هزيمة المماليك في ميدان التحرير

د. أحمد راسم النفيس

ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشبه الطريقة التي يتصرف بها سلطان المماليك المصري في مطلع العام 2011 بالطريقة التي تصرف به سلفه قانصوه الغوري عام 922هـ عندما جاء الغزاة العثمانيون لاحتلال مصر.

 يروي ابن إياس الحنفي في بدائع الزهور: وفي يوم الجمعة ثالث عشرين ذي الحجة 922 هـ وردت الأخبار بأن عسكر ابن عثمان قد وصل أوائله إلى قطيا فاضطربت أحوال الناس لذلك وفي يوم السبت عرض السلطان الزعران (الفتوات والبلطجية) بوطاقه فاجتمع منهم الجم الغفير فأوعدهم السلطان أنه إذا قاتلوا عسكر ابن عثمان بقلب وانتصروا عليهم ينفق على كل واحد منهم عشرة أشرفية وينعم على كل واحد منهم بسيف وترس ورسم للأمير أنصباي أمير آخور كبير بأن يصلح بين زعران الصليبة وزعران المدينة. 140

سحقا لأمة وسلطة تعتمد في بقائها على المجرمين وقطاع الطرق والقتلة واللصوص من يومها إلى يومنا هذا.

سحقا لأمة رضيت بالذل وأن يحكمها العبيد المماليك المجلوبون من شتى أصقاع الأرض ليحكموا أمة من الأحرار.

كان اليوم الأربعاء الثاني من فبراير 2011 يوما قرر فيه المماليك الجدد التفتيش في تجارب أجدادهم علهم يستخلصون منها ما يساعدهم على البقاء فوق كراسي الحكم المنهوبة ويواصلوا استمتاعهم بالثروة المنهوبة.

جاءت المفاجأة الكبرى من أبناء الكنانة الذين ولدهم أحرارا وليس لطاغية باع نفسه ودينه وكرامته للشيطان أن يسترقهم ويستعبدهم بعد اليوم فهيهات منا الذلة.

يأبى الله لنا ذلك وحجور طابت وأرحام طهرت من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

أطلق الديكتاتور طلقته الأخير عندما أطلق زعرانه على المنتفضين في ميدان التحرير حيث دارت حرب شوارع حقيقية بين الأحرار والعبيد انتهت بانتصار وهزيمة جحافل العبيد والزعران بعد أن أسر من أسر منهم وفر الباقون كالجرذان الهاربة.

وإذا كان جرذان الشوارع وزعرانها المسلحين بشتى أسلحة البغي والعدوان قد فروا خاسئين (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فقد بقي زعران الإعلام وعبيد العصا ووعاظ السلاطين يواصلون دورهم الخياني في تخذيل الأحرار ودفعهم للقبول بفتات يعرضه (قانصوه الغوري) وهم يستشهدون بالرواية الموضوعة التي تزعم أن القاتل والمقتول في النار رغم أن ليس هناك قاتل واحد بل نظام للقتلة يريد من الناس رفع الراية البيضاء ومواصلة اجترار الذل والهوان.

نقول لهؤلاء المماليك القتلة أن هناك فئة باغية هي نظام الذل والعار مارست أبشع أنواع القتل والإرهاب والتخويف المادي والمعنوي وهناك فئة مبغي عليها تتمثل في شعب بأكمله تملك حق الدفاع المشروع عن النفس ورغم ذلك فهي ترفع وما تزال ترفع شعار التغيير السلمي.

أطمئنوا أيها الشباب وواصلوا جهادكم السلمي ودافعوا عن أنفسكم ووطنكم وحريتكم بكل ما تملكون من وسائل حتى يأتي الحق ويبطل الباطل.

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) القصص 5-6.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/شباط/2011 - 1/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م