فلسطين... قضية مهملة ومواطنون نصف احياء

 

شبكة النبأ: ما هو السبب الذي يجعل أصحاب الدار وساكنيه غرباء في دارهم التي بنيت على أرضهم التي هي ملك لهم؟ فمن المتعارف عليه ان دخول المنزل من الأبواب بالنسبة لأهل الدار، ومن يدخل من السطح او من منفذ أخر فهو بالتأكيد غريب! ولكن هذا ما يفعله أكثر العوائل الفلسطينية التي تخشى الدخول من أبواب منازلها كونها مهددة بالقتل بعد ان أغلقت الشوارع المؤدية لها.

ان الحياة العصيبة التي يعيشها الفلسطينيين وسط الاحتلال الإسرائيلي والمضايقات من الجنود من ضرب واعتقالات وتهجم على البيوت الهادئة الآمنة، جعلت الشعب الفلسطيني بعد ان يأس من حكومته التي تشهد نزاعات بينها واختلافات في الاتجاهات والأفكار لكونها لم تجد حلا له، أصبح أمام الأمر الواقع الذي جعله يتعايش مع الوضع وبدل ان يبحث عن طريقة لدحر الجيوش المحتلة لأرضه بدأ التفكير بسبل تضمن له سلامته.

على أسطح البيوت

حيث تضطر زهيرة قفيشة (59 عاما) من اجل الوصول الى بيتها في شارع الشهداء في الخليل المغلق امام المواطنين الفلسطينيين بأوامر عسكرية اسرائيلية، للمرور بشوارع خلفية والتنقل على أسطح بيوت الخليل القديمة التي باتت منفذا وطريقا وحيدا الى منزلها.

وتتنقل زهيرة قفيشة وعائلتها مع عائلتين أخريين تعيشان في شارع الشهداء على أسطح المباني منذ عدة سنوات بعدما أغلقت كل منازل الشارع والمحلات حيث لا يستطيع الفلسطينيون الوصول الى نحو كيلومتر واحد من شارع الشهداء.

واعتلت زهيرة نحو 65 درجة وسلالم حديدية من وسط سوق خلفي للوصول الى بيتها. وقام أولادها بفتح ثغرة عبر جدار بين الأسطح لتسهيل مرورهم بعد استأذنوا من الجيران. واصبحت تدخل الى بيتها من باب عند سطحه وتنزل مرة أخرى نحو عشر درجات لتصل المنزل الذي تعيش فيه مع عشرة أشخاص.

وشارع الشهداء المغلق امام الفلسطينيين هو احد الشوارع الرئيسية في المدينة، يبدو مهجورا وخاويا باستثناء مرور بعض الدوريات العسكرية الإسرائيلية مع آلياتها ودوريات راجلة ترتدي الخوذات وتصوب أسلحتها نحو الأعلى. ويسير في الشارع مسلحون من المستوطنين يتنزهون مع أطفالهم الذين يركبون دراجات هوائية وعدد آخر من المستوطنين يمرون بسياراتهم.

وتقول زهيرة قفيشة "انا لست بشابة لأتسلق سلالم. كنا في البداية نتسلق على سلالم خشبية على امل ان يفتح الشارع ولكن بعد ان انتابنا اليأس سمح لنا اصحاب البيوت بوضع سلالم حديدية".

وتتحدث عن صعوبات الوصول الى البيت لاسيما في الشتاء مع "هطول المطر ونقل الاكل وانبوبة الغاز ووقود المدافىء وتنقل الاطفال الى المدارس" قائلة "نحن نرى الموت الف مرة عندما نصعد وننزل السلالم". وتقول" لم يعد عندي اعصاب لشيء فنحن ينتابنا الخوف والقلق".

شارع الموت

وتطل زهيرة برأسها من السطح على الشارع وتقول "أكثر شيء أخاف منه في حياتي المستوطنين واليهود، كذلك أخاف من الجنود لكن ليس بنفس القدر". وأشارت الى انه منذ سنين طويلة لم تنظر الى الشارع "خوفا من ان يقتلوني ويدعوا اني ألقيت حجارة".

وتابعت زهيرة "لقد اغلق الجيش ابواب دورنا باللحام قبل عدة سنوات، لكنه عاد وفتح الطريق لمرة واحدة ووحيدة لمدة ثلاثة أشهر، واعطانا تصاريح للساكنين في الشارع" لكنهم عادوا واغلقوا الطريق. وقالت حتى عندما فتحوا الشارع كنت اخاف ان اسير فيه، فلا يوجد سوانا مع المستوطنين". وتساءلت "كيف سأسير لوحدي في شارع الموت مع المستوطنين؟ أفضل السير علـى الأسطـح خـيرا لي من الاحتكاك مع المـستوطنين". بحسـب وكالة انباء فرانس برس.

وفي بيت زهيرة المغلق بإحكام غطيت نوافذ باب المدخل بقضبان وشريط حديدي ووضعت خلف الباب مواسير حديدية لإسناده وقالت "نخشى ان يكسر المستوطنون الأبواب والشبابيك" مضيفة "لقد القوا مرة من شباك الباب مواد حارقة".

اما جارتها رجاء ابو ميالة (ام فراس) فقالت "الغي باب دارنا مع إغلاق الشارع وبتنا نصعد عن طريق اسطح الجيران بعد ان طلبنا الاذن منهم، ووضعنا درجا حديديا". واوضحت "عندما فتح لنا الجيش الطريق لمدة ثلاثة اشهر وشاهد اولادي الشارع لم يصدقوا ان مدخل بيتنا جميل وان بإمكانهم اللعب في الشارع".

واضافت "نحن محظوظون لأننا استطعنا تحويل النافذة الى باب خلفي نستخدمه للدخول الى المنزل، لكن السكان الاخرين هجروا بيوتهم وانتقلوا للعيش في اماكن اخرى لان لا منافذ اخرى لمنازلهم". وقالت "نحن ذقنا الامرين من الجيش والمستوطنين، فقد القى المستوطنون مرة على زوجي وحماتي زجاجة حارقة، واصيبا بجروح" مؤكدة ان "العيش مع المستوطنين هو الرعب بحد ذاته، نحن نخاف ان نطل او ننظر من نوافذنا، لقد وضعنا الحديد والسياج على كل نوافذنا".

واوضحت "كان المستوطنون يعتدون على أولادنا وبناتنا في الشوارع ويضربونهم وحتى الجنود كانوا يكذبون، فمرة ادعى جندي باني القيت عليه حجارة واحتجزوني للتحقيق في مستوطنة كريات اربع، واعترف بعدها انه كاذب وأطلق سراحي".

ومن جهته قال مدير لجنة اعمار الخليل عماد حمدان "يوجد 515 محلا مغلقا بأوامر عسكرية مباشرة معظمها في شارع الشهداء وفي البلدة القديمة و91 منزلا نتيجة اغلاق الشوارع والطرق" مشيرا الى ان "نحو الف محل اغلق نتيجة الإجراءات الإسرائيلية".

وتابع "كما اغلقوا سوق الخضار المركزي ومرأب باصات المدينة وحولوه الى معسكر جيش، وبعدها سلموه للمستوطنين، واغلقوا منطقة فيها نحو 40 ورشة لتصليح السيارات اضافة الى مدرسة اسامة بن منقذ التي حولها المستوطنون مبنى "بيت رومان" وبنوا عليها طابقا جديدا.

واكد حمدان ان المحكمة العليا الاسرائيلية تنظر في قضية اغلاق شارع الشهداء والمحلات والبيوت وقد طلب قضاة المحكمة من الجيش ان يجد حلولا امنية بديلة عن اغلاق الشارع. وقال "منذ عامين وحتى الان لم يجد الحل".

ومن جهته قال هشام الشرباتي الناطق باسم "تجمع شباب ضد الاستيطان" "إسرائيل أغلقت شوارع ومنازل من اجل ستة بؤر استيطانية". وأوضح "نشعر ان الجيش والمستوطنين يتناوبون على تبادل الأدوار في سياسة تهويد الخليل وتفريغها من سكانها".

ويعيش نحو 220 الف فلسطيني في مدينة الخليل التي تعد من اكبر مدن الضفة الغربية والتي انسحب منها الجيش جزئيا عام 1997. وتشهد المدينة توترا مستمرا بين الفلسطينيين والإسرائيليين بسبب وجود نحو 600 مستوطن يعيشون تحت حماية أعداد كبيرة من الجنود حول الحرم الإبراهيمي إضافة الى 6500 مستوطن آخر يقيمون في كريات أربع.

أسلوبا جديدا في بناء المنازل

من جانبهم ابتكر فلسطينيون في قرية الجفتلك الواقعة أقصى شمال مدينة أريحا في الضفة الغربية أسلوبا جديدا في بناء منازلهم لمواجهة إمكانية هدمها من قبل إسرائيل.

ويبذل الشاب خالد عبد الرحمن جهدا كبيرا في تحضير مواد البناء لبيته وفق الأسلوب الجديد، ليسكنه هو وأولاده الستة ويترك بيته البلاستيكي المكون من غرفة واحدة ويقيم فيه منذ سبع سنوات.

ويعتمد الأسلوب الجديد على صناعة الطوب المستخدم في البناء من التراب والمياه والقش فقط. وفي حال تعرض البيت للهدم فإن تكلفة البناء ستكون قليلة وسيعاد بناء البيت بالمواد نفسها، حسبما يقول أهالي القرية.

وقال الشاب خالد: ''عندما يحل فصل الشتاء تكون حياتي وحياة أولادي داخل المنزل البلاستيكي الذي نعيش فيه تعيسة جدا وهذا الأسلوب الجديد في البناء سيمكنني من الحصول على بيت أفضل من الذي أسكنه اليوم''. وهو يمضي ساعات عمل طويلة في تجهيز الطوب الطيني لبدء البناء. وقال إنه يتوقع أن يستغرق بناء المنزل شهرين.

وأكد أهالي القرية ومسئولون تنمويون هناك، منع إسرائيل منح التراخيص اللازمة للبناء منذ احتلال الضفة الغربية في 1967. وتقع القرية التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة في منطقة ليست (ج)، أي خاضعة لإسرائيل فحسب، بل في منطقة عسكرية.

وكتب بالعربية على مدخل القرية ''منطقة إطلاق نار''. وقال فتحي خضيرات الناشط في إحدى المؤسسات التي تعمل على تنمية منطقة الأغوار إن ''إسرائيل هدمت 18 منزلا في القرية خلال السنتين الماضيتين بحجة عدم الحصول على تراخيص''. وكانت أراضي الجفتلك التي تبلغ مساحتها 13 ألف دونما جزءا من منطقة الأغوار الفاصلة بين الأردن وإسرائيل وخاضعة للحكومة الأردنية قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وتعتبر غالبية أراضي تلك المنطقة حكومية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

إلا أن عديدا من العائلات البدوية سكنت تلك القرية بسبب جودتها الزراعية ورغم قلة المياه فيها وعدم توافر البنية التحتية اللازمة من شبكة كهرباء أو مياه أو هواتف أو حتى طرق. من جهته، نجح الشاب عمار رحايلة (27 عاما) في توسيع منزله بالأسلوب نفسه. وقد أضاف غرفة ومطبخا إلى منزله الذي يعيش فيه مع زوجته وولديهما.

وقال رحايله ''بهذا الأسلوب أنهيت مشكلتي بعدما كنا نعيش في غرفة واحدة لم تتجاوز مساحتها مترين مربعين''. وتظهر بعض المنازل التي بنيت بالكامل من طوب الطين أو حجر ''اللبن'' كما يطلق عليه أهالي القرية بينما هناك منازل أخرى أضيفت إليها غرف من الطين. وقالت مهندسة زراعية شابة من القرية كانت تراقب عملية صناعة الطوب الطيني، إن هذا الأسلوب من البناء ''رفع مستوى الأمل'' لدى أهالي القرية، ولو بشكل بسيط.

وجلست شابة أمريكية، على نافذة لمنزل يتم ترميمه بطوب طيني وبدت عليها علامات السعادة، رغم أن قدميها كانتا مكسوتين بالطين لأنها أسهمت في صناعة الطوب. وقالت إيميلي هيلكوفيست إنها قدمت إلى الجفتلك فقط للتضامن مع أهل القرية في الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وأضافت ''شيء جميل أن تعجن الأتربة والماء بقدميك ثم تحول الأتربة إلى طوب ثم إلى بيت''. ويسعى فتحي خضيرات المشرف الرئيسي على فكرة بناء المنازل بالطوب الطيني إلى بناء وترميم منزل قديم جدا، وتحويله إلى مركز للاجتماع بالتعاون مع مؤسسة بريطانية يطلق عليها ''بيت لقاء الأصدقاء''. وقال خضيرات ''سيكون هذا المنزل من أفضل وأشهر المنازل في شمال أريحا''.

كيف تحتمي من إسرائيل

فيما سلم أبو غزالة نفسه لقوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية في السابع من يناير كانون الثاني مع ثمانية فلسطينيين آخرين قيل لهم انهم معرضون ان يلقوا نفس مصير ثلاثة رجال قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي قبل فترة سابقة.

وقال أبو غزالة من سجن الجنيد الذي تديره السلطة الفلسطينية بالقرب من نابلس "نصحتنا قوات الامن بدخول السجن حفاظا على حياتنا." ويعتقد أبو غزالة العضو السابق في كتائب شهداء الاقصى انه في مأمن من ملاحقة إسرائيل التي تحتل الضفة الغربـية مـنذ العام 1967.

وقال انه كان مشمولا بعفو اسرائيلي شمل العشرات من المتشددين من كتائب شهداء الأقصى المنبثقة عن حركة فتح. ولكن الشيء ذاته ينطبق على ثلاثة فلسطينيين قتلهم الجيش الإسرائيلي في 26 ديسمبر كانون الاول.

وكان الجيش يشك في أن الثلاثة ضالعون في قتل مستوطن يهودي قبل ذلك بيومين. وقال الفلسطينيون الذين يحتجزون أبو غزالة له ان هناك مزاعم اسرائيلية بضلوعه في مؤامرة للانتقام لمقتل الثلاثة في نابلس. وهي تهمة ينفيها تماما. وقال أبو غزالة "كانت الساعة 10.30 مساء. وقالوا ان أمامنا حتى منتصف الليل للحضور لسجن الجنيد والا سيتصرف الطرف الآخر ( إسرائيل) بطريقته."

يأتي التحرك السريع من جانب قوات الامن لضمان عدم اراقة مزيد من الدماء تجسيدا لتصميم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تجنب احداث شلل في عملية السلام فيما تصعد إسرائيل أعمال العنف في الضفة الغربية.

ولكن مثل هذه الاحتجازات داخل سجن فلسطيني تمثل مشكلة بالنسبة لصورة قوات الامن الفلسطينية. فهي ترفض بشدة اتهامات يوجهها منتقدون ومنهم حماس بأنها تتعاون مع إسرائيل.

وقال عدنان الدميري المتحدث باسم أجهزة الأمن الفلسطينية التي تسيطر على بعض المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية ان قوات الأمن الفلسطينية لا تسجن أي شخص وفقا لرغبات إسرائيل.

وقال الجيش الاسرائيلي ان الثلاثة تجاهلوا أوامر بتسليم أنفسهم. وعثر على أحدهم يحمل بندقية ولكن أيا منهم لم يفتح النار. وقال الجيش ان الجنود افترضوا أن كلا منهم "مسلح وخطير". بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وأثار تحقيق أجرته منظمة بتسيلم الاسرائيلية المعنية بحقوق الانسان "مخاوف عميقة من أن يكون الجنود تصرفوا بصورة غير قانونية". وقالت المنظمة انه في حالتين على الأقل لم يبذل الجنود محاولات لاعتقال الرجلين. وقال أبو غزالة الذي قاتل في الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في مطلع الألفية انه يعتقد أن إسرائيل تأمل في استثارة رد فعل عنيف. وأضاف أنه لن يبادر بذلك.

يقول أبو غزالة (36 عاما) الذي تزوج قبل خمسة شهور انه يسعى كي يحيا حياة عادية في نابلس التي كان يعمل فيها في متجر للأحذية يملكه أخوه الى أن دخل السجن. وقضى أبوغزالة عدة أعوام في سجن اسرائيلي خلال الانتفاضة. وليس من الغريب أن يلقى أبو غزالة معاملة طيبة من جانب سجانيه.

وعلى الرغم من وجوده في سجن فلسطيني فان أبو غزالة لا يشك في أن موعد الإفراج عنه يعتمد على إسرائيل. وقال "ان قوات الأمن مقتنعة بأن مزاعم إسرائيل لا أساس لها."

الرغبة في الثأر

قال ناصر عبد الجواد عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن قائمة الاصلاح والتغيير التابعة لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان ما من أحد يرغب في العمل لديه خشية تعرضه للسجن.

وأمضى اخر سائق عمل لديه شهرين في سجن بالضفة الغربية بعد أن ألقت قوات الامن التابعة للرئيس محمود عباس القبض عليه والذي تناصب حكومته التي تتخذ من رام الله مقرا لها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة العداء الصريح.

وقال عبد الجواد الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2006 والتي أنزلت خلالها حماس هزيمة ثقيلة بحركة فتح التابعة لعباس "كلما أطلب من أي شخص أن يعمل معي يرفض.. الناس خائفون."

وكان من أسباب فوز حماس استياء الناخبين مما اعتبروه في ذلك الوقت فسادا في حركة فتح وأدى فوز حماس الى أزمة سياسية واقتتال مع فتح في غزة انتهى بسيطرة الحركة على القطاع الذي ما زالت تحكمه تحت حصار إسرائيلي خانق.

وقال عمر عبد الرازق وهو نائب آخر من حماس في مكتبه بسلفيت وهي قرية تقع قرب بلدة نابلس الفلسطينية "هناك برنامج لاجتثاث حماس في الضفة الغربية." وأضاف "لا توجد نشاطات لحماس.. الاعتقالات تتم بشكل يومي."

وتقول حماس ان نحو 600 من أعضائها موجودون في سجون فلسطينية بالضفة الغربية مما يشير الى مدى عمق الانقسام الذي يعتقد الكثير من الفلسطينيين أنه أضر بشدة بقضيتهم. كما تقول حماس ان السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب تهدف الى إنهاء وجودها تماما من الضفة الغربية.

في حين تقول فتح ان حماس تريد محو وجودها في غزة. ويقول محللون فلسطينيون ان معارضي فكرة إقامة دولة فلسطينية داخل إسرائيل يستمتعون بمثل هذا الانقسام. ولم تنجح الجهود المصرية حتى الان للمصالحة بين الحركتين وساعدت اتهامات متبادلة بالتعذيب في تفاقم العداء القائم أساسا نتيجة اختلاف إستراتيجية كل منهما تجاه إسرائيل وتحرير الأراضي الفلسطينية.

وتعارض حماس المدعومة من إيران وسوريا إستراتيجية عباس القائمة على السعي الى التوصل الى سلام دائم مع إسرائيل اذ ان ميثاقها يدعو الى تدمير الدولة اليهودية. وأمضى كل من عبد الجواد وعبد الرازق أكثر من ثلاث سنوات في السجن باسرائيل منذ انتخابهما في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي لم ينعقد منذ سيطرة حماس على غزة عام 2007 . بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وكانا بين 40 من نواب حماس ألقي القبض عليهم عام 2006 بعد أن أسر نشطاء فلسطينيون في غزة الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط الذي ما زال محتجزا لديهم. وأفرج عن عبد الجواد في سبتمبر أيلول. وقال ان قوات الامن الفلسطينية منعت حفلا لاستقباله. وقال مسؤول أمن ان حماس استغلت تلك التجمعات في التحريض على كراهية السلطة الفلسطينية.

ومضى عبد الجواد يقول ان أكثر من 200 جمعية خيرية تابعة لحماس -ولها أهمية كبيرة في تكوين الدعم الشعبي- تم اغلاقها وان أي شخص ينتمي للحركة أصبح معتادا على مراقبة القوات الفلسطينية له.

كما يشكو أنصار حماس من عزلهم من وظائفهم الحكومية في الضفة الغربية بسبب انتمائهم.

وقال ابراهيم عبد الله اخر سائق كان يعمل لدى عبد الجواد ان عمله مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لم يشفع له عندما احتجزته قوات أمن فلسطينية. وأضاف "عملت لدى ناصر عبد الجواد لشهرين واعتقلت لشهرين.. لا أحد يرغب في العمل معه."

أطفال يبحثون عن مستقبلهم

بينما يتجمع حوالي 64 طفلا وطفلة في مدرسة ابتدائية للبدو الرحل بمحاذاة جبل صحراوي في الضفة الغربية يتحدون البيئة في صفوفهم المتواضعة ويتمنون الا تتم إزالة مدرستهم من قبل السلطات الإسرائيلية.

وتلقى البدو في ذلك التجمع القريب من مدينة اريحا في الضفة الغربية بلاغا من قبل الادارة المدنية الاسرائيلية يمهلهم وقتا لإزالة المدرسة وجامع أقامهما هناك البدو الذين يطلق عليهم اسم "عرب المليحات".

وحسب البلاغ العسكري الإسرائيلي الذي أظهره مدير المدرسة تيسير دراغمة فان البدو مطالبون بإزالة المدرسة لأنها أقيمت على اراض تقع تحت السيطرة الاسرائيلية وتبتعد امتارا عن خزان مائي بني لصالح مستوطنة يهودية قريبة.

ويبدو الاطفال سعداء وهم يلعبون كرة القدم في ساحة مليئة بالحجارة امام المدرسة رغم ان البيئة التي يعيشونها تفتقر الى كثير من أساسيات المدارس. وما يتمناه التلامذة في تلك المدرسة ليس سوى الإبقاء على مدرستهم وتزويدها بأجهزة تبريد لان الوضع في صفوف المدرسة لا يطاق في فصل الصيف.

وتتكون المدرسة من سبعة كرافانات حديدية وساحة مفتوحة. وقد رسم على واجهة احد الصفوف علم فلسطيني كبير. وتبدو المدرسة كأنها ثكنة عسكرية للجيش وليست مدرسة أطفال الا انها تختلف عن الثكنة في ان حدودها مفتوحة وليست مغلقة.

ولا يوجد دورة مياه لتلامذة المدرسة ومن اراد قضاء حاجته، عليه ان يختار مكانا بعيدا عن الأنظار. لكن أقيم حمام متنقل للمدرسين مثل الحمامات التي يستعملها الجنود عند الحواجز العسكرية.

وقالت التلميذة مرام احمد (14 عاما) التي تتمنى ان تصبح طبيبة نفسانية، بأنها تتمنى وجود مكيفات هواء داخل صفها (الثامن). وأضافت "في ايام الصيف تكون الحرارة داخل الصف لا تطاق". وقالت "أتمنى ان يكون لدينا مختبرا وطاولات جديدة".

ويتمنى الطالب صالح عطا (13 عاما) ان يصبح طبيبا عاما مثل أخيه عرفات الذي تخرج قبل ايام من إحدى جامعات القاهرة وكان تعلم في نفس المدرسة. ويقول "أتمنى ان يتم تثبيت المدرسة والا يزيلها الاحتلال".

ويعمل في التدريس في المدرسة عشرة موظفين يتلقون رواتبهم من الحكومة الفلسطينية، الا انهم يقطعون مسافات طويلة صباح كل يوم للحاق بمدرستهم. ويؤكد مدير المدرسة تيسير دراغمة (42 عاما) الذي يأتي يوميا من بلدة طوباس شمال الضفة الغربية، انه سعيد جدا في عمله. وقال "انا سعيد لأني اشعر في كل تقدم نحرزه هنا بأنني حققت شيئا مميزا وأحب عملي هذا لأنه نوع من المغامرة، ان تأتي كل هذه المسافة لإدارة مدرسة في منطقة نائية". واكد دراغمة انه نجح خلال ثلاث سنوات من عمله في إدارة المدرسة، في تثبيت الهيئة التدريسية في العمل في المدرسة بعدما اقنع أهالي التجمع البدوي بإبقاء أبنائهم في المدرسة في حال انتقالهم الى منطقة اخرى.

واضاف ان "اهالي الطلبة اعتادوا عند ترحالهم صيفا الى مناطق باردة، نقل أبنائهم معهم، لكن الان يبقون على أبنائهم في المدرسة رغم تنقل الأهالي بعد ان وفرنا لهم وسائل لنقل الطلبة الى المدرسة من الأماكن الجديدة التي انتقلوا اليها". بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

واشار دراغمة الى ان وزارة التربية والتعليم بذلت جهدا كبيرا لجلب هذه الكرافانات قبل حوالي شهر بعدما كانت عملية التدريس تجري في كرافانات خاصة بالأغنام.

وقد تأسست هذه المدرسة في 1969 وكانت تتألف من صف واحد في البداية، قبل ان تصبح على ما هي عليه الان. وانهمك مدرس اللغة العربية محمد شريتح (35 عاما) في تدريس طلبة الصف الاول في المدرسة. وقد القى درسا بعنوان "وطن الحرية" طلب فيه من الطلبة كتابة ما كتبه على اللوح.

وكان الاستاذ كتب "خرجت وفاء من السجن فرحت ام وفاء كثيرا، احتفل الجيران بخروج وفاء من السجن. قالت الام سيخرج امين ونكمل فرحتنا". وقال المعلم شريتح الذي يأتي صباح كل يوم، منذ 14 عاما من قريته المزرعة الغربية في رام الله للتدريس في المدرسة النائية، انه لن يسعى مطلقا لتغيير مكان عمله رغم ما يكلفه ذلك من عناء.

واضاف "ما ان بدأت عملي في هذه المدرسة حتى شعرت ان الاطفال هنا لديهم رغبة في التعلم بشكل غير طبيعي، لذلك دفعني شعوري بالعطف عليهم ان ابقى معهم خصوصا. إنهم طلبة يعيشون في منطقة نائية ومهملة".

وتنتشر في ذلك التجمع أكواخ تضم ما بين 450 و500 فلسطيني من البدو الرحل يعيشون حياة بدائية لكن أطفالهم يسعون الى التعلم والبحث عن حياة أفضل. وقال عطا سليمان (49 عاما) وهو من سكان التجمع البدوي الذي يحرص على زيارة المدرسة يوميا ان "حياتنا صعبة ونأمل ان يكون لدينا ارض نسكن عليها ونثبت فيها بدلا من حياة التنقل والترحال".

واضاف "صعبت حالنا اكثر حينما فقدنا فرص العمل بعد الاغلاقات الاسرائيلية". وفي المدرسة عدد من الطالبات. وقال سليمان ان "المشكلة لدينا هي ان الفتاة تجد صعوبة في تكملة دراستها بعد المدرسة الابتدائية هنا".

فلسطينيات يحطمن المحظورات

من جانبها لم تأبه الفلسطينية سميرة صيام بالتقاليد وتحدت الحاجز الاجتماعي الذي يحظر على النساء الانضمام للعمل كمعلمات لقيادة السيارات في قطاع غزة.

وفي البداية واجهت سميرة مقاومة حين بدأت تعلم النساء قيادة السيارات. ولم تكن سميرة تعرف في ذلك الوقت انها ستصبح واحدة من معلمات قيادة السيارات القليلات جدا في قطاع غزة.

ويتباين رد فعل رجل الشارع في غزة على عمل سميرة صيام الذي ينظر له على انه قاصر على الرجال الا ان المرأة التي يبلغ عمرها 45 عاما ترحب بالتحدي. وفرضت اسرائيل حصارا على قطاع غزة في عام 2007 بعد ان هيمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع عقب تغلبها على حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلـسطيني محـمود عـباس. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ويعاني قطاع غزة الذي يقطنه 1.5 مليون نسمة من نقص حاد في جميع مستلزماته منذ بدء الحصار. وزاد النقص والمعاناة في القطاع بعد الهجوم الاسرائيلي على غزة في ديسمبر كانون الاول 2008. وتساند الجمعيات النسوية الفلسطينية النساء العاملات لاسيما اللائي يحطمن المحاظير الاجتماعية ويعملن في مهن لم يعتد المجتمع على عمل النساء بها. وصابرين مناصرة هي أول امرأة تعمل سائقة سيارة أجرة في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية. وهي تعمل على الخط الذي يربط بين كنيسة المهد بقرية واد فوكين.

ومناصرة وهي أم لأربعة أطفال مصممة على مواصلة عملها. وقالت أنها كانت تعرف تماما ما تتوقعه حين خرجت للعمل في مهنة لا يعمل بها سوى الرجال. وتفيد إحصاءات البنك الدولي ان منطقة الشرق الاوسط بها أقل نسبة للنساء العاملات مقارنة ببقية مناطق العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/كانون الأول/2010 - 12/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م