الحرم الجامعي بين العلم والتسلية!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يكدح الطالب أو الطالبة إثني عشر عاما لكي تتجاوز المراحل الدراسية الثلاث التي تسبق مرحلة الدراسة الجامعية، وفي قياس الزمن نسبة الى عمر الانسان فإن السنوات المذكورة تشكل جزءً مهما من عمر الانسان الكلي، واذا قلنا بأنها تُستنفَذ في تحصيل العلم والتمهيد المضني من أجل العبور الى الجامعة، فإن قيمة هذه السنوات الـ (18) تعتبر كبيرة كونها تتطلب جهدا كبيرا من الطالب كي يتجاوزها بنجاح.

وعند الوصول الى الجامعة يكون الانسان قد قطع شوطا مهما من اشواط تحصيل العلم وبذل جهدا كبيرا بهذا الصدد، لذلك فإن مرحلة الجامعة تشكل ذروة المشوار العلمي للانسان لكي يحقق حلمه في الحصول على الشهادة الجامعية التي تحدد بدورها طبيعة مستقبله العملي والعلمي في آن.

وغالبا ما تكون ذروة الاشياء أهمها على الاطلاق، بمعنى أن المسيرة في بدايتها ووسطها وفي مرحلتها قبل الاخيرة كلها توضع بخدمة الذروة لكي تتحقق أفضل النتائج، وهكذا تكون الجامعة (الذروة) التي تستحق تعب السنوات الدراسية الطويلة لأنها تتدخل بصورة مباشرة في تحديد حاضر ومستقبل الانسان.

وهنا نتساءل، هل يجوز أن يتقاعس الطالب في مرحلة (الذروة الجامعة) وهل يصحّ أن ينسى تعب السنوات المضنية في المراحل التي سبقت الدراسة الجامعية؟ فتأتي النتيجة لا تتسق مع تلك الجهود والسنوات التي تسربت من عمر الانسان من دون رجعة، قطعا ليس من المنطقية بشيء أن يفشل الطالب في مرحلة الذروة لأنه بذلك لا يخسر شهادة الجامعة وحدها بل يخسر سنوات المراحل الثلاث التي مهدّ بها للوصول الى الدراسة الجامعة، ولكن كيف يمكن أن يضيّع الطالب او الطالبة دراسته الجامعية؟.

الجواب: عندما يتحول الحرم الجامعي الى مكان للتسلية ومضيعة للوقت ايضا، ولكن كيف يمكن أن تتحول الجامعة الى مكان لاهدار الوقت وجهود العمر؟ الجواب يعرفه الطالب وتعرفه الطالبة أيضا، وهو باختصار عندما يلتهي الاثنان بما لا يليق بالعلم وتحصيله، وبما لايليق برسالة الانسان التي أهدر من اجلها ثلث عمره او اكثر لكي يقطف ثمارها حاضرا ومستقبلا.

ولكي نكون أكثر وضوحا نقول، أن هناك طلاب وطالبات جامعيات يجعلون من مرحلة الدراسة الجامعية (مرحلة لاقامة العلاقات العاطفية) التي لا تتسق مع تحصيل العلم، بمعنى أن الاثنان قد يعطيان الاهتمام الاكبر بل جل الاهتمام وكله لنزواتهم العابرة في اقامة علاقات عاطفية لا ترتكز الى العقل ولا حتى الى العاطفة السليمة، وبذلك يمكن أن تتحول الجامعة الى مكان للتسلية وقتل الوقت بدلا من أن تكون اسما على مسمى، أي حرما جامعيا يعدّ الطلبة الى المرحلة الاهم من حياتهم وهي مرحلة الانتاج والتطور والرسوخ في رحبة الحياة.

لهذا ليس صحيحا أن يهدر الانسان ثلث عمره في الدراسة والتمهيد الى الجامعة ثم يجعل منها مكانا لقتل الوقت واضاعة فرص التعلم واكتساب المهارات العلمية والعلمية وتوظيفها في مجالات العمل المتعددة وتطوير الذات وبنائها بما ينسجم مع قيمة الجهد المبذول مسبقا.

وقد يقول قائل إن الطبيعة التكوينية للشاب او الشابة تجعل منهما اكثر ميلا الى اقامة العلاقات العاطفية وغيرها، ولكن لابد أن تكون هناك ضوابط نفسية واخلاقية وعملية ايضا تجعل من الطلبة جميعا على وعي تام بما هو مفيد لهم  ما هو مضر لهم، فليس من المنطقية بشيء أن يتحجج الشاب بالتكوين البايولوجي والنفسي لكي يهدر عصارة جهدة وتعبه خارج تحصين الذات وبعيدا عن تحقيقها.

إذ أن تحقيق الذات هو الهدف الاسمى للانسان، وهو لايمكن أن يُنجز -للطلبة خصوصا- ولعامة الناس من دون التركيز على تحقيق ما هو أهم لهم، والاهم للطلبة هو تحصيل العلم واكتساب الخبرات، ثم تأتي المتطلبات الاخرى بعد هذا المطلب الذي يتربع على قمة مطالب الانسان.

ومع ذلك لابد أن يكون هناك تعاون مستمر بين الكوادر التدريسية وبين الطلبة من اجل بث الوعي اللازم لمعالجة الظواهر التي لا تخدم الطلبة، بعد تحديدها وتحديد سبل معالجتها، وصولا الى الايمان التام للطالب والطالبة الجامعية بأن التحصيل العلمي هو الذي ينبغي أن يتصدر كل الاهتمامات والحاجات الاخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تشرين الثاني/2010 - 14/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م