الامارات... طفرة نوعية ام فورة كمية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعد الامارات العربية من التجارب القليلة الناجحة في الشرق الاوسط في العديد من المضامير، خصوصا ان حكومتها استطاعت على مدى ثلاثة قرون من صناعة طفرة نوعية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ايضا وان كان يرى البعض انها مجرد فقاعة يمكن ان تنفجر مع حلول الازمات وتراكم المشكلات..

حيث تعتبر الامارات احدى نقاط الالتقاء بين العالم الاول المتمثل بالدول الغربية والعالم الثالث الذي شمل معظم الدولة النامية، فالتحول الكبير الا محدود جعل من تلك الدول الصغيرة نسبيا من اكبر الاقتصاديات في المنطقة والاكثر تأثيرا دوليا، كما اكدته المال التي ضربت دبي خلال الاشهر القليلة الماضية.

الا ان ذلك لم يحد من وجود بعض الاعراض الجانبية والاسقاطات الاجتماعية على السكان، خصوصا بعد وفود الكثير من الجاليات الاجنبية واستوطناها لتلك البلاد المطلة على مياه الخليج، بحثا عن المال والثروة.

وأسوة بمعظم دول الجوار عانت ولاتزال الامارات من مشاكل حدودية وسياسية، استطاعت بحنكة مشهودة التقليل من تبعاتها، وعدم الانجرار وراء سجالات ومماحكات غير مثمرة، قد تلقي بضلالها على تنمية ذلك البلد الواعد.

وتأسس اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة في 1971 وهو يضم ابو ظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وام القيوين وراس الخيمة التي انضمت اليه بعد عام.

النمو المستدام

فخلال أقل من نصف قرن من الزمان حولت الامارات العربية المتحدة نفسها من صحراء شبه خالية إلى واحة من ناطحات السحاب مكيفة الهواء. وبالنسبة لمهمتها القادمة فهي تسعى لان تكون صديقة للبيئة أيضا.

وتنتشر في دبي وباقي امارات الدولة الامثلة على تحدي الطبيعة من صالة للتزحلق على الجليد إلى أعلى مبنى في العالم وصولا إلى سلسلة من الجزر الصناعية وملاعب الجولف الرائعة.

وجذبت مشروعات التطوير باهظة التكلفة الاثرياء والمشاهير الا أنها لاقت انتقادات ممن يقولون إن مثل هذه التنمية السريعة تدمر البيئة الطبيعية.

وفي تحول يتمشى مع التباطؤ العقاري الذي أضر بمجموعة دبي العالمية المسؤولة عن كثير من مشروعات التنمية الطموحة في دبي وجهت الامارات الة التسويق نحو جزر طبيعية قبالة سواحل أبوظبي.

كما تعهدت بتوفير سبعة في المئة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2020. كما بدأت مشروع "مصدر" لبناء ما تقول انها أول مدينة في العالم خالية من انبعاثات الكربون ومن المخلفات وان كان موعد انجاز المشروع تأجل من 2020 حتى 2025. لكن البعض غير مقتنع بأن هناك تغييرا حقيقا. بحسب رويترز.

وقال خبير دولي معروف متخصص في التنمية المستدامة ان التطور الذي تحققه الامارات ليس عميقا ولا استراتيجيا بالدرجة التي تنقل دول الخليج الى القرن الحادي والعشرين.

"الامارات قادرة بل ويتعين عليها أن تفعل أكثر من مجرد (توفير) سبعة في المئة (من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة) في عشر سنوات."

وطلب الخبير عدم الكشف عن اسمه لانه يريد الحفاظ على علاقات مع الامارات "لدفعهم في اتجاه أفضل."

ويوجد في الامارات العضو بمنظمة أوبك وثالث أكبر مصدر للنفط في العالم أحد أكبر معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون للفرد في العالم.

ويستهلك سكانها البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة أكثر من نصف استهلاك المانيا - التي يزيد عدد سكانها على 80 مليون نسمة - من الغاز.

وواصل عدد رحلات الطيران الخاص من والى دبي الارتفاع رغم تباطؤ النمو الاقتصادي كما أن سكان الامارة يستخدمون سيارات الاجرة أكثر من استخدامهم لقطارات مترو دبي التي عادة ما تكون شبه خالية من الركاب.

وبلغت استثمارات أبوظبي في توسيع قطاع النفط والغاز شديد الاهمية 30 مليار دولار في 12 شهرا حتى مارس اذار 2010 وهي تتجاوز بوضوح انفاقها على مشروعات صديقة للبيئة.

غير أن استثماراتها زادت في انتاج طاقة أكثر نظافة والتي تأتي في اطار مبادرات في شتى أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.

ويقول المدافعون عن الحفاظ على البيئة ان الامارات لديها مبرر قوي لخفض انبعاثات الكربون اذا أن خفض حرق النفط يعني توفير المزيد للتصدير الا أن كل ما يفعله هذا هو نقل العبء الى مكان اخر.

وقال بيتر شارات المدير العالمي للطاقة والحفاظ على البيئة لدى دبليو.اس.بي وهي شركة في لندن تعمل كمستشار لمشروع مصدر "تشعر القيادة جيدا ان النفط مصدر محدود وهي ملتزمة ببيع الموارد وليس حرقها في الداخل." "هناك طموحات حقيقة بتبني نهج متوازن."

وتلتقي كلمات الرئيس الراحل مؤسس الامارات الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان بشأن ضرورة الحفاظ على البيئة مع تصريحات أنصار الحفاظ على البيئة في الغرب.

ونقل عنه الموقع الالكتروني لمنظمة تمنح جائزة باسمه قوله "اننا نصون بيئتنا لانها جزء لا يتجزأ من بلادنا وتاريخنا وتراثنا ولقد عاش أجدادنا فى برها وبحرها. ولم يتأت لهم ذلك الا لانهم أدركوا قيمة الحفاظ عليها فأخذوا منها ما يحتاجونه لعيشهم وحافظوا على خيراتها للاجيال التي تأتي من بعدهم."

وفي ظل بداية نظيفة من الاساس لمشروعات انشاء تتمتع الامارات من نواح كثيرة بميزة على الغرب فيما يتعلق بالنمو المستدام. وقال شارات ان مشروع "مصدر" الذي تبلغ ميزانيته 22 مليار دولار يعتبر تقدما حقيقيا.

وأضاف "انهم جزء من العالم يدركون فن بناء المدن. يمكنهم البناء بسرعة دون اخلال بالجودة." وبالنسبة لشارات فان أبوظبي ودبي وباقي امارات الدولة الخمس الاقل شهرة هي نتاج للمجتمع الدولي وانتقادها يعد نفاقا.

وقال "من ناحية .. ساعد الجميع في تشكيل دبي. انجازاتنا فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة لا تتمشى تماما في كل الاحوال مع ما يقال."

وينسجم هذا مع الشكاوى القائمة منذ فترة طويلة من الدول المنتجة للنفط وكذلك المدافعين عنها بأن الدول المستهلكة حرقت على مدى أجيال متعاقبة كميات هائلة من الوقود الحفري ولم تنتبه الا متأخرا.

وقالت هيلين بيلوسي المديرة العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة التي تأسست في 2009 ولها مقر في أبوظبي "عندما حددت أوروبا هدفا بالوصول بالطاقة المتجددة الى 20 في المئة من احتياجاتها .. كانت بالفعل عند نحو عشرة في المئة في ذلك الوقت . "جهود دول الخليح مؤشر جيد للغاية."

وفيما يتعلق بالوقود الاكثر نظافة تأتي الامارات خلف الولايات المتحدة بفارق طفيف ومتقدمة بفارق كبير عن الافضل في أوروبا لاسيما في النرويج التي توصف بأنها أكثر الدول المنتجة للنفط صداقة للبيئة.

ويصنف المركز الدولي لجودة الوقود دول العالم من حيث محتوى الكبريت في وقود سياراتها وتأتي الامارات في المرتبة 46 بينما تأتي الولايات المتحدة في المرتبة 44.

وحددت أبوظبي هدفا لخفض نسبة الكبريت في الوقود الذي تستهلكه الى عشرة أجزاء في المليون وهو ما من شأنه أن يضعها في نفس مرتبة أوروبا. الا أن النطاق الزمني مبهم ويتوقف على انجاز مشروع لتطوير المصافي. في الوقت نفسه تريح أبوظبي ضميرها بسلسلة من الفعاليات البارزة الصديقة للبيئة.

ففي نوفمبر تشرين الثاني ستستضيف الامارة "المعرض العالمي للسياحة الخضراء في أبوظبي" الذي يصف نفسه بأنه أول حدث مخصص للسياحة البيئية في المنطقة.

وفي يناير كانون الثاني ستستضيف أيضا "القمة العالمية الثالثة لطاقة المستقبل" وهي اجتماع سنوي خاص بالطاقة النظيفة والبيئة.

وفي قمة 2010 يبلغ عدد المشاركين 24 ألفا و792 شخصا من 148 دولة قطعوا الاف الكيلومترات جوا للمشاركة في الحدث.

وسيعرض القائمون على قمة هذا العام على المشاركين برنامجا لتعويض الانبعاثات الا أنهم قالوا ان التفاصيل النهائية لم توضع بعد.

السيارات الفارهة تعود

في سياق متصل اثرت الازمة المالية العالمية على سوق السيارات في دبي بشدة، حيث اشتهر المغتربون بانفاق رواتبهم غير الخاضعة للضرائب على شراء السيارات الفارهة وملابس مصممي الازياء المشهورين والفيلات الكبيرة.

وبعد تأجيل مشروعات عقارية بمليارات الدولارات انتشر الحديث عن ان المغتربين الذين فقدوا وظائفهم وتعثروا في سداد القروض يتخلون عن سياراتهم في المطار عائدين الى بلادهم.

وبينما بدأت دبي تتعافى تخنق سيارات الدفع الرباعي التي تستهلك كميات كبيرة من البنزين طريق الشيخ زايد المؤلف من 12 حارة مجددا وتصطف السيارات الفيراري والمزيراتي أمام مدخل مركز الامارات التجاري.

وقال عبدالله مفتاح (26 عاما) الذي يمتلك اربع سيارات فارهة "يشتري الناس السيارات الغالية مجددا لانهم يريديون خيارات جديدة ويريدون التميز." وقال وهو يقف خارج معرض للسيارات "قد اشتري اخرى هذا العام."

ودولة الامارات العربية المتحدة ذات الخمسة ملايين نسمة رابع اكبر سوق في العالم لسيارات الرولزرويس. وقالت الشركة ان مبيعاتها زادت باكثر من الضعف في الاشهر التسعة الاولى من العام.

ووفقا لمؤسسة (اي.اتش.اس جلوبال انسايت) قد تفقز مبيعات السيارات الجديدة في الامارات الى 210 ألاف وحدة هذا العام والى 240 ألفا عام 2011 مقابل 180 ألفا العام الماضي لكنها لاتزال أقل من مبيعات عام 2008 حين وصلت الى 324 ألفا.

وبينما يسير النمو بوتيرة أبطأ مما كان عليه في سنوات الازدهار النفطي عندما كانت اموال النفط وفيرة مع الصفوة في الامارات وكان الوصول الى الائتمان سهلا يشير التحسن الى عودة الثقة لثاني اكبر اقتصاد عربي.

وقال ميشيل عياط مدير عام الشركة العربية للسيارات ثاني اكبر شركة للسيارات في الامارات "في 2010 بدأت تعود ثقة العملاء."

وقال عياط ان التقديرات تشير الى ارتفاع مبيعات سيارات الركوب بنسبة 7 بالمئة في الاشهر التسعة الاولى مقارنة بالعام السابق. وبيعت خلال الفترة بين يناير كانون الثاني واغسطس اب 146 ألف سيارة بزيادة نسبتها 6.6 بالمئة.

وهذه نسبة جيدة اذا ما قورنت بأوروبا حيث تراجعت مبيعات السيارات للشهر السادس على التوالي في سبتمبر ايلول بعد ان تأثر الطلب بانهاء برامج للتخلص من السيارات القديمة وتحفيز مبيعات السيارات وأيضا نظرا للتعافي المتفاوت من الازمة.

وقال انطوني سيلفر الذي اشترى مؤخرا سيارة مستعملة في دبي "بدأ الناس يكيفون انماط حياتهم مجددا ويعتقدون أن الوضع لن يسوء أكثر من هذا."

وربما تحد خطط الغاء دعم الوقود في الامارات ثالث اكبر مصدر للنفط في العالم من الطلب على السيارات الفارهة. ولم تؤثر بعد قفزة بنسبة 26 بالمئة في اسعار الوقود هذا العام على المبيعات.

وقال ستيفاني فيجر المحلل البارز لدى (اي.اتش.اس جلوبال انسايت) "لايزال سعر الوقود اقل من المستويات الاوروبية والامريكية."

لكن ليست سوق السيارات الفارهة فقط هي التي تتعافى. فالسيارات اليابانية تسهم باكثر من 70 بالمئة في سوق السيارات في الامارات.

وقال تجار ان مبيعاتها تفوق معدل النمو الاجمالي. وقال مدير مبيعات في معرض لشركة نيسان في دبي ان ما بين 10 الى 15 عميلا يشترون سيارات جديدة يوميا.

وكانت مبيعات السيارات في الامارات ارتفعت بنسبة 22 بالمئة عام 2008 مقارنة بقفزة بلغت 37 بالمئة في العام السابق.

استياء من اسلوب حياة الاجانب

من جانب آخر تتصاعد مخاوف المواطنين الاماراتيين ازاء التفوق العددي الكبير للاجانب الذين يعد دورهم الاقتصادي حيويا، وباتوا لا يخفون انزعاجهم من مظاهر وتصرفات يرفضها المجتمع المحلي المحافظ وتظهر فوارق ثقافية حادة في المجتمع.

وحكم مؤخرا على رجل وامراة بريطانيين بالسجن لمدة شهر في دبي بتهمة تبادل القبل في مطعم، وقد اشتكت عليهما اماراتية قالت ان اولادها شاهدوا هذا "التصرف الفاضح"، وهي حالة تجسد هذا الانزعاج المتصاعد.

وفي دبي، يعيش الاماراتيون في احياء خاصة بهم على اطراف المدينة ويحاولون ان يحافظوا على هوية مجتمعهم بعيدا عن الحضور الاجنبي الطاغي.

وقالت استاذة علم الاجتماع في جامعة الامارات ابتسام الكتبي "اصبحنا اقلية، هذه حقيقة واقعة. انا لست ضد التواصل بين الثقافات ولكن ضد ان نكون الثقافة الاضعف".

وعام 1968، اي قبل الفورة النفطية، كان الاجانب يشكلون 38% من سكان الامارات، اما حاليا فقد بلغ عدد السكان حوالى ستة ملايين نسمة لا يشكل المواطنون منهم الا 16,5%، بحسب مسؤولين. بحسب فرانس برس.

اما في امارة دبي التي يقطنها مليونا نسمة، فنسبة المواطنين قد تكون بحدود 5% فقط بحسب الكاتب البريطاني كريس ديفيدسون الذي وضع كتابا حول دبي تحت عنوان "هشاشة النجاح".

وقالت الكتبي "ان اللغة العربية لم تعد الاولى، وهناك مخدرات وسلوكيات غريبة عن مجتمعنا، هناك خوف من الجرائم وارتفاع نسبة الجريمة من قبل الوافدين".

واضافت "نحن محاطون بكثير من الغرباء ونخاف على اطفالنا. الناس لديها قلق. اما الكحول التي كانت تقتصر على اماكن معينة فانها باتت متوفرة باي مكان".

وعن وتيرة النمو السريعة في الامارات، قالت الكتبي "كنا نتطور بشكل طبيعي الى ان اتت الفورة العقارية في السنوات العشر الاخيرة، تحت بند تشجيع الاستثمار فتحت كل الابواب ما ادى الى انتشار الدعارة والخمر".

ورات الكتبي انه "اذا ما استمرينا في معدل النمو غير الطبيعي سنصل بعد عشرين سنة الى حد الانقراض، لن يكون هناك جيل اماراتي وسنصبح مثل الهنود الحمر وفي النهاية ننتهي، واليوم نعيش تقريبا في محميات".

وغالبا ما يتصل اماراتيون بالبرامج الاذاعية ليشتكوا من تصرفات الاجانب لاسيما الغربيات اللواتي يرتدين الثياب القصيرة في الاماكن العامة، كما يشتكون من تواجد الكحول.

ويبدو اسلوب الحياة في الامارات وفي دبي خصوصا قريبا من اسلوب الحياة في اكثر المدن ليبرالية في العالم من حيث انتشار حياة الليل وتوفر الكحول في اماكن مرخصة غالبا ما تكون ضمن مجمعات فندقية، وفي فعاليات رياضية مخصصة للاجانب.

وقال الكاتب والاكاديمي الاماراتي عبدالخالق عبدالله لوكالة فرانس برس "عندما تكون في بحر من الاجانب هناك سلوكيات غير مقبولة لا تتوافق مع عاداتنا مثل الامور الجنسية الصارخة".

واضاف "المواطنون اصبحوا محاصرين وعندهم قلق امني وثقافي حول مستقبل البلد واذا لم يأخذ المسؤولون خطوات جريئة فان هذا النمط من النمو السريع جدا سيكون اثره الاجتماعي اكبر بكثير من اي عائد مادي". ودعا الكاتب الاماراتي حكومة بلاده الى ان "تعيد النظر في استراتيجيتها التنموية وتخفف نسبة النمو الطموحة".

وعن نجاح الامارات وتحولها الى ثاني اكبر اقتصاد عربي مع مستوى معيشة مرتفع، قال عبدالله "كلنا فرحون بهذا النجاح الكبير للامارات ولكن في قلب كل مواطن قلق مشروع من ان نخسر وطننا". وخلص الى القول "اصبحنا غير قادرين على ادارة امورنا بانفسنا وفقدنا السيطرة على من يقود العملية".

وكان قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان دق عام 2008 ناقوس الخطر ازاء الوجود الكثيف للاجانب الذين لا يمكن تجنيسهم بحسب القانون الاماراتي.

وقال خلفان متوجها الى شيوخ وحكام الامارات "اخشى اننا نبني عمارات ونفقد الامارات". اما ديفيدسون فيربط هذا الشعور المتصاعد بالانزعاج لدى الاماراتيين بالازمة الاقتصادية التي هزت دبي مؤخرا. وقال "بسبب المصاعب الاقتصادية بدا الاماراتيون ينتقدون الحكومة. المشاعر العامة ازاء الاجانب تصبح اكثر حدة".

الحكم بالإعدام على 17 هنديا في الإمارات

قضت محكمة في الإمارات العربية المتحدة بإعدام سبعة عشر مواطنا هنديا بتهمة قتل مواطن باكستاني. ووقعت الجريمة في سياق نزاع على السيطرة على تجارة الكحول المهرب.

واتهم حوالي 50 شخصا بالضلوع في الهجوم الذي أسفر عن مقتل المواطن الباكستاني طعنا بآلة حادة.

ويقول المراسلون إن مثل هذه الجرائم ذات الصلة بتجارة الكحول غير القانونية تعرف تزايدا في الإمارات، حيث بيع المشروبات الكحولية جد مقنن.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها هذا الكم من أحكام الإعدام دفعة واحدة في الإمارات حسبما ذكرت التقارير.

ووقع الهجوم في الشارقة، شمال دبي، في شهر يناير/ كانون الثاني من عام 2009.

وأصيب ثلاثة باكستانيين آخرين بجراح في الاشتباك.

وألقت الشرطة القبض على المشتبه بهم مباشرة بعد الهجوم، بعد أن تمكن الناجون من التعرف عليهم.

وقال المحققون إنهم تمكنوا من التأكد من مطابقة حمض النووي للمشتبه بهم بالآثار التي عثروا عليها في ما ضبطوه من الأسلحة في عين المكان. وقالت المحكمة إن الهجوم وقع في سياق حرب عصابات بين مهربي الكحول.

وتمنع سلطات الشارقة منعا تاما تعاطي المشروبات الكحولية في الإمارة. وعلى العكس في دبي –التي يعتمد اقتصادها بشكل متزايد على السياحة- تخضع تجارة المشروبات الكحولية إلى التقنين. ولم يمنع هذا التقنين من وقوع بعض أعمال العنف ذات الصلة بتهريب الكحول.

ففي فبراير/ شباط الماضي اتهم 13 عنصرا من عناصر عصابة تهريب المشروبات الكحولية مقرها في منطقة جبل علي بدبي باختطاف اثنين من عناصر عصابة منافسة، واغتصابهما قبل دفنهما أحياء.

راس الخيمة

الى ذلك تولى الشيخ سعود بن صقر القاسمي مقاليد الحكم رسميا في امارة راس الخيمة الاستراتيجية وحصل على مباركة باقي حكام الامارات العربية المتحدة على الرغم من معارضة اخيه الاكبر الذي يقول باحقيته بالحكم.

وسارع المجلس الاعلى للاتحاد، وهو الهيئة الاعلى في البلاد والذي يضم حكام الامارات السبع، لمباركة خلافة ولي العهد الشيخ سعود لوالده الشيخ صقر بن محمد القاسمي الذي توفي فجرا عن 94 عاما.

واعلنت وكالة انباء الامارات الرسمية وفاة الشيخ صقر حاكم رأس الخيمة منذ 1948 عضو المجلس الاعلى للامارات العربية المتحدة، مشيرة الى انه تقرر "اعلان الحداد الرسمي في الدولة وتنكيس الاعلام على الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية لمدة اسبوع اعتبارا من الاربعاء".

من جهته، اصدر ديوان حاكم رأس الخيمة في بيان اوردته الوكالة ان "الشيخ سعود بن صقر بن محمد القاسمي حاكم امارة راس الخيمة" قرر "اعلان الحداد العام في امارة راس الخيمة وتنكيس الاعلام مدة 40 يوما وتعطيل الدوائر والمؤسسات المحلية مدة اسبوع".

وتجمع المئات من المواطنين الاماراتيين باثوابهم التقليدية البيضاء لتشييع الحاكم المتوفي الذي كان يحكم الامارة منذ 62 عاما ويعد من اقدم الحكام في العالم.

واقيمت الصلاة في مسجد الشيخ زايد قبل ان ينقل جثمان الشيخ صقر ليوارى الثرى. وكان الشيخ سعود (54 عاما) اكد انه ستتم مواراة جثمان الشيخ صقر الثرى في مقابر الاسرة الحاكمة بمنطقة العريبي براس الخيمة.

وقام رجال شرطة مسلحون برشاشات بتأمين حماية المسجد حيث اقيمت صلاة الجنازة، فيما طافت مروحية عسكرية فوق المنطقة. وانتشرت سيارات مصفحة تحمل اسلحة رشاشة على احد الدوارات في المدينة. كما نشرت قوات من الشرطة والجيش في محيط قصر حاكم راس الخيمة. بحسب فرانس برس.

والخلافة في راس الخيمة كانت تشكل محور جدل بعد ان بدأ الشيخ خالد بن صقر القاسمي (67 عاما) الابن الاكبر للشيخ صقر والذي كان وليا للعهد حتى العام 2003، حملة يؤكد من خلالها انه ولي العهد الشرعي وانه الاحق بخلافة والده المريض.

ونشر الشيخ خالد رسالة فيديو على الانترنت بعيد وفاة والده قال فيها انه هو الحاكم الجديد للامارة.

وقال الشيخ خالد "اما وقد اختاره الله (الشيخ صقر) (...) فعلينا تحمل مسؤولياتنا بصفتنا حاكم رأس الخيمة وتحمل واجبات والتزامات بلدنا الملقاة على عاتقنا بما يتفق مع القانون والدستور".

واضاف "في الايام والاسابيع المقبلة سوف نقوم بالاجتماع بالعائلة والاصدقاء واعضاء المجلس الاعلى لحكام الامارات وتحديد جدول اعمال المئة يوم الاولى من قيادتنا القانونية ومتابعة تنفيذ قرار والدنا". وقال مصدر مقرب من الشيخ خالد لم يتمكن من حضور جنازة والده اذ "منع من مغادرة قصره" برفقة حراسه.

وذكر المصدر ان ثلاثة من اقرباء الشيخ خالد قالوا له انه يمكنه الحضور لكن دون حراسه، الا انه فضل الا يشارك في الجنازة في ظل هذا الشرط. ويدور هذا الصراع الخفي على السلطة منذ عدة اشهر، وقد احتدم مع تدهور صحة الحاكم السابق.

ومنذ ازاحته من قبل والده من ولاية العهد في 2003، اختار الشيخ خالد العيش خارج البلاد معظم الوقت. ويقول الشيخ خالد ان بحوزته وثيقة تؤكد تراجع والده عن اقالته واعادة ولاية العهد له.

ويتهم الشيخ خالد اخيه الشيخ سعود بتحويل الامارة المطلة على مضيق هرمز وتبعد مئة كيلومتر عن بندر عباس الايرانية، الى "دولة مارقة" و"بوابة" لتهرب ايران من العقوبات.

كما زعم ان جماعات اسلامية متطرفة تتحصن في الامارة. وقال في رسالته الاربعاء "تابعنا بقلق شديد ما حدث مؤخرا في رأس الخيمة حيث انحرفت عما رسمه والدنا رحمه الله".

وراس الخيمة امارة صغيرة تتمتع بموقع استراتيجي قبالة ايران وهي تسيطر على المدخل الجنوبي لمضيق هرمز الذي يعبر منه اكثر من 60 بالمئة من الاستهلاك العالمي من النفط.

وشهدت امارة راس الخيمة التي يبلغ عديد سكانها 300 الف نسمة ولا تملك نفطا، تنمية سياحية وصناعية خصوصا مع انتشار مصانع الادوية والسيراميك (الخزف) والاسمنت، وذلك في ظل قيادة الشيخ سعود.

وقال رياض قهوجي رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في دبي "طالما لم نسمع من رأس الخيمة اي اصوات تدعو الى عودة الشيخ خالد لا يمكن القول اننا نتوقع اي تأزم للوضع".

واضاف "اذا اخذ (الحاكم الجديد الشيخ سعود) تأييدا من المشايخ لديه في رأس الخيمة وحكام الامارات الاخرى، فالشيخ خالد لا يمكنه القيام الا بحملات اعلامية لا اكثر".

وحول الاتهامات والمزاعم بشأن التحايل على العقوبات المفروضة على ايران، قال قهوجي "جاءت جهات دولية وحققت في الموضوع ولم تجد شيئا".

ارتفاع معدل انبعاثات الكربون

من جهة اخرى يوجد في الامارات العضو بمنظمة أوبك وثالث أكبر مصدر للنفط في العالم أحد أكبر معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون للفرد في العالم.

وقال تقرير لبرنامج الامم المتحدة الانمائي في 2003 إن معدل انبعاثات الكربون للفرد في الامارات بلغ 33.6 طن لتأتي في المرتبة الثانية وراء قطر وهو ما يعادل تسعة امثال المتوسط العالمي البالغ 3.7 طن. وتقول الامارات انها بدأت تكون أكثر حفاظا على البيئة.

وفيما يلي بعض المسوغات الصديقة للبيئة وغير الصديقة للبيئة في الامارات:

- جوانب غير صديقة للبيئة:

الطيران الخاص: تشير احصاءات لمطار دبي الدولي الى أن خدمة الطيران الخاص في الامارة تعاملت مع 6060 رحلة و19797 عميلا في 2009.

النقل العام: قامت سيارات الاجرة في دبي بسبعين مليون رحلة في 2009 نقلت خلالها أكثر من 140 مليون راكب - حسبما قالت هيئة الطرق والمواصلات في دبي - مقارنة مع 120 مليونا استخدموا حافلات عامة في العام نفسه.

ومنذ تدشين مترو دبي في سبتمبر ايلول عام 2009 ارتفع عدد ركابه الى 120 ألفا يوميا. ونقل المترو أكثر من 19 مليون راكب اجمالا منذ بدء تشغيله ومن المتوقع أن يبلغ العدد 35 مليونا في 2010.

استهلاك الوقود: في 2006 استهلك سكان الامارات البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة ما يعادل 500 مليار كيلووات ساعة من الغاز.

الجدير بالذكر أن المانيا التي يزيد عدد سكانها على 80 مليون نسمة استهلكوا ما يعادل 942 مليار كيلووات/ساعة في 2008 وذلك وفقا لرابطة صناعة الطاقة الالمانية (بي.دي.اي. دبليو).

العالم: مشروع "العالم" أحد أكثر المشروعات طموحا في دبي وهو عبارة عن مجموعة جزر صناعية على شكل قارات ودول العالم. ونظرا لتوقف أغلب النشاط الانشائي بسبب التباطؤ الاقتصادي لم يتم حتى الان بناء مساكن بالمشروع. وفي حال اكتمال بنائه ستكون الوسيلة الوحيدة للوصول اليه هي الطائرات الخاصة أو القوارب.

واستخدمت شركة نخيل للتطوير العقاري 34 مليون طن من الصخور لبناء حاجز الامواج الذي يبلغ طوله 27 كيلومترا حول جزر المشروع البالغ عددها 300 جزيرة.

وتقول نخيل ان مشروعها ليست له أضرار بالطبيعة الا أن خبراء بيئيين قالوا ان عواقب انشاء مثل هذه الجزر الصناعية على نظام بيئي طبيعي غير معلومة وقد تكون مدمرة.

- جوانب صديقة للبيئة:

مدينة مصدر: تأسست شركة ابوظبي لطاقة المستقبل التي تعرف باسم "مصدر" في 2006 لتطوير ونشر والمتاجرة في تكنولوجيا للطاقة المتجددة وحلول صديقة للبيئة.

ومشروعها الرئيسي في أبوظبي هو مدينة مصدر الذي يتكلف 22 مليار دولار لانشاء ما ستكون أول مدينة في العالم خالية من انبعاثات الكربون والمخلفات في عام 2020.

ومن المزمع أن تضم المدينة نحو 40 ألف نسمة.

جزر الصحراء: يضم منتجع جزر الصحراء محمية جزيرة صير بني ياس الطبيعية وجزر ديسكفري وهي ست جزر بحرية قريبة. وسيتم ربط كل الجزر من خلال خدمة عبارات وقوارب طائرة وحافلات بحرية وطائرات.

ومقابل كل زائر الى جزيرة صير بني ياس تجري زراعة شجرة مانجروف لتعويض أثر الزيارة على البيئة.

وتشمل مبادرات أخرى برامج لاكثار الانواع النادرة والمهددة في الحياة البرية ومنع التدخل البشري بما في ذلك اغلاق طرق وازالة أنابيب ري قديمة وترشيد استهلاك المياه.

معايير الوقود: حددت الامارات هدفا لخفض نسبة الكبريت في الديزل والبنزين الى عشرة أجزاء في المليون. ويقول محللون ان هذا يتوقف على انجاز مشروع لتطوير المصافي.

وحتى ذلك الحين يتعين على جميع الشركات في البلاد الالتزام بحد أقصى للكبريت عند 100 جزء في المليون بالنسبة للبنزين وعند 500 جزء في المليون للديزل وذلك وفق لوائح هيئة الامارات للمواصفات والمقاييس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/تشرين الثاني/2010 - 23/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م