المواقف الغربية ومسايرة الثورة المصرية

 

شبكة النبأ: يقر اغلب زعماء الدول الغربية انهم تفاجئوا بالثورة المصرية بشكل كبير، خصوصا وانهم كانوا يعتبرون ان النظام القائم هناك محكم قبضته على الحراك السياسي والاجتماعي بشكل مطلق حتى الايام القليلة الماضية.

وكما هو متوقع ساير الغرب ما يحدث في مصر حسب ما تحتم عليه مصالحهم، خصوصا انهم يدركون حجم ما تمثله مصر من وزن اقليمي ودولي بالغ الحساسية، مما يتوجب على الجميع الحفاظ على علاقات ايجابية مع أي نوع من انواع الانظمة الذي سوف يعقب الاطاحة بمبارك خلال الفترة القادمة.

وقع المفاجأة

ففي البداية فاجأت الاضطرابات بمصر الحكومة الامريكية والان تواجه صراعا شرسا للموازنة بين مصالحها الاستراتيجية بما فيها الولاء لحلفائها في الشرق الاوسط وبين رغبتها في الاصلاح السياسي بالمنطقة.

انهالت الانتقادات على الرئيس الامريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لعدم استيعابهما سريعا لحجم الانتفاضة في مصر حيث يحتج الالاف منذ أيام للمطالبة باسقاط الرئيس حسني مبارك حليف الولايات المتحدة.

وتهكم البعض من كلينتون على وجه الخصوص لانها قالت في البداية ان حكومة مبارك تبدو "مستقرة" قبل أن تنضم لاوباما في تشديد اللهجة الامريكية مطلع هذا الاسبوع بالدعوة الى "انتقال منظم" للسلطة في اشارة الى أن واشنطن تشعر بأن أيام الزعيم البالغ من العمر 82 عاما ربما تكون معدودة.

وعقد بعض المحللين مقارنات بين رد الفعل الامريكي الحذر وتعهد أوباما في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة عام 2009 بأن الولايات المتحدة تريد المزيد من الحريات السياسية والمحاسبة في العالم الاسلامي.

وقالت صحيفة واشنطن بوست "الولايات المتحدة بحاجة لان تنفصل عن مبارك الان" وهو مطلب يرجح أن يقلق حلفاء شموليين اخرين للولايات المتحدة في المنطقة من الاردن الى السعودية.

لكن السرعة التي تتطور بها الاضطرابات في مصر وادراك محدودية نفوذ الولايات المتحدة وضع ادارة أوباما في موقف تحاول فيه المشي على حبل مشدود اذ تسعى الى تشجيع الاصلاح دون محاولة أن تملي على مصر مستقبلها.

وقال انتوني كوردزمان خبير الامن القومي بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن "لا أحد يعلم اي نظام سيتولى المسؤولية متى ينتهي هذا وماذا ستكون أهدافه او كيف سيستقبل المصريون هذا النظام الجديد."

ووصف المطالب بأن تلعب الولايات المتحدة دورا مباشرا بدرجة أكبر بأنها غير واقعية. وظل مبارك شريكا قريبا من الولايات المتحدة لعقود واستشهد بخطر التشدد الاسلامي ولو جزئيا كمبرر لسيطرته على الحكم لفترة طويلة.

وتلعب مصر ايضا دورا مهما في عملية السلام في الشرق الاوسط. وكانت أولى دولتين عربيتين وقعتا اتفاقا للسلام مع اسرائيل وتعتبرها واشنطن ثقلا موازنا مهما لنفوذ ايران في المنطقة.

وعلى الرغم من الاهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة لواشنطن فان نفوذ الولايات المتحدة عليها محدود. والمساعدات العسكرية لمصر التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا مهمة لكنها لا تمثل الا واحدا في المئة من الناتج المحلي الاجمالي لمصر مقارنة بعشرين في المئة عام 1980 .

وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "هناك علاقة عميقة وواسعة النطاق لكنني لا أعتقد أن هناك اعتمادا ضمنيا.

وقال هوارد بريمان العضو الديمقراطي بالكونجرس الامريكي انه لابد من استمرار المساعدات حتى يكون للولايات المتحدة يد في ما قد يحدث في المرحلة القادمة بمصر ايا كان.

وأضاف في بيان "مادام الجيش الامريكي يلعب دورا بناء في تحقيق انتقال ديمقراطي (للسلطة) فان على الولايات المتحدة أن تظل ملتزمة ببرامج مساعداتنا المستمرة."

ومن الواضح أن الادارة الامريكية اهتزت من السرعة التي تفجرت بها الاضطرابات في مصر بعد اندلاع احتجاجات مماثلة أطاحت بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير كانون الثاني.

وفي حين أن كلينتون وغيرها من المسؤولين حذروا مرارا من التحديات السياسية التي تواجه حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط فان فكرة أن مصر نفسها يمكن أن تكون عرضة لخطر فوري لم تكن في الحسبان الى أن اندلعت انتفاضة التونسيين.

وقال مسؤول بالمخابرات الامريكية "قبل ستة أسابيع لم يكن الناس يكتبون عن هذا مطلقا. قبل أسبوع.. نعم."

ويعترف المسؤولون الامريكيون والاوروبيون أيضا بأن انتشار وسائط التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر والرسائل النصية وتسريب موقع ويكيليكس وثائق أمريكية حساسة كانت عوامل أخرى صعبت على المحللين التكهن بما قد يحدث ومتى.

واجتمع مسؤولون بالبيت الابيض مع مجموعة من المحللين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أطلق عليها اسم مجموعة العمل المعنية بمصر كانت قد دعت الى أن تكون المطالب الامريكية اكثر تحديدا ومن بينها اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مصر على الفور ورفع حالة الطواريء وتعهد مبارك بعدم خوض الانتخابات مجددا.

لكن في التصريحات الرسمية التزم البيت الابيض ووزارة الخارجية الحذر وأكدا أن تحديد مستقبل مصر بيد المصريين.

وقال بي.جيه كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية "هذه الاختيارات ليست بيدنا.. ما نملكه هو تشجيع مصر على افساح المجال لاجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية."

وعبر مسؤول كبير في حديث خاص عن احباطه ازاء المطالب بنهج اكثر نشاطا وعلانية. وقال "هذه هي المفارقة.. من ناحية نحن متهمون بالهيمنة على كل شيء واملاء كل شيء. ومن ناحية أخرى نتهم بعدم الهيمنة على كل شيء واملاء كل شيء. ليس من شأننا املاء ما يحدث هنا."

وقال ستيفن كوهين الذي ساعد في صياغة خطاب أوباما الذي ألقاه في القاهرة ان رد الفعل تأثر جزئيا بدروس حرب العراق التي كان زعماء الولايات المتحدة السابقون يأملون أن تكون ايذانا بحقبة سياسية جديدة في المنطقة.

وأضاف "الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفرض الديمقراطية على دولة عربية. ارتكبنا هذا الخطأ مرة."

وقال شبلي تلحمي الباحث الكبير في معهد بروكينجز بواشنطن ان الازمة المصرية ربما تعلم الولايات المتحدة درسا اخر عن كيفية تناول علاقاتها في الشرق الاوسط مستقبلا.

وأضاف في تعليق على الانترنت "أوثق العلاقات التي تربط مؤسساتنا اليوم بمؤسسات العالم العربي والتي تحركها أولويات الولايات المتحدة الاستراتيجية هي علاقات بين جيش وجيش ومخابرات ومخابرات وجهاز أمن وجهاز أمن. هذه الوكالات هي ركائز القمع في المنطقة بغض النظر عمن يحكم على القمة."

وتابع قائلا "نظرا لان القمع يظهر فشله الان فان هذه لحظة تقييم أكبر للسياسة الامريكية في المنطقة تتجاوز ما يحدث في مصر."

فقد قدرته على القيادة

في السياق ذاته توقع ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، أن تكون أيام الرئيس حسنى مبارك فى حكم مصر معدودة لأنه فقد مشروعيته وفقد قدرته على القيادة.

وقال هاس، الذى يعد من السياسيين الأمريكيين المخضرمين، إن الولايات المتحدة يجب أن تكون حذرة للغاية فى تصريحاتها العلنية، لكن عليها أن تضغط بقوة فى السر من أجل انتقال السلطة ربما فى شكل حكومة مؤقتة أو من خلال عملية إصلاح دستورى.

وقال هاس، الذى شغل من قبل منصب مدير سياسات التخطيط فى وزارة الخارجية الأمريكية، وكان أحد لأعضاء إدارة الرئيس السابق جورج بوش، إن أفضل شخص تعرفه أمريكا من بين مستشارى الرئيس مبارك هو نائبه الجديد عمر سليمان، وقد عملت واشنطن مع سليمان عن قرب فى كلا من المجالين الدبلوماسى والاستخباراتى.

وأشار إلى أن تولى عمر سليمان زمام الأمور ربما يهدأ الاحتجاجات لكنه لن يكون كافياً، فما يحتاجه سليمان هو عملية إصلاح دستورى وتحديد موعد للانتخابات.

خبراء نبهوا أوباما

وحين أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي بعد عقدين في الحكم تساءل صناع قرار أمريكيون ومحللو معلومات مخابرات على الفور ماذا قد يعني هذا بالنسبة لمصر اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والحليفة الوثيقة للولايات المتحدة.

في العام الماضي تلقى مساعدون كبار للرئيس الامريكي باراك أوباما تحذيرا من محللين خارجيين من أن سيطرة الرئيس المصري حسني مبارك على الحكم تضعف.

غير أنه فيما تفاقمت الازمة في مصر على مدى الاسبوع المنصرم سعت ادارة أوباما جاهدة حتى تساير الاحداث التي تتحرك بسرعة وهي مشكلة يجب أن تتغلب عليها حين تتعامل مع الاحداث المستقبلية في مصر والمنطقة.

وقال بريان كاتوليس زميل مركز التقدم الامريكي وهو مؤسسة بحثية وكان ضمن مجموعة من المسؤولين الذين اجتمعوا مع الادارة العام الماضي وحذروا من احتمالات تزعزع الاستقرار في مصر "في أفضل الاحوال كانت ستكون لديهم أهداف أوضح واكثر استباقا للاحداث للمنطقة.

"لكن في هذه المرحلة خاصة مع تطور الاحداث بسرعة كبيرة وتصاعد أعمال العنف بات من الصعب جدا عليهم الخروج من هذه الحالة التكتيكية القائمة على رد الفعل." بحسب رويترز.

ومما يعقد الامور بالنسبة للادارة الامريكية المخاوف المختلفة بشأن مدى كفاية معلومات المخابرات التي يستخدمها صناع القرار لمساعدتهم في صياغة ردود أفعالهم على هذه الاحداث.

وقال مسؤولان مطلعان على تقارير المخابرات الامريكية عن الاحداث في تونس ومصر ان رأي بعض مسؤولي الكونجرس وصناع القرار في نوعية معلومات المخابرات الامريكية حول الازمة هي أنها ناقصة وغير مفيدة.

وذكرت مصادر بالكونجرس الامريكي أن لجانا به تطرح تساؤلات عن كفاءة تقارير وتحليلات المخابرات الامريكية عن الاضطرابات المتزايدة وتزعزع الاستقرار المحتمل مستقبلا في شمال افريقيا والشرق الاوسط.

غير أن مسؤولين بالادارة الامريكية قالوا لرويترز ان مسؤولي المخابرات يتابعون منذ وقت طويل الدعوات الى اجراء تغيير سياسي في مصر وان منذ البداية كان هناك ادراك لامكانية أن تكتسب الاحتجاجات زخما.

وقال تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الامن القومي بالبيت الابيض "هل كان أحد يعلم مقدما أن بائع فاكهة في تونس سيضرم النار في نفسه ويشعل ثورة.. كلا" لكن فيتور أشار الى أن دبلوماسيين ومسؤولي مخابرات أعدوا تقارير عن "توتر يغلي" في المنطقة منذ سنوات.

وقال مسؤول بالبيت الابيض "هشاشة بعض هذه الانظمة أمر أشار له الرئيس ويناقشه منذ فترة طويلة." وأضاف المسؤول أنه عندما تم اطلاع أوباما للمرة الاولى على اخر تطورات الازمة في تونس طلب من مستشاريه تحليلا عن الى أين يمكن أن تمتد.

وقال عدة محللين ان احجام ادارة أوباما عن استباق الاحداث في مصر مفهوم ولهذا لجأت الى نهج يتسم بالحذر.

وقال جون الترمان خبير شؤون الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مؤسسة بحثية "من الخطر استباق الاحداث خاصة حين نتحدث عن دولة علاقتك بها مهمة جدا وحيث قام زعيمها بعدد من التضحيات من أجل الولايات المتحدة."

وقال كاتوليس ان الادارة فيما يبدو فاجأتها سرعة الاحداث وظهر هذا في التصريحات الاولى عن الازمة في مصر لكنه يعتقد أن الادارة استطاعت اللحاق بوتيرة الاحداث بحلول نهاية الاسبوع.

وقال فيتور "تطورت الرسائل مع الاحداث لكن هذا يؤكد بطريقة ما أن شعب مصر في الصدارة."

حين ألقى أوباما خطاب حالة الاتحاد السنوي امام الكونجرس الامريكي قبل ثمانية أيام لم يتطرق الى مصر مباشرة لكنه لمح الى القضايا وذكر تونس.

في وقت سابق من ذلك اليوم تحدثت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عن المسألة وعبرت عن دعمها لحق المحتجين في حرية التعبير في حين استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لردع الحشود. لكنها وصفت الحكومة المصرية ايضا بأنها "مستقرة" بعد ذلك بيومين وحين سئل نائب الرئيس الامريكي جو بايدن عما اذا كان يجب أن يتنحى مبارك أجاب بلا.

واعتبر نشطاء في مصر من بينهم المعارض البارز محمد البرادعي وعدة منتقدين للولايات المتحدة أن التصريحات تشير الى التضامن مع مبارك. وقال البعض ان الادارة تجازف بأن تظهر كمن يقوم بالاختيار التاريخي الخاطيء.

وقالت دانييلا بليتكا الباحثة في معهد امريكان انتربرايز " كانوا في موقف رد الفعل بطريقة لا تصدق." وأضافت "لا تشعر بأن الادارة لديها رؤية للنتيجة التي تعمل من أجلها."

لكن كاتوليس والترمان قدما تقييما اكثر ايجابية خاصة فيما يتعلق بما تفعله الادارة وراء الكواليس. وقال مسؤول بالبيت الابيض ان الرسائل السرية للمسؤولين المصريين اكثر فظاظة من العلنية. وقال كاتوليس ان مسؤولي الادارة "أنصتوا بشكل متعمق جدا الى جميع نظرائهم." وفي العلن بدأ تغير في اللهجة.

وفي مقابلة على موقع يوتيوب أشاد أوباما بدور مصر كحليفة للولايات المتحدة "في العديد من القضايا الخطيرة" لكنه حث الحكومة على المضي قدما في الاصلاح. وأكد مجددا على رسالة الاصلاح في تصريحات للصحفيين بالبيت الابيض بعد أن تحدث الى مبارك هاتفيا.

ودعت كلينتون الى "انتقال منظم" للسلطة في مصر.

وأدلى الرئيس الامريكي بهذه التصريحات بعد أن شاهد في البيت الابيض مبارك يوجه كلمة للمصريين قال فيها انه لن يخوض الانتخابات المقررة في سبتمبر ايلول.

وجاءت رسالة مبارك وسط احتجاجات حاشدة في بلاده وبعد اجتماع مع السفير الامريكي السابق فرانك ويزنر الذي نقل رؤية أوباما بشأن الحاجة الى انتقال السلطة في مصر.

وأشاد كاتوليس وغيره من المحللين بقرار ارسال ويزنر الذي تربطه علاقة وثيقة بمبارك لكن مسألة ما اذ كان الرئيس المصري سيستجيب للرسالة الامريكية لاتزال تساؤلا كبيرا.

وقال كاتوليس "الاختبار الحقيقي (لاستراتيجية ادارة أوباما) سيكون ما نوعية النتائج التي سيحققونها على الارض في مصر وما رد الفعل الذي سيقابلونه فيما يتعلق بالشركاء والحلفاء في المنطقة.."

اراء النواب الامريكيين

من جهتهم قال مساعدون بالكونجرس ومحللون ان من غير المرجح ان يقلص النواب الامريكيون المساعدات الامريكية لمصر بسرعة ولكنهم يراقبون ليروا الى اين ستؤدي هذه الاضطرابات.

وتتباين وجهات النظر بشأن الاضطرابات المصرية في الكونجرس. وحاليا يبدو ان مجلس النواب الذي يديره الجمهوريون اكثر حذرا من مجلس الشيوخ الذي يديره الديمقراطيون بشأن خفض المساعدات الامريكية لحكومة الرئيس المصري حسني مبارك والتي تبلغ 1.5 مليار دولار سنويا.

وقد يؤدي هذا الى معركة بشأن حجب المساعدات عن مصر في وقت لاحق من الشهر الجاري عندما يحصل النواب على فرصة لاجراء تغييرات. ولكن الكثير يتوقف على الاحداث بين الان وذلك الوقت.

وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "قضيت وقتا صعبا في الجمع بين السياسات من اجل التوصل لاتفاق بين الحزبين وبين المجلسين بشأن خفض المساعدات الى مصر بسرعة.

"لا اعتقد ان لدى الامريكيين وجهة نظر واضحة حتى الان (بشأن الاحداث في مصر) ومن ثم فمن الصعب ان يكون لدى الكونجرس وجهة نظر واضحة."

ومعظم المساعدات الامريكية لمصر عسكرية وخصصت لاشياء مثل دبابات ام1ايه1 ابرامز القتالية وطائرات اف -16 المقاتلة.

ويشكك مساعدون في مجلس النواب الامريكي في حدوث اي تخفيضات كبيرة في المساعدات العسكرية لمصر في نسخة مجلس النواب بشأن مشروع ميزانية لتمويل الحكومة من مارس اذار وحتى 30 سبتمبر ايلول.

وقال مساعد في مجلس النواب انه لابد من طرح مشروع الميزانية على مجلس النواب بحلول 14 فبراير شباط مما لا يترك وقتا يذكر لاجراء تغييرات كبيرة في السياسة.

وحث النائب الجمهوري كاي جرانجر الذي يرأس لجنة المساعدات الخارجية حث على توخي الحذر هذا الاسبوع عند تقرير رد الفعل الامريكي على الاحدث في مصر.

واضاف جرانجر" من المهم ان نناقش الافعال التي اتخذت.مصر لها تأثير معتدل في الشرق الاوسط ولها اتفاقية سلام مع اسرائيل.اواصل مراقبة الاحداث على الارض عن كثب جدا."

وسيعمل مجلس الشيوخ الذي يديره الديمقراطيون بشأن ميزانية التمويل بعد مجلس النواب وقد ينتهج اسلوبا مختلفا.

ويرأس السناتور الديمقراطي باتريك ليهي اللجنة الفرعية في مجلس الشيوخ المسؤولة عن المساعدات الخارجية واتخذت خطا اكثر تشددا بشأن مواصلة المساعدات لحكومة مبارك التي يقول انه "ليس لها مصداقية" للاشراف على التحول الي الديمقراطية.

واشار ليهي الى ضرورة ان تفكر واشنطن بشأن المساعدات الاقتصادية لحكومة جديدة في القاهرة قائلة انه يأمل في تحول الى حكومة تعالج البطالة والجوع "ومعاناة الشعب."

وقال ليهي لتلفزيون رويترز انسايدر "تلك ستكون مجالات ملائمة جدا لانفاق المساعدات الامريكية.

"ولكن من المؤكد انها لن تنفق على حكومة لابد وان ترحل وتتلكأ في الرحيل" مشيرا الى حكومة مبارك. وقال "هناك اموال معدة ويمكن للادارة ان توقف هذه الاموال في اي وقت."

وقال بي .جيه كراولي ان الولايات المتحدة ستواصل مراقبة الرد العسكري المصري على الازمة مشيرا الى ان اي تدخل كبير من الجيش لاخماد الاحتجاجات قد يؤدي الى تغيير.

وقال "هناك شروط فيما يتعلق بسلوك متلقي مساعداتنا.وبوضوح اذا استخدمت المساعدات بطريقة تتناقض مع قوانيننا وسياساتنا وقيمنا سنجري التعديلات التي نحتاج اليها."

رد فعل أمريكا

الى ذلك تطور الموقف الامريكي من الازمة في مصر بشكل كبير تماشيا مع تطور الاحداث على الارض. فبعد أسبوع من اعلان واشنطن أن حكومة الرئيس المصري حسني مبارك مستقرة اذا بها تدعوه الان الى بدء انتقال السلطة على الفور. بحسب رويترز.

اليوم الاول - الثلاثاء 25 يناير كانون الثاني

- بدأت الاحتجاجات في مصر في اليوم الذي ألقى فيه الرئيس الامريكي باراك أوباما خطاب الاتحاد أمام الكونجرس.

- أدلت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بأول رد من مسؤول أمريكي كبير وقالت "تقييمنا هو أن الحكومة المصرية مستقرة وتبحث عن سبل لتلبية الاحتياجات المشروعة ومصالح الشعب المصري."

وركزت التصريحات الامريكية على الدعوة لضبط النفس وعدم اللجوء الى العنف بعدما اشتبك الاف المصريين مع الشرطة وطالبوا بانهاء حكم مبارك.

- لم يذكر أوباما مصر في خطاب حالة الاتحاد لكنه أشار الى الاحداث في تونس وقال ان الولايات المتحدة "تدعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعوب." وصفق أعضاء الكونجرس لاوباما.

- وبعد كلمة أوباما قال روبرت جيبز المتحدث الصحفي باسم البيت الابيض "ندعم الحقوق العالمية للشعب المصري ومن بينها حق حرية التعبير وحرية التجمع. أمام الحكومة المصرية فرصة مهمة لتستجيب الى تطلعات الشعب المصري وتنفذ اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية يمكن أن تحسن حياته وتساعد على رخاء مصر."

اليوم الثاني - الاربعاء 26 يناير

- لا يذكر أوباما مصر في تصريحات معدة أثناء زيارته لويسكونسن لتعزيز رسالته الاقتصادية في خطاب حالة الاتحاد. وفي مصر اشتبكت الشرطة مع الاف المصريين الذين تحدوا حظر الحكومة للاحتجاج.

- ردا على سؤال حول ما اذا كانت واشنطن لا تزال تدعم مبارك قال جيبز على متن طائرة الرئيس "مصر حليف قوي."

- وفي واشنطن قالت كلينتون "نحث السلطات المصرية على عدم منع الاحتجاجات السلمية أو اعاقة الاتصالات بما في ذلك مواقع الاعلام الاجتماعي." وتابعت قائلة "أعتقد أن من الممكن أن تتم اصلاحات وهذا هو ما نحث عليه وندعو له."

اليوم الثالث - الخميس 27 يناير

- مع امتداد الاحتجاجات الى مدينة السويس حيث اشتبك المحتجون مع قوات الامن وصف جو بايدن نائب أوباما مبارك بأنه حليف في جهود السلام بالشرق الاوسط وقال "لا أصفه بأنه دكتاتور."

- قال أوباما في مقابلة نقلها موقع يوتيوب على الانترنت " كانت مصر حليفا لنا في كثير من القضايا الحيوية... لكنني كنت أقول له (مبارك) دائما ان التأكد من المضي قدما في الاصلاح -الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي- مهم للغاية من اجل مصلحة مصر على المدى البعيد."

اليوم الرابع - الجمعة 28 يناير

- أصدرت الخارجية الامريكية تحذيرا للامريكيين من السفر الى مصر بعد أن فرضت الحكومة المصرية حظرا للتجول في القاهرة والاسكندرية والسويس.

- قال البيت الابيض في أقوى رد فعل أمريكي حتى تلك اللحظة ان الولايات المتحدة ستراجع مساعداتها الى مصر والتي تقدر بنحو 1.5 مليار دولار. وقال جيبز "سنراجع موقف مساعداتنا بناء على الاحداث الجارية الان وفي الايام القادمة."

- تحدث أوباما مع مبارك لمدة 30 دقيقة بعد أن دعا الرئيس المصري في كلمة نقلها التلفزيون الى حوار وطني لتجنب الفوضى وأمر بنزول الجيش المصري الى الشارع لاستعادة السيطرة.

قال أوباما انه حث مبارك على اتخاذ اصلاحات شاملة وأضاف " تحدثت معه بعد كلمته وقلت له ان عليه مسؤولية اعطاء معنى لهذه الكلمات واتخاذ خطوات وأفعال ملموسة للوفاء بهذا الوعد."

اليوم الخامس - السبت 29 يناير

- اجتمع أوباما مع فريقه للامن القومي لبحث الوضع في مصر.

- قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي. جيه. كراولي في رسالة على موقع تويتر انه لا يمكن لمبارك الاكتفاء "باعادة ترتيب الاوراق" وذلك بعدما أقال الرئيس المصري حكومته وعين عمر سليمان مدير المخابرات المصرية نائبا له.

اليوم السادس - الاحد 30 يناير

- ضغطت البرامج الحوارية التلفزيونية كثيرا على كلينتون بأسئلة حول ما اذا كان يجب على الرئيس المصري التنحي وقالت الوزيرة الامريكية عبارة "الانتقال المنظم" للمرة الاولى في الخطاب الامريكي الرسمي. وقالت لبرنامج (فوكس نيوز صنداي) "نريد ان نرى انتقالا منظما حتى لا يملا أحد الفراغ .. يجب ألا يكون هناك فراغ وان تكون هناك خطة مدروسة جيدا من اجل اقامة حكومة ديمقراطية تقوم على المشاركة."

وجاءت تصريحات كلينتون بينما تظاهر الالاف في وسط القاهرة.

اليوم السابع - الاثنين 31 يناير

- أرسل أوباما فرانك ويزنر السفير الامريكي السابق في القاهرة الى مصر ليخبر مبارك في حديث خاص انه يجب أن يعد "لانتقال منظم" للسلطة.

- واستمر البيت الابيض علنا في الدعوة الى اصلاحات ديمقراطية لكنه لم يتطرق الى مصير مبارك. وقال جيبز "نحن لا نختار بين من هم في الشارع ومن هم في الحكومة."

اليوم الثامن - الثلاثاء أول فبراير شباط

- أمرت الخارجية الامريكية برحيل كل أفراد الطاقم غير الضروريين في السفارة الامريكية الموجودين في مصر وعائلاتهم.

- أدلى أوباما ببيان في البيت الابيض قال فيه انه تحدث مع مبارك بعدما قال الرئيس المصري في كلمة نقلها التلفزيون انه لن يرشح نفسه مجددا للرئاسة. وقال انه أخبر مبارك بأن "الانتقال المنظم يجب أن يكون له معنى وسلميا ويجب أن يبدأ الان."

اليوم التاسع - الاربعاء 2 فبراير

- أدان البيت الابيض العنف الذي اندلع في مصر وقال ان الولايات المتحدة قلقة بشأن الهجوم على متظاهرين سلميين.

- يلتزم المسؤولون الامريكيون الغموض عند الضغط عليهم حول ما اذا كانت دعوة أوباما لانتقال فوري للسلطة تعني أن الولايات المتحدة تريد تنحي مبارك الان قبل انتخابات الرئاسة المصرية المقررة في سبتمبر أيلول.

ردود فعل عالمية

بيان من مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي:

"بعد كلمة الرئيس مبارك يكرر الرئيس (ساركوزي) رغبته في رؤية عملية انتقال ملموسة تبدأ دون تأخير استجابة لرغبة التغيير والتجديد التي عبر عنها الشعب بقوة.

"يدعو (ساركوزي) السلطات المصرية لبذل قصارى جهدها لضمان حدوث هذه العملية المهمة دون أعمال عنف."

وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله:

"أعلن الرئيس مبارك انه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى وهو ما يمهد الطريق أمام بداية سياسية جديدة. الناس يريدون تغييرا ديمقراطيا ويريدونه الان. يجب أن يكون تغييرا في اتجاه الديمقراطية وليس تغييرا يبدأ في وقت ما (في المستقبل) ولكن يبدأ الان."

المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون:

"نعتقد أن العملية يجب أن تكون انتقالا منظما. يجب أن تبدأ العملية الان."

كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي:

"الاتحاد الاوروبي يدعو الى انتقال منظم من خلال حكومة ذات قاعدة عريضة مما يؤدي الى عملية حقيقية لاصلاح ديمقراطي ملموس مع كل الاحترام لسيادة القانون وحقوق الانسان والحريات الاساسية. "للاسف الحكومة الجديدة التي عينت لا تمثل قاعدة عريضة."

السناتور باتريك ليهي رئيس لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ التي تقر المعونة الخارجية الامريكية.

"قرار الرئيس مبارك التنحي عن قيادة الحكومة في المستقبل خطوة محل ترحيب لكن استمرار دوره في التحول في مصر غير واقعي." "نحن (الولايات المتحدة) علينا أن نفعل ما بوسعنا لدعم التحول الى الديمقراطية بما في ذلك اذا لزم الامر حجب المعونة عن الحكومة."

المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية:

"كنا واضحين علنا ومع الرئيس مبارك وحكومته وفي الاحاديث الخاصة بشأن الحاجة الى انتقال الى حكومة ذات قاعدة عريضة تتمخض عن تغيير حقيقي وواضح وشامل."

سلحت حكومة مصر ومولت المعارضة

من جهته اتهم الزعيم الكوبي، فيدل كاسترو، الولايات المتحدة بالتلاعب بخبث في الأوضاع المصرية، وقال إن الأجهزة الرسمية الأمريكية كانت تمد الحكومة المصرية بالسلاح، وفي الوقت نفسه تساعد المعارضة بالمال، ورأى أن واشنطن لن تتمكن في النهاية من وقف ما وصفها بـ"الموجة الثورية" بالعالم الثالث.

وقال كاسترو، الذي تخلى السلطة عام 2006 بسبب وضعه الصحي، وسلم مقاليد الحكم لشقيقه راؤول بعد 50 سنة أمضاها على رأس الدولة الكوبية: "لا أحد يجهل أن أمريكا حولت مصر إلى أكبر حليف لها في العالم العربي، وقد كانت مصر على رأس الدول العربية التي تلقت شحنات الأسلحة الأمريكية.

واتهم كاسترو الولايات المتحدة باستخدام مختلف الوسائل لتحقيق أهدافها، وقال إن "المكيافيللية الأمريكية قامت على تزويد الحكومة المصرية بالأسلحة، وفي الوقت نفسه الطلب من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID تمويل المعارضة." بحسب السي ان ان.

وتابع الزعيم الكوبي بتوقع ألا ينجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في احتواء الموقف قائلاً: "لقد فتح أوباما علبة مليئة بالديدان، ولن يتمكن من إغلاقها مجدداً."

وختم كاسترو مقالته التي نقلتها الصحف الرسمية الكوبية بسؤال مفاده: "هي ستتمكن الولايات المتحدة من وقف الموجة الثورية التي تهز العالم الثالث؟"

يشار إلى أن كاسترو ارتبط في السابق بعلاقة صداقة قوية مع الزعيم المصري، جمال عبدالناصر، الذي كان أحد أركان ثورة يوليو/تموز 1952، والتي أنهت عهد الملكية في مصر، واستمر التنسيق بين البلدين ضمن ما يعرف بـ"قوى عدم الانحياز" فترة طويلة، قبل أن تتراجع العلاقات بعض الشيء مع تقارب القاهرة وواشنطن.

من جانبه اتهم الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز الولايات المتحدة بأنها لعبت دورا "مشينا" في الازمة المصرية وبالنفاق للزعامات القوية في مختلف أنحاء العالم بدعمهم ثم التخلي عنهم.

وأضاف تشافيز وهو ابرز منتقدي واشنطن في الامريكتين انه تحدث مع الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الاسد للاطلاع الاحتجاجات التي تحدث في مصر وفي مناطق اخرى بالعالم العربي.

واضاف تشافيز "في مصر الوضع معقد...الآن ترى تعليقات من واشنطن وبعض الدول الغربية. كما قال الرئيس القذافي انه امر مشين يجعلك تشعر بالغثيان ان ترى تدخل الولايات المتحدة.. بغرض السيطرة."

ويقدم الاشتراكي تشافيز نفسه بشكل عام كمؤيد للعرب ومعارض لاسرائيل والولايات المتحدة.

لكنه تجنب في تعقيبات مقتضبة بثها التلفزيون الرسمي الخوض في تعليقات معينة بشأن مصر أكثر مما قاله مضيفا انه يتعين احترام "السيادة الوطنية" فحسب.

وسخر تشافيز مما سماه السياسة الخارجية الامريكية المتقلبة كالحرباء. وقال "انظر كيف تقوم الولايات المتحدة بعد استخدامها هذا الرئيس او ذاك لسنوات وبمجرد وقوعه في ازمة يتخلون عنه. هذا هو مسلك الشياطين." بحسب رويترز.

وأضاف "لم يمنحوا تأشيرة او أي شيء لرئيس تونس" زين العابدين بن علي الذي فقد السلطة هذا الشهر بعدما فشل في اخماد اسوأ اضطرابات خلال عهده الذي زاد على عقدين.

وكان تشافيز يتحدث بعدما تفقد مستودع ذخيرة للجيش حيث وقعت انفجارات فجرا فخلفت قتيلا وثلاثة مصابين واضاءت سماء المنطقة مما ادخل الذعر في قلوب السكان بالمنطقة.

ورغم أن الانفجارات بدت حادثا عارضا قالت الحكومة انها لا تستبعد أي سبب في ضوء الشعور العميق المناهض لتشافيز بين خصومه.

وتتابع فنزويلا الاحداث في العالم العربي عن كثب حيث يعبر خصومه في أحاديثهم الخاصة عن أمال في أن تقع ضده انتفاضة مشابهة بعد قرابة 12 عاما في السلطة.

فيما قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ان على الرئيس المصري حسني مبارك الإصغاء لمطالب شعبه مع تواصل الاحتجاجات الحاشدة في مصر ضد حكمه.

وتابع في كلمة أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم والتي أذاعها التلفزيون "استمع لصيحات الشعب ومطالبه التي تمس صميم الحق الانساني... استجب لمطالب الشعب بالحرية دون تردد." وأضاف أن حل المشاكل السياسية هو صندوق الاقتراع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/شباط/2011 - 3/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م