قراءة في كتاب: تحقيق اهداف الوساطة

مواجهة المنازعات عن طريق التمكين والاعتراف المتبادل

 

 

 

الكتاب: تحقيق اهداف الوساطة.

الكاتب: روبرت.أ. باروخ بوش وجوزيف. ب. فولجر.

الناشر:

ترجمة: اسعد حليم.

عدد الصفحات: 312 من القطع الكبير.

قراءة: عدنان عباس سلطان.

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: كلمة الوساطة هنا لا تعني الكلمة التي اعتدناها والتي تندرج تحت المحسوبية والمنسوبية والتوسط في الحصول على ميزات وظيفية او التعيين في وظائف الدولة وانما تعني حل المنازعات في الوسط الاجتماعي والتي تحدث من خلال تشابك المصالح وتداخلها وهذا التشابك والتداخل والامزجة ثم شعور الاستحواذ كثيرا ما يتسبب بحدوث مشاكل وخلافات عميقة بين الافراد مما يستدعي الوساطة لحلها بقدر معقول من العدالة.

وهي أي الوساطة وسيلة تدرأ التصادم وتمنع التفتت في العلاقات وقد يكون العنف او المحاكم مايمكن اللجوء اليه لو ان الوساطات فشلت في مسعاها. هذا فضلا عن تعميق التباغض ودفع الامور الخلافية الى الاسوأ، كما ان هناك وقتا طويلا واموال سوف تنفق ان وصلت تلك الخلافات الى سوح المحاكم. وتفضي الحلول القضائية غالبا الى الحل المجرد دون إضافة نوعية تخص المعاني الانسانية التي تحققها الوساطة.

والوساطة في القضايا والمشاكل الاجتماعية لها فاعلية قصوى لاحلال العدالة والتصالح الاجتماعي إضافة الى انها تحقق اهداف ثانوية اخرى لها اهمية كبيرة في التحول الاجتماعي نحو التسامح والرحمة وتسامي المعاني الانسانية، وتحسن قدرة الانسان على الاستيعاب والمرونة ورهافة الاحساس بالآخر كذلك الثقة بالنفس والتعامل بروحية نبيلة تجاه الخصوم وتحويل العداء الى سبب للتقارب والعلاقات الحميمة. وتنمي الشجاعة الفائقة للاعتراف بالخطأ ومحاولة اصلاحه.

والوساطة يقوم بها اشخاص لهم مؤهلات خاصة ليقوموا بهذا العمل الكبير الذي يعد من الاعمال الكبيرة من وجهة نظر الدين والاخلاق ويعد عملا انسانيا عميقا في اصلاح ذات البين والقضاء على الفرقة وتمكين السلم الاجتماعي قائما بصلابة.

هذا اذا تحصل لمن يتصدى له بروحية نبيلة ساعية للخير ومحبة للسلام لكن هذا العمل بحد ذاته وان توخى الوسطاء فائدة محددة منه، فانه عمل يستحق التقدير في كل الاحوال ذلك لان المصلحة المتوخاة من وراء التصالح والرضى ستكون يسيره كون الوسيط حقق هدفا اكبر من المصلحة المحدودة بما لايقاس. اذ انه حقق معان اخلاقية نحتاجها في كل وقت.

ولا غضاضة من ان اشير هنا الى ما تضطلع به العشائر العراقية من دور كبير وواسع في حل النزاعات كذلك الوجهاء الذين ينتمون لهذه العشائر في التصدي والتوسط في الخلافات والمشاكل الحادثة في الوسط الاجتماعي بصورة مكثفة وفاعلة وتحقيق عدالة معقولة بين اطراف النزاع ومسعاها لتاصيل مفاهيم اخلاقية وايضا محددة لمفهوم التكافؤ الاجتماعي أي القوى الاجتماعية المتعادلة ذلك لان كل شخص في العراق منتمي لعشيرة محددة وتشكل لديه العشيرة قوة خلفية تتوازن مع اية عشيرة اخرى.

ولذا فان العدالة تملك قوتها في التنفيذ، ويعد ذلك اتفاقا عشائريا له نظمه الخاصة التي يعرفها رؤساء العشائر او ممثلي العشائر في المدن والقصبات.ولذا فليس هناك من مجال لاستخدام القوة لان القوة بهذه الحالة كانها موجهة الى ذات مستعملها وبصورة مضاعفة.

من هذا الايضاح الواقعي فان قليل من القضايا تصل الى سوح المحاكم وتقتصر على قضايا الاحوال المدنية كالطلاق والنفقات وما شابه اما في قضايا القتل فان للعشائر وساطتها في التصالح المدني اولا ولا تمنع من تداول جرائم القتل في المحاكم كون جريمة القتل تستدعي عقوبتين العقوبة العشائرية الممثلة بالفصل المادي الباهض ومن ثم السجن الحكومي الذي يقره القضاء.

هذا الى قضايا الاعتداءات الجسدية والمعنوية والحقوق فهذه الامور كلها تكون من ضمن عمل العشائر والوجهاء الذين لايخلو الريف او القصبات او الاحياء السكنية منهم. ويتصرفون في التوسط لها بطيب خاطر.

وان كثير من القضايا ينجز حلها ولاتذهب الى مستوى القضاء. وهو مايخفف بدرجة كبيرة عن الادارات القضائية في البلاد، كذلك يخفف الاعباء والمصاريف والوقت على المتنازعين وحسم خلافاتهم وخصوماتهم واحلال التراضي بينهم.

كتاب تحقيق الوساطة يطرح مسالتين جوهريتين كبداية لبحثه في مجال الوساطة هما التمكين والتقدير اللذين يصبان في التحول الاجتماعي باعتبار هذين العاملين ان تحققا في الوساطة فانهما اكثر اهمية من فض النزاع عند المقارنة وخصوصا في الخلافات الروتينية ذلك لانهما يحققان قدرا كبيرا في العلاقة الانسانية ويظلا فاعلين بصورة اطول زمنيا مما لتاثير حل الخلاف نفسه.

فاذا كانت الوساطة قد فشلت بصورة حاسمة فان تاثير الوساطة يكون ناجحا اذ يكون قد ارسى بعض المفاهيم الانسانية وان كلا الطرفين المختلفين لابد من انها اصغيا لبعضهما واستمع كل واحد منهم الى حجة صاحبه واطلع على الظروف التي يمر بها، هذا فضلا عن مسوغات الاعتداء او تلقي الاعتداء. وهذه الامور لها اكثر من نصف المسافة بين الطرفين كما ان الوساطة قد عضدت الطرف الذي يعتقد انه ضعيف امام خصم قوي واعادت له مكانته الطبيعية اتجاه نفسه واتجاه الآخر.

تهيء الوساطة اداة فعالة لتنظيم الافراد حول مصالح مشتركة وبناء علاقات وهياكل اجتماعية اكثر قوة وهي قادرة الى وضع الامور في وضع مختلف وبالاضافة الى ذلك فإن خصوصية الوساطة وطبيعتها القائمة على عدم اصدار الاحكام يمكن ان توفر للمتنازعين فرصة بلا مخاطر لشرح افكارهم واعطائها طابعا انسانيا ازاء بعضهم البعض. فتسمح للطرفين بتحديد المشاكل والاهداف والصيغة التي يريانها.

ومفهوم التمكين معناه في ابسط صورة ان يستعيد الافراد الشعور بقيمتهم وقوتهم وقدرتهم الذاتية على معالجة مشاكل الحياة اما مفهوم التقدير فيعني اثارة التعاطف مع مواقف الآخرين ومشاكلهم وعندما تنمو هاتان الميزتان فهما تساعدان على اتاحة فرصة للنمو المعنوي بين الاطراف المتنازعة وبذلك تتحقق امكانية الوساطة على احداث التحول في الناس.

على ان الوساطة لها منتقدوها اذ تكون حجتهم ان الوساطة قد تتعامل مع الامور بصورة صفقات تتم مع الجانب القوي وترمي بالمظلومية على الجانب الضعيف فليس كل الوسطاء لهم المزايا النبيلة في التعامل في حل الخلافات وليس كلهم من يبحث عن المعاني الانسانية وتهمهم التحولات الايجابية في المجتمع ولذا فقد تكون الوساطة وبالا وهي تبتعد عن الاخلاق العادلة وتلجا الى التسوية في خسارة الجانب الضعيف وبذلك تزيد من المظلومية في المجتمع.

ولا تحقق القدر المعقول من العدالة المفترض منها. كما ان قضية التحول قضية وهمية تعبر عن احلام مجردة ذلك لان قضية التراضي هي اكثر واقعية ومباشرة تحصل في ارض الواقع ان تحصل لها الشخص النبيل، كما ان قضية التمكين او التقدير قد لاتاتي بحلول صائبة اذ قد يرضى المتخاصمون على حلول غير جيدة ومجحفة بحق بعضهم وان كانوا هم الذين اختاروها فلا يكفي تراضيهم ولا يصلح من جانب اخلاقي اذا كانت غير عادلة وخصوصا وان هدف الوساطة في دائرة الاخلاق وتزمع ان تؤسس للعدل الاجتماعي وتشيع مفاهيم انسانية واخلاقية.

كتاب تحقيق اهداف الوساطة ومواجهة المنازعات عن طريق التمكين والاعتراف المتبادل يحتوي بعد المقدمة والتصدير على الاقسام التالية:

الجزء الاول.

1- حركة الوساطة، اربع وجهات نظر مختلفة.

وفيه يركز المؤلفان على القبول والاعتراضات وشرح معاني وممارسات الوساطة.

2 - فقدان الاهتمام بهدف التحول، التركيز على الارضاء والوصول الى تسوية.

يبحث في هذا القسم اساليب الوساطة والاهداف المختارة.

3 - حل المشاكل، الحدود الحالية لممارسة الوساطة.

يبحث في الحدود التي تجري فيها الوساطة ومعينة القيم الاخلاقية.

الجزء الثاني. نهج التحول من خلال الوساطة.

يبحث هذا القسم في النهوج المتنوعة لقضايا التحول في الوساطة.

4 - تغيير الاشخاص وليس مجرد تغيير المواقف.

يبحث في التاثيرات الايجابية في تغيير مواقف وطبائع الناس. ويعد المشكلات فرص مؤاتية لممارسة التحول والتاثير في الاشخاص

5 - اعادة النظر في العملية، مثال تطبيقي.

. مناقشة قصة واستخلاص نسق في المعالجة العملية، يمكن عدها سيناريو تدريبي.

امثلة تطبيقية وسيناريوهات.

6 - اغتنام الفرص لتحقيق التمكين. الوساطة ومهمة اعادة الثقة واستنبات قيم انسانية فيما يخص التمكين والتقدير كعاملين مهمين في قضية التحويل. وشرح واف لما ستتخذه الوساطة من خلال نموذج تدريبي.

الجزء الثالث. ممارسة النهج التحويلي.

7 - تحديد انماط الممارسة، الوساطة التحويلية.

يبحث في حصافة الوسطاء. والقدرة اللازمة في ادارة المنازعات. كذلك المنازعات المهنية في القطاعات المدنية والمؤسسات.

8 - تجنب المزالق.

الجزء الرابع. اطار اوسع للوساطة.

9 - القيم الاساسية، اهمية النهج التحويلي.

10 - تنفيذ النهج التحويلي، صعوبات وعقبات.

المؤلفان روبرت باروخ بوش استاذ مناوب لمادة قانون حل المنازعات بكلية الحقوق بجامعة هارفرد نيويورك ويدير حلقة دراسية لشؤون الوساطة لطلبة الحقوق.

جوزيف ب فولجر استاذ الاتصالات والعميد المساعد في جامعو تيمبل. وقد مارس الوساطة لفترة طويلة ونظّر لها في كثير من الاصدارات والمحاضرات.

كتاب تحقيق اهداف الوساطة يحتوي على كثير من القصص الواقعية والسيناريوهات التدريبية في مجال القضايا التي تتصدى لها الوساطة كتاب قيم في موضوع مهم جدا يخص ادق القضايا الاجتماعية والتي تحدث في كل حين وتمنح لمن يطلع عليه سعة من النظر والمعرفة بما يفوق الجهد في الاطلاع عليه وقراءته بتفحص عميق. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/كانون الأول/2010 - 15/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م