قراءة في كتاب: تشريح التدميرية البشرية

 

 

 

الكتاب: تشريح التدميرية البشرية

الكاتب: إريك فروم

ترجمة: محمود منقذ الهاشمي

الناشر: منشورات وزارة الثقافة سوريا دمشق 2006

عدد الصفحات: 420 من القطع الكبير

قراءة: عدنان عباس سلطان

 

 

 

 

شبكة النبأ: محنة الانسان انه يمتلك رغبة عارمة في تدمير فصيلته التي ينتمي اليها أي نظيره الانساني وهو بذلك يتحول الى صنفين بالضرورة الواقعية وتحت هيمنة القوة القاهرة وتحوله ان يكون الى صنف خانع للقوة وصنف متمتع بهذا الخنوع لكننا بهذا التصنيف نجانب الحقيقة فليس في واقع الحال ان جميع الناس متمتعين بالخنوع للقوة وهذا يشمل فقط مسلوبي الارادة من ذاتهم فهم بحاجة الى القوي المهيمن لكي يشعروا بالمتعة وهو ما يطلق عليه بالمازوخية وهو عكس السادية التي ترغب في التحكم بالاخرين واذلالهم او تعذيبهم ليس من هدف يرجونه من وراء ساديتهم غير الاثارة والمتعة في تعذيب الآخرين. وعدى مسلوبي الارادة او من تضمحل شخصياتهم في الآخر القوي هناك تنوعات بشرية لهم انواع ملائمة من السادية يمارسونها في مجالها الخاص بهم وايضا لهم مازوخيتهم التي يمارسونها في مجالها الخاص وقد نجد اشخاصا يقومون في الجانب السلبي والجانب الايجابي أي انهم يمارسون كلا الدورين في حياتهم فتراهم خنوعين امام القوي وربما يشعرون باللذه في هذه المقاربة لكنهم في وجه آخر هم ساديون بامتياز ولعل كثير من هؤلاء يمكن مصادفتهم في دائرة السلطة والمقربين للقوي المهيمن ولنا مثال في هؤلاء هم رجال الامن والاستخبارات وفرق الاغتيال التابعة لسلطة القوي المهيمن وشواهدها التاريخية كثيرة جدا لو اننا اخذنا نماذج الدول الشمولية او الدول التوليتارية من امثال هتلر وستالين وموسوليني ومقلديهم من رجال العالم الثالث كصدام حسين وفرق الاغتيالات التي تقوم بالتصفيات الجسدية للمعارضين او المشكوك فيهم وفي ظل هذه التبريرات السياسية كانت تمارس كثير من الفضائع غير المبررة في هتك الاعراض وقتل الابرياء من اجل المتعة وممارسة السادية المفرطة لدى مجاميع الاستخبارات وقوى الامن والفرق الخاصة وهي بمجموعها اصناف من القتلة والساديين ولكنهم ايضا مازوخيين الى حد كبير امام قائدهم لا لكونه يرفدهم بالاقناع ويبرر لهم لكنه في الحقيقة يمثل لهم الوجد اللازم للاثارة. أي بما يلائم لهم ولغرائزهم المزدوجة المتحركة بين السادية والمازوخية.

ونحن اذ نتحدث عن السادية او المازوخية فاننا قطعا لا نتحدث عن الاسوياء البعيدين عن هذه الامراض والذين يتصرفون وفق نظرتهم الرزينة في الحياة والذين يتحملون تبعة هذه الامراض الخطيرة في المجتمعات.

هل العدوانية فطرية في الانسان كان هذا السؤال الذي اقلق الباحثين وكان البحث الجدي في عشرينات القرن العشرين حين قدم فرويد نظرية جديدة راى فيها ان الرغبة في الموت والتدمير جزءا اصيلا في غريزة الانسان ويتعذر استئصال هذا الشعور ذلك لانه يشبه الغريزة كالمجاهدة من اجل الحياة فكانت غريزة الموت مساوية في قوتها لغريزة الحياة وزعم الاخرون من امثال كونراد لورنتس على الرغم من انطلاقهم من موقف نظري مختلف ان عدوانية الانسان فطرية ومن العسير التحكم بها وفي مقالبل هذا التجاه الغريزي الذي يعتقد بوجود غريزة خلف كل سلوك بشري ظهرت المدرسة السلوكية التي تدرس السلوك وتصرف النظر عن الدوافع والقوى الذاتية التي تدفع الانسان الى ان يتصرف بطريقة معينة ولم يكن الخيار بين الغريزوية والسلوكية في صالح التقدم النظري وكلا الموقفين احادي التفسير يعتمد على تصورات دوغمائية سابقة من اجل التعصب لاكتشاف الصفة الفطرية للنزعة التدميرية كما يقول فروم في خاتمة كتابة ازمة التحليل النفسي وكادت الا تكون هناك محاولة للتمييز بين انواع العدوان المختلفة.

يميز فروم بين عدة انواع من العدوان وبصورة خاصة بين العدوان غير الخبيث والعدوان الخبيث والعدوان غير الخبيث العدوان الدفاعي وهذا العدوان يشترك فيه مع الحيوانات عندما تتهدد المصالح الحيوية وهذا الدافع مبرمج وفقا للنشوء النوعي وهو جزء من الطبيعة البشرية وان كان ليس غريزة فطرية ومن انواع العدوانية كذلك العدوان الوسيلي الذي يكون فيه العدوان من اجل ما هو مرغوب فيه وغالبا ما يكون دافعه الجشع ووسيلته الحرب وكما يقول فروم ان عدوان الجشع على المستوى التاريخي هو احد اكثر اسباب العدوان تكرارا وهو قوي قوة الرغبة فيما هو ضروري موضوعيا وقد كانت حوافز الحرب متعددة الارض الزراعية والثروة والعبيد والمواد الخام والاسواق والتوسع والدفاع الا انه لا تستطيع اية حكومة ان تقول لافراد شعبها موتوا من اجل اطماعنا فكان لابد من تبرير الجشع بانه المصلحة العامة وفي كل الاحوال لابد من حشد العدوان الدفاعي وايهام الناس بانهم في حالة الخطر ولابد لهم ان يذودوا عن وطنهم وامنهم لذلك اخذ صانعوا الحروب يدعون انهم يحاربون الارهاب ويدافعون عن السلام والديمقراطية وحقوق الانسان وعندما بدا هتلر الحرب على بولونيا كانت حماسة الالمان للحرب صفرا على الرغم من وصف اهداف الفتح بانها ضرورية للأمن المستقبلي للرايخ الالماني فاضطر هتلر ان يقدم في احدى المحطات الاذاعية هجوما زائفا قام به جنود بولونيون مزعومون وفي الحقيقة نازيون متنكرون لكي يوقظ الاحساس بوجه الهجوم كما جاء في كتاب فروم وهكذا فانه من الممكن خداع العدوان الدفاعي وتضليله كما يجري في كثير من الاحيان وكثيرا ما توفر الدولة التي سيعتدى عليها الفرصة لايقاظ الاحساس بالدفاع عند الطرف المعتدى عندما تتاهب تلك الدولة للحرب دفاعا عن نفسها. ولنا شاهد في ايقاظ الراي العام العراقي عندما سوغ صدام حرب الخليج بان المراة العراقية قد اهين جانبها وان هناك سرقات من اموال الناس متمثلة بالنفط وقال قولته الشهيرة قطع الاعناق ولا قطع الارزاق وان الكويت جزء لايتجزا من العراق، وهكذا تداعت التبريرات التي تهدف

ويميز فروم في العدوان الخبيث بين السادية بمختلف انواعها والتدميرية التي يطلق عليها مصطلح النكروفيليا.

 والتمييز بين العدوان الدفاعي غير الخبيث والعدوان الخبيث يقتضي تمييزا اخر اشد اساسية هو التمييز بين الغريزة والطبع أي بين الدوافع الراسخة في حاجات الانسان الفزيولوجية وتلك العواطف الانسانية بصورة خاصة والراسخة في طبعه ومن ثم فان السادية والنكروفيليا طبعان ولسيتا غريزتين.

تشريح التدميرية البشرية لمؤلفه اريك فروم اذ يستعرض اراء علماء النفس الاجتماعي وهم جملة من الشخصيات المهمة في هذا العلم الكبير انما يعرض افكارهم وآرائهم فهو يقول ذلك بكثير من الاحترام والتقييم حتى وان كان يعترض على بعض افكارهم وفي الكتاب معلومات مهمة جدا لتلك الآراء وما يقوله إزائها انما تكون حقائق العلم لايمكن اختصارها وخصوصا وانه يناقش مسالة واسعة خلال جزئين من كتابه الذي هو مدار قرائتنا بل نعد كتابيه انما هما ثروة من المعلومات وخصوصا وانه يعرض حالة كثير من المجتمعات المبحوثة في الكتاب سواء من ناحية التجريب والمعايشة او في الاختبارات والدراسات والفحص السريري لعلم النفس وسايكولوجية الافراد كذلك من الجانب التاريخي واهم النظريات النفسية او النشوئية كنظرية فرويد في علم النفس ونظرية داروين في علم الانتخاب الطبيعي ومن يشابههم في ذينك الميدانين. وعلى هذا فان اكتاب تشريح التدميرية البشرية هو معلومات متصلة ومتعاقبة لايمكن للقارئ اهمال فصل من فصوله ذلك لترابطها العلمي والتفصيلي وما يتصل فيها من شروحات ومصادر لها غاية الاهمية والكتاب في حد ذاته وبجزئيه يعد مصدر كبير لعلم النفس الاجتماعي يحتاجه القارئ والباحث ليس في ميدان علم النفس وانما في ميادين اخرى وفق اشتغاله المتعدد في المواضيع التي لها تماس مع كثير من العلوم. وكثير من القضايا في وقتنا الراهن على الاقل.

يتكون الكتاب الجزء الاول من الفصول التالية:

1 ـ مقدمة واصطلاحيات البحث ثم توطئة.

الباب الاول : الغريزوية والسلوكية والتحليل النفسي.

الفصل الاول :الغريزوين. الغريزوين القدماء الغريزوين الجدد زيغموند فرويد كونراد لورنتس

مفهوم فرويد للعدوان نظرية العدوان للورنتس.

الفصل الثاني البيئون والسلوكيون،بيئوية عصر التنوير

السلوكية

السلوكية الجديدة عند سكنر

الغايات والقيم

شعبية سكنر

في الاختبارات السايكولوجية

نظرية الاحباط والعدوان.

الفصل الثالث الغريزوية والسلوكية

اوجه تشابه اوجه اختلاف

اساس مشترك

2 ـ الباب الثاني :

الدليل ضد الفرضية الغريزوية

الفصل الخامس فزيولوجيا الاعصاب

علاقة علم النفس بفزيولوجيا الاعصاب

الدماغ بوصفه اساسا للسلوك العدواني

الوظيفة الدفاعية للعدوان

غريزة الفرار

الافتراس والعدوان

الفصل السادس

السلوك الحيواني

العدوان في الاسر

العدوان البشري والازدحام

العدوان في البرية

الاقليمية والسيطرة

العدوان بين الحيوانات اللبونة

هل لدى الانسان رادع عن القتل

الفصل السابع

علم المستحاثات

هل الانسان نوع واحد

هل الانسان حيوان مفترس

الفصل الثامن

الانثربولوجيا

الانسان الصياد هل هو آدم انثربولوجي

العدوان والصيادون البدائيون

الحرب البدائية

العصر الحجري

مجتمعات ما قبل التاريخ

الثورة المدينية

العدوان في الثقافات البدائية

تحليل ثلاثين قبيلة بدائية

المجتمعات المؤكدة للحياة

المجتمعات التدميرية

3 ـ الباب الثالث

الفصل التاسع

العدوان غير الخبيث العدوان الزائف العدوان التصادفي عدوان اثبات الموجودية العدوان الدفاعي

الاختلاف بين الحيوانات والانسان

العدوان والحرية

العدوان والنرجسية

العدوان والمقاومة

العدوان الممتثل

العدوان الوسيلي

اسباب الحرب

الفصل العاشر

العدوان الخبيث

طبيعة الانسان

حاجات الانسان الوجودية

الترسخ الوحدة الفعالية

الاثارة

الضجر

الاكتئاب المزمن

بنية الطبع

شروط نشوء العواطف الراسخة

الشروط الفزيولوجية

الشروط الاجتماعية

الوظائف النفسية والعواطف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/شباط/2011 - 4/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م