هل يقف الغرب وراء الارهاب المنظَّم في الشرق؟

 

شبكة النبأ: ربما لم تأت نتائج وصور المشهد السياسي الراهن، ضمن حسابات المخطط الغربي في كيفية التعامل مع مشكلات الشرق، ولا يمكن أن نتصور بأن الغربيين، الذين خططوا - كما يزعمون- لتجفيف الارهاب في الشرق الاسلامي وغيره، كان يخطر في بالهم، أن الارهاب سيدكّ مدنهم وسيصل الى عقر دارهم، بل كانوا يتصورون بأنهم بعيدون كل البعد عمّا أنتجه وينتجه الارهاب من دمار واستهداف عرقي أو ديني او طائفي، ألحق بالاقليات والطوائف وغيرها.

لكن واقع الحال يشير الى الخطأ الفادح الذي وقع فيه الغربيون، لاسيما أنهم الآن يقطفون الثمار الخطيرة لما خططوا له، وما وقعوا فيه من اخطاء جسيمة في هذا المجال، حين قدموا الرعاية (وإن أنكروا ذلك) لبؤر الارهاب في بلدان عديدة شرقية أو إسلامية، وكانت تلك الرعاية واضحة للمراقب حتى لو كانت تتم بالخفاء.

وهنا لابد أن نتساءل، من يتحمل مسؤولية اراقة الدماء التي تعرضت لها أقليات وطوائف في بلدن عديدة تقع في الشرق، ومن الذي يدعم مثل هذه السياسات التي تبنت ولا تزال مناهج التطرف في أقوالها وأفعالها؟

إن الغرب هو من يتحمّل ما يُلحق بالاقليات من بطش وقمع وتقتيل، ويتحمل ايضا ما يُلحق به من أعمال تُنسب للارهاب الذي نشأ على يديه وبدفع وحضانة منه، لأسباب يمكن تأشيرها من قبل المراقبين، ومن أهم تلك الاسباب:

- ان الغرب رعى منظمات ارهابية، كالقاعدة وطالبان، بطرق ما (بالخفاء) وفقا لحسابات دولية واقليمية، كان يظن المخططون الغربيون أنها ستعود عليهم بنتائج مفيدة، وكانت من نتائج ذلك، أن تنامت هذه المنظمات، وتعددت فروعها، وازدادت مصادر تنميتها وتمويلها، وهي أمور لم تقع ضمن الحسابات الغربية في وقتها، بل لم ترد ضمن عقول المخططين الغربيين، لأنهم كانوا يتوقعون أن الامور كلها تحت السيطرة.

- ومن المساوئ الخطيرة التي ارتكبها الغرب، أنه دأب على مساندة الانظمة المستبدة في الشرق الاسلامي وسواه، في خطوة براغماتية مقيتة أدت الى نتائج ليست متوقَّعة، فالغرب الذي يدّعي الديمقراطية وحرية الرأي والنهج وما شابه، بادر لدعم أنظمة سياسية معروفة باستبدادها وانتهاجها لوسائل القمع في التعامل مع شعوبها، فقد رعى الغربيون أنظمة في الشرق الاوسط وغيره، لا تمت للديمقراطية بصلة، ونتيجة لهذه الرعاية تنامى الارهاب وتركّزت بؤر التوتر وتنامت في الشرق نفسه، حيث بدأت تظهر وتتنامى بوادر الاستبداد في هذه الدول، ومنها على سبيل المثال السعودية، ومصر، والجزائر، وباكستان، حيث انتهجت هذه الانظمة ضرب الاقليات ومنع حرية الرأي وقمع كل من يحاول أن يدلي بصوت معارض، والامثلة في هذا الصدد كثيرة، وكانت هذه التجاوزات  وغيرها تحدث على مرأى من الغربيين وبرعاية منهم.

لذلك ماذا يمكن أن نتوقع من القمع والتكميم والارهاب الحكومي او المنظماتي من نتائج؟ فقد استقوت تلك الانظمة اللاديمقراطية، برعاية الغرب نفسه، على شعوبها، وفي المقابل أفرز هذا الاستقواء حالة من المقت والتذمر، وشاعت حالة من الفوضى الفكرية والمضاربات العقائدية - اذا صح القول- الامر الذي أدى الى تنامي بؤر التوتر، وتجدد أساليب ارهاب الحكومي وسواه، في اماكن متعددة من الشرق، وانتقل ذلك بدوره الى مدن الغرب نفسه، حيث ابتلي الآن بصور عديدة من التطرف.

وليس أدل على ذلك من موجات الصراع التي يخضوها الغربيون مثلا – في خطوات عنصرية متواصلة- ضد مظاهر النقاب والحجاب، التي تحاول حكومات غربية منعها، كما يحدث في فرنسا وغيرها، الامر الذي يمثل تراجعا خطيرا للحريات في هذه البلدان التي طالما تبجحت بالحرية وتغنت بها، وهي اليوم تخشاها وتحاربها وتحاصرها، مازجة بينها وبين المجاميع الارهابية التي ساهم الغرب نفسه في صناعتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/كانون الثاني/2011 - 2/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م