الكائن الاضعف في مواجهة الأمراض البيئية والكوارث الطبيعية

 

شبكة النبأ: ذكرت منظمة الصحة العالمية ان عام 2010 رحل مخلفا وراءه تحديات جسيمة اذ بدأ العالم بزلزال دمر جزيرة هايتي فتضافرت جهود المنظمات الدولية ووكالات الامم المتحدة المعنية لمواجهة تداعيات الكارثة.

واضافت المنظمة في بيان انها قامت بقيادة عملية الاستجابة الصحية بالتعاون مع السلطات المحلية وانه عندما اندلعت بوادر الكوليرا في هايتي اواخر العام الحالي بادرت بتكثيف انشطتها من اجل مواجهتها.

ولفتت ايضا الى ان عام 2010 شهد اكتساح فيضانات عارمة لمناطق واسعة في باكستان وانها قامت مع الهيئات الشريكة في الميدان الصحي بتوفير ما يكفي من الادوية لتغطية الاحتياجات الصحية الاساسية لنحو 6.7 مليون نسمة.

كما شهد احراز تقدم مطرد ولكن هش نحو بلوغ المرامي الانمائية للالفية المتعلقة بالصحة وعقب جائحة عام 2009 قطع فيروس (ايه.ان 1 اتش 1) مساره الى حد كبير ودخل بحلول اغسطس من العام ذاته مرحلة ما بعد الجائحة.

وذكرت المنظمة في النهاية ان عام 2010 انتهى بأخبار واعدة تفيد باستحداث لقاح جديد ميسور التكلفة لمكافحة مرض التهاب السحايا الذي يهدد ارواح وصحة اكثر من 450 مليون نسمة في المنطقة الافريقية. 

مليار شخص بلا رعاية صحية

فقد قالت منظمة الصحة العالمية ان نحو مليار شخص لا يستطيعون تحمل تكلفة الخدمات الصحية وان دفع هذه التكلفة يدخل مئة مليون شخص كل عام الى عالم الفقر.

وفي تقرير عالمي حول تمويل الانظمة الصحية قالت منظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة ان الدول الغنية والفقيرة على السواء يمكنها ان تفعل المزيد لتتحقق التغطية الصحية على مستوى العالم. وحثت حكومات العالم على التفكير في سبل لزيادة الكفاءة وفرض ضرائب جديدة واستحداث اجراءات لجمع الاموال لتسهيل عملية الحصول على الرعاية الصحية.

وقال ديفيد ايفانز مدير انظمة تمويل الرعاية الصحية في افادة صحيفة عما خلص اليه التقرير "الخدمات الصحية لا وجود لها بالنسبة لكثيرين وبالنسبة لاخرين لا يمكنهم تحمل نفقاتها. وحين لا تكون قادرا امامك خياران اما الا تلجأ اليها او ان تكابد محنا مالية شديدة."

ووضع تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2010 خطوات مقترحة على الدول حتى تجمع المزيد من الاموال وتخفض الحواجز المالية التي تحول دون حصول المواطنين على الرعاية الصحية وتجعل هذه الخدمات أكثر كفاءة.

واقترحت على الحكومات تنويع موارد ايراداتها من خلال فرض ضريبة " خطيئة" على منتجات منها التبغ والخمور وفرض رسوم على صفقات صرف العملة وضريبة "تضامن" وطني على بعض القطاعات.

وكتبت مارجريت تشان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في مقدمة التقرير "يجب الا يتعرض أحد لخراب مالي من جراء حاجته للرعاية الصحية سواء كان ذلك للعلاج او الوقاية."

العناية الصحية تدفع مئة مليون شخص سنويا الى الفقر 

من جهة اخرى لا يزال تمويل الحكومات لقطاع الصحة غير كاف في العالم حيث يغرق سنويا مئة مليون شخص اضافي في الفقر بسبب النفقات الطبية على ما اعلنت منظمة الصحة العالمية في تقريرها.

واوضح تقرير العام 2010 حول الصحة في العالم "في الدول حيث يؤمن جزء كبير من تمويلات الصحة من خلال تحميل المرضى النفقات، فان كلفة العناية الصحية تدفع سنويا مئة مليون شخص نحو الفقر".

وافقر دول العالم هي الاكثر تضررا من هذا الوضع لكنها ليست الوحيدة. فقد اظهرت وثيقة منظمة الصحة العالمية التي نشرت في برلين حيث ينطلق الاثنين مؤتمر وزاري حول تمويل الصحة ان دراسة اجرتها جامعة هارفرد بينت ان الامراض والفواتير الطبية ساهمت العام 2007 في 62 % من عمليات افلاس عائلات في الولايات المتحدة (في مقابل 50 % منها في 2001).

وقالت مديرة منظمة الصحة العالمية مارغرت تشان في البيان منددة "ينبغي الا يضطر اي شخص الى الافلاس للحصول على العناية الصحية". بحسب فرانس برس.

وقال ديفيد ايفانز مدير دائرة تمويل الانظمة الصحية في المنظمة في مؤتمر صحافي "هذا امر غير مقبول بكل بساطة. ولا سبب لان يكون الوضع كذلك لان بامكاننا ان نتحرك".

واعتبرت المنظمة ان افضل الطرق لتجنب افلاس العائلات يكمن في زيادة مستويات الدفع المسبق الذي يجنب المرضى تمويل العناية الطبية بانفسهم. ويكون هذا النظام قائما على صناديق مشتركة تمولها الضرائب او على عقود التأمين "وهو "الاساس الانجع والاكثر عدلا لزيادة عدد السكان الذين تشملهم التغطية" الطبية.

الا ان "العالم لا يزال بعيدا عن التغطية الشاملة" التي تعهدت الدول ال192 الاعضاء في منظمة الصحة العالمي تحقيقها العام 2005.

واشارت المنظمة الدولية الى ان الضغط المالي العائد الى الازمة فضلا عن تقدم السكان في السن بشكل عام مما يؤدي الى امراض مزمنة اكثر وعلاجات مكلفة يشكلان تحديات امام زيادة الاموال الضرورية في هذا المجال.

لكنها شددت على ان تحسينات كثيرة ممكنة للاتجاه نحو التغطية الشاملة بفضل اجراءات بسيطة بدءا باستخدام افضل للموارد.

واشار التقرير الى انه يمكن الحصول على مزيد من الاموال من خلال نظام "فعال اكثر للضرائب". وادرج التقرير دراسة مفادها ان 22 دولة ذا مداخيل متدنية يمكنها جمع 1,42 مليار دولار اضافي مع زيادة 50 % على الضرائب والرسوم على التبغ.

واوضح ايفانز ان بعض الدول تشكل قدوة في هذا المجال مثل الغابون وتايلاند اللتين تمنكتا من تحقيق التغطية الشاملة من خلال الضرائب.

ورغم ذلك اقرت منظمة الصحة العالمية ان الدول ذات المداخيل المتدنية لن تتمكن وحدها من الخروج من هذا الوضع وستحتاج الى مساعدات تنمية تقدمها الدول المتطورة.

وختمت المنظمة تقول انه في حال وفت الاطراف المانحة بتعهدات تخصيص 0,7 % من اجمالي ناتجها الداخلي لمساعدات التنمية الرسمية "يمكن انقاذ ثلاثة ملايين شخص اضافي بحلول العام 2015".

ثورة في مكافحة المرض

كما أجازت منظمة الصحة العالمية اختبارا جزيئيا جديدا لمرض السل طورته شركة سفيد يساعد في تشخيص سريع لأحد أكثر الامراض الفتاكة في العالم.

وقالت المنظمة ومقرها جنيف في بيان انها تجيز الاختبار لانه قد "يحدث ثورة" في مكافحة مرض السل من خلال تشخيص المرض بدقة خلال نحو 100 دقيقة مقارنة بالاختبارات الحالية التي يمكن أن تستغرق ثلاثة اشهر لتقديم نتائج.

وقالت شركة سفيد انها ستقدم خصما بنسبة 75 في المئة للدول الاكثر فقرا على سعر الاختبارات والنظام المستخدم في تحليلها بمعنى أن الاختبارات ستتكلف 16.86 دولار بينما يتكلف الجهاز حوالي 17 الف دولار. بحسب رويترز.

وقال جون بيشوب الرئيس التنفيذي للشركة لرويترز ان هذا السعر التفضيلي سيمنح لنحو 116 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل يتوطن بها مرض السل واضاف أن الاسعار ستخفض أكثر من ذلك مع زيادة الطلب في السنوات المقبلة.

وطورت هذا الاختبار شركة سفيد ومؤسسة لا تهدف للربح تمولها مؤسسة بيل ومليندا جيتس الخيرية ومانحون وطنيون ومانحون من الاتحاد الاوروبي. ويكشف الاختبار الكثير من حالات السل التي لا يمكن للتكنولوجيا الحالية التي مر عليها أكثر من قرن تشخيصها.

وقالت منظمة الصحة العالمية ان تطبيق هذا الاختبار قد يؤدي الى زيادة تصل الى ثلاثة امثال حالات التشخيص في المرضى الذين يعانون السل المقاوم للعقاقير.

ويصيب السل في المقام الاول الفقراء في المناطق النامية مثل افريقيا جنوب الصحراء والهند والصين وتحدث الاصابة ايضا في المناطق الفقيرة بالدول المتقدمة ويشيع بين مرضى فيروس نقص المناعة المكتسب المسبب للايدز.

لقاح "ثوري" ضد التهاب السحايا

في السياق ذاته أعلنت منظمة الصحة العالمية أن حملة تطعيم باستخدام لقاح جديد من شأنه "إحداث ثورة في جهود التخلّص من أوبئة التهاب السحايا الفتاكة،" بدأت في أفريقيا الأسبوع الماضي.

وقال بيان للمنظمة إن "بوركينا فاسو الأفريقية الغربية، هي أوّل بلد يستهلّ حملة على الصعيد الوطني للأخذ بلقاح التهاب السحايا الجديد الذي يعد بتخليص المنطقة بأسرها من أهمّ أسباب التهاب السحايا الوبائي."

وأعطي اللقاح اسم "مين أفريفاك،" وهو أوّل لقاح يُصمّم خصيصاً لأفريقيا، ومن المتوقع أن يساعد العاملين الصحيين على التخلّص من الأوبئة الناجمة عن داء المكورات السحائية من النمط A في 25 بلداً من بلدان حزام التهاب السحايا، الذي يمتدّ من السنغال غرباً إلى إثيوبيا شرقاً. بحسب السي ان ان.

وقالت المنظمة "يمثل لقاح، الذي يقلّ سعره عن نصف دولار أمريكي، أحد الحلول الميسورة التكلفة إلى حدّ كبير للتخلّص من إحدى أكبر المشكلات الصحية التي تواجهها المنطقة."

ووفقا لتقديران المنظمة الدولية، فإن هناك نحو 450 مليون نسمة ممّن يواجهون مخاطر الإصابة بالمرض في جميع أنحاء أفريقيا، خصوصا الأطفال والشباب بالدرجة الأولى.

ويقول خبراء الصحة إن "المصابين بأشدّ الحالات يقضون نحبهم عادة في غضون 24 إلى 48 ساعة بعد ظهور الأعراض عليهم،" بينما يعاني 10 إلى 20 في المائة من مجموع الذين ينجون من المرض من أضرار دماغية أو فقدان السمع أو إعاقة القدرة على التعلّم."

وتشير التقديرات إلى أنّ فاشية التهاب السحايا الموسمية التي اكتسحت مساحة كبيرة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 2009 أصابت ما لا يقلّ عن 88 ألف نسمة وأودت بحياة أكثر من خمسة آلاف منهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/كانون الثاني/2011 - 22/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م