيب أعالج الفقراء.

الرابعة: أنا مهندس ابني مساكن للفقراء.

الخامسة، السادسة... وهكذا الى أن وجد في الأخير، بعد جهد مرير، وهو في النفس الأخير، لوحة فارغة، بجوارها طبشور مكسور، تناوله، كتب عليها، أنا الفقير أدفع للجميع، في ظل التطبيع!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/شباط/2011 - 22/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م