الآباء والغلو في الطموحات

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: تصدر حالات، يبدو فيها الأب صارما في معاملته لأطفاله، من مظاهرها الأمر والنهي والنقد والعقاب، والطموح البعيد المنال..خاصة الطالب الذي يخذل الأسرة بنتائجه غير المتوقعة.

إن ابنك يحبك ويحترمك لو انك كنت أمينا في شعورك نحوه، أكثر مما لو شعر انك تتظاهر في إبداء هذا الشعور. هو إذا ما عرف أنك تفتح له قلبك يتعاون بإخلاص الى أقصى حد.

من الخطأ أن تتظاهر بالرغبة في شيء رغم شعورك بعدم فائدته. فإنك قد تخدع نفسك، لكنك لا تستطيع خداع ابنك، فإن صوت شعورك سيعلو على صوت عملك أو كلامك. المهم في فكرة الموضوع، ان يتضح للأب والأم أن هناك شيئا أهم من الدرجات الإمتحانية، ذلك هو التفاهم والصداقة الدائمين بينهما وبين نجلهما.

 يترتب على وجود مشاعر مكبوتة أن يتهيب الأبناء إظهارها وأن يشعروا بالذنب بسبب المشاعر العدوانية ضد آبائهم. كثيرا ما يؤدي هذا الشعور الى معاقبتهم لأنفسهم. فبدلا من أن يدعوا هذه الكراهية تتجه خارج نطاقهم، فإنهم يتركونها ترتد لتصيب نفوسهم. فيكرهونها ويترتب على هذا الإحساس الجديد شعور الشخص بأنه ناقص وبأنه شيء تافه. ما ذلك إلا لون من ألوان التعذيب النفسي.

إن هذه المشاعر تجعل أبناءنا من التلاميذ يكرهون أنفسهم. إذن نحن نحسن عملا إذا ساعدنا أولادنا وبناتنا، على أن يدركوا أن ما يشعرون به من مشاعر الضيق أمر طبيعي وخاصة مشاعر ضيقهم منا نحن الآباء.

وجب أن نعمل على أن يشعر الطالب بأهميته، أنه قادر على عمل أشياء، منها الحصول على درجات تؤهلهم للمنافسات، ولا يجب كذلك أن ننقده أو نسفهه، فإن النقد والتسفيه من شأنه أن يجعل فكرة الطالب عن نفسه غير واضحة، هنا لا يجد الطالب الفرصة ليحب نفسه والأب.

الطالب العراقي هو ابن البلد الذي يعاني من ويلات كثيرة أمنية، اجتماعية، ضعف الخدمات بالتالي تنعكس مجموعة العوامل هذه وغيرها منها الأسرية على الطالب نراه تنخفض درجاته الامتحانية. هنا تتصادم طموحات الآباء والأبناء عندما لم يتم قبوله في الكليات المرموقة.

يظهر بعض الآباء اهتماما زائدا بأعمال أبنائهم خاصة المدرسية، فنجدهم يشعرون بالضيق والألم عندما يحصل هؤلاء الأبناء على درجات غير مشجعة في المواد المختلفة، من أجل ذلك نجد هؤلاء الآباء يدفعون أبناءهم دفعا في أعمالهم المدرسية، دون مراعاة لقدرتهم وميولهم... حيث يلحقونهم بدورات التقوية والدرس الخصوصي.

هناك مظاهر أخرى لهذا النوع من الطموح: شعور الآباء بالضيق عندما يتعذر على أبنائهم الالتحاق بإحدى الكليات الجامعية أو بإحدى المدارس مثلا؛ فنجدهم يكثرون من الشكوى، تتخذ هذه الشكاوى مظاهر عدة: عرائض، مقابلات للمسئولين، مقالات في الجرائد، اجتماعات، إلخ.

من أسباب هذه الطموحات الزائدة من الناحية النفسية:

1- أن يكون للأسرة تاريخ قديم، فحبا في المحافظة على هذا الماضي تدفع الأسرة أبنائها الى الجد والاجتهاد، دون مراعاة لقدرات الأطفال، ذلك بغية الوصول الى المستوى اللائق بالأسرة.

2- هناك من الآباء من حرم من مواصلة تعليمه في الكليات الجامعية أو المعاهد، لذلك يحلم باليوم الذي يكون له من الأبناء من يرسلهم الى المدارس ويعطيهم الفرصة لمواصلة التعليم الجامعي.

3- عن طريق هذا السلوك يعبر الآباء عن رغباتهم وأمانيهم المكبوتة، فهم يحققون في أبنائهم ما لم يحققوه لأنفسهم؛ بمعنى آخر فإن هؤلاء الآباء يسقطون طموحاتهم غير المحققة على أبنائهم.

من نتائج هذا الأسلوب:

1- ينتج عن دفع الآباء لأبنائهم في أعمالهم المدرسية أن يصاب هؤلاء الأبناء بنوع من البلادة الانفعالية. إن الذي يحدث في كثير من الحالات امتناع الطفل عن تحمل المسئوليات؛ وكلما زاد الآباء دفعا، تقاعس الأبناء وزادوا رغبة في التخلف. معنى ذلك انه يحدث نوعا من الرغبة في المقاومة السلبية.

2- إن دفع الطفل لعمل من الأعمال، دون مراعاة لقدراته يعرضه للفشل؛ هذا الشعور بالفشل له أضراره: شعور بالنقص، عدوان، تخريب، إلخ.

3- قد يكون الطفل كارها للأب، فيحاول افشال نفسه للحط من شعور الأب بالزهو، أي حالة انتقامية يقوم بها الأبناء بعناد الآباء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/تشرين الثاني/2010 - 21/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م