المستشار عنوان للتصحيح أم ثقافة شكلية

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: يتردد على مسامعنا اليوم وفي اكثر من مكان في مفاصل الدولة العراقية الحديثة عبارة المستشار الا أننا ومن خلال فهمنا المتواضع والقاصر في النواحي اللغوية والنحوية والاملائية، هذا مما يجعلنا مضطرين للنزول عند رغبة المنطوق الظاهري للكلمة وهي تعني على ما أعتقد عنوان طلب المشورة والنصح ومعالجة الامور على اسس سليمة ووفق التخصصات العلمية والمهنية والإدارية وربما يراد من تلك الخطوة هو ايجاد وظائف خاصة مهمتها الاولى هي تنقية القرارات الحكومية والسياسية والقانونية من الشوائب والادران وتلافي الاخطاء بروح تتسم بالحيادية والدارية الكاملة وكلا حسب تخصصه، ومن اجل فهم تلك التجربة الجديدة على الواقع العراقي ومدى فائدتها وحاجة المواطن اليها حققنا تلك اللقاءات.

فاضل عبد الحسين (حاكم سابق)، يقول: في اعتقادي بان كلمة المستشار قد تعني الكثير بالنسبة للعالم المتحضر بجوانبها الانسانية والاجتماعية والحياتية وهي تدخل في خانة طلب النصيحة والرشد وبأقسى درجات المسئولية العالية حيث يتمكن المستشير من اخذ فكرة كاملة عن أي موضوع يريد من ذوي الاختصاص ولكن الحال يختلف في العراق فنحن نلاحظ بان اغلب المستشارين لا يمتلكون الدارية المهنية واصبح الموضوع مجرد (بريستيج) او عامل مظهري أو شكلي لا غير فكل محافظ لديه مجموعة من المستشارين وكذلك بالنسبة للوزراء والنواب ورئيس الجمهورية والموضوع لا يتعدى فلسفة صرف الرواتب كيفما اتفق والغاية هي توفير وظائف وموارد مالية لبعض الاشخاص.

اما رعد جميل وهو باحث اجتماعي وحقوقي يتذكر واقعة معينة تصب بذات الموضوع الذي نتحدث عنه اليوم الا وهو اهمية دور المستشار وماهية عمله والاستفادة المرجوة من وجودة في السلم الاداري والوظيفي، حيث يقول: في اوقات سابقة كنا قد حضرنا مناظرة ما بين بعض المرشحين لانتخابات مجلس محافظة كربلاء واعضاء سابقين في مجلس المحافظة وتحدثت الينا احدى العضوات وبإسهاب وبحرص كبير وهي تدعو الحكومة الاتحادية الى ضرورة تعيين مستشار خاص لكل عضو مجلس محافظة بالإضافة الى مساعد ومدير مكتب وما الى ذلك، ولو حاولنا تطبيق تلك الاقتراحات فعليا على دولة جمهورية الصين الشعبية على سبيل الفرض لحاجة الحكومة الصينية الى ثلاثين مليون شخص بقدر نفوس العراق واكثر كي توفر العدد المطلوب من المستشارين لتغطية عدد المسئولين عليها وبحسب تقديرات ونصائح الاخت العضو في مجلس محافظة كربلاء، ومن خلال ذلك الاقتراح يتبين وبصورة جلية بان اغلب المرشحين لتولي المناصب الحكومية هم اناس طامعين بالمنصب الحكومي من اجل تحقيق بعض المكاسب الشخصية والمادية وليست هناك من خطط او إستراتيجيات فاعلة غايتها قهر حالة الفائض الحكومي وحالة البطالة الحكومية المقنعة التي تشهدها الدوائر والمؤسسات وليست هناك من اهداف وبرامج ذات قيمة جماهيري ووطني مطروحة سوى حصر الامتيازات.

 حسين كريم يقول بالحرف الواحد قد اكون منحازا بقدر كبير اذا قلت بان المستشارين هم وحدهم من يمثلون العبء الاكبر على الميزانية الاتحادية ولا يمتلكون المؤهلات العلمية الكافية في حين ان العراق اليوم يعيش ازمة في الوظائف والمناصب الحكومية غير المفيدة والمضرة في أحيان كثير فمجالس المحافظات تعتبر في سياق الوظائف الشاغرة والمعطلة لعمل الوزارات الاتحادية وهي تضر بميزانية الدولة بشكل كبير لاسيما وان عملية الاختيار التي يتم بمقتضاها ترشيح العضو تتم وفق الاليات التقليدية التي تشع بديباجة الانتماء القبلي والطائفي والمصلحي والحزبي وربما يشهد بذلك كل العراقيين ونحن نجد اليوم الكثير الكثير من الاعضاء هم في حقيقية الامر اناس عاديين ولا يمتلكون المؤهلات السياسية والعلمية وليست لديهم علاقة من قريب او بعيد بجوانب العمل السياسي وكذلك الحال بالنسبة للوزارات غير الفاعلة هي الاخرى عنوان مضر بالواقع السياسي والاقتصادي أضف الى ذلك فان مجلس النواب هو الاخر في عداد المؤسسات المخربة وليست المشروعة للنظام القانوني لاسيما وان اغلب المنتمين الى هذه المؤسسة ليست لديهم الدراية القانونية ولو تتبعنا عمل البرلمان العراقي وخلال مدة وجوده على الارض العراقية ما بعد سقوط صدام فإننا نجد بان البرلمان العراقي كان ولا زال يمارس سطوة المنافع الاجتماعية والبرلمانية من دون يمس واقع المجتمع العراقي من قريب او بعيد، ومن هنا تكاد ان تتضح الصورة بان ما ينفق على المستشارين هو اقل بقليل مما ينفق على تلك الدوائر والمؤسسات ذات الصبغة الديمقراطية شكليا الا انها في حقيقية الامر فايروس قاتل للقوة الاقتصادية العراقية واستنزاف سريع لكل الثروات والموارد الوطنية.

 أم قيس ربت بيت الا انها في عداد النسوة اللواتي حصلنه على الثقافة تلقائيا وهي تصف ما تمر به التجربة العراقية اليوم بان فكرة وجود المستشارين هي لا تتعدى كونها تجربة فاشلة في كل القياسات الموضوعية لاسيما وان الفائدة المرجوة لم تتحقق لحد الان ولم نقطف ثمارها ونحن الى الان لم ننجح في تهيئة أي قطاع من القطاعات العامة لا على صعيد الخدمات الاجتماعية او الصناعية او الزراعية او العلمية ومن هنا ربما اعزي سبب ذلك بان من تم تعينهم بصفة مستشار هم في حقيقة الامر ليس بمستشارين بل اناس عاديين ولا يمتلكون المؤهلات الكافية ومن الاجدى ان نكون منصفين اتجاه من يقع عليه الاختيار في منصب المستشار.

مرتضى الابراهيمي شاب وقد نوه الى موضوعة المستشار من زاوية اخرى وحسب اهتماماته الرياضية حيث يقول: بتقديري البسيط من حق قطر اليوم ان تفخر بان لديها مستشارين في عالم المنشآت والمرافق الرياضية وفي قطاع الاعلام ومن حق الامارات هي الاخرى ان تفتخر بان لديها اناس مختصين في مجال المال والاعمار والاستثمار وهناك اشياء ملموسة تدعم حقيقة وفاعلية الاستشارة التي استندوا اليها وكذلك الحال بالنسبة لبقية الدولة ولكننا من الاجحاف ان نساوي بين ما يقدمه المستشار العراقي او من يحمل صفة الاستشارة وظيفيا وبين ما يقدمه المستشار هناك فثمة فارق كبير وشاسع بين الامرين ومن واجب الحكومة اليوم والمسئولين ان يعيدوا النظر بتلك الخطوة لأنها تسبب أرباك وهدر في المال العام وانى اتصور بان المال العام مسئولية جنائية تعاقب عليه السماء قبل الارض وارجوا ان يتعظ من يحسبون انفسهم من اهل الاخرة.

 الدكتور محمد عبد فيحان رئيس قسم الاعلام في جامعة اهل البيت، تحدثه قائلا: يفترض بالمستشار الاعلامي او السياسي او الثقافي او الاقتصادي او الاجتماعي لأي مسؤول في الحكومة العراقية او في الدولة العراقية او في أي مكان من مكانات العالم ان يكون على قدر كبير من المعرفة والوعي ومن الخبرة، المستشار يجب أن يكون خبير، وخبير يمتلك مؤهلات الاستشارة والنصح والتحليل والنقد للمسؤول ايضا، المستشار لا يمكن ان يكون ذيلا او تابعا للمسؤول، والمستشار لا يكون خادما للمسؤول، مستشاري هذه الايام يحملون حقائب المسئولين ويطبلون للمسئولين واكثرهم لا يوجهون المسؤول الى خطاءه المستشار يجب ان يكون باحث ويجب ان يعتمد في استنتاجاته وفي تحليلاته وفي قراراته وفي مواقفه الى دراسة وتقصي عن كل الحقائق وعن كل الموضوعات التي يستشيره فيها المسؤول، ما نلاحظه اليوم في حكومتنا العراقية وفي المستشارين الذين يتخذ منهم المسئولون العراقيين مستشارين لهم فنلاحظه انه يأتون عن طريق المحسوبية الحزبية او من خلال المحسوبية المنطقية او المحسوبية الطائفية والقرابة، وهذا لا يمكن أن يودي دورة الوطني والاخلاقي والتربوي.

او يكون الناصح الحقيقي للمسؤول لأنه سيكون تابع وذيل يردد ما يردده المسؤول ويصفق لما يقوله المسؤول وبالتالي سوف نحصل على طبقة أو على فئة من المستشارين يشكلون عبء على الدولة العراقية وهذا ما يحصل حاليا المستشار يجب ان يكون مثقفا يجب ان يكون خبيرا في مجال عمله فالمستشار الاعلامي يجب ان يكون على درجة كبير من الوعي الاعلامي والمستشار الاقتصادي يجب ان يكون خبير في مجال الاقتصاد والمستشار السياسي يجب ان يكون له باع طويل في العمل السياسي والمستشار الاجتماعي يجب ان تكون له علاقات واسعة بكل فئات المجتمع حتى يستطيع أن يشخص من خلال علاقاته ووعيه ومن خلال متابعاته ومن خلال تفاعله مع الاحداث ومع الواقع ومع مسيرة العملية السياسية في المجتمع يستطيع ان يشخص الحقائق ويضعها في طبق امام المسؤول يأخذ منها ما يريد المستشار أيضا يجب أن ينبه المسؤول الى الخطأ المستشار ايضا يجب ان يضع المسؤول على الطريق الصحيح المستشار أيضا يجب ان يكون واعيا لما ينصح به المسؤول، المستشار ليس حاملا لحقائب المسئولين المستشار يجب ان يضع الخطط في المجال الذي يختص به، المشكلة الحقيقية تكمن بان الاحزاب تضع مستشارين لمسئولي الحكومات المحلية وللوزراء من نفس الاحزاب وهذا هو الخطأ الكبير فالعراق زاخر بالطاقات العظيمة في الاعلام في الاقتصاد في الزراعة في كل المجالات ولكن المشكلة تكمن بان اختيار المستشار يتم عن أساس الانتماء الحزبي أو الطائفي او المناطقي وهذا اعتقد خلل كبير في العملية السياسية وخلل كبير في بناء المؤسسات الحكومية ومن المهم التأكيد على ان نسند مهمة المستشار الى شخص مختص حتى لو كان متقاطع معنا في الفكر ولكن ينصحني ويضع الامور في نصابها الصحيح هذا هو دور المستشار وعمل المستشار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/كانون الثاني/2011 - 25/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م