نائب رئيس وزراء جمهورية العراق المحتلة

هادي جلو مرعي

وفق تصورات البعض من الناقمين على الوجود الامريكي المقنن في العراق فإن كل من يعمل بوصف ما أو يحصل على منافع ما من جهة ما في وضع ما فإنه مكسب في ظل الوجود الامريكي، وهو مايتطلب وفق ذلك الفهم موقف إدانة وتنكيل وشتم وتوبيخ وعداوة وبغضاء وحرب وتفجير ومقاومة !

بمعنى آخر فإن رئيس الجمهورية العراقية هو عميل بإمتياز للمحتل الامريكي وكذلك السيد رئيس الوزراء ونوابه ومنهم السيد صالح المطلك الذي كنت من الراغبين في إشراكه في العملية السياسية لإعتبارات مرتبطة بوضع العراق وحراجة المرحلة الراهنة ولجعل الأمور تأخذ سياقا لايتعارض ومتطلبات التقدم الحاصل في مجمل الحراك السياسي في البلاد!

الوزراء كلهم عملاء والنواب جميعهم والموظفون الذين مايزالون ضحايا عنف غير مبرر كرجال الجيش والشرطة وموظفي الأمن والعاملين في وزارات الدولة بمراتب وتوصيفات مختلفة.. وعلى قاعدة. مابني على باطل فهو باطل.. والإحتلال باطل وهو من أسس أساس الظلم والجور وبالتالي لابد من العمل على تقويض بنيانه بكل السبل الممكنة!

أنا شخصيا كمواطن لايربطني أي إرتباط فني بالحكومات العراقية وسلطات الدولة التنفيذية ولاأمثلها تحت أي عنوان، فإن لي رؤاي وتصوراتي وقناعاتي وتوصيفاتي للإحتلال الذي أبغضه، كذلك فيما يتعلق بالعملية السياسية والمشاركين فيها من قوى وأحزاب وتيارات وأشخاص. وفيما يتعلق بالمقاومة والإرهاب والعمالة وسواها من توصيفات أخذت طريقها الى ألسنة وخواطر العامة من الناس والخاصة منهم أيضا وأثارت الغبار في المحافل السياسية والأدبية والدينية وفي غرف النوم في بعض الاحيان.

في عمان ومن مدة كنت ضيفا على المملكة بدعوة كريمة من أوساط صحفية عراقية قامت معي بالواجب كما لا أجد إلا الشعور بالعرفان لذلك الواجب، وكان صحفيون كبار في العمر والمنزلة تواضعوا وزاروني مرحبين ومنهم من أقام الدعوات في المطاعم الخاصة وفي أماكن العمل تكريما لي ( أشكرهم غاية الشكر).

أثارني ردة فعل من مساعد إعلامي للسيد صالح المطلك الذي أعرف رأيه بي وأبلغني بذلك أصدقاء كثر أكدوا أنه أشار علي بأني كاتب وصحفي وطني. إتصل احد الأصدقاء بذلك المساعد وأبلغه بأن السيد هادي جلو مرعي موجود في عمان ويمكن أن نلتقي سوية.. وكنت جالسا الى جوار الصديق وعرفت من علامات بدت على وجهه إنه لايرغب برؤية وجهي الإحتلالي! وربما وصلت مسامعي كلمة لاأريد تأكيدها وأنا متأكد منها أنه قال.. لاأريد مقابلة شخص (صنيعة الإحتلال)..

تعجبت من ذلك مع أن الرجل لايعرفني حقيقة وهو في عمر متقدم مقارنة بي وأنا القادم الى الوسط الاعلامي متأخرا وكنت أعمل في الصحافة قبيل (الاحتلال بسنة واحدة)!ولم أستلم منصبا تنفيذيا. لا أنا شرطي ولاجندي ولاموظف حكومي ولامدير دائرة ولارئيس قسم ولم اتناول طعامي مع القتلة ولم اعاضد الوجود الامريكي بل كرهته من أول ايام دخوله برغم أن رغبتي بسقوط النظام السابق كرغبة إمرأة جامحة بفحل من الرجال!

كنت أعلم بالتشكيل الحكومي وعندي مئات التسجيلات لقنوات فضائية عراقية وعربية ولوكالات أنباء محلية وعربية وعالمية ولإذاعات عدا عن عشرات المقالات المنشورة في الصحف وعلى مواقع الانترنت أكدت فيها إن المالكي هو رئيس الوزراء المقبل وإن التصويت في الانتخابات العراقية سيكون على أساس القومية والطائفة وإن الإقليم المجاور سيكون مؤثرا لجهة التشكيل القادم، وإن السنة سيشتركون في الحكومة وبقوة وإن أمريكا ستتراخى في مواجهة متطلبات التحالف الوطني وقوة شخص كالمالكي وإنها ستتنصل عن علاوي وإن المطلك سيكون موجودا في التشكيل القادم وإنني سأظل بائسا كما بقية المواطنين العراقيين وإن الشوارع التي أسلكها ستظل مليئة بالمطبات، وإن هذا المقال ضرورة لأعبر فيها عن إمتعاضي من تنصل الناس في بلدي عن مبادئهم.. كم تمنيت ان اجد عراقيا يتعلم من علي بن أبي طالب الثبات على المبادئ..

المهم إن القوات الامريكية ماتزال موجودة في العراق باعداد كافية لنقول.. إن الإحتلال مازال موجودا وإنني لست صنيعة الإحتلال لأنني لم أتبوأ منصبا في ظله... مازلت في ظل الله.

ملاحظة أخيرة.. من عاش تجربة العراق العصيبة يفهم تماما لماذا يتوجب علينا ان لانضع العصي في وجه الحكومة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/كانون الأول/2010 - 23/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م