
شبكة النبأ: تتزايد الضغوط على الرئيس
الأمريكي خلال الفترة الأخيرة لاسيما وان أهمها تلك التي فقد بها
الديمقراطيون قوتهم في انتخابات التجديد الأخيرة، وهذا ما دفعه وبحسب
ما يظنه المحللون السياسيون الى التوجه الى آسيا لزيادة شعبيته وأعماله
الإنسانية بالإضافة الى دعم سياسته التي يؤكد من خلال مؤتمراته الصحفية
وخطبه على انه يبحث عن الأمن والأمان ويجتهد في تحقيقه بدون ان يقلل من
الاهتمام بالجانب الاقتصادي بالدول الأخرى، كذلك جاء في جولته الآسيوية
ومن ضمن دعواته هي محاربة الإرهاب والقضاء عليه مهما كلف الأمر.
في الوقت ذاته يتجول أوباما في آسيا وهو يتذكر أيام طفولته في بلدته
الأم وعن أحلامه في ذلك الوقت التي لم يكن من ضمنها الحلم الذي يتمنى
فيه ان يكون رئيسا للولايات المتحدة.
وبذلك يحاول ان يعيد شعبيته وثقة العالم به لتفادي أي مشاكل قد
تواجهه او تواجه حزبه ولكن لا يعني ان هذه المهمة سهلة بل هي تحتاج الى
خطط متوازنة وثابتة لحل الأمور والحصول على مبتغاه.
فيما تواجهه مشكلة أخرى وهو يحاول ذكرها كثر من مرة لدورها المهم
والمؤثر في العالم، وهي الفكرة الخاطئة التي يتعامل العالم بها مع
الإسلام حيث يحاول أوباما من ان يمد جسور السلام والمودة ما بين أمريكا
بالأخص والعالم بالعموم مع المسلمين لما بينته الأحداث الأخيرة من
كراهية لهذه الدين في العديد من البلدان.
مهمة توازن دقيقة
فبين الولايات المتحدة واندونيسيا الكثير من المصالح الأمنية
المشتركة لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيواجه حجر عثرة لدى مناقشة
توثيق الروابط العسكرية، وكانت هناك شكوك قبل زيارته لاندونيسيا بأن
هذه الحجر هي حقوق الإنسان.
فالجيش الاندونيسي خاصة قواته الخاصة وتعرف باسم (كوباسوس) له سجل
طويل في مجال حقوق الانسان خلال حملاته السابقة ضد الانفصاليين في
تيمور الشرقية وبابوا الغربية واقليم اتشيه. واعاد بث تسجيل فيديو
لتعذيب رجل من بابوا القضية الى الأضواء خلال زيارة اوباما لاندونيسيا.
وترتبط الولايات المتحدة واندونيسيا بعلاقات أمنية طويلة. فالوحدة
88 الاندونيسية لمكافحة الإرهاب التي تشكلت بعد تفجيرات بالي عام 2002
تتلقى تمويلها ومعداتها وتدريبها من الولايات المتحدة واستراليا وحققت
نجاحات كبيرة. وتراجع خطر التشدد في اندونيسيا بدرجة كبيرة خلال العشر
سنوات الماضية. وتشتت الجماعات الموالية للقاعدة وقتلت الوحدة 88 عددا
كبيرا من الزعماء المهمين. ويحتاج أوباما الى ضمان استمرار هذا التعاون
الوثيق في المعركة ضد التشدد في أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان.
ومن جانبها تريد جاكرتا أيضا تعزيز الروابط الأمنية لتكون حصنا في
مواجهة الصين التي تستعرض قوتها بشكل متزايد في نزاعات بشأن بحر الصين
الجنوبي مع عدد من جيران اندونيسيا في جنوب شرق اسيا. وقال محلل الأمن
الاندونيسي نور الهدى إسماعيل نائب رئيس سكيوريندو جلوبال كونسالتينج
للاستشارات "أعتقد اي رئيس للولايات المتحدة يجب ان يأخذ اندونيسيا
كصديقة جيدة. "ما من خيار أمامهم الا مصادقتنا لأننا سنكون قاعدتهم في
المنطقة لاحتواء الصين." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
ومهمة التوازن التي أمام أوباما هي ترسيخ وتعميق التعاون الأمني دون
ان يظهر انه يغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الجيش والشرطة.
وأمام الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو مهمة توازن ايضا.
فالصين هي القوة المهيمنة في اسيا اقتصاديا وعسكريا وخلال تعاونه
الوثيق مع واشنطن سيحرص يودويونو على الا يستعدي بكين.
وفي يوليو تموز الماضي اعلن وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس خلال
زيارة لاندونيسيا ان واشنطن أنهت حظرها على التعامل مع كوباسوس وصرح
بأن ذلك حدث في أعقاب خطوات اتخذتها جاكرتا لإبعاد منتهكي حقوق الإنسان
عن صفوف القوات الخاصة. لكن منظمات حقوق الإنسان غضبت وقالت ان كوباسوس
لايزال بها ضباط أدينوا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وزاد من حساسية
الأمر تسريب تسجيل فيديو عن تعذيب مواطنين من بابوا التي تشهد منذ عقود
حركة انفصالية ضعيفة.
العلاقة مع العالم الإسلامي
من جانبه قال الرئيس الأمريكي باراك اوباما إن هناك حاجة لمزيد من
العمل لإصلاح العلاقات الأمريكية المشحونة مع العالم الإسلامي في
اعتراف بصعوبة تخطي "سنوات من انعدام الثقة". وفي خطاب أبرز شوقه
لزيارة اندونيسيا أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان تحدث أوباما
بحب عن البلاد التي أمضى فيها أربع سنوات من طفولته في جاكرتا بعد ما
تزوجت أمه من رجل اندونيسي.
وقال أوباما "اندونيسيا جزء مني" وغادر البلاد متوجها الى كوريا
الجنوبية لحضور قمة العشرين في إطار جولته الآسيوية. وكان الخطاب الذي
ألقاه الرئيس الأمريكي استكمالا للكلمة المهمة التي ألقاها في العاصمة
المصرية القاهرة في يونيو حزيران عام 2009 للتواصل مع العالم الإسلامي
والتي أعلن فيها عن "بداية جديدة" في العلاقات الأمريكية مع المسلمين
بعد التوترات التي سادتها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 وما
أعقبها من رد فعل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
ومنذ كلمته في القاهرة مازالت العلاقات متوترة على الجانبين. فتنظيم
القاعدة مازال يسعى لمهاجمة أعدائه الغربيين. كما تعثرت مفاوضات السلام
بين إسرائيل والفلسطينيين. وأدت حروب الولايات المتحدة الطويلة في دول
إسلامية مثل أفغانستان والعراق الى فقدان الثقة في واشنطن. وفيما يتعلق
تحديدا بالشرق الأوسط قال أوباما ان عملية السلام الإسرائيلية
الفلسطينية تواجه "عقبات هائلة" بعد إطلاق المحادثات المباشرة في
سبتمبر أيلول الماضي ثم توقفها بعد وقت قصير بسبب نزاع بين الجانبين.
واستطرد "لكن ما من شك في أننا سنبذل كل ما بوسعنا في العمل من اجل
التوصل الى نتيجة عادلة وفي مصلحة جميع الأطراف المشاركة.. دولتان
إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا الى جنب في سلام وأمن." وسئل اوباما في
مؤتمره الصحفي بشأن قضية سياسية صعبة هي مضي اسرائيل قدما في خططها
لبناء 1300 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية العربية رغم المعارضة
الشرسة من الفلسطينيين.
وجاء هذا الإعلان في الوقت الذي يزور فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة. وقال أوباما إن بناء مثل هذه
الوحدات السكنية يمكن ان يجعل مفاوضات السلام أكثر صعوبة. وأضاف "هذا
النوع من النشاط غير مفيد على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بمفاوضات
السلام. وأنا أشعر بالقلق من أننا لا نرى أيا من الأطراف يقوم بالجهد
المطلـوب لتحـقيق انفـراجة." وتراجـعت الثقة في أوباما في دول إسـلامية
كثيـرة نتـيجة لذلك. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وأضاف "ما من خطاب واحد يمكنه إزالة سنوات من انعدام الثقة" لكنه
وعد "بغض النظر عن الانتكاسات التي قد تحدث بالتزام الولايات المتحدة
بتقدم البشرية. هذا هو نحن. وهذا ما فعلناه وما سنفعله." وحين ما وصل
أوباما إلى اندونيسيا في زيارة تم تأجيلها مرتين اضطر الى تقليص فترة
زيارته بسبب مخاوف من ان يمنع الدخان والرماد المنبعث من بركان ميرابي
القاتل طائرة السلاح الجوي الأمريكي رقم واحد التي اقلت الرئيس من
الإقلاع للتوجه الى سول لحضور قمة مجموعة العشرين.
وقال أوباما أمام حشد تجمع فيه نحو ألف شخص عاملوا الرئيس الأمريكي
كنجم من نجوم موسيقى الروك ان اندونيسيا نموذج جيد لديمقراطية صاعدة
تعمل على تطوير اقتصادها وهي دولة مسلمة معتدلة تقبل الديانات الأخرى.
واستقبل أوباما في اندونيسيا استقبال البطل العائد الى الوطن حيث
عاش مع امه عام 1967 في تناقض صارخ مع الضربة العنيفة التي لقيها في
بلاده خلال التجديد النصفي للكونجرس حين حقق الجمهوريون مكاسب كبيرة
على الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه. واختتم أوباما مؤتمره الصحفي
بكلمات باللغة الاندونيسية وأجرى محادثات مع الرئيس الاندونيسي سوسيلو
بامبانج يودويونو وكانت ميشيل زوجته التي تقوم بأول زيارة لهذا البلد
ترافقه أثناء مأدبة عشاء رسمية حيث قدم للرئيس الأمريكي الأطباق التي
كان يحبها في طفولته وهي الأرز المحمر وشوربة اللحم والفواكه.
الإشادة بوحدة اندونيسيا
كما أشاد أوباما بانتقال اندونيسيا من حكم "القبضة الحديدية" الى
الديمقراطية وبذهنية التسامح السائدة في هذا البلد الذي نشأ فيه
باعتبارها نموذجا للإسلام والغرب. وقال اوباما ان تحول اندونيسيا انعكس
في حياته الشخصية في السنوات الأربعين منذ ان غادر اكبر دولة مسلمة في
العالم، كشاب عادي وأصبح بعد ذلك رئيسا للولايات المتحدة.
وقال اوباما "اندونيسيا تشكل جزءا من حياتي" مستعيدا ذكريات طفولته
بعدما تزوجت والدته من رجل اندونيسي وانتقلت معه الى جاكرتا حيث نشأ
باراك أوباما. ورحب أوباما برفض اندونيسيا في الآونة الأخيرة لحقبة حكم
سوهارتو السلطوي وانتهاجها الديمقراطية قائلا إنها أصبحت الآن قوة
أساسية في آسيا.
وقدم أكثر من ستة آلاف شخص خصوصا من الطلاب الى قاعة الجامعة
الوطنية للاستماع الى خطاب الرئيس خلال زيارته التي استغرقت 24 ساعة.
وقال أوباما وسط تصفيق الحاضرين "اذا سألتموني، او سألتم احد رفاقي في
المدرسة الذين عرفوني آنذاك، لا اعتقد ان أحدا منا كان ليعتقد بأنني
سأعود يوما ما الى جاكرتا بصفتي رئيسا للولايات المتحدة". وأضاف "وقلة
كانوا ليتوقعوا أحداث اندونيسيا اللافتة في العقود الأربعة الماضية".
بحسب وكالة أنباء فرانس برس.
واعتبر اندونيسيا نموذجا للتسامح بين عدة ثقافات قائلا "حتى وان
كانت الأرض التي عشت فيها شبابي قد تغيرت بعدة طرق، فان الأمور التي
تعلمت ان أحبها في اندونيسيا، ذهنية التسامح الواردة في دستوركم والتي
تشهد عليها المساجد والكنائس والمعابد، والمترسخة في شعبكم، لا تزال
مستمرة". وأضاف "الوحدة في التعددية، هذا هو أساس النموذج الذي تقدمه
اندونيسيا للعالم ولهذا السبب ستقوم اندونيسيا بدور مهم في القرن
الحادي والعشرين".
لكن اوباما تعهد بمواصلة الحرب ضد خلايا القاعدة على طول الحدود
الأفغانية-الباكستانية وفي دول مثل اليمن والصومال. وقال "كلنا يجب ان
نهزم القاعدة والتابعين لها، الذين لا يتبعون أي دين وبالتأكيد ليس
ديانة عظيمة وعالمية مثل الإسلام". وأضاف "لكن الذين يريدون البناء يجب
الا يتراجعوا أمام الإرهابيين الذين يسعون الى الدمار، وهذه ليست مهمة
أميركا لوحدها".
يستعيد ذكريات طفولته
وقال أوباما وهو يصف عربة نادرا ما تشاهد الآن في شوارع جاكرتا التي
أصبحت تعج بالسيارات الحديثة "عندما أتيت الى هنا للمرة الأولى كان ذلك
في عام 1967. وكان الناس يستخدمون مركبة خفيفة بعجلتين يجرها رجل."
وقال أوباما وهو يلوح بطريقة جذبت ابتسامة من الرئيس الاندونيسي
سوسيلو بامبانج يودويونو "إذا لم يكن الناس يستخدمون تلك العربات (التي
يجرها رجل) فقد كانوا يستخدمون نوعا آخر من سيارات الأجرة الصغيرة حيث
كان المرء يقف في الخلف وكانت شديدة الازدحام."
وقال "أدرك ان حركة المرور الآن في جاكرتا صعبة للغاية" قبل ان يسلم
بأنه لم يجربها لأنه جاء هذه المرة كرئيس حيث تم إخلاء الشوارع لموكبه.
ومر موكب أوباما -- الذي صادف هطول أمطار -- بسرعة في شوارع هادئة في
مدينة عادة ما تكون فيها حركة المرور كثيفة ويمكن ان تؤدي مياه الأمطار
الى ان تستغرق الرحلة بين المسكن ومكان العمل أربع ساعات.
ودفعت هذه الأحوال يودويونو الى اقتراح نقل العاصمة لمكان آخر وينظر
الى البنية الأساسية الضعيفة على إنها تبعد الاستثمارات المباشرة
الأمريكية وتوفر فرصا للشركات الصينية والمؤسسات الخاصة. بحسب وكالة
الأنباء البريطانية.
وفي كلمة بعد العشاء اجتذبت تصفيقا حادا وصف أوباما كيف تنقلت
والدته خبيرة دراسات المجتمعات البشرية من قرية الى أخرى باستخدام
دراجة نارية وقال انه "تأثر كثيرا" بوسام قدم له بالنيابة عن أمه للعمل
الذي قامت به في البلاد. وقال وهو يسترجع حياته كطفل "لم أكن أتخيل ان
يتم تكريمي هنا في يوم من الأيام كرئيس للولايات المتحدة. لم أكن أعتقد
ان قدمي ستطأ هذا المبنى على الإطلاق."
كما تذكر الرئيس الاندونيسي أيام اوباما وهو صبي يلعب في حقول الارز
أو عندما كان يلعب مع قرد وتماسيح صغيرة كان يقتنيها كحيوانات أليفة.
ورغم تراجع شعبيته في الولايات المتحدة فان العديد من مواطني اندونيسيا
العاديين يعتبرون اوباما ابنا فقد من زمن طويل ويوجد في مدرسته القديمة
التي تقع في حي مينتينج الراقي تمثالا له وهو طفل عند المدخل. وتجمع
صحفيون اندونيسيون في غرفة الصحافة في القصر الحكومي وصفقوا وابتهجوا
عندما شاهدوا لقطات تلفزيونية لطائرة الرئاسة التي تقل أوباما وهي تهبط
في جاكرتا وانطلق الصياح مرة أخرى عند فتح باب الطائرة.
وصاح رجل قائلا "السلام عليكم" أمام التلفزيون عندما ظهر أوباما.
وصاح مشاهد آخر "إنني أحبك". وقال اوباما الذي يزمع استخدام زيارته في
التواصل مع العالم الإسلامي ان العودة الى وطن الطفولة كرئيس أمريكي
يثير لديه مشاعر متباينة لكن مشاعره نحو الاندونيسيين لم تتغير. وأضاف
"أشعر بعاطفة جياشة تجاه الشعب هنا. بالطبع شقيقتي نصف اندونيسية".
وقال انه يأمل أن يعود مع ابنتيه في يوم من الأيام.
ميشيل أوباما تضع غطاء للرأس
من جانبها وضعت السيدة الأمريكية الأولى غطاء للرأس خلال زيارة
لمسجد في اندونيسيا وهو ليس لزاما على غير المسلمين لكنه مؤشر على جهود
أوباما لإظهار الاحترام للعالم الإسلامي. وتجولت السيدة الأولى التي
ارتدت غطاء للرأس عليه نقوش وبدله فستقية اللون في مسجد الاستقلال اكبر
مسجد في جنوب شرق آسيا. وكان من المتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي باراك
أوباما مزارا دينيا مهما آخر خلال جولته بآسيا وهو المعبد الذهبي في
الهند وهو معبد للسيخ لكن تقارير إعلامية ذكرت أن الزيارة ألغيت بعد أن
أحجم مساعدون عن الفكرة لان الرئيس سيضطر الى ارتداء عمامة خلال تواجده
في المعبد.
ورغم ان أوباما مسيحي لكن بعض الأمريكيين قالوا انه مسلم وذكرت
التقارير أن مساعديه خشوا من أن تذكي صورته وهو يرتدي العمامة هذه
الشائعات. وأشار أوباما الذي يستغل زيارته لاندونيسيا كمنبر للتواصل مع
العالم الإسلامي على نطاق أوسع من خلال الإشادة بالتعددية في اندونيسيا
في كلمة ألقاها الى أن الكاتدرائية الكاثوليكية تقع في الجهة المقابلة
للمسجد. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وخلع أوباما وزوجته حذاءيهما وهما يجتازان ساحة المسجد الواسعة وقال
الرئيس للصحفيين ان مرتادي الكنيسة يستخدمون مرأب المسجد خلال أعياد
الميلاد وأضاف أن هذا "مثال على نوعية التعاون" بين الأديان الموجودة
في اندونيسيا. واندونيسيا دولة علمانية رسميا غير أن نحو 90 في المئة
من سكانها مسلمون ويجب تسجيل جميع المواطنين كمؤمنين بأحد الديانات
الست المسموح بها ومن بينها الهندوسية والبوذية والكونفوشية. ولا يسمح
بالإلحاد.
واستخدم في بناء مسجد الاستقلال حديد ألماني ورخام من جاوة وله
مئذنة واحدة مرتفعة على شكل شمعة وبناه مهندس معماري مسيحي ويتسع لأكثر
من 100 ألف مصل. وهذه هي أول زيارة تقوم بها ميشيل أوباما التي صنفتها
مجلة فوربس كأقوى امرأة في العالم لاندونيسيا التي عاش زوجها فيها أربع
سنوات حين كان طفلا.
أوباما يشيد
فيما أشاد الرئيس الأميركي بالهند معتبرا أنها "قوة عالمية" مكتملة
وذلك خلال استقبال نظم بكل مراسم الشرف في زيارة دولة في العاصمة
الفدرالية نيودلهي. وبعد استعراض حرس الشرف في حفل استقبال بالقصر
الرئاسي صرح أوباما للصحافيين ان "الهند ليست مجرد دولة ناشئة إنما هي
الآن قوة عالمية".
وفي ثالث يوم من زيارته الى الهند اجرى أوباما محادثات مع رئيس
الوزراء مانموهان سينغ ثم ألقى خطابا في البرلمان قبل ان يحل ضيف شرف
على مائدة عشاء رسمي. وتركز المباحثات على مكافحة الإرهاب وإقامة
مبادلات تجارية وتعزيز التعاون على صعيد الاقتصاد العالمي. بحسب وكالة
أنباء فرانس برس.
وبعد تكرار ما قاله من ان شراكة البلدين ستكون "من اكبر شراكات
القرن الحادي والعشرين" تحدث الرئيس الأميركي عن تقاسم المسؤولية من
اجل "تشجيع السلام والاستقرار والازدهار ليس فقط في بلدينا بل في
العالم اجمع".
في الهند
كما أثار أوباما جدلا فوريا في أول يوم في زيارته للهند لإحجامه عن
ذكر باكستان في الكلمة التي ألقاها عقب لقائه أسر ضحايا هجمات مومباي.
وقتل متشددون يتمركزون في باكستان 166 شخصا في هجوم استمر 60 ساعة في
مومباي المركز المالي للهند وقتلوا ضحاياهم في فنادق ضخمة ومحطة قطارات
ومركز يهودي. وتقول الهند ان عناصر في دولة باكستان وراء الهجوم.
وقال أوباما عقب لقاء مع اسر ضحايا هجمات مومباي في فندق تاج محل
الفخم الواقع على شاطئ البحر "نزور هنا لنبعث برسالة واضحة. "تقف
الولايات المتحدة والهند معا في إصرارهما على منح شعبيهما مستقبلا
مفعما بالرخاء والأمن." وتهدف زيارة أوباما لتعزيز العلاقات وإبرام
صفقات تجارية لتوفير وظائف وزيادة الصادرات بعد أيام من الانتكاسة التي
تعرض لها الديمقراطيون في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي.
وأبرزت كلمته الاختبارات الدبلوماسية التي يخوضها اوباما. ويريد
الهنود بيانا قويا ضد باكستان لرعايتها متشددين ولكن واشنطن تسعى
لتحقيق توازن دقيق بين إرضاء الهند ودعم حليفتها الإقليمية باكستان.
وشن هجوم بمومباي متشددون جاءوا بقوارب من باكستان وترجلوا قرب فندق
تاج محل. وزاد الهجوم من التوترات بين الغريمين النوويين اللذين خاضا
ثلاثة حروب منذ استقلالهما عن بريطانيا في عام 1947 .
ونشطت محطات التلفزيون وحفلت بتعليقات محللين أبدى معظمهم دهشته من
لهجة كلمة أوباما المتحفظة. وقال المحلل الاستراتيجي ماهروف رضا لقناة
تايمز ناو الإخبارية "انه بيان متحفظ... عدم ذكر باكستان يوضح ان
باكستان مهمة لسياستها (الولايات المتحدة) في أفغانستان." بحسب وكالة
الأنباء البريطانية.
وكإجراء وقائي أزالت الشرطة في المدينة أشجار جوز الهند حول باني
بهافان وهو المنزل الذي اقام به المهاتما غاندي أثناء تواجده في مومباي
وهو حاليا متحف. وسيحضر أوباما اجتماعا مع مئات من كبار رجال الأعمال
الهنود والأمريكيين. وكتب اوباما في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز
"من الصعب وصف مدى أهمية آسيا لاقتصادنا. "قد يكون مغريا في أوقات
المصاعب الاقتصادية ان نتحول للداخل وننأي عن التجارة مع الدول الاخرى.
ولكن في عالمنا المتشابك هذا ليس السبيل للنمو ولا لتوفير فرص عمل. لا
يمكنا الانعزال عن هذه الأسواق."
وعلى جدول الأعمال صفقات دفاعية مربحة. وأجرت الولايات المتحدة
مناورات عسكرية مع الهند أكثر من أي دولة أخرى خلال العام المنصرم
وتنافس شركتا بوينج ولوكهيد مارتن الأمريكيتان على صفقة قيمتها 11
مليار دولار لشراء 126 مقاتلة.
وفي البداية ينبغي ان يواجه أوباما اعتقادا سائدا في الهند بأنه يضع
ثالث اكبر اقتصاد في أسيا في مرتبة متأخرة عن الصين وباكستان ولم يعترف
بتنامي ثقلها العالمي. وتواجه واشنطن مجموعة من العقبات بما في ذلك قلق
الهند من ان يقود توقيعها لاتفاقات دفاعية -ضرورية لتنفيذ صفقات بيع
أسلحة أمريكية- لعلاقات أوثق بين نيودلهي والجيش الأمريكي. ووقع اتفاق
نووي مدني مع الولايات المتحدة في عام 2008 وسط ضجة كبرى ولكنه تعثر
داخل البرلمان ويثير حاليا انتقادات بأنه لن يشجع الشركات الأمريكية
على الاستثمار بسبب الالتزامات الضخمة.
أوباما يرفض
في حين أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالهند كمصدر مهم للنمو
والوظائف الأمريكية بينما أعلنت إدارته تخفيفا لقيود تفرضها الولايات
المتحدة على الصادرات لتحفيز التجارة بين البلدين.
وقال أوباما "عندما ننظر الى الهند اليوم ترى الولايات المتحدة فرصة
لبيع صادراتنا في واحدة من أسرع الأسواق نموا في العالم. بالنسبة
لأميركا هذه إستراتيجية وظائف." وقال أوباما مقرا بمشاعر الغضب تلك ان
الهند مازالت في نظر كثير من الأمريكيين "بلد مراكز الخدمة والعمليات
الإدارية التي تكلف وظائف أمريكية" لكنه رفض وجهة النظر تلك. وأبلغ
رجال أعمال "أنها علاقة نشطة تمضي في اتجاهين خلقت وظائف ونموا
ومستويات معيشة أعلى في بلدينا وتلك هي الحقيقة." بحسب وكالة الأنباء
البريطانية.
وقال في خطاب أمام منتدى اقتصادي ان الشركات الأمريكية تضع اللمسات
الأخيرة على صفقات بنحو عشرة مليارات دولار. وقال "صفقات اليوم ستفضي
الى أكثر من 50 ألف وظيفة في الولايات المتحدة." وتشمل الصفقات اتفاقات
أعلنت من قبل مع جنرال الكتريك لمحركات طائرات وتوربينات تعمل بالغاز
ومع بوينج لطائرات نقل ركاب من طراز 737. لكن تفاصيل صفقة مهمة بقيمة
4.5 مليار دولار لبيع طائرات نقل عسكري من طراز بوينج سي-17 مازالت قيد
البحث. كان مايكل فرومان نائب مساعد أوباما أبلغ الصحفيين أن الرئيس
الأمريكي سيخفف القيود التي فرضت على الصادرات في أعقاب التجارب
النووية الهندية في 1998.
كتب عن أوباما
من جانب آخر، تشهد مدينتا نيودلهي ومومباي التي يزورهما الرئيس
الأمريكي باراك أوباما خلال جولته الراهنة بالهند رواجا في بيع كتب عن
الرئيس الأمريكي وملصقات تحمل صورا له. وقال مدير في مكتبة في مومباي
"يتوافد على متجرنا ما لا يقل عن 500 او 600 زبون يطلبون كتبا عن
أوباما." وأضاف "بعنا بالفعل عددا كبيرا من الكتب مثل كتاب (حروب
أوباما) للكاتب بوب وودورد و (أوباما.. الرحلة التاريخية) ."
ولاقت كتب عن السيدة الأولى في أمريكا ميشيل أوباما رواجا أيضا.
وقال صاحب متجر في نيودلهي يدعى سالم "تلقيت مكالمات من الكثير من
الزبائن الذين يطلبون كتبا عن ميشيل أوباما وحبها للصحة والفن." وأضاف
"قدمنا طلبا للناشر للحصول على نحو 1500 نسخة من كتاب (ميشيل.. سيرة
ذاتية). كان هناك اهتماما مماثلا بكتب عن لورا بوش وهيلاري كلينتون
عندما زار زوجيهما الهند." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
وتجذب أيضا صور لاوباما والسيدة الأولى وأطفالهما اهتمام عشرات
الأشخاص في المراكز التجارية وأسواق السلع القديمة في العاصمة. وبعد ان
توجه متسوقون لشراء العاب نارية وهدايا للاحتفالات التي ستقام بمناسبة
مهرجان هندوسي عاد الكثير منهم الى منازلهم حاملين مجموعة من صور
أوباما.
وقالت مانفي شارما وهي صاحبة متجر للهدايا في نيودلهي "هذا الشهر
يخص باراك أوباما تماما." وبدا الشبان الهنود متحمسين على نحو خاص
بفرصة إلقاء نظرة على الرئيس الأمريكي. |