مظاهرات عراقية... على خطى الاحتجاجات العربية

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: كان من المتوقع ان تؤثر الثورات العربية خلال هذه الفترة ضد انظمتها على الواقع الشارع العراقي لاسيما وان الاخير لا تختلف حياته الصعبة عن اشقائه الشعوب العربية التي تحيط به، لذلك فبدأت المظاهرات بالظهور على الشارع العراقي مطالبة بإيجاد حلول سريعة ترجع لها حقها المفقود في شتى ميادين الحياة التي فقدوها من خدمات ووظائف وحقوق مدنية اخرى هذا ما زرع مخاوف لدى الحكومة العراقية من انتفاضة الشعب ضدها وهذا ما ايقظها من غفوتها حتى بدأت المبادرات والقرارات تصدر بين الحين والاخر والتي تصب في مصلحة الشعب في سبيل تهدئة الامور.

ومن جانبه فقد قرر رئيس الوزراء تخفيض راتبه الى النصف كمبادرة "لتقليل التفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع" على حد قوله، على امل ان يحذو حذوه باقي السياسيين في الحكومة العراقية، كما انه اكد على ان لا توجد هناك ولاية ثالثة له بعد هذه، ومن جانب اخر فيشهد العراق وخاصة من الناحية الاقتصادية تغييرا جديدا في نظام الضريبة الجمركية على البضائع المستوردة وهذا ما يقلق التجار والمحللين من غلاء السوق العراقي.

لا ولاية ثالثة

فقد استبعد رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي تجديد ولايته لفترة ثالثة، وذلك عقب إعلانه خفض راتبه إلى النصف.

ونقل التلفزيون الرسمي عن المالكي قوله إنه لن يسعى إلى البقاء في منصبه لولاية ثالثة بعد نهاية الحالية عام 2014. وتولى المالكي رئاسة الحكومة العراقية للمرة الأولى في مايو/أيار عام 2006، والثانية في تشرين/نوفمبر الماضي عقب أزمة سياسية استمرت دامت زهاء تسعة أشهر تلت الانتخابات التشريعية في مارس/آذار 2010.

ويأتي قرار المالكي عقب آخر مماثل اتخذه الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، بعدم الترشح للرئاسة مجدداً عقب انتهاء ولايته عام 2013، وإثر اضطرابات تنادي بالديمقراطية يشهدها العالم العربي.

وفي الفترة السابقة، خرج عراقيون لشوارع بغداد  للتنديد بتفشي الفقر وارتفاع معدلات البطالة التي بلغت 45 في المائة ونقض المواد الاستهلاكية والمياه والكهرباء. كما تجمع نحو 200 شخص في شارع المتنبي بوسط بغداد لإبداء تضامنهم مع مسيرات الاحتجاج في مختلف أنحاء العالم العربي والتنديد بالأوضاع في الداخل. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وردد بعضهم شعارات في دعم "الديمقراطية والسلام" في مصر وتونس، وهتف بعضهم "الحكومات المناوئة لأصوات الحق".. ولا تمنعونا حق التعبير.. نطالب بالتغيير." وتعصف بالعالم العربي سلسلة انتفاضات شعبية تدعو للحرية وتندد بالأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشية، دفعت للإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، وتطالب برحيل الرئيس المصري، حسني مبارك.

رواتب المسؤولين

من جانبه طالب المتحدث باسم ائتلاف العراقية شاكر كتاب بأن يشمل القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء نوري المالكي بتخفيض راتبه إلى النصف كل المسؤولين في العراق.

وقال كتاب إن “القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء نوري المالكي القاضي بتخفيض راتبه إلى النصف يجب أن يشمل كل المسؤولين العراقيين، واطالب بتوسع هذا القرار حتى يشمل التخصيصات والمنافع الاجتماعية والساعات الاضافية لهؤلاء".

وأوضح كتاب أنه "يجب أن يُعمم هذا القرار على كل المسؤولين دون استثناء، بمن فيهم اعضاء مجلس النواب للعمل على تقليص الفوارق بين مكونات الشعب العراقي"، مشيرا إلى أن "هناك اناسا يعيشون تحت خط الفقر والمجاعة، واناسا اثرياء يحتارون بكثرة اموالهم". بحسب وكالة انباء اصوات العراق.

وأضاف أن "هذه الخطوة هي مناسبة ايضا لكي يلتفت كل المسؤولين إلى الوضع في العراق، لأن نفس الظروف التي توفرت في تونس ومصر وبقية الدول العربية من مجاعة وظلم واضطهاد وفقر هي ايضا موجودة في العراق، لذا على المسؤولين أن يبادروا باتخاذ خطوات تحول دون انفجارات للوضع داخل العراق".

تخصيص 25% من واردات النفط للشعب

على الصعيد ذاته طالب النائب عن التحالف الوطني صباح الساعدي، بتخصيص 25% من واردات النفط وتوزيعها على الشعب.

وقال الساعدي خلال مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب إن "على الحكومة المركزية ومجلس النواب أن يخصصا 25% من ايرادات النفط وتوزيعها على الشعب العراقي بشكل مباشر وفق المادة 109 التي تنص على أن النفط والغاز ملك للشعب العراقي".

وأضاف الساعدي "اطالب رئيس الوزراء نوري المالكي باستخدام صلاحياته باقالة المحافظين للمحافظات غير المنتظمة باقليم وذلك لتدهور الاوضاع الخدمية وفشلهم في ادارة محافظاتهم".

وأشار إلى أن "من يقمع التظاهرات التي يعبر بها الشعب العراقي عن مايريد سيكون مصيره كمصير الحكام الذين اطاحت بهم شعوبهم في المنطقة لأن الشعب هو مصدر السلطات".

تخفيض الرواتب

بينما دعا مواطنون من أهالي بغداد رئيسي الجمهورية ومجلس النواب والوزراء والبرلمانيين والقادة المحليين إلى تخفيض رواتبهم اسوة برئيس الوزراء نوري المالكي، واعادة النصف الآخر إلى خزينة الدولة، كبادرة اثبات حرص على رعاية الطبقات الفقيرة في المجتمع.

يأتي هذا في وقت يقوم فيه مجلس النواب مشروع قانون الموازنة المالية الاتحادية العامة للبلاد لسنة 2011. وقال علي سند، (32) عاما يسكن حي القاهرة شمال شرقي بغداد، إنه "بغض النظر عن الاسباب التي خفض بموجبها رئيس الوزراء راتبه إلى نصف، فإننا ندعو اعضاء البرلمان بوصفهم ممثلين عن الشعب وكذلك الوزراء والحكومات المحلية واصحاب الدرجات الخاصة، بالعمل على تخفيض رواتبهم إلى النصف، اسوة برئيس الحكومة، دعما للطبقات الفقيرة وتخفيض سقف الامتيازات، طالما سمعنا عن وجود عجز بالميزانية للسنة الحالية 2011".

وأضاف سند أن هؤلاء المسؤولين "فيما إذا قرروا تخفيض رواتبهم إلى النصف او حتى إلى الربع، فستزداد ثقة الشعب بهم، وسنشعر بحرصهم على البلد اكثر من حرصهم على انفسهم ومستقبلهم".

فيما رأى ابو زيد، (61) عاما متقاعد يسكن حي الشرطة جنوب غربي بغداد، أن "الوقت قد حان لتخفيض رواتب اعضاء البرلمان والحكومة، تزامنا مع قرب اقرار الموازنة المالية، طالما سبق أن اعلنت الرئاسات الثلاث رغبتها في ذلك عبر وسائل الاعلام، اضافة إلى تخفيض رواتب المتقاعدين منهم، من 80% إلى 30 او 20%، اسوة بالمتقاعدين من ابناء الشعب المدنيين منهم والعسكريين".

وأضاف متسائلا "ما جدوى أن يوجه رئيس الوزراء بتخفيض راتبه إلى النصف، فيما يبقي اعضاء حكومته على رواتبهم العالية، ففي ظل التظاهرات في البلدان العربية ضد الحكام والفساد بسبب الجوع والبطالة وعدم تكافؤ فرص العمل، لابد أن يقوم البرلمانيون والوزراء واعضاء الحكومات المحلية وحتى البلدية وكذلك اصحاب الدرجات الخاصة بتخفيض رواتبهم إلى النصف على الاقل تزامنا مع اقرار الموازنة المالية".

فيما قالت ميلاد سعد، (ثلاثينية) تسكن شارع فلسطين شرقي بغداد، "ندعم توجهات اعضاء البرلمان المطالبين بتخصيص 15 إلى 20% من الموازنة إلى ابناء الشعب بشكل مباشر من الموازنة المالية، ونشجع المسؤولين ممن يخفضون رواتبهم إلى النصف، كبادرة خير ولتعزيز الثقة بين المواطن والمسؤول".

وأضافت سعد أن "تخفيض راتب رئيس الوزراء غير كاف، ولابد من قيام جميع المسؤولين بالتخفيض، طالما هناك احياء فقيرة وطبقات مسحوقة في المجتمع العراقي بحاجة إلى دعم واسناد، وانتشالهم من الفقر المدقع الذي يعيشونه". بحسب وكالة انباء اصوات العراق.

وطالب عدد من النواب في التحالف الوطني في قائمة احرار ونواب مستقلون بتخصيص 20% من واردات النفط وتوزيعها على الشعب، بشكل مباشر وفقا للمادة 109 التي تنص على أن النفط والغاز ملك للشعب.

ويرى ذو الفقار علي، (25) عاما وهو بائع خضروات في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد، أن "التظاهرات في العراق، لم تجد نفعا، طالما خرجنا بالعديد من التظاهرات للمطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية ودخل الفرد، ولم نسمع غير الوعود التي سئمناها،على امل أن يقوم جميع اعضاء البرلمان والحكومة بتخفيض رواتبهم، دعما للشرائح الفقيرة في المجتمع".

احتجاجا على نقص الخدمات الاساسية

وكان قد نظم مئات العراقيين مؤخرا عدة مظاهرات مطالبين بتحسين الخدمات الاساسية وباستقالة مسؤولين حكوميين محليين فيما تجتاح الاضطرابات معظم أنحاء الوطن العربي. وفي بغداد تجمع حوالي 250 شخصا في منطقة باب الشام الفقيرة للاحتجاج على نقص الخدمات. وقال المهندس فرات الجنابي "هذه مأساة. حتى في العصور الوسطى لم يكن الناس يعيشون في هذا الوضع."

وحمل بعض المتظاهرين نعشا كتبت عليه كلمة "الخدمات" بينما دعا اخرون الى استقالة كافة اعضاء المجلس المحلي في منطقتهم. وما زالت البنية التحتية العراقية بعد مرور نحو ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في حالة مزرية. ويعاني العراق من انقطاع مزمن لخدمات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء.

وبينما يمثل الاحباط العام تحديا للحكومة مع خروج العراق من حرب طائفية بعد الغزو فانه تحرر بالفعل من حكم استبدادي يسعى محتجون في دول أخرى مثل مصر للتخلص منه.

وفي مدينة البصرة الغنية بالنفط على بعد 420 كيلومترا جنوبي بغداد طالب نحو 100 متظاهر باستقالة المحافظ وأعضاء المجلس المحلي متهمين اياهم بالفساد.

وحمل المتظاهرون بطاقات صفراء مثل تلك التي يستخدمها الحكام في مباريات كرة القدم في انذار اللاعبين قبل طردهم.

وقال نوري الغضبان (43 عاما) الذي يعمل بأجر يومي في أعمال البناء ولديه ستة أطفال "انا وأطفالي نعتمد تماما على الحصص الغذائية وبدونها نموت. انا اجد عملا في يوم ولا أجد عملا لعشرة ايام."

واضاف "انا ابحث عن الكيروسين منذ شهر ولا اجده. لقد نلنا ما فيه الكفاية. ما الذي يريدونه (المسؤولون).. ان نحرق انفسنا حتى يفكروا فينا.."

وخرجت مظاهرات أخرى في مدينة الرمادي غرب العراق وفي بلدة بالقرب من الديوانية. وخرجت مظاهرة صغيرة في مدينة الموصل شمال العراق. وكانت المظاهرات سلمية وتجئ بعد أن أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي أعيد تعيينه رئيسا للوزراء لفترة ثانية في ديسمبر كانون الاول عن خفض مرتبه الشهري البالغ 30 الف دولار الى النصف وانه سيسعى الى تحديد فترات رئاسة الوزراء بفترتين فقط.

وفتحت الشرطة العراقية النار يوم الخميس لتفريق مئات المواطنين المحتجين على الانقطاع المستمر للكهرباء ومياه الشرب وخدمات أخرى قرب مدينة الديوانية مما اسفر عن اصابة ثلاثة أشخاص. وخرجت مظاهرات مماثلة احتجاجا على انقطاع الكهرباء في البصرة في يونيو حزيران حيث فتحت الشرطة النار مما اسفر عن سقوط قتيلين.

لجنة تقصي

من جهتها قالت النائبة عن التحالف الوطني اقبال الغرابي، إن لجنة شكلت من مجلسي النواب ومحافظة الديوانية لتقصي أسباب المظاهرات التي قام بها أهالي المحافظة، مشيرة الى ان المحافظة تعاني من تردي الخدمات وارتفاع معدلات البطالة والفقر مع عدم توفر مصادر مالية اضافية مثل اموال البترودولار.

وأوضحت ان تحالفها "يستنكر منع المظاهرات السلمية التي يعبر من خلالها المواطنون عن آرائهم بالواقع الذي يعيشونه"، مضيفة ان "لجنة شكلت من مجلسي النواب ومحافظة الديوانية لتقصي أسباب المظاهرات التي شهدتها المحافظة خلال اليومين الماضيين".

ومنعت الأجهزة الأمنية بالديوانية، أمس الجمعة، مواطنين كانوا قد تجمعوا للتظاهر في الساحة الحجرية وسط الديوانية احتجاجا على سوء الخدمات وصعوبة الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات البطالة في المحافظة. بحسب اصوات العراق.

وأضافت الغرابي ان "محافظة الديوانية مرت بظروف صعبة وعانت من التهميش وقلة الخدمات بما فيها عدم توزيع مفردات البطاقة التموينية وارتفاع اجور الكهرباء، اضافة الى المستوى المعاشي المتدني لأهالي المحافظة"، مشيرة الى ان "الديوانية من افقر محافظات العراق وهي بحاجة الى اهتمام خاص لعدم امتلاكها منافذ حدودية ولا حقول نفطية تؤمن مبالغ البترودولار"، موضحة ان "كل هذه الأمور جعلت مواطني الديوانية في حالة هيجان وغليان للخروج بمظاهرات سلمية للمطالبة بتوفير الخدمات الاساسية لهم وتطوير واقع محافظتهم".

وعلق مجلس محافظة الديوانية، في جلسة استثنائية عمل قائممقام قضاء الحمزة الشرقي ومجلسه البلدي لحين إجراء انتخابات مبكرة وتكليف أعضاء المجلس بإدارة القضاء الى ذلك الحين.

وقرر المسؤولون في المحافظة بعد الاتصال مع الحكومة الاتحادية تطوير الخدمات في المحافظة والاسراع في توفير مفردات البطاقة التموينية.

انتشار قوات مكافحة الشغب

فيما انتشرت القوات الأمنية وقوات مكافحة الشغب, الجمعة, في التقاطعات والشوارع الرئيسية بالناصرية استعداد لتظاهرة شعبية تنطلق للمطالبة بتوفير فرص العمل، فيما اشار محلل سياسي الى صعوبة خروج تظاهرات كبيرة في ظل التوافق السياسي والحزبي السائد حاليا.

وقال نائب رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة ذي قار جميل يوسف ان "اللجنة الأمنية قامت بنشر عناصر مكافحة الشغب استعدادا لخروج جماعات من العاطلين عن العمل للمطالبة بتوفير فرص عمل وتحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية، فضلا عن خروج الأعضاء السابقين للمجالس المحلية والذين يطالبون بمنحهم رواتب تقاعدية بدرجة معاون مدير عام، في وقت يقوم مجلس المحافظة بالتثبت من صحة مطالبهم خاصة مع ارتفاع عددهم الى رقم كبير".

وأضاف "نحن مع حق التظاهر ما دام القائمون على التظاهرة يحصلون على الموافقات الاصولية لتنظيمها، ومادامت مطالبهم مشروعة". بحسب اصوات العراق.

من جهتها نفت الأحزاب الاسلامية الممثلة في الحكومة المحلية وقوفها خلف أية تظاهرة تنطلق اليوم، او نيتها المشاركة في التظاهرة، التي أشار عدد من خطباء الجمعة الى انطلاقها دون تحديد الجهة التي تقف وراءها.

من جانبه، استبعد المحلل السياسي فاضل الخاقاني، خروج تظاهرات كبيرة في ظل التوافق السياسي والحزبي السائد حاليا.

وقال ان "الجو العام السائد في المحافظة مهيء للخروج بتظاهرات للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية نتيجة النقص في الخدمات، وخصوصا تاخر وعدم وصول مفردات البطاقة التموينية".

واستدرك الخاقاني، قائلا "لكن المواطنين عموما لا يستطيعون الخروج في تظاهرات كبيرة دون دعم الاحزاب السياسية التي يوجد بينها اتفاقات سياسية تمنعها من الخروج، وفي حال حدوث خلاف ذلك فستكون هنالك تظاهرات لايمكن السيطرة عليها، وهو الامر الذي حذر منه قائد الشرطة مؤخرا".

وكانت محافظة ذي قار، شهدت العام الماضي خروج أربع تظاهرات كبيرة للمطالبة بالكهرباء والخدمات تسببت بوفاة شخص مسن واصابة اكثر من 100 شخص من القوات الامنية والمتظاهرين بجروح مختلفة.

يمكن أن يتكرر بالعراق

في سياق متصل حذر ممثل المرجع الديني الأعلى علي السيستاني في كربلاء، من انفجار الوضع في بقية الدول العربية ومنها العراق، إذا لم تتخذ الحكومات حتى التي تنتهج الديمقراطية، جملة من الإصلاحات ومنها القضاء على الفوارق الطبقية والفساد الإداري، محذرا في الوقت عينه من زيادة الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة للصوت للكفاءات وكبار المسؤولين بوجود تغلغل داخل الأجهزة الأمنية.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة بالصحن الحسيني، ان "هذه الأيام تشهد غليانا جماهيريا وغضبا عارما في بعض الدول العربية، وقد بدأت الموجة في تونس ثم مصر، وهي مظاهرات على الأنظمة السياسية الحاكمة تطالب بتغييرها".

وأضاف "لكن من الضروري ان تدرس الحكومات جميعا، حتى الحكومات التي تنتهج الديمقراطية، أسباب ما حصل ويحصل لتستخلص الدروس لأن ظهور بعض المسببات في أي شعب سيفجر الأوضاع"، مشيرا الى "الفوارق الطبقية والمالية، بين طبقة مترفة تتوفر لها جميع وسائل الراحة والرفاهية وبين طبقات محرومة فقيرة تعاني من بطالة وحرمان وتفتقر إلى الحد الأدنى من وسائل الحياة الحرة الكريمة".

وزاد "هذا ظلم اجتماعي كبير، لأن هناك فارق فاحش بين الطبقات يمكن أن يسبب مشاكل واحتجاجات، كما ان هناك سبب ثان هو وجود فساد مالي كبير بحيث يرى أبناء الشعب إن أمواله وثرواته تنهب ولا علاج جذري للمشكلة وكان من الممكن أن تستخدم هذه الثروات في مطانها الصحيح لتقديم الخدمات وإنعاش الوضع المالي والاجتماعي والاقتصادي في تلك البلدان".

ومضى يقول إن "السبب الثالث هو وجود استبداد سياسي من حاكم واحد أو حزب واحد أو عائلة واحدة تتحكم بمقدرات الشعب".

وأفاد "صحيح في النهج الديمقراطي لا يوجد استئثار بالسلطة أو مصادرة الحياة لأن الانتخابات هي التي تأتي بالسلطة، ولكن هذا وحده لا يكفي لضمان رضا الشعب"، متسائلا "هل هذه الأمور هي التي يريدها الشعبفقط؟"، ويجيب "الذي يطلبه الشعب هو التغيير نحو الأفضل وليس إيصال المسؤول إلى السلطة"، محذرا من أن "في العراق الكثير من الملفات التي يجب أن تفتح ومنها ملفات الفساد وتقديم الخدمات وتححيق المصالحة والا فلا فائدة من النهج الديمقراطي".

وانتقد الكربلائي في جانب آخر من خطبته، الكتل السياسية، وقال إنها "تعمل لمصالحها السياسية وتفضلها على حساب مصالح الشعب ولولا ذلك لتحققت الرفاهية".

وحذر خطيب جمعة كربلاء، من ما اسماه مسلسل الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة، وقال انه "أمر خطير أوجد رعبا في مؤسسات الدولة وهذا الأمر له أثار خطيرة".

وأضاف "هناك مقترحات تستهدف اتخاذ إجراءات ضرورية كتفعيل الجهد الاستخباري داخل الأجهزة الأمنية نفسها بحيث تكون هناك خلايا استخبارية تعمل للكشف عن العناصر التي اخترقت تلك الأجهزة، ومكافأة العناصر المخلصة والكفوءة والنزيهة وتشجعيها على المزيد من الأداء، ومعاقبة المقصرين ومحاسبتهم وإعلان ذلك لأبناء الشعب العراقي".

ودعا إلى "الإعلان عن نتائج التحقيق الذي تقوم به اللجان التحقيقية وذكر أسماء المقصرين ومحاسبتهم ومعاقبتهم بأسرع وقت، ليكون ذلك رادعاً للبقية، فضلا عن  تفعيل الأحكام القضائية الصادرة من القضاء المختص".

وطالب "بعدم تدخل الكتل السياسية في الأحكام القضائية لان ذلك يجعل الإرهابيين يصولون ويجولون ويتكيفون مع كل جهد امني".

لن يحصل في كردستان

من جهته استبعد النائب عن التحالف الكردستاني محسن سعدون، حصول انتفاضة شعبية في اقليم كردستان مثلما حصل في تونس ومصر، معللاً ذلك بالديمقراطية التي يتمتع بها الأقليم.

وقال سعدون إن "العملية السياسية في الاقليم تختلف كل الاختلاف عن العمليتين السياسيتين في مصر وتونس وذلك لأنها اتت عن طرق صناديق الاقتراع"، مستبعداً "حصول انتفاضة شعبية في اقليم كردستان مثلما حصل في تونس ومصر، بسبب الديمقراطية التي يتمتع بها الأقليم".

وأضاف أن "جميع القوى الكردية محافظة على امن الأقليم الذي اجلينا ثماره بالأستثمارات والخدمات المتوفرة في كردستان"، مبيناً انه "ليس باستطاعت قوة منفردة خلط الأوراق مرة ثانية بعدما قدم الشعب الكردي تضحيات وشهداء للحصول على هذه الديمقراطية التي يتمتع بها حالياً".

وكانت حركة التغيير قد أصدرت بيانا يوم (29/1) طالبت فيه بحل حكومة اقليم كردستان وبرلمان الإقليم واجراء اصلاحات سياسية وادارية ومعالجة مشكلة الفساد.

وعن مطالبة حركة التغيير (كوران) بحل اقليم كردستان قال السعدون ان "هنالك طريقة لحل البرلمان من داخل البرلمان بالتصويت على حله وليس بالأدعائات والاحتجاجات التي يقوم بها البعض"، مشيراً الى ان "ماتدعيه هذه الحركة هو لأجل الدعاية وكسب الشعب الكردي الذي يرفض تماماً اي فكرة من هذه الافكار". بحسب اصوات العراق.

وكان 19 حزبا وحركة سياسية كردستانية، قد رفضت، في اجتماع عقد برعاية رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، الأحد الماضي، دعوة حركة التغيير الى حل حكومة الإقليم وبرلمانه، مشددة على أن تتم أي محاولة للإصلاح والتغيير في إطار "الشرعية السياسية والقانونية"، كما رفضت كل ما من شأنه "زعزعة الوضع الأمني والتعايش السلمي لمكونات شعب كردستان"، ودعت الى معالجة النواقص والمشاكل والفساد عبر مشاركة الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني في تطوير تجربة الحكم الديمقراطي وتقدم حركة الإصلاح.

وجاء اجتماع الاحزاب الكردستانية ورفضها لمطالب حركة التغيير، بعد يوم واحد من بيان اصدرته الحركة التي يترأسها نوشيروان مصطفى، القيادي السابق والمنشق عن الاتحاد الوطني، طالبت فيه بحل حكومة الإقليم وبرلمانه وتهيئة الأجواء لانتخابات نزيهة خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وإعادة الأملاك المستغلة من قبل الحزبيين الحاكمين والمسؤولين للحكومة، وسحب مسودة دستور الإقليم والقوانين المتعلقة بنظام الحكم فيه وإحالتها إلى البرلمان المقبل.

وتملك حركة التغيير 25 مقعدا في برلمان اقليم كردستان المؤلف من 111 مقعدا، وتقود المعارضة فيه، فيما تملك 8 مقاعد في البرلمان العراقي المؤلف من 325 مقعدا، وهي الكتة البرلمانية الوحيدة التي ليس لها تمثيل في الحكومة العراقية الحالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/شباط/2011 - 4/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م