
شبكة النبأ: مازال الغبار منتشرا على
الانتخابات المصرية الأخيرة حتى بعد إرادتها ومهما حاول بعض السياسيين
من إزالة هذا الغبار فتظهر اتهامات جديدة تزيده، لاسيما بعد ان كشفت
تقارير أخيرة مستندة على ملفات ووثائق سرية تبين ان مبارك مستعد لتولي
الحكم خلال هذا العام والى حين وفاته.
هذا الأمر أثار ضجة كبيرة بين السياسيين المصرين خاصة من الجانب
المعارض الذي لم يثق بهذه الانتخابات ووصفها البعض بأنها مهزلة لكون
الطرق التي استخدمت في تزوير الأصوات كانت واضحة ومؤثرة في الوقت الذي
يحاول فيه المعارضون الى جانب الجهات التي خسرت المقاعد البحث عن دلائل
قاطعة على فساد العملية الانتخابية، مناشدين في الوقت ذاته المحكمة
الدولية والمنظمات العالمية لوضع حل لهذه الخروقات في بلادهم، كما حذر
المحللون السياسيون من أن الأوضاع ستسوء الى ابعد الحدود وتنتشر أعمال
العنف والعصيان المدني إذا لم يرضى الشارع المصري عن حكومته الجديدة.
السلطة مدى الحياة
حيث نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن وثائق سربها موقع ويكيليكس
انه من المرجح ان يعاد انتخاب الرئيس المصري حسني مبارك للرئاسة مرة
أخرى العام المقبل وان يبقى في السلطة طوال حياته.
وجاءت هذه المعلومات في وثيقة اميركية دبلوماسية اعدتها السفيرة
الاميركية في القاهرة مارغريت سكوبي ونشرها موقع ويكيليكس، حسب ما ذكرت
الصحيفة. والمحت البرقية التي كتبت في ايار/مايو قبل زيارة مبارك الى
واشنطن، ان الانتخابات الرئاسية التي ستجري في مصر في 2011 "لن تكون
حرة ولا نزيهة".
وقالت الصحيفة ان "رأي سكوبي الصريح كان ان مبارك .. من المرجح ان
يقضي آخر ايام حياته في السلطة بدلا من التنحي طوعيا او من خلال
انتخابات ديموقراطية". وجاء في البرقية ان "الانتخابات الرئاسية
المقبلة ستجري في 2011، وإذا كان مبارك لا يزال حيا، فانه من المرجح ان
يرشح نفسه مرة أخرى ويفوز دون اي شك". وأضافت انه "رغم المناقشات
الواسعة والمتواصلة، فلا احد في مصر متأكد من سيخلف مبارك او تحت اي
ظروف".
ويعتبر جمال نجل الرئيس مبارك، المصرفي البالغ من العمر 47 عاما
والذي ترقى في صفوف الحزب الوطني الحاكم، "المرشح المرجح" لمنصب
الرئاسة اضافة الى رئيس الاستخبارات عمر سليمان والامين العام للجامعة
العربية عمرو موسى.
وقالت الصحيفة ان "صورة مبارك كقائد قوي ولكن نزيه تضعف من موقف
جمال نوعا ما، نظرا لافتقار جمال الى الخبرة العسكرية، وربما يفسر ذلك
امتناع مبارك عن التدخل في مسالة الخلافة".
واضافت "ويبدو انه (مبارك) يعتمد على الله وعلى الجيش القوي وأجهزة
الامن المدنية لضمان انتقال السلطة بشكل سلس". ولم يعلن مبارك، الذي
خضع في اذار/مارس لعملية لإزالة المرارة وزوائد لحمية في الأمعاء، بعد
عن ما اذا كان سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية.
وفي الوقت الذي كتبت فيه البرقية، وصف مبارك بأنه "في صحة جيدة،
واكثر مشكلة صحية يمكن ملاحظتها هي ضعف السمع في اذنه اليسرى. ويأتي
نشر هذه البرقية عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في مصر في 28
تشرين الثاني/نوفمبر و5 كانون الاول/ديسمبر التي فاز فيها حزب الرئيس
مبارك بالأغلبية الساحقة حيث حصل على 420 مقعدا من اصل 508 مقاعد، مما
عزز قبضته قبل الانتخابات الرئاسية. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.
وفاز المستقلون بسبعين مقعدا فيما لم تحصل أحزاب المعارضة سوى على
14 مقعدا بعد ان قاطع معظمها الانتخابات التي قال عنها مراقبون انه
شابتها أعمال تزوير واسعة، فيما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها
بشأنها. ورفضت القاهرة مزاعم التزوير ووصفت انتقادات حليفتها
للانتخابات بأنها "تدخل غير مقبول" في الشؤون الداخلية.
وتصف البرقية مبارك بأنه "رجل مجرب وواقعي حقيقي وحذر ومحافظ
بطبيعته، وليس لديه وقت للأهداف المثالية". وقالت البرقية ان "مبارك
ليس لديه شخص مقرب او مستشار يمكنه ان يتحدث باسمه عن حق، كما انه منع
أي من مستشاريه الرئيسيين من العمل خارج نطاق السلطة الذي حدده لهم
بشكل دقيق".
وأضافت البرقية ان "جمال مبارك وعدد من وزراء الاقتصاد يساهمون
بآرائهم في الأمور الاقتصادية والتجارية، الا انه من المرجح ان يقاوم
مبارك آية إصلاحات جديدة للاقتصاد اذا ما رأى انها ستضر بالأمن العام
والاستقرار" في البلاد.
ووصفت البرقية مبارك بأنه "مصري علماني كلاسيكي يكره التطرف والتدخل
الديني في السياسة" وتمثل حركة الإخوان المسلمين المعارضة "الأسوأ"
بالنسبة له. وكانت جماعة الاخوان المسلمين فازت بخمس مقاعد البرلمان في
الانتخابات التي جرت عام 2005 الا انها فشلت في الحصول على اي مقعد في
الانتخابات الأخيرة.
كما تطرقت البرقية لدور مصر في النزاعات الإقليمية بما فيها عملية
السلام في الشرق الاوسط والعراق. كما لخصت راي مبارك في الرئيس
الاميركي السابق جورج بوش. وقالت ان "مبارك اعتبر الرئيس بوش بانه شخص
ساذج يخضع لسيطرة مساعديه ولم يكن مستعدا مطلقا للتعامل مع العراق في
فترة ما بعد صدام خاصة مع تزايد النفوذ الايراني في المنطقة".
تزوير الانتخابات
من جانبه استنكر الرئيس المصري حسني مبارك ادعاءات معارضين وحقوقيين
أن انتخابات مجلس الشعب التي أجريت سابقا زورت وقال ان التجاوزات
الانتخابية كانت محدودة ولا تمثل إخلالا بشرعية المجلس.
ويقول محللون ان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه مبارك
كان تواقا لإقصاء معارضيه من المجلس لضمان انتخابات رئاسة هادئة العام
المقبل. وفاز الحزب بنحو 80 في المئة من الأصوات بالمقارنة بنحو 70 في
المئة في المجلس المنتهية مدته. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وانسحبت أكبر جماعتين سياسيتين من الجولة الثانية وهما جماعة
الإخوان المسلمين وحزب الوفد قائلتين ان التزوير تم من خلال الاقتراع
الجماعي نيابة عن ناخبين لم يحضروا وتخويف مؤيدي المرشحين المعارضين.
لكن المسئولين يقولون ان الانتخابات كانت نزيهة وان الشكاوى المختلفة
تم بحثها.
وقال مبارك في خطاب ألقاه في اجتماع للهيئة البرلمانية للحزب الوطني
"هذه التجاوزات لا تنفي حقيقة أن الانتخابات قد تمت في الغالب الأعم من
الدوائر بما يتفق مع صحيح القانون والإجراءات وبعيدا عن العنف
والانحراف والتجاوز."
وأضاف "أسعدني كرئيس للحزب ما حققه مرشحونا من نجاح. لكنني كرئيس
لمصر كنت أود لو حققت باقي الأحزاب نتائج أفضل وكنت أود لو لم تهدر
جهودها في الجدل حول مقاطعة الانتخابات ثم التوجه لخوضها والمشاركة
فيها ثم إعلان البعض الانسحاب منها تشكيكا في نتائجها."
ويحكم مبارك مصر منذ عام 1981 ولم يقل ان كان سيرشح نفسه لفترة
رئاسة جديدة مدتها ست سنوات. وشغل مرشح واحد كان على قائمة مرشحي
الإخوان مقعدا في المجلس هذا العام في مقابل 88 مقعدا في انتخابات عام
2005 وتقول الجماعة ان مجدي عاشور لا يمثلها لخوضه جولة الإعادة بعد
قرار الجماعة مقاطعتها.
وقال حزب الوفد وهو حزب ليبرالي يشغل 12 مقعدا في المجلس المنتهية
مدته انه بعث خطابا الى مجلس الشعب المصري يؤكد أنه جمد عضوية مرشحيه
السبعة الناجحين في الانتخابات وبالتالي لن تكون له هيئة برلمانية في
تشكيلة مجلس الشعب الجديد. وفي وقت سابق أعلن الحزب أن عليهم التخلي عن
مقاعدهم وإلا فصلوا من عضويته.
تشكيل برلمان مواز
فيما عقد البرلمان المصري الجديد أول جلسة له فيما أعلن نحو 20 من
نواب المعارضة الذين هزموا في الانتخابات التشريعية المثيرة للجدل عن
تشكيل برلمان "مواز".
واعاد البرلمان الجديد انتخاب فتحي سرور رئيسا له قبل جلسة الافتتاح
الرسمية فيما تلا النائب المستقل المعارض السابق مصطفى بكري بيانا حول
تشكيل "برلمان الشعب". ووقف بكري مع عدد من النواب من جماعة الإخوان
المسلمين وحزب الوفد المعارضين على عتبات مجلس الدولة المصري المخول
تسوية الخلافات الإدارية المتعلقة بممارسة السلطة. بحسب وكالة أنباء
فرانس برس.
وأدى النواب السابقون قسم الولاء لاحترام الدستور، وقالوا ان
البرلمان الموازي سيعكس إرادة الشعب. وشارك في الاحتجاج نحو عشرين
نائبا سابقا حمل بعضهم لافتات تدعو الى الغاء الانتخابات البرلمانية
التي جرت في دورين في 28 تشرين الثاني/نوفمبر و5 كانون الاول/ديسمبر.
وكتب على احدى اللافتات "الانتخابات مزورة". وحمل محتجون لافتة بيضاء
كتب عليها "هذا كفن النزاهة والشفافية".
الانتخابات المزورة
بينما قالت جماعة الاخوان المسلمين التي تمثل المعارضة الرئيسية في
مصر انها تجمع أدلة على تزوير في عمليات التصويت وانتهاكات اخرى في
الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا مضيفة انها ستتصل بمنظمات حقوق
الإنسان الدولية.
وقالت ايضا انها ستلجأ الى المحكمة الدستورية والمحكمة الادارية
العليا للدعوة الى حل البرلمان الجديد وإعادة الانتخابات. وقاطعت جماعة
الاخوان المسلمين التي شغلت 20 بالمئة من مقاعد البرلمان المنتهية
ولايته المرحلة الثانية من الانتخابات بعد جولة أولى قالت انها زورت
لصالح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك.
وقال صبحي صالح عضو الاخوان والنائب السابق بالبرلمان "سنتصل بتلك
المنظمات المعنية بحقوق الانسان وتعزيز حماية الحريات المدنية الاساسية
التي وقعت مصر معها اتفاقيات." وقال صالح انه سيتم الاتصال بمنظمات مثل
الامم المتحدة ومنظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش). بحسب
وكالة الأنباء البريطانية.
تأتي تصريحاته بعد مؤتمر للاخوان المسلمين عقد لبحث ما سمته الجماعة
"التزوير الفاضح" في الانتخابات وارتكاب انتهاكات مثل أعمال البلطجة.
ورغم حظر الجماعة بموجب قانون يجرم الاحزاب الدينية فان الحركة
الاسلامية تقدم مرشحين على انهم مستقلون. وقالت انه لم يخض أحد من
مرشحيها جولة الإعادة بسبب المقاطعة رغم ان 26 تمكنوا من اجتياز الجولة
الاولى.
ويبلغ العدد الإجمالي للمقاعد في البرلمان المصري 518 مقعدا ويعين
الرئيس عشرة أعضاء من هذا العدد. ومن بين 508 مقاعد يتم التنافس عليها
حصل الحزب الوطني الديمقراطي على 420 مقعدا بينما حصل المستقلون على 70
مقعدا بينما حصلت أحزاب أخرى على 14 مقعدا.
ألبرادعي يدعو الى مقاطعة الانتخابات
في حين دعا المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية
والمعارض المصري محمد البرادعي، في شريط فيديو الى مقاطعة الانتخابات
الرئاسية في 2011، ووصف الانتخابات النيابية الأخيرة بأنها "مهزلة".
وقال البرادعي في شريط الفيديو الذي بث على صفحته في الفيس بوك ان
"المعارضة لا بد ان تكون صفا واحدا ... ولا بد ان تعلن صراحة انها
ستقاطع اي انتخابات رئاسية ما لم يعدل الدستور".
وخاطب ألبرادعي مؤيديه عموما "أرجو منكم ان ترسلوا رسالة صريحة
للنظام (تقولون فيها) إننا لن نشارك في هذه المهزلة خلال العام القادم
في الانتخابات الرئاسية". وأضاف ان على النظام والمعارضة ان يدركا ان
"من حقنا ان ننزل في مظاهرات سلمية للمطالبة بالتغيير. اذا اضطررنا
سنلجأ الى العصيان المدني السلمي". بحسب وكالة أنباء فرانس برس.
وأوضح ألبرادعي "أرجو ان يفهم النظام انه اذا لم يسمح لنا بهذا فلن
يترك للشعب المصري مفر ... أرجو الا يحدث هذا وإلا سيكون هناك عنف
سنراه في مصر وهذا أمر لا يتمناه أي مصري". وحذر ألبرادعي من ان "للقمع
حدودا". |