روسيا والانحدار الاخير... كارثة منتظرة

شبكة النبأ: تتجه روسيا الى منحدر خطير قد يطيح مجددا بتلك القوة العظمى اسوة بنظام الاتحاد السوفيتي الغابر، سيما بعد التراجع الكبير التي تشهده الحريات السياسية وتفشي الفساد المالي والاداري في مرافقها بحسب المتابعين.

حيث يهين بوتين على مقاليد السلطة بشكل ديكتاتوري بارز، بعد ان استطاع ارهاب معارضيه او من يقف بطريقة عبر وسائل قمعه المتعددة، وتصفيه خصومة سياسيا ومعنويا.

وبلغ التشدد والضعف الروسي جليا عبر تكميم الافواه والتضييق على الحريات الاعلامية، بعد ان تسيدت صور ضابط المخابرات السوفيتية السابق واجهات الصحف والقنوات الاعلامية بشكل تدريجي متصاعد منذ توليه السلطة في البلاد.

استشراء الفساد

فقد دعا الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف الرئس الروسي ديمتري مدفيديف الى الايفاء بوعده بمحاربة الفساد وارساء الديموقراطية، مؤكدا ان عدم اتخاذ تدابير في هذا الشأن سيودي بالبلاد الى الكارثة.

وعرض غورباتشوف في مقال نشرته صحيفة "نوفايا غازيتا" الجمعة حصيلة متواضعة للسنوات العشر الماضية في روسيا، منذ تولي فلاديمير بوتين السلطة في 2000.

وقال حائز جائزة نوبل للسلام ومهندس الاصلاح - البروسترويكا - ان "الاولويات في العام 2000 كانت تقوم اساسا على الدفاع عن سلامة ووحدة اراضي البلاد وتقوية مؤسسات الحكم".

واضاف "لقد تم تحقيق هذه الاهداف بمجملها، ولكن هناك مسائل اخرى كثيرة لم تتم تسويتها منذ ذلك الحين". واضاف ان البلاد تخلت عن "عملية ارساء الديموقراطية" وباتت غارقة في "الفساد المنتشر في كل مستويات الوظيفة العامة ويفتت المجتمع".

وعدد غورباتشوف "الغاء انتخاب حكام المناطق، والانتقال حصريا الى نظام القوائم من دون حد ادنى من المشاركة، وزيادة النسبة المطلوبة للتمثيل البرلماني، كل هذا في ظروف من التلاعب بالانتخابات من خلال وسائل الاعلام". بحسب فرانس برس.

وقال "ان لم نتغلب على الاتجاهات المناهضة للديموقراطية سنجازف بفقدان كل ما تحقق خلال السنوات السابقة، ليس فقط في ما يتعلق بالمسار الديموقراطي، وانما ايضا الاستقرار" الذي ارسي منذ العام 2000.

وقال غورباتشوف ان وعود مدفيديف بمحاربة الفساد وبارساء الديموقراطية لدى انتخابه في 2008 خلفا لبوتين الذي اصبح رئيسا للوزراء، "احيت الامل لدى الخائفين على مستقبل روسيا".

ولكن التدابير التي اتخذت "غير كافية وغير ملائمة". واضاف "على الرئيس ان يضع خطة زمنية جديدة. نحتاج الى منافسة ديموقراطية ومجتمع مدني نشط ورقابة مجتمعية حقيقية" على شؤون الدولة.

الكاريكاتور السياسي

في سياق متصل يكاد الكاريكاتور السياسي أن يغيب تماما عن الصحف الصادرة في روسيا، فلم يعد للرسوم الساخرة من رئيس الوزراء فلاديمير بوتين وخليفته في رئاسة البلاد ديمتري مدفيديف مكان الا على شبكة الانرتنت.

يقول فيكتور بوغوراد، رسام الكاريكاتور الذائع الصيت في سان بطرسبورغ "يغيب الكاريكاتور السياسي عندما يغيب النضال السياسي، وحيث تتبع معظم الصحف للسلطة".

يبلغ فيكتور بوغوراد من العمر 61 عاما، وهو ينشر رسومه في صحيفة فيدوموستي الاقتصادية المستقلة، وفي صحيفة موسكو تايمز التي تستهدف جمهورا من القراء من اهل العاصمة موسكو المقيمين خارجها والبعيدين عن التأثير على مجريات الواقع السياسي في البلاد. وهو من الرسامين القلائل الذين تمكنوا من نشر رسومهم سرا ابان الحقبة السوفياتية.

ويضيف بوغوراد "كل ما يتصل بالسخرية السياسية لا يعثر عليه الا على الانترنت، التي ما زالت تشكل فسحة للحرية". بحسب فرانس برس.

ويوضح ان السخرية اصبحت مستحيلة حتى مع المسؤولين المحليين، متسائلا "متى شاهدنا آخر مرة رسما كاريكاتوريا عن حاكم بطرسبورغ؟"

لذلك، بات عدد من مواقع الانترنت يشكل الملجأ لرسوم الكاريكاتور التي تتناول الرجل القوي في البلاد فلاديمير بوتين وخليفته في الكرملين ديمتري مدفيديف.

تظهر احدى الرسوم المنشورة على الموقع الالكتروني "كرملين غرملين"، رئيس الوزراء يرتدي ربطة عنق تحمل الوان العلم السوفياتي، ويحمل دمية على صورة الرئيس مدفيديف.

ويظهر رسم آخر لفلاديمير مالتشانوف، رئيس الوزراء بوتين ينظر الى المرآة فيرى فيها صورة مدفيديف.

ويرى عدد من المحللين ان رئيس الوزراء ما زال ممسكا بمقاليد السلطة في البلاد رغم انه اضطر لترك الرئاسة في العام 2008 التزاما بالدستور الذي يحظر الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وبحسب فيكتور شندروفيتش، الذي كان يعد برنامج "كوكلي" السياسي للدمى المتحركة من التسعينات وحتى ايقاف البرنامج في العام 2004، فان السخرية السياسية تكاد تصبح "سرية" في روسيا. ويقول "اصبحت السخرية السياسية تعمل بالخفاء، ووجودها مستحيل في ظل النظام السلطوي لفلاديمير بوتين".

في هذا الاطار فان العثور على رسم يسخر من المسؤولين الروس في معرض سان بطرسبورغ حول "الكاريكاتور السياسي بين الماضي والحاضر" في روسيا والولايات المتحدة، كان أشبه بمهمة مستحيلة.

فالرسم الوحيد الذي يظهر فلاديمير بوتين يعود الى العام 2001، وهو على شكل ملصق شبيه بالحملات الدعائية السوفياتية، يرتدي فيها بوتين زيا للجيش الاحمر، ويدعو الروس الى التطوع لمكافحة الارهاب.

ويقول افغيني ارتيوموف مدير متحف التاريخ السياسي في سان بطرسبورغ، الذي يستضيف المعرض "للأسف لم يعد هناك رسوم كاريكاتور سياسية في الصحف، وهذا مؤسف. ان السياسة التي تنتهجها السلطة ازاء السخرية السياسية تعكس مستوى الديموقراطية الذي انحدرت اليه البلاد".

ويقول احد زوار هذا المعرض "السخرية السياسية موجودة في روسيا، لكن لا يمكن ان نراها سوى في اماكن محددة، مثل المتاحف".

قيودا على الاحتجاجات

من جهته استخدم الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف حق النقض الذي نادرا ما يلجأ اليه لمنع صدور قانون كان سيفرض قيودا جديدة على تنظيم الاحتجاجات في الشوارع.

وتقول جماعات المعارضة ان السلطات تستخدم لوائح معقدة لتقييد الاحتجاجات. ولا يحصل منتقدو الكرملين في العادة على تصاريح لتنظيم تجمعات وتعتقل الشرطة اي شخص يشارك في أي مظاهرات غير مصرح بها.

ورحبت العديد من جماعات المعارضة بنقض ما وصفته قواعد جديدة قمعية اقترحها حزب روسيا المتحدة الحاكم كانت ستمنع أي شخص مدان في مخالفة ادارية من التقدم بطلب لتنظيم مظاهرة.

لكن رئيس واحدة من الجماعات المناهضة للكرملين قال ان اعتراض ميدفيديف على قانون اقترحه أنصاره الرئيسيون في الحزب الحاكم كانت لفتة جوفاء ستترك قيودا أخرى دون أن تمس.

وقال الكرملين ان ميدفيديف اعترض على التغييرات التي أقرها مجلسا البرلمان والتي كانت ستحدد عدد الاشخاص المؤهلين للتقدم بطلب للحصول على اذن لتنظيم تجمع.

وقال الكرملين في بيان "رئيس الدولة لا يوافق على التغيير الذي يعزز العقوبات على انتهاك قانون التجمعات". وأضاف البيان ان التغييرات تحتاج الى مزيد من العمل.

لكن ادوارد ليمونوف رئيس الحزب الوطني البلشفي المحظور قال ان اعتراض ميدفيديف لن يؤدي الى تحسين وضع جماعات المعارضة.

واضاف ليمونوف في اتصال هاتفي "يبدو ذلك ايجابيا لكن هناك الكثير من القوانين القمعية التي سنت في السنوات القليلة الماضية وهذا أول قانون يتم نقضه. لم يحدث أي تغيير جوهري ... مازلنا نعيش في دولة بوليسية."

وكان ميدفيديف قد تعهد منذ أن تولى منصبه خلفا لحليفه المقرب فلاديمير بوتين في 2008 بدعم المجتمع المدني والسماح بمزيد من الانتقاد العلني للسلطات. لكن معظم جماعات المعارضة تقول انه لم يتغير شيء يذكر وان أنشطتها ما زالت مقيدة.

وسمحت السلطات لجماعات المعارضة بتنظيم احتجاج في ميدان النصر في وسط موسكو في السنوات القليلة الماضية بعد حظر أكثر من 12 احتجاجا في نفس المكان.

سباق تسلح جديد

الى ذلك حذر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف من نشوب سباق تسلح جديد في العقد المقبل الا اذا تمكنت روسيا والغرب من الاتفاق على التعاون في اقامة نظام دفاع صاروخي.

ودعا ميدفيديف في خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس الروسي سنويا الى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي طارحا امكانية تعاون أوثق بعد عقدين من انهيار اتحاد السوفيتي السابق.

وذكر ان التوترات قد تتصاعد سريعا مما يضطر روسيا لتعزيز ترسانتها العسكرية اذا ما فشلت عروض الغرب للتعاون لوضع نظام للتصدي للهجمات الصاروخية في الوصول لاتفاق ملموس.

وقال ميدفيديف "نواجه البدائل التالية في العقد المقبل.. اما ان نتوصل لاتفاق بشأن الدفاع الصاروخي ونضع الية مشتركة شاملة للتعاون او ... تبدأ جولة جديدة من سباق التسلح.

"وسيكون علينا اتخاذ قرار بشان نشر أسلحة هجومية جديدة ومن الواضح ان مثل هذا السيناريو سيكون خطيرا."

وتزيد تصريحات ميدفيديف في كلمته أمام اعضاء البرلمان والوزراء من المخاطر التي تكتنف مناقشات حساسة بين الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي بشان الدفاع الصاروخي. وتثير القضية خلافا بين موسكو الغرب منذ الثمانينات.

ووافق ميدفيديف على عرض حلف شمال الاطلسي للتعاون في مجال الدفاع الصاروخي في قمة مع الحلف وصفت بانها بداية جديدة ولكن الخطط مازالت أولية كما تطالب روسيا بحق مساو في تقييم التهديدات وردود الفعل.

واقام ميدفيديف علاقات افضل مع الغرب وبصفة خاصة واشنطن منذ توليه الرئاسة خلفا لفلاديمير بوتين الذي يشغل منصب رئيس الوزراء حاليا.

وطالب ميدفيديف في كلمته التي استمرت أكثر من ساعة بزيادة الدعم الاجتماعي لحل ما وصفه بالازمة السكانية في روسيا. ووعد بزيادة الدعم للاسر التي لديها أكثر من طفلين واصلاح نظام دور رعاية الايتام.

وفي كلمته اتهم ميدفيديف أجهزة تطبيق القانون بانها على صلة بالجريمة المنظمة وطالب بتشديد الغرامات التي تفرض في قضايا الرشى. كما طالب باصلاح نظام المشتريات المطبق في الدولة من اجل كبح الفساد.

لا انام الا عندما يستيقظ ميدفيديف

فيما قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين انه لا ينام الا عندما يكون حليفه المقرب الرئيس ديميتري ميدفيديف مستيقظا لضمان حكم البلاد الشاسعة المساحة على نحو ملائم طوال الوقت.

وقرأ بوتين سؤالا يقول "من يدير البلاد عندما تكون انت والرئيس الروسي نائمين.." وذلك خلال جلسة اسئلة واجوبة سنوية مع العامة يذيعها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة. ورد بوتين بابتسامة "نتبادل النوم" وهو ما اثار ضحك وتصفيق الجمهور.

وتولى ميدفيديف رئاسة روسيا في 2008 خلفا لبوتين لكن يسلم على نطاق واسع بأن بوتين هو صانع القرار الوحيد في البلاد. وقال الثنائي انهما سيقرران معا من منهما سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2012.

كبح التطرف

من جهة اخرى قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان الاجراءات الامنية الصارمة ضرورية من أجل القضاء على التطرف وحذر من أن الانتقادات "الليبرالية" للحكومة تهدد الاستقرار.

وقال بوتين في جلسة سنوية يرد فيها على اسئلة المواطنين بعد أعمال العنف التي وقعت في موسكو "من الضروري قمع مظاهر التطرف بقوة من كل الاجهزة."

وكثفت الشرطة الروسية تواجدها في العاصمة الروسية والقت القبض على ما يزيد على 1000 شخص في محاولة لمنع تجدد المصادمات التي وقعت مؤخرا بين شبان روس وأقليات من غير العرق السلافي واستنكرها الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ووصفها بأنها "مذابح".

لكن بوتين وجه طعنة للمعارضة الليبرالية الروسية مشبها موقفها المعادي للحكومة بأعمال الشغب العنصرية التي وقعت مؤخرا ووصفها بأنها تكدير "غير مقبول" للسلم العام.

وقال "المجتمع بما فيه المجتمع الليبرالي يجب أن يفهم انه يجب أن يكون هناك نظام وان على المرء أن يدعم الحكومة الموجودة في السلطة حاليا من أجل دعم مصالح الاغلبية."

وقال بوتين (58 عاما) الذي عمل بالمخابرات السوفيتية (كي.جي.بي) انه قد يخوض الانتخابات ليصبح رئيس روسيا مرة ثانية عام 2012. ويبقى بوتين السياسي الاكثر شعبية في روسيا وينسب اليه كثيرون فضل استعادة الاستقرار في روسيا خلال رئاسته التي امتدت بين 2000 و2008 بعد حقبة التسعينات التي عمت فيها الفوضى. بحسب رويترز.

لكن المنتقدين قالوا ان سياساته عطلت التقدم الديمقراطي الذي حققته روسيا في التسعينات حيث ضيق قبضة الكرملين على السياسات الانتخابية وقمع حتى أقل مظاهر السخط العام مثل المظاهرات التي ينظمها الناشطون الليبراليون.

اليمين المتطرف

في السياق ذاته تظاهر ما لا يقل عن 5000 قومي روسي في موسكو للمطالبة بفرض قيود على الهجرة في واحدة من أكبر مظاهرات اليمين المتطرف في العاصمة الروسية منذ سنوات.

وهتف الناشطون "روسيا للروس" حاملين لافتات تدعو الى "القوة البيضاء" و"الارثوذكسية أو الموت" خلال المظاهرة التي نظمت بتصريح رسمي في ضاحية في جنوب العاصمة في عطلة يوم وحدة الشعب.

وقال اناتولي كروفتوف وهو متقاعد عمره 65 عاما "المهاجرون يبصقون في وجوهنا. لقد سئمت كل هذا". وأدى بعض حليقي الرؤوس من الشبان الصغار التحية النازية مرددين "المجد لروسيا".

وقال منظمو المسيرة وجماعات مناهضة للعنصرية انها أكبر مظاهرة في العاصمة منذ خمس سنوات على الاقل. وقالت الشرطة انه لم تردها أنباء عن وقوع اعمال عنف. بحسب رويترز.

وأفادت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز ليفادا الذي تديره الدولة العام الماضي بان ما يقرب من 50 في المئة من الروس عبروا عن تعاطفهم مع شعار "روسيا للروس" ويحذر دعاة الحقوق من أن اليمين المتطرف لديه القدرة على أن يصبح قوة كبيرة في الحياة السياسية الروسية.

لكن الجماعات اليمينية المتطرفة لا تزال هامشية ومن المؤكد أن تفشل في الحصول على أي مقعد في البرلمان في الانتخابات التي تجرى العام القادم.

ذكرى ميلاد ستالين

من جهتهم وضع أنصار الدكتاتور الراحل جوزيف ستالين أكاليل الزهور على قبره في ذكرى مرور 131 عاما على ميلاده تعبيرا عن تأييدهم له في حين يشتد الجدل في روسيا بشأن ارثه.

ولوح حشد ضم نحو 500 شخص غالبيتهم من كبار السن بأعلام الحزب الشيوعي الحمراء وعليها المطرقة والمنجل وهم يهللون بينما كان متحدثون ينددون بسعي الكرملين للنيل من وضع ستالين كبطل من خلال التذكير بأعمال القمع والعنف التي شاعت ابان حكمه.

وقال جينادي زيوجانوف زعيم الحزب الشيوعي "نؤكد مجددا على ان عصر ستالين كان الاكثر انتاجية وانتصارا وتفردا في تاريخ دولتنا."

ومن المتوقع ان يطلق الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف حملة "اجتثاث الستالينية" في محاولة لتقويض المكانة الرفيعة التي يحظى بها الزعيم السوفيتي ستالين من خلال حملة تعليمية تذكر بملايين الاشخاص الذين لاقوا حتفهم في أعمال تطهير وأكرهوا على العمل في التجمعات ومعسكرات الاعمال الشاقة في الجولاج بسيبيريا بناء على أوامره.

الا ان ميراثه لا يزال أحد أكثر القضايا حساسية في روسيا حيث حذرت جماعات حقوقية من محاولات مسؤولين لاسيما خلال رئاسة فلاديمير بوتين بين عامي 2000 و 2008 تبرئة ستالين من جرائمه في الكتب المدرسية وابراز دوره في تحويل البلاد الى دولة صناعية.

وبالنسبة لانصاره الذين يحنون الى زمنه والذين تجمعوا في الميدان الاحمر يوم الثلاثاء ما زال ستالين زعيما مبجلا قاد روسيا خلال فترة حكمه التي استمرت زهاء 30 عاما لتصبح قوة عظمى وهزم ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وتوفي ستالين عام 1953.

بارون نفط يكرهه بوتين

الى ذلك كان ميخائيل خودوركوفسكي (47 سنة) الرئيس السابق لشركة يوكوس النفطية، من اكثر اصحاب النفوذ موهبة وثراء، اصبح اليوم اشهر سجين في روسيا بعدما تجرأ على مواجهة فلاديمير بوتين.

وترى السلطات الروسية ان خودوركوفسكي الذي ادين في ثاني محاكمة، مجرم متهم بسرقة النفط وبيعه بشكل غير شرعي. واعلن رئيس الوزراء والرئيس السابق فلاديمير بوتين، في 16 ديسمبر الجاري، ان «كل لص مكانه السجن»، معتبراً أن «القضاء اثبت جرائم» خودوركوفسكي.

كما قال ان يديه ملطختان بالدم، وقارنه بزعيم المافيا الأميركية آل كابون والمحتال الأميركي برنار مادوف. لكن مدافعين عن حقوق الانسان ومراقبين أجانب يرون في خودوركوفسكي ضحية تصفية حسابات نظمها بوتين الذي يرمز في نظرهم الى الانحراف نحو التسلط في البلاد، لأنه ازعجه باستقلاله المعلن وطموحاته السياسية.

ويرمز مشوار هذا الرجل صاحب النظارات الدقيقة والشعر القصير الى مصير الأثرياء الروس من اصحاب النفوذ خلال التسعينات. ودرس خودوركوفسكي المتحدر من عائلة مهندسين متواضعة من موسكو، الكيمياء والاقتصاد قبل اقتحام مجال الأعمال.

وقد كان عضواً في الشباب الشيوعي (كومسومول) في العهد السوفييتي واقام علاقات مع قيادات الحزب. وقبل انهيار الاتحاد السوفييتي اسس في الـ26 من عمره مصرف «ميناتب» الذي مكنه من شراء اغلبية اسهم مجموعة يوكوس النفطية التي سيطر عليها في النهاية في ظروف غامضة. وتولى منصب وزير الطاقة سنة 1993 عندما كان في الـ30 من عمره.

ومع بداية الألفية الجديدة تحول الثري الذي اثارت طرق عمله جدلاً، في استراتيجيته، وبات اول روسي يختار ادارة شفافة على النمط الغربي. وتعاقد مع متخصصين اجانب واصبح افضل المستثمرين. وخطط ميخائيل خودوركوفسكي حينها لتحالف بين «يوكوس» و«ايكسون موبيل» الأميركية. وساعد مالياً المعارضة الليبرالية واستثمر ملايين الدولارات في برامج دعم المجتمع المدني. وتحولت يوكوس بفضل السوق النفطية الى اول شركة روسية في هذا القطاع وخودوركوفسكي الى اكبر ثري في البلاد يملك نحو 15 مليار دولار، حسب تقديرات مجلة فوربس الأميركية المتخصصة.

ومطلع ،2003 تحول لقاء في الكرملين بين نحو 20 ثرياً والرئيس حينها فلاديمير بوتين، الى عاصفة. فقد قال خودوركوفسكي الذي كان الوحيد الذي لم يرتد ربطة عنق، انه حان الوقت للتحرك ضد الفساد في قمة الدولة ذاكراً بالاسم أشخاصاً مقربين من بوتين.

ورد عليه بوتين بالقول «هل انت متأكد يا سيد خودوركوفسكي ان حساباتك صافية مع الضرائب؟»، فأجاب خودوركوفسكي «بالتأكيد»، فقال بوتين بلهجة وعيد وسط صمت «سنرى». وفي 25 اكتوبر من السنة نفسها اعتقل ميخائيل خودوركوفسكي لدى نزوله من طائرة في مطار نوفوسيبيرسك (سيبيريا) بتهمة الاحتيال على نطاق واسع والتهرب الضريبي وأودع السجن. وحكم على الرجل المتزوج وأب لأربعة اطفال بالسجن ثماني سنوات يقضيها قرب الحدود الصينية على بعد اكثر من 6000 كلم شرق موسكو.

وفي 2007 وجهت لخودوركوفسكي اتهامات جديدة بتبييض اموال واختلاس ممتلكات ما أدى الى محاكمة ثانية طلب فيها الادعاء حكماً بالسجن 14 عاماً بحقه. وقال في اخر تصريحاته «لا اريد الموت في السجن لكن قناعاتي تستحق أن أغامر بحياتي».

من جهته قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين للروس ان ميخائيل خودوركوفسكي مكانه السجن واحتج محامو رجل الاعمال السجين على التصريحات قائلين انها تمثل ضغطا على القاضي الذي يتولى المحاكمة.

ولم يدع بوتين الذي كان يتحدث في لقائه السنوي للاجابة عن اسئلة المواطنين مجالا للشك بشأن نتيجة أكبر محاكمة في روسيا منذ سنوات.

وقال بوتين مقتبسا عبارة شرطي صارم كان بطل فيلم شهير انتج في الحقبة السوفيتية "اللص مكانه السجن."

وأشار بوتين من جديد الى أن خودوركوفسكي الذي شبهه برجل العصابات الامريكي الشهير أل كابوني كان وراء سلسلة من جرائم القتل.

وقال محامو خودوركوفسكي ان تصريحات بوتين ستشكل ضغطا على قاضي المحاكمة ليقضي بادانة موكلهم وهددوا بتقديم شكوى للمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/كانون الثاني/2011 - 17/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م