
شبكة النبأ: لم تستطع اسرائيل بعد ان
تصدق ما حدث احقا ان مبارك الرجل الذي كان يدعمها ويحميها من اي خطر قد
ذهب الى لا عودة؟ ذاك الرجل الذي كان قد سجل بصمة قوية في تاريخ العرب
عندما حافظ على سلام وامن اسرائيل طوال سنين حكمه بعد الاتفاقية التي
كانت متفق عليها بين الطرفين.
وبعد ان زال ذاك الزمان يخشى الاسرائيليون الان ان يستغل هذه الفرصة
الاسلاميون الذين يعتبرون اسرائيل العدو اللدود لهم ومنذ سنين طوال
وهذا ما جعل الامور تتفاقم على النظام الاسرائيلي وسياسييه الذين بدئوا
بأخذ كل الاحتياطات الامنية والعسكرية تحسبا لحدوث اي هجوم عليهم من
قبل الاعداء خاصة وان الحدود المصرية اصبحت شبه مفتوحة وسهلة العبور
الى الحدود الاسرائيلية وهذا ما يزيد من شدة القلق والارباك الحاصل في
السلطة.
من جانب اخر فأن القوات العسكرية ووزارة الدفاع تعمل جاهدة على
ايجاد حلول سريعة لأي مشكلة تحدث حتى انهم بدئوا يستعينون بقادة
عسكريين قدامى للاستفادة من خبراتهم الطويلة وردود افعالهم القوية في
الدفاع عن اسرائيل وحمايتها من اي تهديد.
اتصالات بين اسرائيل والقوات المسلحة
حيث أجرت اسرائيل اتصالات أولية مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة
الذي يدير مصر حاليا ورحب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو
بتعهد المجلس بالالتزام بمعاهدة السلام بين البلدين. وقال متحدث باسم
وزارة الدفاع الاسرائيلية ان اتصالا هاتفيا جرى بين وزير الدفاع ايهود
باراك والمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
ووزير الدفاع المصري ولم يكشف عن مزيد من التفاصيل.
وفي تصريحات للصحفيين كررت ما ورد في بيان مكتوب صدر في الفترة
القريبة أبدى نتنياهو رضاه لإعلان المجلس الاعلى للقوات المسلحة بمصر
الالتزام بجميع المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر.
وقال نتنياهو في مستهل اجتماع لمجلس الوزراء في القدس "مصر التزمت
بمعاهدة السلام على مدى السنين... انها حجر الزاوية للسلام والاستقرار
ليس بالنسبة للدولتين فحسب بل وللمنطقة بأسرها ايضا." وفي عام 1979
أصبحت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة للسلام مع اسرائيل التي راقبت
بحذر الاحتجاجات التي استمرت لمدة 18 يوما وأدت الى اسقاط الرئيس حسني
مبارك.
وكانت الرسالة التي وجهها قادة الجيش المصري سابقا فيما يبدو تهدف
الى تهدئة المخاوف في اسرائيل والولايات المتحدة بشأن معاهدة السلام
التي أبرمت بوساطة الولايات المتحدة وأنهت ثلاثة عقود من العداء.
ويتوقع الكثير من المحللين أن تكون العلاقة في الاعوام القادمة غير
مريحة وقابلة للتوتر. وحذر نتنياهو من أن تحدث في مصر ثورة اسلامية على
غرار الثورة الايرانية اذا سيطرت جماعة الاخوان المسلمين على الحكم.
وفي افتتاحية كتبت صحيفة هاارتس الاسرائيلية انه في حين أن "
التغيير الكبير على الجانب الاخر من الحدود يزيد الخوف بطبيعة الحال"
فان تحذيرات نتنياهو من أن مصر "قد تتحول الى ايران جديدة... تثير
توترا هداما." بحسب وكالة الانباء البريطانية.
وأضافت "الثورة في مصر لم تنبع من العلاقات مع اسرائيل ونتنياهو
سيفعل خيرا اذا التزم الصمت وأعطى هذه الدولة المجاورة فرصة لإقامة
ديمقراطية." وفي الضفة الغربية المحتلة حث صائب عريقات كبير المفاوضين
الفلسطينيين اسرائيل على ألا تخشى الديمقراطية في مصر. واستقال عريقات
من منصبه بسبب وثائق قال انها سرقت من مكتبه ونشرتها وسائل اعلام. وقال
عريقات لراديو الجيش الاسرائيلي "أعتقد أن مصر ستمثل نقطة تحول في
العالم العربي... من يقول ان العرب غير مستعدين للديمقراطية عنصري."
وأضاف "الديمقراطية هي نظام الدعم الاساسي للسلام. يجب الا تخشى
اسرائيل الديمقراطية." ومن المُرجح أن تتصدر الاحداث في مصر جدول أعمال
المحادثات المقرر أن يجريها نتنياهو مع الاميرال مايك مولن رئيس هيئة
الاركان الامريكية المشتركة الذي أوفدته واشنطن الى اسرائيل والاردن
الحليف الاخر للولايات المتحدة.
وقال الكابتن جون كيربي وهو أحد كبار مساعدي مولن ان رئيس هيئة
الاركان المشتركة يريد تأكيد التزام واشنطن بعلاقتها العسكرية مع
اسرائيل في وقت حرج بالشرق الاوسط.
اسرائيل تستعد للأسوأ
من جانبه قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انه في حين
يأمل ان تنجح مصر في جهودها لتحقيق الديمقراطية الا انه يتعين على
اسرائيل ايضا أن "تستعد للأسوأ".
وجدد نتنياهو التعبير عن الامل في ان تتمسك مصر بمعاهدة السلام التي
وقعتها مع اسرائيل في 1979 مثلما قال الحكام العسكريون الجدد في
القاهرة. وقال نتنياهو في كلمة في اجتماع لزعماء اليهود الامريكيين في
القدس "لا أحد يعرف ماذا سيجلب المستقبل في مصر." وفي اشارة فيما يبدو
الى منتقدين يقولون ان اسرائيل اظهرت الكثير من الخوف والقليل من
الحماس للتغييرات التي تحدث في مصر قال نتنياهو "اذا كان هناك فرق بين
اسرائيل والاخرين ... فهو انني لا يمكنني ان اكتفى بالتطلع الي الافضل
بل يتعين علي ايضا ان استعد للاسوأ." بحسب وكالة الانباء البريطانية.
ومضى قائلا "جزء من ذلك الاستعداد هو تنبيه الزعماء وصانعي السياسة
حول العالم الى الاخطار المحتملة التي ربما تكون على الطريق ليس لأنني
اريد لتلك الاخطار ان تتحقق." وقال نتنياهو "ليس لدي أدنى شك في ان
الحفاظ على السلام وتعميق السلام هو في مصلحة مصر. وامل ان هذا سيكون
مواكبا للمسعى المصري لتحقيق مجتمع ديمقراطي وحر مع سيرهم في اصلاحاتهم."
"في نهاية المطاف فان شعب مصر هو الذي سيقرر مصيره لكن اسرائيل لا
يمكنها ان تدعي الحياد فيما يتعلق بالنتيجة." ومضى نتنياهو يقول "ينبغي
أن يعرف كل مصري ان شعب اسرائيل ملتزم بالسلام معهم ومع جميع جيراننا
الاخرين" في اشارة الى اتفاقات سلام تسعى اسرائيل لتوقيعها مع دول
عربية اخرى بما في ذلك الفلسطينيون. ومحادثات السلام الاسرائيلية
الفلسطينية التي ترعاها الولايات المتحدة متوقفة منذ سبتمبر ايلول.
لا خطورة على العلاقات
كما اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان التطورات في مصر لا
تمثل "اي خطر" على العلاقات مع اسرائيل، مستبعدا ان تعتمد الدولة
المجاورة النموذج الايراني، وذلك في مقابلة مع شبكة ايه بي سي
الاميركية.
وقال باراك "لا اعتقد ان اي خطر يهدد العلاقات بين اسرائيل ومصر،
وليس هناك اي خطر عملاني ينتظرنا". واعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي
الاسبق ان الانتفاضة الشعبية التي ادت الى تنحي الرئيس المصري حسني
مبارك كانت "عفوية" ولا "تشبه في اي شيء" الثورة الاسلامية في ايران
العام 1979.
وقال باراك "اعتقد ان المصريين يقومون بالأمور على طريقتهم". واضاف
ان التظاهرات "لم تكن منظمة من قبل حركات متطرفة ذات اصول اسلامية"
و"اعتقد انه ينبغي احترام نوايا وحاجات" المحتجين.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حذر في السابع من
شباط/فبراير امام الكنيست من ان "تحذو مصر حذو ايران". واشار باراك
الذي زار واشنطن الى ان الحركة الاسلامية المصرية، جماعة الاخوان
المسلمين، ليست مجموعة متطرفة. لكنه حذر من تنظيم سريع لانتخابات قد
تستفيد منها هذه الحركة التي تتمتع بهيكلية افضل من بقية اطراف
المعارضة المصرية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.
وحذر باراك قائلا ان "الفائزين الحقيقيين في انتخابات على المدى
القصير، في غضون تسعين يوما على سبيل المثال، سيكونون الاخوان المسلمين
لانهم على استعداد لخوضها". وقال الوزير الاسرائيلي ايضا ان "الحركة
الوحيدة المتماسكة والتي يكون اعضاؤها على استعداد للقتل او الموت عند
الضرورة هي التي تأخذ السلطة في هذا الوقت او ذاك" ابان الثورة. واضاف
"يتعين تجنب ذلك في مصر لأنه سيصبح كارثة بالنسبة لكل المنطقة". ورحب
نتانياهو ب"الضمانات" التي اعلنها الجيش المصري ومفادها ان القاهرة
ستواصل احترام معاهدة السلام الموقعة مع اسرائيل بعد تنحي الرئيس حسني
مبارك.
مقرب من سليمان يحرض على مبارك
وتؤكد بيري أن الدكتور طارق حميد وهو رجل أعمال مصري ثري، مقرب من
كل من مبارك وسليمان اتصل بها في ذروة المواجهات بين الأمن والمتظاهرين،
محرضاً على مبارك، حيث قال لها: " مع كل الأسف، يجب ان يمضي مبارك في
أسرع وقت، فكلما تحصن أصبح عقبة بالنسبة لعمر سليمان، واذا استمر على
العناد فسيعوق سليمان عن أخذ زمام الامور في يديه، ما تزال المعارضة لم
تُشر الى سليمان بالسوء، وهو يحظى لديهم باحترام لانه لم يكن مشاركاً
في جرثومة الفساد وعلاقة المال بالسلطة. لا أريد أن أفكر في امكانية ان
تحترق مصر وأن يُبعدوهما معا أو يُضطرا الى الهرب معاً، ليس الامريكيون
مستعدين حتى لأن يبقى مبارك في منصب رئيس دمية، فهم يريدون سليمان
ومستعدون لمساعدته. يُفضل أن يتخلى مبارك ليستطيع سليمان البدء في
التشمير".
اسرائيل تفضل عمر سليمان
بينما ذكرت برقية دبلوماسية أمريكية سربها موقع ويكيليكس الالكتروني
أن اسرائيل تنظر منذ وقت طويل الى عمر سليمان نائب الرئيس المصري حسني
مبارك على أنه الأفضل بالنسبة لها لخلافة مبارك في الحكم.
وقالت البرقية التي كتبتها السفارة الامريكية في تل أبيب عام 2008 "طلبنا
من السفارة في القاهرة تحليلا عن سيناريوهات خلافة الحكم في مصر لكن
لاشك أن اسرائيل ترتاح أكثر لاحتمال تولي عمر سليمان السلطة."
وزار سليمان الذي رأس المخابرات المصرية منذ عام 1993 اسرائيل كثيرا
وعمل كوسيط في صراعها مع الفلسطينيين. وأيدت الولايات المتحدة جهودا
انتقالية بدأها سليمان الذي عينه مبارك (82 عاما) نائبا له بعد
احتجاجات حاشدة دعت الى انهاء حكمه المستمر منذ 30 عاما. ولخصت البرقية
التي تعود ليوم 29 أغسطس اب 2008 محادثات بين وزير الدفاع الاسرائيلي
ايهود باراك وقادة مصريين بمدينة الاسكندرية الساحلية المصرية.
ونقلت البرقية عن دافيد هاحام أحد مستشاري باراك قوله ان الوفد
الاسرائيلي "صدم بسبب مظهر مبارك المتقدم في العمر وطريقة كلامه
المتثاقلة." وأضافت "أشار هاحام الى أن الاسرائيليين يعتقدون أن سليمان
يرجح أن يصبح الرئيس الانتقالي على الاقل اذا توفي مبارك أو أصبح غير
قادر على العمل. بحسب وكالة الانباء البريطانية.
" وقالت "أفاض هاحام في الثناء على سليمان ... وأشار الى أن الخط
الساخن المفتوح بين وزارة الدفاع الاسرائيلية وجهاز المخابرات العامة
المصرية أصبح الان يستخدم بشكل يومي." وأوضحت البرقية أن باراك أثنى
علنا على جهود مصر لوقف تهريب الاسلحة الى مقاتلين في قطاع غزة.
وعبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أمله في أن تحافظ
أي حكومة جديدة في مصر على السلام الذي أمن لإسرائيل حدودا هادئة مع
مصر أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان وعلى نزع السلاح في شبه جزيرة
سيناء المصرية.
شارانسكي ينتقد اسرائيل
فيما اتهم المعارض السوفيتي السابق ناتان شارانسكي السياسيين
الاسرائيليين بالسماح للخوف بالوقوف في طريق ادراك الفوائد المحتملة من
الاصلاح الديمقراطي الذي يطالب به المحتجون في مصر.
وقال شارانسكي (62 عاما) في مقابلة في الذكرى 25 لإطلاق سراحه من
السجن في مقايضة لجواسيس بين الشرق والغرب "أعتقد أن ما حدث في الشارع
العربي .. في تونس والقاهرة .. مؤشر طيب للغاية."
واضاف الحليف السياسي المخضرم لحزب ليكود اليميني الذي ينتمي اليه
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي يرأس حاليا الوكالة
اليهودية وهي منظمة شبه حكومية "يمكن أن تستفيد اسرائيل من هذا. ولذا
نعم فأنا انتقد السياسيين الاسرائيليين الذين لا يفهمون هذا."
وأبدى تفهمه لتلميحات نتنياهو الى القلق في الفترة الاخيرة بشأن
مصير معاهدة السلام التي وقعتها اسرائيل مع مصر اذا سقط نظام الرئيس
حسني مبارك وحلت محله حكومة بقيادة جماعة الاخوان المسلمين. بحسب وكالة
الانباء البريطانية.
وقال شارانسكي ان الاسلاميين طالما عارضوا معاهدة السلام التي وقعت
في 1979 واذا هيمنوا على حكومة مصرية في المستقبل "فان المخاطر ستكون
أكبر بالنسبة لاسرائيل.. لوجودها" أكثر منها بالنسبة للبلدان الغربية.
لكنه تصور احتمال حدوث تقاسم أوسع للسلطة في مصر بعد الاصلاحات فضلا عن
امتداد الديمقراطية الى دول عربية اخرى لا ترتبط باتفاقات سلام مع
اسرائيل بينها الاراضي الفلسطينية وهي خطوات ربما تعزز أمن اسرائيل في
المدى البعيد.
وعبر عن اعتقاده في انه يتوقف على الغرب حاليا بما في ذلك اسرائيل
تحديد ما اذا كانت التغييرات في مصر "ستكون ايجابية أو سلبية.. وما اذا
كنا سنسارع الى البحث عن اشخاص جدد يتبنون الدكتاتورية" أم سنصادق
زعماء ديمقراطيين جددا كحلفاء.
وعمل شارانسكي وزيرا في اسرائيل التي انتقل اليها عام 1986 بعدما
قضى تسع سنوات في السجن بتهم تتصل بالتجسس نفاها بعد سنوات من العمل
كنشط في الدفاع عن حقوق الانسان في موسكو خلال الحكم الشيوعي.
قيادة الجيش
من جانب اخر عينت الحكومة الاسرائيلية الجنرال بيني غانتز رئيسا
جديدا للأركان في ظروف ستفرض عليه مواجهة تحديين اساسيين هما الوضع
الاستراتيجي الجديد بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك وانهاء "الحروب
الداخلية" في صفوف القيادة العسكرية.
واكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان "الجنرال غانتز
ضابط ممتاز وقائد ذو خبرة وسيساعد تعيينه على تثبيت الاستقرار في الجيش
والذي هو امر مهم دائما لكنه بالغ الاهمية عندما تواجه المنطقة هزات".
ويستلم غانتز -الذي تنقصه الكاريزما وتعتبره وسائل الاعلام "جنديا
جيدا"- قيادة اقوى جيش في المنطقة في فترة غامضة جدا بالنسبة لاسرائيل
بسبب سقوط الرئيس المصري حسني مبارك تحت ضغط الشارع المصري بعد حكم
امتد لثلاثة عقود. وجاء تعيين الجنرال المظلي غانتز في اجواء من التسرع
والارتباك. فبعدما عين نائبا لرئيس الاركان، اعلن العام الماضي انه
سيستقيل من الجيش وذلك بعد ان قال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك
انه يفضل ان يتولى الجنرال رئاسة الاركان الجنرال يواف غالانت.
لكن لجنة المراقبة الغت تعيين غالانت في اللحظة الاخيرة بعد
الاشتباه باستيلائه على اراض مجاورة لفيلته بطريقة غير قانونية. ورفض
وزير الدفاع ايهود باراك، الذي تربطه علاقات سيئة مع رئيس الاركان
الحالي غابي اشكينازي تمديد مدة خدمة الاخير والتي تنتهي في وقت قريب،
افساحا في المجال لمزيد من الوقت لإيجاد من يشغل المنصب.
وكان وزير الدفاع نفسه حاول تسمية مرشح اخر لرئاسة الاركان بشكل "مؤقت"
الا ان هذه المبادرة لقيت معارضة شديدة مما اضطر باراك الى ترك مشروعه
والاستسلام لتعيين بيني غانتز. وكان رئيس الوزراء نفسه قد تدخل لوضع
نهاية لهذا الموضوع. وبحسب استطلاع للرأي اجري مؤخرا، فان ثلاثة من
اربعة اسرائيليين يعتقدون ان تصرف وزير الدفاع انتهك "امن الدولة".
ويعتقد محللو الدفاع انه يجب على الجنرال غانتز مراجعة كافة الخطط
الاستراتيجية لمواجهة الواقع الاستراتيجي الجديد في الشرق الاوسط. بحسب
وكالة انباء فرانس برس.
وبتوقيعها معاهدة سلام مع مصر، الدولة التي تضم اكبر عدد سكان في
العالم العربي تمكنت الدولة العبرية من كسر عزلة دبلوماسية كاملة في
المنطقة. وعلى الصعيد العسكري، اتاح هذا الاتفاق للجيش الاسرائيلي خفض
نشر دفاعاته على طول الحدود مع مصر البالغة 240 كلم واعادة نشر قواته
على الحدود الشمالية وفي الاراضي الفلسطينية.
واشارت الاذاعة الاسرائيلية الى ان الجنرال غانتز "لن يستفيد في هذا
الاطار من فترة سماح" وليس بالامكان الاعتماد على خدماته. وانضم
الجنرال غانتز الذي يبلغ من العمر 51 عاما الى فرقة المظليين بعدما كان
قائدا لقوة النخبة "شالداغ" في سلاح الجو ثم قائدا للمنطقة العسكرية
الوسطى التي تغطي الضفة الغربية العام 1994.
وكان غانتز في 2002 قائدا للمنطقة العسكرية الشمالية على الحدود مع
سوريا ولبنان ثم قائدا للقوات البرية العام 2005 واصبح العام 2007
ملحقا عسكريا اسرائيليا في الولايات المتحدة قبل عودته لاسرائيل في
2009 ليصبج نائبا لرئيس الاركان.
ويحمل غانتز شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة تل ابيب وحصل
على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا وعلى شهاد ماجستير
اخرى في ادارة الموارد القومية من جامعة الدفاع القومي في الولايات
المتحدة. وهو متزوج واب لاربعة اولاد.
الإعلاميون والسياسيون
في حين نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عددا كبيرا من مقالات الرأي
لأهم وأشهر الإعلاميين والسياسيين فى إسرائيل، أكدوا فيها أنهم يشعرون
بالصدمة بسبب رحيل الرئيس السابق حسنى مبارك من السلطة بشكل مفاجئ وغير
متوقع بالمرة أدى إلى حدوث حالة من الارتباك والقلق والخوف غير المعلن
فى إسرائيل.
وكان من أبرز هذه المقالات ما نشره الإعلامى الإسرائيلى الشهير "ايتان
هاربر" الذى أكد فى مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بعنوان
"دموعي على مبارك" ، أن الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك شخصية لا تعوض،
أن الشعب المصري أخطأ خطاً فادحاً عندما تسرع وأصر على الإطاحة بمبارك
الذى كان يحكم مصر منذ 30 عاما، مبررا ذلك بأن مبارك كان الحائط المنيع
الأخير الذى يقف في وجه انتشار الإرهاب والتطرف والإسلام الراديكالي
بمنطقة الشرق الأوسط.
وأوضح الإعلامي الإسرائيلي أن المظاهرات التي انتشرت في ميدان
التحرير وبمعظم محافظات مصر ضد نظام الحكم الذى تسبب فى انتشار الفساد
بالمجتمع، تعتبر سبب غير كافٍ للتخلص من زعيم فى مثل حجم وخبرة وحكمة
مبارك الذى كان عامل أمان لمصر وللمنطقة، محذرا فى الوقت نفسه من أن
تسود المنطقة "تسونامى" الإسلام، مثل الإخوان المسلمين الذين سيحولون
الـ 82 مليون مصر إلى جنود يحملون سيوف الإسلام، ويحاولون التهام الدول
الأوروبية والغربية، وسينزع الاستقرار والسلام من العالم.
واعترف الإعلامى الإسرائيلى "ايتان هاربر" بأن مبارك كان "طاغية"،
ولكنه كان رئيساً شديد الولاء لإسرائيل وللولايات المتحدة الأمريكية
التى ساعدت شعبه فى زلزلة عرشه، كما أنه كان متعاون مع إسرائيل وحافظ
على معاهدة السلام، وفتح قصره بترحاب وكرم لقادتها، وصدر لنا الغاز
المصرى الجيد بـ "ثمن بخس"، حتى أنه شارك فى جنازة رئيس الوزراء
الإسرائيلى المغتال إسحاق رابين.
كما أكد ريتشارد تشيزنوف الإعلامي اليهودي الشهير الذى ترأس صحيفة
جيروزاليم بوست و"نيوزويك" الأمريكية وعددا من المؤسسات الصحفية أن
سقوط مبارك سيعجل فى ظهور "الإسلام وفاشيست" فى منطقة الشرق الأوسط،
وبخاصة إذا نجح الإخوان المسلمين فى مصر بانتزاع الحكم لصالحهم، إذا لم
يتمكن الجيش والتيارات السياسية والأحزاب من الحفاظ على السلطة.
وأكد بنيامين بن اليعازر، وزير الدفاع الإسرائيلى السابق وعضو
الكنيست الحالى، والصديق المقرب للرئيس مبارك، فى حديث له التلفزيون
الإسرائيلى أن مبارك رئيس لا يعوض وقدم خدمات كبيرة لبلاده لمدة 61
عاماً، ولكن فى النهاية الجميع تخلوا عنه فى مصر، واضطروه إلى قرار
التنحي الذى اتخذه في محاولة أخيرة للخروج من السلطة "بشكل مشرف".
نتنياهو وعمر سليمان
كما ذكر التلفزيون الإسرائيلي أن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو يجري اتصالات مكثفة مع أوساط في الكونغرس والمنظمات
اليهودية من أجل اقناعها بممارسة أكبر قدر من الضغوط على إدارة الرئيس
الأمريكي باراك أوباما من أجل العمل التدخل لدى قيادة الجيش المصري من
أجل السماح بعودة نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان إلى واجهة الأحداث
تمهيداً لتهيئة للتنافس في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وذكر التلفزيون أن نتنياهو كلف مستشاره السياسي إسحاق مولخو بتركيز
الجهود الدبلوماسية والسياسية الإسرائيلية الهادفة لإعادة عمر سليمان
إلى واجهة الأحداث في مصر، على اعتبار أنه " أوثق حليف " لإسرائيل في
النظام المصري المخلوع. وأكد التلفزيون أن الهيئات القيادية في الجيش
والأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية شددت على مسامع نتنياهو في الآونة
الأخيرة على أنه يتوجب توظيف كل الجهود من أجل عدم اسدال الستار على
عمر! سليمان، الذي تم وصفه بأنه " أهم الشخصيات التي يمكن لإسرائيل
الاعتماد عليها في مصر "، مشددة على أنه من خلال التجربة فقد أثبت عمر
سليمان " حرصاً منقطع النظير على المصالح الأمنية الإسرائيلية "، وبشكل
فاق مستوى الطموحات الإسرائيلية.
وأشار التلفزيون إلى أن النخب الحاكمة في إسرائيل – وبخلاف الانطباع
السائد – حانقة جداً على الرئيس المخلوع مبارك لأنه برفضه التخلي عن
صلاحياته لعمر سليمان أحبط فرصه في خلافته، مشيرة إلى أن الولايات
المتحدة كانت تقصد بحديثها عن " النقل السلس للحكم " تتويج عمر سليمان
خلفاً لمبارك.
وأكد التلفزيون أنه على الرغم الحرص الإسرائيلي على عدم إطلاق
تصريحات علنية إزاء ما يجري في مصر حالياً، فإن ديوان رئيس الوزراء
الإسرائيلي بالتعاون مع وزارة الخارجية والدفاع يجري اتصالات مكثفة من
أجل التأثير على مستقبل الأوضاع في القاهرة. ونقل التلفزيون عن عضو
كنيست مقرب من نتنياهو قوله أن ما ستنتهي إليه الأمور في مصر يمثل "
مسألة حياة أو موت " بالنسبة لإسرائيل.
نتنياهو مرتاح لأحمد شفيق
من ناحية ثانية نقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية عن محافل
إسرائيلية مطلعة قولها أن هناك حالة رضا كبيرة داخل إسرائيل من قرار
المجلس العسكري الأعلى بالإبقاء على حكومة أحمد شفيق للإشراف على إدارة
المرحلة الانتقالية. وأوضحت المصادر أن الإبقاء على حكومة شفيق يساعد
إسرائيل في الحفاظ على قنوات الاتصالات بدوائر صنع القرار في القاهرة
خلال الفترة الانتقالية.
أهداف المخطط
ونوهت الإذاعة إلى أن المخطط الأمريكي يهدف إلى تحقيق الأهداف
التالية:
1- الإسهام في بلورة بيئة سياسية داخلية في مصر تقبل بمواصلة
القاهرة الاضطلاع بالدور الذي قام بها نظام الرئيس مبارك ضمن
الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، سيما مواصلة مصر دورها في مواجهة
إيران.2- أن تواصل القاهرة بهذا الشكل أو ذلك نفس الطريق الذي سلكه
الرئيس مبارك في علاقات مصر العربية، عبر الإبقاء على تحالفها مع ما
يعرف بمحور " الاعتدال " وعدم التقارب مع حركتي حماس وحزب الله، وضمن
ذلك الإبقاء على الحصار على قطاع غزة.
3- تواصل اي حكومة مصرية جديدة الالتزام واحترام معاهدة كامب ديفيد
فقط. وقد نقلت الإذاعة عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله أن تل أبيب لا
تريد أن تواصل الحكومة المصرية القادمة احترام اتفاقية كامب ديفيد فقط،
بل أيضاً مواصلة التعاون الأمني الذي كان قائماً بين مصر وإسرائيل في
كل المجالات، وعلى الأخص في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيق
بين الجانبين.
ويذكر في هذا السياق أن قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة كشفت
النقاب قبل عدة أيام أن التعاون الأمني بين إسرائيل ومصر لم يقتصر على
المخابرات المصرية برئاسة نائب الرئيس المصري المخلوع عمر ! سليمان،
عندما كان رئيساً لجهاز المخابرات، بل أن مبارك أمر قيادة الجيش قبل
عدة أعوام بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي.4- العمل على إخراج العلاقات
المصرية الإسرائيلية من الجدل الداخلي في مصر في ظل الحديث عن مستقبل
الأوضاع في البلاد. ونوهت الرسالة إلى أنه تسود حالة من الرضا في أوساط
الإدارة الأمريكية لعدم تركيز المتظاهرين على ملف العلاقات الإسرائيلية
المصرية.
ماكينزمات العمل الأمريكي لتحقيق الأهداف
من ناحية ثانية نقل التلفزيون الإسرائيلي عن مصادر في الإدارة
الأمريكية قولها أن إدارة الرئيس أوباما تحاول التأثير على مستقبل
الأوضاع في مصر من خلال الخطوات التالية:
1- مواصلة الحملة الإعلامية التي تشدد فيها واشنطن على احتضان
الثورة المصرية وتأييدها، من أجل كسب ود قطاعات واسعة في الرأي العام
المصري.
2- توثيق الاتصالات بين الإدارة الأمريكية وممثليها بالحركات
الشبابية التي أسهمت بشكل كبير في صنع الثورة المصرية، ومحاولة التأثير
على أجندتها السياسية.3- تخصيص أموال كبيرة لمساعدة الأحزاب والحركات
السياسية المصرية، كأحد ماكينزمات الاحتواء في المرحلة المقبلة، مع
العلم أن مجلة " التايمز " الأمريكية أكدت في وقت لاحق صحة هذا
التسريب.4- توظيف علاقات الولايات المتحدة مع النخب المصرية من أجل
الترويج لشخصية " مناسبة " يمكن أن تتنافس على منصب الرئيس في
المستقبل.
وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الأمريكية لم تيأس بعد من إمكانية "
تأهيل " عمر سليمان ليصبح المرشح الرائد في الانتخابات الرئاسية
القادمة، على اعتبار أن تعيينه " أهم ضمانة للاستقرار " في المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن واشنطن غير منزعجة تماماً من إمكانية تنافس أمين
عام الجامعة العربية عمرو موسى على المنصب، مشيرة إلى أن مصر تحت
قيادته لن تكون معادية لإسرائيل والولايات المتحدة. |