شرارة الاحتجاجات تنتقل الى السعودية وسط تعتيم اعلامي شديد

نبراس الهدى/ السعودية

 

شبكة النبأ: منذ اندلاع ثورة الياسمين بتونس الى انتفاضة الشعب المصري في ميدان التحرير الى جانب المظاهرات التي اجتاحت بعض الدول العربية، بادر العديد من الحكام العرب الى الادلاء بتصريحات غير مسبوقة طيلة فترة هيمنتهم على السلطات، تباينت بحسب طبيعة كل دولة عن اخرى، فمنهم من تعهد بتعزيز الاقتصاد، ومنهم من وعد بختم مسيرته السياسية مع اول انتخابات تصادفه، فيما كان الافضل حال بينهم من استطلاع القيام بإجراءات اقتصادية عاجلة تخفف من التهديدات الشعبية التي قد تطيح به فجأة كما حدث لنظرائه في تونس ومصر.

لكن ووفق نظرية لكل قادة شواذ، لوحظ في السعودية توجه آخر تجلى في تصريحات احد ابرز مسؤولي تلك الدولة ذات النظام الراديكالي المتعصب، فقد صرح مفتي المملكة العربية السعودية بالرياض يوم الجمعة الواحد من ربيع الأول بان المظاهرات التي قام بها الشعب المصري المكبوت ضد النظام الديكتاتوري بانها عمليات (إجرامية كاذبة).

وبرر مفتي ال سعود هذا التصريح بان الغاية من الدعوة للتحرير التي اطلقها الشباب المصري، ما هي إلا (إثارة بعيدة المدى لضرب الأمة وتشتيت شملها وتحويلها الى دول صغيره متخلفة).

كما اعتبر عبد العزيز آل الشيخ الذي شغل منصب مفتي السعودية منذ سنوات ان المظاهرات التي تنتقل وتمتد من بلد الى آخر بالوطن العربي أنها من أسباب المحن والغواية والضلال لأنها تؤدي لإثارة الفتن.

فيما توعد خلال خطبة له الشعوب العربية بالنتائج المترتبة على المظاهرات بالسيئة والعواقب الوخيمة لما فيها لسفك دماء وسلب للأموال وعيش الناس في رعب وخوف ملقيا باللوم على المتظاهرين دون الحكومات حسب زعمه.

وتعد السعودية من ابرز الدول في المنطقة انتهاكا لحقوق الانسان، حيث وجه اليها نقد شديد اللهجة مؤخرا في تقرير الامم المتحدة حول حقوق الانسان، باعتبار نظامها الحاكم يقوم بشكل مستمر بمصادرة الحريات العامة والحريات الدينية بشكل سافر.

الى ذلك وفي "مدينة جدة" نجح نشطاء في السعودية في الدعوة الى الاحتجاج على ضعف البنية التحتية بعد الفيضانات القاتلة من خلال اطلاق الرسائل الالكترونية عبر شبكة الانترنت ومواقعها الاجتماعية والبريد الالكتروني، بعد ان انضم العشرات الى المظاهرة انطلقت يوم امس السبت وسط تعتيم اعلامي كبير.

وحظت الرسالة المشتركين على ان "يوم السبت سيكون هناك مظاهرة أمام بلدية جدة... لجمع أكبر عدد من الناس، "كما وجهت الرسالة. "نحن بحاجة إلى الرجال والنساء الشجعان، ونحن لا نريد أيا كان... وعلينا أن نفعل شيئا".

كما دعت الرسائل أيضا الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص بالإضراب عن العمل الأسبوع المقبل احتجاجا على اهمال السلطات السعودية للبنية التحتية الى المدينة، فيما فضل مطلقو تلك الرسائل اخفاء هوياتهم خوفا من ملاحقة قوى الامن.

فيما نقل شهود عيان عن قيام السلطات السعودية باعتقال عشرات المحتجين على ما تتعرض له مدينة جدة من فساد الذي أزهق بأرواح الكثيرين.

وظلت الشوارع في مدينة جدة التي تفتقر الى نظام صرف فعال المغمورة جزئيا بعد يوم من الفياضانات والتي أدت الى هروب الآلاف الى المناطق المرتفعة، فيما لجأت هيئات الانقاذ الى استخدام طائرات هليكوبتر وقوارب لمساعدة الفارين. بعد مقتل ما لا يقل عن اربعة اشخاص في ثاني حالة فيضان تشهدها المدينة خلال عامين فقط.

ويتهم معظم المراقبين السلطات السعودية بغض النظر عن الفساد الاداري والمالي المتفشي في مرافق الدولة، والتي يهيمن علي ادارتها امراء ال سعود والشخصيات المقربة للعائلة المالكة، مع غياب أي مؤسسة رقابية او تنظيمية تشرف على المشاريع الاستثمارية والتنموية.

من جهتها قالت وسائل الأعلام الرسمية مؤخرا، ان الملك عبدالله الذي يستريح في بلاد المغرب بعد عمليات التي اجراها في نيويورك أمر بتكثيف عمليات الإنقاذ محذرا المسوؤلين من التأخير في تنفيذ أوامره تجاه الأهالي المنكوبة.

وللعام الثاني تتعرض (عروس البحر الأحمر) كما تطلق عليها السلطة الى السيول التي أودت بحياة الكثيرين بسبب سوء الصرف لمياه الأمطار التي تهطل وتكون فيضانات وسيول لافتقار المنطقة الى السدود والتصريف الصحيح للمياه والتي سببت بقتلى وجرحى على أثرها بالرغم من وعود المسوؤلين بعدم تكرر المأساة ولكن لم يقع في المدينة أي تغيير او أي محاولة إصلاحية للوضع التي تعاني منه المنطقة.

كما نقلت وكاله اليو بي أي للأنباء ان طائرة عمودية قامت بأجلاء وإنقاذ طالبة من الآسرة الحاكمة وتركت بقية الطالبات في كلية دار الحكمة دون ان تكترث لهم كما نقلت الوكالة عن شهود عيان ان عدد من المتشددين أعاقوا عملية الإغاثة التي قام بها عدد من الشباب بجدة بسبب كونهم فتيات على الرغم من الدعوة التي أطلقها الرئيس العام لما تسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال الشهود ان ما يطلق عليه "الشرطة" دخلوا على خط الإغاثة وبدا عدد منهم في أبطال عمليات الإنقاذ التطوعية التي قام بها الشباب كما قام عدد منهم بإرسال رسائل عبر الهاتف الى مسؤلي غرفة جدة يطالبونهم بإيقاف عمليات الإغاثة مالم يتم الفصل بين الجنسين ومنع الاختلاط.

وعلى الرغم من خطورة الوضع الراهن والخوف من هلاك الأرواح، تتدخل المؤسسات الدينية وتحول بين الأعمال التطوعية للإنقاذ في ظل الصمت المطبق من السلطات التي لم يشهد لها بعمليات سريعة ومنظمة لتخليص المتضررين من السيول.

كما ان السيول التي اجتاحت مدينة جده الأربعاء الماضي بقيت محصورة في الأضرار المادية  ولم يبلغ عن أي خسائر في الأرواح ويشار الى ان الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة قد حلق يوم الخميس بطائرة عمودية فوق المناطق المتضررة لتفقد الأوضاع في الوقت الذي تخوف المواطنون ان تكون السيول على تكرار لنظيرتها التي اجتاحت المنطقة في العام الماضي في الخامس والعشرون من نوفمبر تشرين الثاني التي خلفت وراءها 122 قتيلا و39 مفقودا فضلا عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بسكان المدينة.

كما أثارت مظاهرات جده الخوف من مظاهرات واحتجاجات قد يشهدها المناطق الشيعية للمطالبة بالحقوق ورفع حاله التمييز والقمع الديني التي يعاني منها حيث ان الشيعة الذين يشكلون 10 بالمائة من سكان المملكة والمتمركزين في المنطقة الشرقية التي تحوي اكبر مخزون من النفط في المملكة وتقع بها اكبر شركات النفط "ارامكو " وهي من اكبر الشركات المصدرة للنفط في العالم. كما زاد من خشيتهم دعوة الشيعة بمملكة البحرين للخروج في الرابع عشر من الشهر الجاري ما قد يؤثر على المنطقة.

وفي ذكرى انتفاضة البقيع أعادت مجاميع شبابية يوم الخميس الماضي نشر صور معتقلي الكرامة حيث الصق الناشطون شعارات مرفقة بصور المعتقلين في انتفاضة البقيع عام 2009 والتي نتجت على تعدي رجال الأمن على بعض من النساء الشيعيات في ساحة الحرم النبوي الشريف.

وتم نشر الصور بمناسبة الذكرى الثانية للانتفاضة التي حدثت أواخر صفر من عام 1430هـ والتي تتزامن مع ذكرى استشهاد الرسول الأعظم محمد صل الله عليه واله وسلم الموافقة للثامن والعشرين من الشهر نفسه.

واعتبر الشباب ان نشر صور المعتقلين هو تعبير عن التضامن معهم ومطالبة السلطات بالإفراج عنهم حيث أنهم يقمعون في السجون دون أي تهم رسمية ودون محاكمتهم في الوقت التي أفرجت عن مرتكبي الشغب في مدينة الخبر في ذكرى اليوم الوطني مع أثبات تهم التعدي على الأملاك الخاصة والعامة.

ويقول بعض من المراقبين ان استمرار السلطات في احتجاز المعتقلين من شانه ان يوصل الجميع الى طرق لا تحمد عواقبها خصوصا في ظل الظروف السياسية الغير مستقرة في الوطن العربي.

وأضاف آخر "لابد للسلطات ان تعي وتستفيد من الأحداث الجارية لتحسين العلاقة مع الشعب لان كثرة الضغط تولد الانفجار".

كما قال "ان البلاد مستقرة ظاهريا والدولة تسيطر على الشارع لكن دول أخرى كانت أكثر استقرار إلا ان عود ثقاب أشعل بركان شوارعها".

وكما يتناقل الناس ان حكام الدول العربية أدلو بتصريحات أصلاحية سيقومون بها تجاه الشعوب خوف من إشعال الفتن والمظاهرات التي تستعد الشعوب للقيام بها لكن لم نسمع أي حركة إصلاحية ستقوم بها الحكومة تجاه مطالبنا وتحقيقها ولربما علينا الانتظار لعودة الملك عبدالله من بلاد المغرب بعد رحلة علاج التي قام بها في نيويورك ليتم التصريح بتحقيق مطالبنا.

ويطالب المسلمون الشيعة الحصول على حقوقهم الدينية واعتبارهم مواطنون من الدرجة الأولى لا الثانية وترك التمييز والعنصرية التي يعانون منها والإفراج عن المعتقلين من أبناء المنطقة خاصة انه لا يوجد تهم ثابتة ضدهم علاوة على عشرات المعتقلين لأسباب طائفية ودينية.

كما أطلق ناشطون سعوديون حملة شعبية للمطالبة بإجراء إصلاحات جذرية في بلدهم من بينها قيام ملكية دستورية وإجراء انتخابات تشريعية وإطلاق الحريات العامة وإلغاء كافة إشكال التمييز ومعالجة البطالة والتوزيع العادل للثروة واتخذت الحملة التي انطلقت على موقع الفيس بوك قبل أيام شعار "الشعب يريد اصلاح النظام" على غرار لشعارات الثورة التونسية والمصرية الشهيرة "الشعب يريد إسقاط النظام" ورفع الناشطون السعوديون 12 مطلبا قالوا ان تحقيقها سيلبي حق الشعب السعودي وتطلعاته المشروعة.

وجاء في طليعة المطالب الإصلاحية الدعوة الى قيام ملكية دستورية وسن دستور مكتوب يقره الشعب ويقرر الفصل بين السلطات وإجراء انتخابات تشريعية تحت إشراف قضائي مستقل ونزيه كما تضمنت الدعوة الى أطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والتصريح لمؤسسات المجتمع المدني وإلغاء كافة أشكال التمييز بين المواطنين وإقرار حقوق المرأة وعلى الصعيد الاقتصادي طالب الناشطون بمعالجة جدية لمشكلة البطالة ومحاربة الفساد.

وتأتي الحملة السعودية التي لم تصل لحد المطالبة بإسقاط النظام وسط الأوضاع السياسية التي يعاني منها شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتنص حملة "الشعب يريد أصلاح النظام" الالكترونية لدعم حق الشعب السعودي وتطلعاته المشروعة على:

1- ملكية دستورية تفصل بين الملك والحكم.

2- دستور مكتوب مقر من الشعب يقرر فصل السلطات.

3- الشفافية ومحاسبة الفساد.

4- حكومة في خدمة الشعب.

5- انتخابات تشريعية.

6- حريات عامة واحترام حقوق الإنسان.

7- مؤسسات مجتمع مدني فاعلة.

8- مواطنة كاملة والفاء كافة أشكال التمييز.

9- إقرار حقوق المرأة وعدم التمييز ضدها.

10- قضاء مستقل ونزيه.

11- تنمية متوازية وتوزيع عادل للثروة.

12- معالجة جادة لمشكلة البطالة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/شباط/2011 - 3/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م