مبادرات ايجابية: دعم التعليم الأهلي ماديا ومعنويا

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: كلنا نتفق على أن البنى الاساسية في مجالات الحياة كافة، تعرضت للأضرار الجانبية التي أفرزتها أحداث ما بعد 2003، والتعليم بنية ترتكز عليها تربية النشء والشباب معا، في مراحل تعليمية متعاقبة، تضعهم في نهاية المطاف، أمام مواجهة الحياة العملية وجها لوجه، وذلك بعد الاعداد العلمي والعملي، الذي يتلقاه الطلبة في مراحل التعليم المذكورة.

وقد تعرضت بنية التعليم كغيرها من البنى الى التهشيم والتحجيم والفوضى، وحاولت كغيرها ايضا أن تنهض على الركام بحلة جديدة، إلا أنها لاتزال تعاني من وطأة الهزة القوية، ولا تزال تبحث عن السبل والانهاج التي تعطي لأنشطتها التعليمية صورة معاصرة، كافية ومكتفية في آن، بيد أن الحال التعليمي الراهن، يحتاج الى تصويب متواصل ورصد للاخطاء، ومعالجات متواصلة، سواء على مستوى العملية التعليمية نفسها، او العناصر المادية الساندة لها.

ونتيجة للنواقص والاخطاء التي رافقت عملية التعليم الرسمي، ومنها على سبيل المثال، قلة المدارس، وضعف الكادر التدريسي وقلته أحيانا، وتراجع أساليب التعليم وعجزها عن مواكبة الاساليب المعاصرة، ومن بينها تأشير حالات العنف ضد الطلبة، وأمور أخرى لايسع المجال لذكرها، نتيجة لذلك ظهرت الحاجة للتعليم الأهلي في المراحل الدراسية كافة، من اجل الاسهام بتقليل الضغط والزخم على التدريس الرسمي من جانب، ومحاولة إعطاء صورة وجوهر نموذجي للتعليم.

بمعنى أن التعليم الأهلي لم يأت كبديل للتعليم الرسمي، وهو أمر صعب المنال بطبيعة الحال، ولكن لكي نؤسس لبنية تعليمية جديدة معافاة، تستمد أنشطتها (أهدافا وأعمالا) من راهن التعليم المعاصر في المجتمعات المتطورة، صار لزاما على المعنيين أن يشجعوا التعليم الأهلي وأن يجعلوا منه النموذج الذي يمكن أن يساعد التعليم الرسمي كي يصبح تعليما معاصرا ولائقا بالطلبة، ناهيك عن أهمية دوره في التأهيل العلمي للطلبة كي يسهموا بقوة في بناء المجتمع وفق المسارات الحديثة والمعاصرة.

نحن هنا لاندعو لالغاء دور الدولة التعليمي، ولا يمكن أن نعفيها من أحد أهم واجباتها تجاه المجتمع، ولكن مع الضغط الحاصل على المؤسسة التعليمية الرسمية وظهور المساوئ التي رافقت عملية التعليم، كان لابد من ظهور المدارس الأهلية كعضيد وليس كبديل.

لهذا لابد أن تطلق الجهات المعنية الرسمية وغيرها مبادرات ايجابية في هذا الميدان، وأعني به التعليم الأهلي، وتقوم بمساندته وتطويره من خلال وضع الخطط الكفيلة بدعمه ومساندته معنويا وماديا، كأن توضع البرامج المكتوبة التي تنطوي على الضوابط اللازمة من قبل لجان واطراف متخصصة في هذا المجال وأن توضع خطوات مشجعة للتعليم الأهلي، كمنح القروض والتسهيلات المالية، وتطوير الكادر التدريسي وفق أساليب التعليم المعاصرة، وما يمكن للدولة من خطوات داعمة أخرى، يمكن أن تضعها في خدمة هذا النوع من التعليم.

على أن هذه الخطوات يجب أن لاتكون بديلا عن تحسين التعليم الرسمي، فلا يجوز أن نؤسس ونطور هذا النوع، على حساب حق التعليم الذي كفله الدستور للمواطن والملقى على عاتق الدولة قبل غيرها.

ويبقى الهدف الاساس في اطلاق المبادرات الايجابية لدعم التعليم الاهلي، هو تحقيق النتائج العلمية الايجابية، من خلال انتهاج السياقات التعليمية التي تتيح للطالب فرصة تعليم نموذجية، او ناجحة في أقل التقديرات، فعلى سبيل المثال، أن مدارس التعليم الاهلي تلغي تماما مبدأ التعامل بعنف مع الطلاب كما يحدث في المدارس الرسمية، كما أنها تمثل في الواقع، صورة جيدة للمدرسة وللصف الذي يليق شكلا وجوهرا بالطالب وبالعملية التعليمية في آن. لذا نتمنى من المعنيين جميعا أن يتحركوا باتجاه دعم التعليم الاهلي ولا نقصد بذلك الدروس الخصوصية التي تهدف الى الربح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/كانون الأول/2010 - 24/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م