الرواسب الثقافية وإعاقة للتنمية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: تعني الرواسب، البقايا، من (بقى، يبقى، بقاء)، يستخدم مصطلح البقايا او (الرواسب) بثلاثة معان رئيسية:

الاول: هو الاستخدام الشائع للمصطلح ويشير الى استمرار الحياة.

الثاني: مرتبط بالاستخدام البيولوجي الفني بمعنى بقاء الانواع المرتبط بفكرة الانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح.

الثالث: في الاستخدام الانثروبولوجي ويقصد به استمرار بعض العادات أو التقاليد كمخلفات او رواسب ثقافية من الماضي.

تعرف البقايا في علم الاجتماع على انها ما يتخلف من نظام اجتماعي بعد اختفاء الظواهر التي كانت سببا في وجودها او الاحتفاظ بعادة او تقليد لا لفائدته بل لمجرد انه تراث الاجداد، او كما يقول ريفرز هو استمرار عادة لا يمكن تفسيرها بالرجوع الى فائدتها الحالية بل لا يمكن فهمها الا بالرجوع الى تاريخها الماضي.

يرى ادوارد تايلور ان المخلفات او الرواسب هي العمليات الذهنية والافكار والعادات وانماط السلوك والآراء والمعتقدات القديمة التي كانت سائدة في المجتمع في وقت من الاوقات والتي لايزال المجتمع يحافظ عليها ويتمسك بها بعد ان انتقل من حالته القديمة الى حالة جديدة تختلف فيها الظروف كل الاختلاف عما كانت عليه في الحالة الاولى التي ادت في الاصل الى ظهور تلك الافكار والعادات والمعتقدات. ويعتقد تايلور ان اهم ما يميز هذه المخلفات الثقافية هو فقدانها لوظيفتها وفائدتها ومعناها.

ويعرف (هوبل) الرواسب الثقافية بانها عناصر ثقافية تترسب من مواقف ثقافية كانت اكثر تكيفا معها وذلك بعد زوال الظروف الاجتماعية التي نشأت في ظلها. او هي المركّبات الثقافية التي تغيرت وظيفتها الاصلية بمرور الزمن بحيث اصبح استعمالها مجرد اتفاق شكلي.

اما التنمية وحسب التعريف الذي قدمته هيئة الامم المتحدة فهو (العملية التي يمكن بها توحيد الجهود لكل من المواطنين والحكومة لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات المحلية لمساعدتها على الاندماج في حياة الامة والمساهمة في تقدمها بأقصى ما يمكن).

اما المعوقات فيقصد بها (مجموعة العوامل التي تؤدي الى الانحراف عن النموذج المثالي للتنمية وتحول دون تحقيق الاهداف التي يسعى اليها. فالمعوقات تعني اتجاها سلوكيا سلبيا. فالمخطط الذي يرسم طريقة التغيير يصطدم بأفراد المجتمع وسلوكهم الذي قد يعوق تحقيقه اي من انماط السلوك التي يريد المنمّي ان يسير عليها وانماط السلوك الواقعية) كما ذهب الى ذلك نيقولا نيماشيف في كتابه نظرية علم الاجتماع.

واهم هذه العوامل التي تعوق التنمية في المجتمع هي العوامل الثقافية، ومنها خصائص وطبيعة العائلة، القيم والعادات والتقاليد، نظرة الناس الى العالم الذي يعيشون فيه، الى اخره. والعوامل الاجتماعية والعوامل النفسية والعوامل المادية والفنية. هذا وتعد العوامل الثقافية اهم هذه العوامل التي يجب الاهتمام بها عند مناقشة مثل هذا الموضوع.

وهذا ما أكده ريتشارد لامبير في كتابه (التغير الاجتماعي) الى ان هناك العديد من العوامل التي تقف حائلا دون تبني التجديدات واستخدامها واهمها الارتباط بكل ما هو قديم ومتوارث ومتعارف عليه، وهناك عدة اعتبارات لهذا التمسك الشديد بكل ما هو قديم:

*العقيدة الراسخة بان القديم سهل ومتقبل بينما الجديد يحتاج الى جهد للاقتناع به وادراك فائدته والاحساس بأهميته وتتمثل هذه النزعة غالبا عند كبار السن.

الجهل والتخلف الثقافي من شانهما عدم التمكن من متابعة اي جديد في الثقافة المادية او غير المادية وهذا من شانه ان يزيد التعصب القديم.

وجود رواسب باقية في اشكال التقاليد والعادات يطلق عليها (الرواسب الاجتماعية) وهذه الرواسب تمثل نوعا من الركود الثقافي يصعب الخروج منه كالتمسك ببعض العادات في احتفالات اعياد الميلاد وعادات تتصل بالأكل والشرب في اعياد ومناسبات خاصة وغيرها من العادات التي يرى بعض العلماء المختصين بتنمية المجتمع انها لا تستند الى قواعد منطقية بالإضافة الى عادات اخرى مرتبطة بالعواطف النفسية واشباع الانفعالات كالأخذ بالثأر وطول فترة الحداد والمآتم والاحتفال والتباهي بحجم اسرة كبيرة بقصد القوة والجاه او الغنى.

ويمكن تقسيم الرواسب الثقافية على الشكل التالي :

1 – الرواسب الثقافية في المعتقدات، وتشمل:

* الرواسب الثقافية في السحر.

* التفاؤل والتشاؤم.

* الظواهر الطبيعية.

* الاعتقاد في العين الشريرة.

2 – الرواسب الثقافية في التفكير، وتشمل:

* الحلال والحرام

* القدرية

* التبرعات وطرق الانفاق

* التمركز حول العرق

* النظرة الى بعض المهن

* النظرة الى دور المرأة.

3 – الرواسب الثقافية في العادات، وتشمل:

أ - الرواسب الثقافية في عادات التنشئة، وتتضمن الاتي:

* الرواسب الثقافية المرتبطة بفترة الحمل.

* الولادة.

* التسمية.

* احتفالات الاسبوع.

* الختان.

* الطفولة والشيخوخة.

ب – الرواسب الثقافية في عادات الزواج.

ج - الرواسب الثقافية في العادات الخاصة بالوفاة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/تشرين الثاني/2010 - 18/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م