البعوضة... من حشرة مضرة الى لقاح ضد الامراض

 

شبكة النبأ: يشهد القطاع الصحي ثوره في مجال الاكتشافات العلمية بعد عقود من الابحاث والتجارب. حيث تشير الدراسات مؤخراً انه وخلال الفترة القريبة لا يوجد هناك شيء اسمه امراض مستعصية.

بل يسعى الانسان في طبيعته الى توظيف كل ما يتاح له في سبيل ديمومة الحياة البشرية والحفاظ على سلامة نفسه من خلالها، مهما كانت الطرق صعبة ومشوارها طويل. خصوصا في تحويل ما يعتبر مميتا الى مصل للشفاء، عندما استطاع تحويل سم الافعى القاتل الى دواء للاستشفاء.

البعوض

حيث يتسابق علماء مكافحة الأمراض التي ينقلها البعوض للحصول على موافقة لإطلاق حشرات معدلة وراثياً مصممة لوقف انتشار فيروس حمى الضنك الذي قد يسبب الوفاة.

ولكن تلك التحركات أصابت علماء البيئة بالتوتر لأن هذا العلم الذي تم استخدامه منذ وقت طويل في الزراعة يتم تطبيقه الآن في مجال الصحة العامة. وقد تم تعديل هذا البعوض وراثياً بجين إضافي أو بإدخال بكتيريا أو تغيير أحد جيناته ليصبح نسله عقيم أو غير قادر على نشر حمى الضنك أو لكي يموت ببساطة.

وقال جون مومفورد، أستاذ علم الحشرات في جامعة امبرل بلندن أن الناس لا يحبون بصفة عامة الشيء المجهول ويشعرون بالقلق حياله. ولأنه لم يتم إطلاق البعوض المعدل وراثياً، فلدى النقاد الحرية في تخيل الأخطاء التي قد تحدث.

ومومفورد هو أيضاً الباحث الرئيسي لفريق دليل البعوض الممول من قبل منظمة الصحة العالمية والذي تم تكوينه لتطوير أفضل الممارسات لنشر البعوض المعدل وراثياً لمكافحة الأمراض التي ينقلها البعوض وخصوصاً الملاريا وحمى الضنك.

وطوال نصف قرن، قام العلماء بإطلاق ملايين الحشرات المعدلة وراثياً كذباب الفاكهة على سبيل المثال لإنقاذ النباتات، ولكن حتى الآن لم يتم إطلاق الحشرات المعدلة وراثياً لإنقاذ البشر.

وقال ساروجيني إف رينجام، المدير التنفيذي لشبكة عمل المبيدات الحشرية بآسيا والباسفيك، وهي منظمة غير حكومية مقرها ماليزيا عارضت طلباً تمت الموافقة عليه لإطلاق البعوض المعدل وراثياً لأنه قد يكون لذلك عواقب بيئية أو صحية وقد يحمل مخاطر تنجم عن النقل الأفقي للجينات.

وأكد رينجام على المخاطر الصحية الجديدة على البشر والحيوانات مشيراً إلى أن الحشرة قد تصبح أكثر ضراوة وعدوانية وقد تكون للدغتها آثار مختلفة على جسم المضيف.

وطبقاً لوزارة الصحة الماليزية، تم الإبلاغ عن 37,419 إصابة بحمى الضنك، بزيادة 17 بالمائة عن نفس الفترة في العام الماضي.

وقال جون مومفورد أنه لو قام السمك بأكل يرقات البعوض المعدل وراثياً من ثم قام الناس بأكل هذا السمك فسيكون هناك مخاوف من كيفية تأثير هذا الغذاء على الناس، ولكنه أضاف موضحاً: ولكننا ننسى أن الناس يأكلون الذرة وفول الصويا المعدلين وراثيا.

وقال مومفورد أنه علينا دراسة ميزان المخاطر. وخطر عدم السيطرة على حمى الضنك معروف جيداً. فالناس يموتون دون مكافحة أفضل للنواقل نحتاج إلى الانتقال من القلق بشأن المخاطر إلى دراسة فوائد الصحة العامة والتعامل مع تلك المخاطر".

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك 50 مليون شخص على الأقل يصابون بحمى الضنك سنوياً مع تضاعف الحالات في العقد الماضي وقد تم تسجيل 70 بالمائة من تلك الحالات في آسيا.

كما حصل الباحثون الأستراليون من جامعة كوينسلاند بتمويل من مؤسسة بيل وميلاندا غيتس على موافقة تنظيمية للبدء في ديسمبر في إطلاق بعوض مصاب ببكتريا تمنع فيروس حمى الضنك من التضاعف وهو ما حصلت عليه أيضاً وزارة الصحة الماليزية.

بالإضافة إلى ذلك، دخلت كل من البرازيل وبنما والولايات المتحدة وإيطاليا والسودان في مراحل مختلفة من مكافحة الأمراض التي ينقلها البعوض. وقال مومفورد أن هناك الكثير من الاستراتيجيات المتنافسة وهو أمر جيد.

ويقوم فريق دليل البعوض بفهرسة تلك المناهج المختلفة ويتوقع أن يقوم بنشر دراسات حالة خلال العام.

القضاء على الملاريا

الى ذلك ذكر تقرير الملاريا العالمي لعام 2010 الصادر عن منظمة الصحة العالمية أنه على مدى العقد الماضي أسفرت برامج مكافحة الملاريا في إفريقيا عن انخفاض بمعدل 200 ألف حالة وفاة سنوياً، من 985,000 حالة في عام 2000 إلى 781,000 في عام 2009.

قال روبرت نيومان مدير برنامج الملاريا العالمي بمنظمة الصحة العالمية: نحن ننقذ حياة 204,000 شخص في العام الآن مقارنة بعام 2000. إذا تمكنا من الوصول إلى تغطية شاملة والمحافظة عليها فيزداد عدد الأرواح التي يتم إنقاذها بشكل كبير بحسب شبكة ايرين الانسانية.

وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الملاريا على مستوى العالم كانت تقدر بـ 225 مليون عام 2009 وأن الغالبية العظمى للوفيات المرتبطة بالملاريا 91 بالمائة تحدث في إفريقيا.

ويرى التقرير أن التوسع الاستراتيجي في مكافحة الملاريا والوقاية منها يعد أمراً هاماً في البلدان ذات العبء الأكبر وهي نيجريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا التي شهدت أكثر من 40 بالمائة من جميع حالات الوفيات المرتبطة بالملاريا في إفريقيا.

وقد هدف التوسع بين عامي 2008 و 2010 إلى حماية 578 مليون شخص معرضين للخطر في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد شمل هذا التوسع توزيع ناموسيات معالجة بمبيدات حشرية طويلة الأمد والرش داخل المباني والاختبار التشخيصي العالمي للحالات المشتبه في إصابتها بالملاريا والعلاج السريع للحالات المؤكد إصابتها بواسطة تركيبة علاجية تحتوي على مادة الأرتيميسينين.

وقد وصل معدل امتلاك الناموسيات المنزلية إلى أكثر من 50 بالمائة في 19 دولة إفريقية مع زيادة عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يستخدمون تلك الناموسيات 35 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية. كما أن هناك تحسناً في معدل الاختبارات التشخيصية من 5 بالمائة عام 2000 إلى 35 بالمائة عام 2009. وقد أدى الرش الداخلي أيضاً إلى حماية 75 مليون شخص أو 10 بالمائة من السكان المعرضين للخطر في عام 2009.

وفي عام 2010، شهدت 11 دولة إفريقية انخفاضاً بنسبة 50 بالمائة في حالات ووفيات الملاريا المؤكدة على مدى العقد بينما سجل الانخفاض الأكبر في 32 دولة من بين 56 دولة ينتشر بها المرض خارج إفريقيا.

وقد شهدت منظمة الصحة العالمية بأن المغرب وتركمنستان قد قامتا بالقضاء على الملاريا في عام 2009 و لأول مرة لم ترد أية تقارير من المنطقة الأوروبية عن حالات الملاريا المنجلية. مع ذلك يقول الخبراء أنه بالرغم من التقدم الكبير الذي تحقق إلا أن تغطية التدخلات في البلدان الإفريقية لا تزال أقل من الأهداف الدولية لعام 2010.

وقال نيومان أن التحدي الأكبر الذي يواجه إفريقيا في الحرب ضد الملاريا هو الحفاظ على الالتزام المالي والإرادة السياسية. فمكافحة الملاريا والوقاية منها تعملان بنجاح.

وأضاف نيومان قائلاً: لو استطعنا أن نحقق ونحافظ على التغطية العالمية بمكافحة ناقلات المرض بواسطة الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية الطويلة الأمد أو الرش داخل المباني والاختبار التشخيصي للحالات المشتبه بإصابتها بالملاريا والعلاج بتركيبة علاجية تحتوي على مادة الأرتيميسينين للحالات المؤكد إصابتها بالمرض حينئذ لن نتمكن فقط من تحقيق الأهداف الدولية بشأن الملاريا بحلول عام 2015 ولكن سنقطع أيضاً شوطاً طويلاً نحو تحقيق أهداف الألفية المتعلقة بالصحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/كانون الثاني/2011 - 7/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م