منع الخمور... عن حرياتنا الشخصية وتنوعنا الثقافي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لازالت مؤسسة المدى للثقافة والاعلام تفرش مداها على شارع الثقافة العراقية من خلال حملتها تحت شعار (تضامنوا مع حملة المدى... الحريات اولا).

وقد انشغل الوسط الثقافي العراقي قبل مدة قصيرة بقرار اغلاق النادي الاجتماعي لاتحاد الادباء والكتاب العراقيين معترضين على قرار الاغلاق ومعتبريه بداية لمصادرة الحقوق الفردية التي كفلها الدستور.

يمكن الحديث عن موضوعة الخمور ومنعها من خلال ثلاثة مداخل، المدخل القانوني – المدخل الديني – المدخل الاجتماعي.

في دفاعه عن قرار المنع يقول امين بغداد ان الاغلاق جاء نتيجة لعدم استحصال الموافقات القانونية لفتج هذه المحلات وتشغيلها ورد المعارضون بان ذلك انتهاك للحريات الشخصية التي يجب احترامها في ظل التنوع الديني والثقافي للمجتمع العراقي.

لاتوجد متابعة لعدد الاماكن غير المرخصة وايضا لاتوجد متابعة لمن قدم طلبا بالترخيص ومن يمنح لكي يمكن الحديث من جهة المعترضين على هذا القرار بمسوغاته القانونية التي اوردها امين بغداد.

المعترضون هنا – اتحاد الادباء – يعودون الى سابقة حصلت ايام النظام السابق في حملته الايمانية حين ابقى النادي الاجتماعي مفتوحا ولم يشمله قرار اغلاق بقية النوادي والملاهي الليلية.

في العام 2008 وبعد ان حقق المالكي كثيرا من النجاحات في الملف الامني اشيع وقتها انه امر بفتح البارات والملاهي وبتغريم كل من يمتنع عن فتحها بمبلغ 20 الف دولار وقد تكاثرت تلك النوادي والملاهي بصورة فوضوية وبدون الحصول على تراخيص للعمل.

يحتج المعترضون على المنع من زاوية الحقوق الفردية التي يجب صيانتها والمحافظة عليها، ونعرف ان الحقوق الفردية وفي اكثر دول العالم ديمقراطية تنظم بقوانين لا يجوز انتهاكها والتجاوز عليها.

على سبيل المثال تخطط وزيرة الصحة البريطانية باتريشيا هيويت لزيادة الضرائب على المشروبات الكحولية خاصة المشروبات الغازية والخفيفة المضاف إليها الكحول, كوسيلة لمحاربة الشرب حتى الثمالة بين المراهقين والشبان.

وكشفت هيويت عن خططها في مقابلة لها مع صحيفة الأطفال(فرست نيوز)- قالت فيها (أطالب وزير المالية غوردون براون أن يزيد حقا الضرائب على الكحوليات خاصة المشروبات الخفيفة المضاف إليها الكحول التي يقبل على تناولها المراهقون من الجنسين).

وأردفت الوزيرة أن كثيرا جدا من الشبان ينتهي بهم الأمر إلى المستشفى نتيجة لشرب الكحوليات.

وتظهر الإحصاءات الحكومية في بريطانيا أن نحو 70% من الذين يدخلون أقسام الطوارئ بالمستشفيات ترتبط حالاتهم بتناول الكحول، وتقع واحدة من كل ثلاث حالات اغتصاب يبلغ عنها عندما تكون الضحية مخمورة، وتكون الكحوليات عادة عاملا رئيسيا في نصف الجرائم العنيفة.

هذا عن تلك المجتمعات، وعن الكحول الخفيفة ولاداعي لايراد امثلة اخرى من دول متعددة، كروسيا وامريكا والمانيا وفرنسا وغيرها من دول الديمقراطيات العريقة في اثار الخمر على مجتمعاتها وفي قوانينها الرادعة فيما يتعلق بتناول الخمور والمتاجرة بها.

وقد يرد اعتراض ان تلك الدول لاتمنع او تحرم تعاطي الخمور وفقا لفلسفتها وفهمها للحريات الشخصية الا ان هذا الاعتراض مردود من زاوية الحريات الاقتصادية وهي الحريات التي تسمح بمزاولة جميع الاعمال تحت شعار دعه يعمل دعه يمر، بعيدا عن الجوهر الاخلاقي والديني لطبيعة العمل، مثل الخمور والدعارة والمواد الاباحية، وهي جميعا منظمة بقوانين الضرائب والعرض والطلب وهناك الكثير من الغرامات التي تلحق باصحاب هذه الاعمال نتيجة لتجاوز تلك القوانين المنظمة لطبيعة هذه الاعمال.

فيما يتعلق بالخمور هناك عدة ضوابط معمول بها في تلك الدول منها عدم التناول العلني خارج مكان محل الاجازه او النادي ولايجوز التناول العلني في المناطق العامة.

وكذلك معاقبه السائق المخمور، وايضا منع البيع لمن لا يتجاوز عمره الثانية والعشرين عاما، في المدخل الديني وجد المعترضون على قرار الاغلاق ان هذا المنع مقدمة لتحول بغداد الى قندهار جديدة وهذه المرة بنكهة عراقية متناسين الصور الاخرى لقندهار تلك والتي لا توجد في المجتمع العراقي.

وايضا متناسين ان 95 بالمائة من المجتمع العراقي هم مسلمون ليس غريبا عنهم تحريم الخمر في التشريع الاسلامي بشقيه الشيعي والسني، والمعترضون يخلطون بين المانع القانوني والمانع الديني في الحديث عن قندهار العراقية بسبب انتماءات امين بغداد الى حزب اسلامي وليس بصفته الوظيفية.

وايضا هم يريدون تحت البند الديمقراطي والحريات الشخصية مصادرة راي الاكثربة حفاظا على نشوة الاقلية القليلة في هذا المجتمع.

في المدخل الاجتماعي يتشبث المعترضون بالمقارنة التالية :ان منع الخمور سيفتح الباب على تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات والتي هي اخطر من الخمور حسب اعتقادهم، وهو وجه بائس للمقارنة فليس كل من يتعاطى الخمور يستسيغ تناول المخدرات.

وكذلك العرف الاجتماعي السائد لدى شاربي الخمور والذين كثيرا مايتحاشون تناولها في بيوتهم وامام ابناءهم لمعرفتهم بانها غير لائقة وانها سوف تقدم صورة غير محببة عن الابوة امام هؤلاء الابناء.

اضافة الى الاثار الاجتماعية الكثيرة التي تترتب على شارب الخمر ليس اقلها الاستهجان الذي يقابل به في محيطه العائلي او العملي.

تلك بعض النقاط التي يمكن المساهمة فيها عند الحديث عن هذا الموضوع الذي يشغل الفاعليات الثقافية العراقية منذ مدة ليست بالقصيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/كانون الثاني/2011 - 2/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م