في الشرق عامة وفي العراق خاصة يلتذ المسؤول وبأي درجة وظيفية كان
بالتسلط، ويجد هوايته في ملاحقة الناس وتعكير حياتهم، ويرى إنه محق في
كل ذلك مادام قد فوض بعمل رسمي، متجاهلا إن التفويض يتعلق بخدمة الناس
وتنظيم شؤونهم في الادارة والامن والاقتصاد وتمشية معاملاتهم، ولا يعطي
التفويض بتنكيد عيشتهم وتطيينها بطينة كما يفعل الموظفون عندنا في
المؤسسات المدنية أو في دوائر الشرطة ونقاط التفتيش ودوائر البلدية
والمصارف والمستشفيات، بل في كل مكان تتعلق به حاجات الناس التي تنتظر
من يقضيها بلا من ولا إبتزاز او رشوة.
ثقافة تعطيل معاملات الناس والتضييق عليهم وطلب الرشا وحتى الابتزاز
فيما لو كانت المراجعة إمراة انقطعت بها السبل هي الثقافة السائدة في
العراق.
وعوامل ذلك عديدة وربما صعب تحديد مايمكن النظر له أنه المكان الذي
تبدأ فيه محاولة البحث عن علاجات لجملة المظاهر السلبية التي يراد لها
ان تكون السائد والمقبول.
بعد الدخول الامريكي وإعادة ترتيب البيت العراقي ومحاولة هيكلة
مؤسسات الدولة الناشئة إنهارت مرتكزات السائد قبل 2003 على علاته وصار
التشكيل الجديد محط إهتمام المسؤولين عن بناء تلك المؤسسات التي شهدت
تولي اشخاص لا يملكون الاهلية الوظيفية ولا الاخلاقية وبها تمكنوا من
حرف المسارات لتكون أمكنة لتحقيق المكاسب غير المشروعة وتهيئة أجواء
فاسدة صارت فضاء لأشخاص معدودين تحكموا بمقدرات وثروات طائلة وبأساليب
إدارة فاشلة اتاحت لموظفين صغار ان يكونوا اصحاب قرار لا يملكون من
الفهم فيه شيئا ولا يعلمون شيئا من فنون الادارة وتتحول المناصب عندهم
الى وسائل تمكين الذات من التعالي على المجموع العام المستهدف بالخدمة
والذي شكلت من اجله مؤسسات الدولة وبدلا من ان تخدم هي المواطن صار
المواطن خادما لها. وكانوا يقولون.. الشرطة في خدمة الشعب. لكن ذلك
تغير تماما وليس من سنوات بل من عقود حين صار الشعب في خدمة الشرطة.
حين يتحول المواطن الى خادم للسلطة المؤتمنة على تلبية حاجاته فإن
خللا ما قد توغل عميقا فيها وليس ممكنا بعدها الايمان بحتمية التغيير
وتجهيز الناس ليستعدوا للعمل معا من أجل المستقبل (كم هو غامض
مستقبلنا).
hadeejalu@yahoo. com
|