محنة شعب العراق ومسؤوليتنا في البناء والتعمير

قبسات من افكار المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: عانى العراقيون ولا يزالون أنواعا شتى من الظلم والامتهان والتجاوز على الحقوق، ولم تقتصر هذه المعاناة على مرحلة محددة، فالتأريخ يؤكد مدى الغبن الحاصل لهذا الشعب من حكوماته التي تعاقبت على ظلمه وقهره وغمط حقوق فقرائه وضعفائه وآخر المطاف العقود البعثية الأخيرة التي أشبعت العراقيين حرمانا وتعذيبا وجوعا وقمعا يفوق التصور في ظل أعتى الطغاة وأكثرهم تجبرا وقسوة.

وبعد التغيير في نيسان 2003 تنفس هذا الشعب الجريح الصعداء وتصوّر بأن نسائم الحرية قد هبّت عليه وأن القادمين إليه من قادة سوف ينقذونه من مخالب الظلم والجهل والمرض وسوف يعوضونه على سنوات وعقود بل وقرون العذاب التي مرت به، لكن السنوات الثمان التي أعقبت التغيير وخلع الدكتاتورية أثبتت حتى الآن بأن العراقيين لازالوا من أكثر المعذبين في الارض لأن من خلف الدكتاتور لم يستطع حتى الآن أن يثبت جدارته في تقديم الخدمة التي يستحقها هذا الشعب، مع أنه محروم ومظلموم ومقموع وممزق بسبب حكامه الظالمين، وهكذا فإن العراق عاش ويعيش في محنة كبيرة.

يقول سماحة المرجع آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) بهذا الصدد كما ورد في الكتاب الموسوم بـ (من عبق المرجعية):

ان (شعب العراق في محنة كبيرة، فهذا الشعب المؤمن، المظلوم، المضطهد، وهذه الامة المبتلاة، المؤمنة، المضطهدة، بما فيها من الضعفاء، والنساء، والاطفال في العراق الجريح، هؤلاء منذ عدة قرون، وبالأخص منذ عدة عقود، في ظل حكم البعث، يعيشون مأساة شديدة).

وتصوّر العراقيون بأنهم مع زوال الطاغية الأكثر قسوة وتجبرا فإنهم سوف يعيشون الحياة الكريمة التي يستحقونها خاصة وانهم يعيشون في أرض معطاء وفي بلد يعدّ من أغنى بلدان العالم بثرواته المعدنية والزراعية والعلمية والدينية وغيرها، وفي هذا الصدد يؤكد سماحة المرجع الشيرازي حقيقة قائمة وموجودة في العراق إذ يقول في الكتاب نفسه:

(يملك العراق كل مقوماة الرفاه، وفوق ذلك يحتوي على مراقد اهل البيت -عليهم السلام- التي هي مهوى قلوب العالم، لا الشيعة فقط، ولا المسلمين فقط، بل هي مهوى قلب الانسان بما هو انسان). ويضيف سماحة المرجع الشيرازي قائلا:

(العراق ارض السواد، فلا أتصور، ولم اسمع ببقعة اخرى في العالم، تسمى بأرض السواد، بما يعني انها ارض كلها خير وبركة).

وهكذا يعد العراق بلدا غنيا بموارده وشعبه بل من اغنى الشعوب ومع ذلك لم يستطع أن يحقق عيشا كريما يناسب قيمة الانسان وكرامته والسبب كما هو واضح حكامه وحكوماته التي تعاقبت على حكمه بقوة الحديد والنار مع نشر الجهل والمرض بين صفوفه ومحاربة الوعي ليتسنى لها السيطرة عليه وتحقيق منافعها من خلال سرقة ثروات الشعب، فمع كثرة هذه الثروات لكن المشاكل الاقتصادية عصفت ولا تزال بشعب العراق، إذ يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا بهذا الصدد:

(ان العراق بلد الخيرات، وهو بلد غني بكل شيء، وقد فضل الله سبحانه وتعالى هذه المنطقة، وهذه القطعة من الارض، معنويا وماديا، ولكن مع كل ذلك، حدثت له هذه المظالم وهذه المشاكل).

ولهذا السبب يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على اهمية العراق واهمية مساندة شعبه على تجاوز محنته، فيقول وينبّهنا سماحته في هذا المجال قائلا:

(ينبغي على الجميع الانتباه والالتفات لما يجري في العراق).

ويدعو سماحة المرجع الشيرازي الى ضرورة أن يتحمل الجميع مسؤوليته ازاء العراق خاصة وانه يعاني من الاذى الذي تسبب به طغاة البعث ليأتي دور السياسيين الحاليين وفشلهم في تعويض الشعب عما ألحق به من قهر وجوع وحرمان، وشعوب كهذ لن تبقى صابرة على الظلم وهو ما يحدث في منطقة الشرق الاوسط والدول العربية والاسلامية حيث تتصاعد الانتفاضات والتظاهرات وموجة التغيير التي ضربت دولا عديدة وأسقطت حكوماتها التي لم تقم بدورها الصحيح تجاه الشعب، لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا:

(علينا ان نعمل في مسؤولية مد يد العون، والمحبة، لأعزتنا في العراق المظلوم، ونشرّف أنفسنا بالعمل بهذه المسؤولية).

ويضيف سماحته قائلا بهذا الصدد كما ورد في الكتاب نفسه:

(يجب علينا ان نقوم بدور مسؤولية بناء العراق، فإن مسؤوليتنا كبيرة، وواسعة وبحاجة الى جهود كثيرة وكبيرة، فكل انسان من الممكن ان يكون شمعة في هذا المجال، وكل كلمة لها قيمتها، وكل عمل، فانها مثل قطرات المطر فاذا كثرت القطرات يتولد عنها السيل الجارف).

وهكذا فإن الجميع مطالبون (أفرادا وقادة ونخبا) بتحمل مسؤولياتهم ازاء هذا الشعب الذي يستحق أن ينمو ويتطور ويزداد وعيا ويعيش كما تعيش الشعوب الحرة الكريمة، وأول المسؤولين هم قادته السياسيين ثم نخبه الثقافية والدينية والعلمية وغيرها، ثم يأتي دور الافراد ومسؤولياتهم الهامة في حماية وتطوير العراق ارضا وشعبا ومقدسات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/شباط/2011 - 20/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م