تفجيرات ستوكهولم... ارهاب الجهاد الفردي في اوروبا

 

شبكة النبأ: عاش السويديون مؤخرا حالة من الذعر والخوف بعد أن قام شاب من أصل عراقي يدعى تيمور عبد الوهاب بتفجير انتحاري فاشل بواسطة سيارتين مفخختين في حي تجاري بقلب العاصمة ستوكهولم، على الرغم من كون الاعتداءين لم يسفرا عن قتلى، باستثناء الإرهابي الذي قضى أثناء المحاولة الانتحارية، فيما جرح شخصين اثنين.

حيث الإرهابي كان يحمل ستة أنابيب مملوءة بالمتفجرات ومسامير، لكن أنبوب واحد فقط انفجر.

وقبل عشرة دقائق من الانفجار الأول، وصلت رسالة الكترونية باللغتين العربية والسويدية إلى وكالة الأنباء السويدية "تي تي سابو" تقول إن "وقت الانتقال إلى الفعل قد حان"، وذلك انتقاما من التواجد العسكري السويدي في أفغانستان - نحو 500 جندي - ونشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد.

وقالت الرسالة "أفعالنا ستشهد عنا ما دامت حربكم على الإسلام مستمرة وأهانتكم للرسول وتضامنكم مع الخنزير فليكس"، مضيفا "حان وقت الموت لأولادكم ولنسائكم، كما مات أبناؤنا وأخواتنا".

مهاجم ستوكهولم

فقد قال كبير المدعين في السويد إن الرجل الذي لقي حتفه في انفجار في ستوكهولم كان يرتدي حزاما ناسفا وكان يعتزم مهاجمة محطة قطارات مزدحمة أو متجر كبير عندما انفجرت العبوة الناسفة قبل موعدها.

وتقول الشرطة انها على يقين تقريبا من ان المهاجم هو تيمور عبد الوهاب الذي هاجر الى السويد عام 1992 لكن معظم اقامته كانت في بريطانيا مع زوجته وطفليه.

وكان متشدد أكد بادئ الامر هوية عبد الوهاب في رسالة عبر الانترنت تضمنت صورته. وأصدر المتشدد بيانا جديدا يهدد فيه بمزيد من مثل هذه الهجمات اذا لم تنحسب القوات الغربية من افغانستان.

وجاء في الرسالة باللغة العربية وفق ترجمة فلاشبوينت بارتنرز -وهي خدمة مقرها الولايات المتحدة تتابع مطبوعات الجماعات المتشددة- "ان معركة ستوكهولم هي بداية حقبة جديدة في جهادنا ستصبح فيها اوروبا ساحة لمعاركنا."

وكانت مجموعة سايت انتلجنس جروب -وهي خدمة اخرى تراقب مطبوعات المتشددين الاسلاميين- التقطت ايضا الرسالة التي اضافت قولها "يجب على من يصرون على عدم الاذعان لمطالبنا ان ينتظروا هجماتنا التي ستصل الى قلب اوروبا." بحسب رويترز.

ولم يمكن التأكد من مصدر مستقل بأن المتحدث له صلات بعبد الوهاب ولكن من المتوقع ان تعكف اجهزة الاستخبارات على دراسة الرسالة بحثا عن اي مؤشرات على صلات بشبكة للمتشددين. واذا تبين ان عبد الوهاب كانت له مثل هذه الصلات فمن المحتمل ان هذه الشبكة تتآمر لتنفيذ تفجيرات اخرى.

وفي مقابلات مع أشخاص يعرفون عبد الوهاب رسم هؤلاء صورة لشخص مفعم بالحيوية محب للهو لكنه انزلق الى التشدد بشكل متزايد في ارائه تجاه بريطانيا واختلف مع مسؤولي مسجد محلي هناك عام 2007 بسبب ارائه السياسية المتطرفة.

وزاد الهجوم -وهو الاول من نوعه في السويد- المخاوف من شن هجمات في أوروبا اثناء عطلة عيد الميلاد.

بدأ الحادث حينما انفجرت سيارة كانت تحتوي على اسطوانات غاز في منطقة تجارية مزدحمة وسط ستوكهولم وبعد دقائق وقع انفجار في مكان مجاور أسفر عن مقتل المهاجم واصابة شخصين.

وقال توماس ليندستراند كبير المدعين في مؤتمر صحفي "كان يضع حزاما ناسفا ويحمل حقيبة صغيرة على الظهر بها قنبلة." واضاف "كان يحمل ايضا شيئا يشبه اناء طهي بالبخار. لو انفجرت المواد الناسفة كلها في نفس الوقت لاحدثت أضرارا جسيمة للغاية."

وتابع ليندستراند ان المهاجم كان متجها على الارجح "الى مكان يوجد به أكبر عدد ممكن من الناس.. ربما المحطة المركزية.. ربما (متجر) أهلنز."

وقال ليندستراند انه من شبه المؤكد ان الرجل هو عبد الوهاب الذي تردد اسمه على نطاق واسع في وسائل الاعلام وأنه يعتقد أن له شركاء لان خطة الهجوم أعدت بعناية.

ونقلت وكالة (تي.تي) السويدية للانباء عن وزيرة العدل السويدية بياتريس اسك قولها ان مكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي أرسل سبعة من خبراء القنابل للمساعدة في التحقيق.

وجاء الحادث بعد شهور ساد فيها التوتر في أوروبا بعد أن أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا من احتمال أن يشن متشددون هجمات وعقب محاولة فاشلة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لارسال طردين ناسفين الى الولايات المتحدة عبر أوروبا. وقضت محكمة سويدية بالسجن اربع سنوات على رجلين على صلة بحركة الشباب المتشددة لتآمرهما لارتكاب عمل ارهابي.

الانتحاري

في السياق ذاته ذكرت تقارير صحفية غربية، أن المشتبه به بالتفجير الانتحاري بالعاصمة السويدية، هو من أصل عراقي كان قد درس في بريطانيا، في حين أشاد موقع يمني بما وصفه “العملية الاستشهادية.

وقالت صحيفة “نيو يورك تايمز”، نقلا عن مصادر حكومية سويدية إن الانتحاري “يدعى تيمور العبدلي عمره 28 عاما وهو مسلم سني انتقلت عائلته وهو طفل من بغداد إلى السويد عام 1992″.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء السويدي، فردرك رينفيلت، زعيم تحالف اليمين الوسط، قوله إن الشرطة “تتعامل مع هذا الأمر كفعل إرهابي”، داعيا السويديين إلى “عدم القفز إلى استنتاجات خاطئة أو السماح بالتقارير الأولية إثارة التوترات ضد الجالية المهاجرة المتزايدة التي تضم نحو 450 ألف مسلم”.

وأضاف، بحسب الصحيفة، أن “انفتاح السويديين يستحق أن يمنح الجهات كافة الوقت اللازم للوصول إلى بواطن الأمور”.

وعلى الرغم من تحفظ المسؤولين السويديين على ذكر اسم الانتحاري المشتبه به، ألا أن مدير العمليات في شرطة الأمن، انديرس ثورنبيرغ، قال لصحفيين، وفقا للصحيفة، إن لدى المحققين الآن “فكرة واضحة عن المتهم”.

من جهتها ذكرت صحيفة “لو بوست” الفرنسية، أن تيمور ثامر عبد الوهاب العبدلي كان “يدرس في قسم العلاج الفيزيائي بجامعة بيدفوردشاير البريطانية”، مشيرة إلى انه كان “معتادا على الذهاب إلى صلاة الجمعة في مركز لوتن الإسلامي حيث يسكن”.

وقالت إن المشتبه به “متزوج من امرأة تدعى منى تحمل الجنسية السويدية وتدير صالونا للتجميل في بيتهم ولديهما ابنتان واحدة عمرها ثلاث سنوات ونصف والأخرى سنة ونصف”.

وكان تيمور قد وضع إعلانا في احد المواقع الالكترونية الإسلامية للزواج يقول فيه إنه “يبحث عن زوجة ثانية سنية تحب الأطفال وترضي الله قبل أن ترضيه”.

 وقال في الإعلان نفسه إنه ولد في بغداد وانتقل إلى الإقامة في السويد عام 1992 ثم في بريطانيا عام 2001 للدراسة وحصل على دبلوم في العلاج الفيزيائي، وبأنه تزوج في العام 2004 وبأن زوجته الأولى “موافقة” على زواجه الثاني.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن والد المشتبه به ثامر وعمره 61 عاما، الذي يعيش في حي تراناس، جنوب ستوكهولم، قال إن ابنه “مرّ على بيت العائلة وبقي حتى يوم الجمعة الماضي واستيقظ من نومه صباح واخذ سيارته وغادر” دون أن يقل أنه ذاهب إلى ستوكهولم أو أي مكان آخر”.

وذكرت صحيفة “لو بوست” الفرنسية، أن الانتحاري كان “يعمل دعاية تجارية متجولة في حي دروتننغاتان التجاري حيث فجر نفسه”، موضحة أن الدعاية التجارية المتجولة “وظيفة معروفة في بلدان أوربا حيث يرتدي الموظف ملصقا أو إعلانا عن مادة تجارية ويتجول في الأسواق”.

وكان تيمور، بحسب ما تنقل الصحيفة الفرنسية، “يحمل حقيبة تجارية على بطنه فيها ست قنابل على أنها علب صابون حلاقة أو مبيد حشرات مليئة بمسامير ومواد متفجرة لم تنفجر منها سوى واحدة فقط”، مضيفة أن وجه الانتحاري “لم يتعرض إلى جروح كما لم يتضرر جسمه كثيرا ما مكن السلطات من التعرف عليه بسرعة”.

يذكر أن مصدرا في وزارة الخارجية العراقية، قال إن المعلومات التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام بشأن التفجيرين اللذين حصلا في السويد من قبل احد العراقيين المقيمين هناك “غير مؤكدة”، لافتا إلى أن الوزارة “لم تتلق” أي معلومات بهذا الشأن.

الجهاد الفردي

الى ذلك أشارت مصادر بريطانية الى انه ما من ادلة على ان العبدلي كان على اتصال بأي زعيم في القاعدة، مرجحة أن يكون خطط للهجوم بنفسه.

ويقول فلوراين فليد الصحفي الألماني المتخصص في متابعة الجماعات الإسلامية، وعبر موقعه الالكتروني المتخصص في هذا الشأن، أن حالة العبدلي هي أحدث حالات الجهاد الفردي، في الغرب كصاحب "الحذاء المفخخ" ريتشارد ريد الذي حاول تفجير طائرة في مطار هيثرو في لندن عام 2002.

وكذلك الرائد الأميركي نضال مالك حسن الذي قتل 31 من زملائه الجنود في قاعدة فورت هود العسكرية عام 2009، وأيضاً فيصل شاهزاد الذي حاول تفجير سيارة في "تايمز سكوير" في نيويورك مطلع العام الجاري.

وقد برز مؤخراً الشيخ الأميركي اليمني الأصل المتشدد أنور العولقي أحد أهم الداعين إلى ما بات يعرف بـ "الجهاد الفردي". بحسب البي بي سي.

ويذكر أن العولقي كان قد وضع اسم الرسام السويدي فيلكس، على لائحة تضم أسماء أشخاص يطالب بتنفيذ اغتيالات ضدهم. اللائحة وردت في أحد أعداد مجلة "انسباير" التي يصدرها تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" باللغة الانجليزية. وقد خاطب زوجته وابنتيه في رسالته بالقول "أنتم أجمل حدث في حياتي"، مشيراً إلى أنه عانى صعوبة في إخفاء سره كمجاهد خلال السنوات الأربعة الماضية.

وقال لزوجته أنه سفراته المتكررة إلى الشرق الأوسط لم تكن بداعي العمل كما كان يدعي آنذاك، بل كانت من "أجل الجهاد".

وقالت صحيفة "داجنز نيهتر" السويدية ان العبدلي سافر الى بريطانيا والاردن في اطار الاستعداد للهجوم الذي نفذه. كما وضع العبدلي مقر إقامته لوتن على موقع "مسلمة دوت كوم"، حيث كان يبحث عبره عن زوجة ثانية. وأشارت التقارير أن العبدلي التقى زوجته الأولى في بدفوردشير.

موقع شموخ الإسلام

من جانب آخر رفضت الاستخبارات السويدية التعليق على المعلومات التي كشفت هوية المنفذ المفترض لاعتداء ستوكهولم بحسب موقع "شموخ الاسلام" الاسلامي.

واكتفت كارولينا ايكوس المتحدثة باسم الاستخبارات السويدية بالقول "لن يصدر منا اي تعليق على هوية الشخص الذي عثر عليه مقتولا".

ونشر موقع "شموخ الاسلام" صورة للانتحاري الذي فجر نفسه في ستوكهولم، واعلن ان اسمه تيمور عبد الوهاب ويظهر في الصورة وسط منطقة خضراء، شاب يرتدي ثيابا غربية سوداء ويضع نظارات سوداء ويضع يديه في جيبيه.

والصورة نفسها نشرها موقع صحيفة اكسبرسن الواسعة الانتشار في ستوكهولم على اساس انها عائدة الى المنفذ المفترض للاعتداء الفاشل. لكن الصحيفة لم تحدد هوية صاحب الصورة.

فيما هدد ناشط متشدد يتبنى ايديولوجية تنظيم القاعدة حلف الاطلسي واوروبا بشن هجمات جديدة بعد هجوم ستوكهولم ودعا المجاهدين الى تخريب اعياد نهاية السنة بموجة من الانذارات الخاطئة.

وتوجه ابو سليمان الناصر، الذي قدم نفسه بوصفه عضوا في جماعة "انصار الجهاد العالمي"، في تسجيل صوتي بثه موقع "شموخ الاسلام"، "الى دول حلف النيتو" (حلف شمال الاطلسي)".

واضاف في الرسالة المسجلة "هذه رسالة التحذير الثانية إليكم وقد سبق أن وجهت إليكم رسالة تحذير تزامنا مع اجتماع دول حلف النيتو وبينت لكم أن طريق خلاصكم وأمنكم هو في سحب جيوشكم من أرض أفغانستان وإيقاف حربكم ضد الإسلام وقد قلت لكم وبينت بأنكم إن لم تفعلوا فارتقبوا نيران المعركة التي ستصل إلى قلب أوروبا".

واضاف "وزير حرب" تنظيم دولة العراق الاسلامية، الفرع العراقي للقاعدة في التسجيل الذي استمر دقيقة و47 ثانية "وما غزوة ستوكهولم إلا بداية عهد جديد في جهادنا ستكون فيه أوروبا ساحة معاركنا لنبين لكم من جديد أنه لن يكون لكم أمان في بلدانكم ما لم تنفذوا شروط المجاهدين وأنه مهما كثرتم من إجراءات الأمن ومهما صرفتم من مبالغ لتوفير الأمن لبلدانكم وشعوبكم فسوف لن تنجحوا في إيقاف الهجمات عليكم".

وكرر ان "طريق خلاصكم وأمنكم يتحقق في ما أقوله لكم فاعقلوا كلماتي جيدا فنحن لا نمزح في أقوالنا فيا دول حلف النيتو اسحبوا جيوشكم فورا من أرض أفغانستان وبدون أي شروط، وأي دولة ستسحب جيوشها من أفغانستان وتوقف حربها ضد الإسلام وأهله فسوف يتحقق الأمن لنفسها". واعتبر ان "من أصر على عدم تنفيذ مطالبنا فعليه أن ينتظر هجماتنا التي ستطال قلب أوروبا".

وفي بيان اخر نشره موقع "شموخ الاسلام" حض ابو سليمان الناصر المجاهدين على ان يعملوا على ان "تعيش بلاد الكفر قاطبة بحالة من الذعر والخوف الشديد".

وتحت عنوان "هذه خطتنا معشر المجاهدين لإذلال أمريكا وأوربا وبلاد الكفر في أعيادهم الكفرية"، دعا ابو سيلمان الناصر الى الاتصال بمراكز الشرطة ووسائل الاعلام وغيرها من المؤسسات الحساسة الاستراتيجية "تخبروهم بلغة التهديد والوعيد ان هناك تفجيرات ستقومون بها في ايام أعيادهم وخصوصا ما يسمونه اعياد الميلاد، وبالاخص راس السنة الميلادية".

واضاف "نعم نريدهم أن يشعروا بالرعب والخوف الشديد من تبليغات غير حقيقية منكم يا معشر المسلمين، فإن قدر الله تعالى ان يكون اخواننا في القاعدة يخططون لعملية كبيرة، فعملكم هذا يضعضع أركان الكفر ويجعلهم في حيرة، اي البلاغات هي صادقة وحقيقية ومن المجاهدين الصادقين وايها غير صحيحة".

ونصح المتصلين باستخدام الهواتف العامة وتوخي الحذر لعدم ترك بصمات او ما يمكن ان يدل عليهم.

واضاف "لا أكون كاذبا إن قلت لكم سيعتبرون كل اتصال كهذا هو بلاغ حقيقي، فهم جبناء ويخافون أن تكون كل البلاغات صادقة".

وشموخ الاسلام هو الموقع الذي بث صور وشهادات منفذ هجوم ستوكهولم تيمور عبد الوهاب.

من جهته، أعرب الكاريكاتوري السويدي فليكس عن أسفه من الحادث وصرح أن الإرهابيين يريدون إخافة الشعب السويدي بكامله".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/كانون الأول/2010 - 8/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م