
شبكة النبأ: في خبر تناقلته بعض وسائل
الاعلام مفاده ان موقع فيس بوك وبداية من 1 تموز من السنة الجارية
ستصبح له عملة افتراضية هي Facebook Credits وستكون عملته الرسمية.
وبداية من التاريخ المذكور سيكون على كافة مطوري الألعاب الاجتماعية
على موقع فيس بوك أن يقوموا بإجراء كافة عمليات الدفع من خلال عملة
الفيس بوك الافتراضية Facebook Credits. .
ومعروف ان العملة اضافة الى العلم والنشيد الوطني هي رموز وطنية
وسيادية لكل دولة في هذا العالم تنتمي الى المجموعة الدولية، او تنتظم
في هيئات او تجمعات مثل هيئة الامم المتحدة او دول الكومنويلث او
مجموعة غرب اسيا او حلف الناتو او غيرها الكثير من تلك التجمعات.
لفيس بوك عملته الافتراضية وسبق ذلك شعاره المعروف الذي هو بمثابة
العلم الوطني لتلك الدولة الافتراضية التي يقطنها كل من يستطيع الدخول
الى الانترنت والحصول على هوية تلك الدولة غبر التسجيل فيها من خلال
الاسم والعنوان البريدي المؤكد وكلمة المرور التي هي بمثابة البصمة لكل
حامل للهوية..دولة الفيس بوك وسكانها الذين تجاوزا النصف مليار نسمة لم
يكن يخطر ببال مؤسسيها (مارك زوكربيرج، وداستن موسكوفيتز، وكريس هوجس)
انها ستصبح بهذا الحجم والاتساع وانها ستمتلك التاثير الذي تمتلكه الان،
ومنذ تاريخ تاسيسها على شبكة الانترنت في شباط / فبراير من العام
2004، لكنها الاشياء العظيمة التي دائما ما تبدأ بحلم صغير ومجنون،
يكاد يقترب من المستحيل.. حدث ما حدث واتسعت حدودها حتى وصلت الى ما
وصلت اليه اليوم...
ومثل اي دولة في العالم لا تكتسب الشرعية الا من خلال الاعتراف
الدولي بها، حصلت الفيس بوك على اعتراف قانوني بها..
ففي العام 2008، قضت المحكمة العليا لمقاطعة العاصمة الأسترالية بأن
الفيس بوك يمثل بروتوكولاً صالحًا لتقديم إخطارات المحكمة إلى المدعى
عليهم. ويعتقد أن هذا هو أول حكم قضائي في العالم يشير إلى الاستدعاءات
التي تقدم من خلال الفيس بوك على أنها ملزمة من الناحية القانونية.
وفي العام 2009، أجاز ديفيد جيندال قاضي المحكمة العليا في
نيوزيلندا تقديم شركة (آكس ماركت جاردن) للأوراق القانونية التي تثبت
إدانة المدعى عليه كريج آكس عن طريق الفيس بوك.
دولة الفيس بوك تتوسع حدودها، او الاصح ان لا حدود معروفة لها
جغرافيا، فهي تقتحم الجغرافيات التقليدية المتعارف عليها برا وبحرا
وتمنح هويتها لملايين المواطنين الجدد الذين تمنحهم حرية التفكير
والقول والتعبير والاحتجاج والاهم حرية الانتماء لمجتمع عالمي وحرية
التواصل مع افراد هذا المجتمع..
قبل الفيس بوك لجأ الناس الى جدران الشوارع في مدنهم للكتابة عليها،
وهي كتابات احتجاج او تشجيع او تنبيه او حتى شتائم للتعبير عما يدور في
دواخلهم.. وقد حازت تلك الكتابات على اهتمامات بعض الباحثين في علمي
الاجتماع والانثروبولوجيا لما تحفل به من دلالات عديدة (سياسية –
اقتصادية – اجتماعية – ثقافية)، وعدّت تلك الكتابات سمة مميزة من سمات
الثقافة الشعبية بموازاة ثقافة السلطة او الثقافة الرسمية.
الفيس بوك استفاد من تلك الميزة وضمّن موقعه (لوحة الحائط) والتي هي
عبارة عن مساحة مخصصة في صفحة الملف الشخصي لأي مستخدم بحيث تتيح
للأصدقاء إرسال الرسائل المختلفة إلى هذا المستخدم.
هذا الحائط لم يعد مقتصرا على ممارسة الكتابة عليه بخوف وانت تتلفت
يمينا ويسارا، بل امتلكت حرية الكتابة عليه بدون رقيب واصبح اكبر عدد
من الافراد يقرأون ما تكتبه بعد ان كان مقتصرا على افراد قلائل قبل ان
تختفي كتابتك من قبل ملاحقيها.. ميزة او سمة اخرى وفرتها تلك الدولة
الافتراضية لمواطنيها وهي ميزة او سمة الحالة التي تتيح لمواطنيها
إمكانية إبلاغ أصدقائهم بأماكنهم وما يقومون به من أعمال في الوقت
الحالي.
كيف حدث ما حدث في مصر؟
نعلم ان مصر فيها الكثير من حرية التعبير والنقد الى الحكومة وحتى
رئيسها لم يسلم من النقد عبر وسائل الاعلام والثقافة (الصحف – السينما
– التلفزيون) وهناك الكثير من تلك الكتابات والاعمال التي يستطيع
القارىء ان يتذكرها، الا انها ورغم انتشارها الواسع لم تستطع ان تنزل
الناس الى الشوارع كما يحدث الان.. قد يكون ذلك بسبب ما حدث في تونس
اضافة الى اسباب اخرى، لكن السبب الرئيسي هو حائط الفيس بوك والذي بدأ
بكروب وصورة تدعو لقيام ثورة يوم 25يناير/ كانون الثاني.. قوبلت تلك
الدعوة بالسخرية و عدم الاهتمام بالامر حتى ان بعض المعلقين
قالوا:(انتوا فاكرين حتقدروا تغيروا العالم بالحاجات الهبلة دى)..
ولكن المنشور انتشر بسرعة وانضم الالاف للكروب واعلنوا ونسقوا
حركاتهم وفاجئوا العالم بخروجهم في ذلك اليوم للمطالبة بالتغيير..
سبق ذلك بعض الارهاصات والمقدمات التي تبشر بتاثير منشورات تلك
الدولة الافتراضية مثل إضراب عمال المحلة، وهو إضراب عادي جدا مثل إي
إضراب لرفع الأجور وغيرها من طلبات العمال التقليدية، ولكن احدى
مواطنات الفيس بوك وهي (إسراء عبد الفتاح) التقطت الخبر وأقامت كروب
عادي على (الفيس بوك) من أجل دعم الإضراب، و المذهل وغير المتوقع لأي
شخص هو اجتماع عدد كبير من مواطني دولة (الفيس بوك) ويقدر عددهم
بأربعين ألف مشترك ايدوا الإضراب، وهنا تحول الأمر من مجرد إضراب
للعمال الى إضراب شعبي، وعند اعتقال (إسراء عبد الفتاح) تحولت الى بطلة
شعبية.
هذا الكروب الخاص بإضراب 6 نيسان / أبريل قد تحول الى إضراب 4 مايو،
وعدد المشتركين فيه بلغ 73 ألف مشترك، ثم تحول مرة أخرى الى إضراب 4
يوليو.. ثم وصل الى نقطة التفجر الصاعقة في ثورة 25 يناير.
ولا غرابة في ذلك اذا علمنا ان مصر تعتبر هي الأولى في الشرق الأوسط
استخداماً للفيس بوك، حيث يضم موقعها 2.4 مليون زائر مشترك يومياً وهو
الموقع الإلكتروني الأول للمصريين. |