استهداف كنائس العراق  وسجل التكفيريين الاسود

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ما اشبه اليوم بالأمس حينما تحدثنا الوقائع التاريخية بان على ابن ابي طالب عليه السلام ايام عودته من معركة النهروان ومروره بإحدى الكنائس اشار عليه بعض الصحابة بضرورة تهديم ذلك المعلم الديني على اعتباره يرمز للشرك بالله الا انه آبى واستكبر عن الامتثال لأمرهم وهو يقول "كم عبد الله سبحانه وتعالى هنا".

وهذا بطبيعة الحال خلاف لما اورده المجاهدين الجدد في الساحة العراقية حيث لم تسلم منهم المساجد ودور العبادة والكنائس المسيحية لينتهي بها المطاف على اعتاب خليفة الله في الارض الا وهو الانسان حيث أقدموا على بقر بطون النساء وقطع رؤوس الرجال والتمثيل بالأطفال واخرها تفخيخ المعاقين عقليا، ليس هذا فحسب بل أفتى أئمة المجاهدين الجديد في الآونة الاخيرة بقتل كل من يروم الصلاة في الحسينيات والمساجد ودور العبادة وذلك من اجل ايقاد جذوة الجهاد.

"حيدر شهيد" أستاذ في اللغة الانكليزية، يعلق على ما حدث في كنسية النجاة مؤخرا، "أشك تماما بمصداقية الرؤى والافكار والقراءات المستحدثة، وهي تصور المعايير الجهادية الاسلامية على ذلك النحو، لاسيما وان القائمين عليها يؤمنون باستراتيجية التدمير العشوائي وخاصية انتزاع الروح والحياة من كل شيء، وهناك من الادلة ما يغطي عين الشمس حيث استهدفوا الزرع والضرع وقتلوا الصغار والكبار وفتكوا بالرجال والنساء واقاموا القصاص على المسلمين والمسيحيين على حدا سواء".

ويستطرد شهيد، "الغريب انهم غير معنيين بقتل الصهاينة وهذه قد تحسب لهم على اعتبارها تشكل خارطة طريق مهمتها زرع الرعب والخوف في قلوب العراقيين ليس الا".

أما سلام البناي وهو اديب عراقي فيعود بنا الى الذاكرة خلال حديثة مع (شبكة النبأ المعلوماتية) فيقول، "نحن بطبيعتنا كعراقيين نمتلك حدس وخبرة كبيرة في هذا المجال من خلال ما عانيناه أيام النظام السابق، فهذا الامر لزاما يمنحنا مؤهلات عالية في الاحساس والتصور، وفي أغلب الاحيان يأتي هذا السلوك المنحرف منسجما مع الافكار المتطرفة وهو ليس من الدين والجهاد بشيء، فليس هناك من دين سماوي او غير سماوي يجيز لتلك الزمر من استباحة الدم العراقي وتحت اقسى المسميات او اقسى الظروف".

ويضيف، "انهم يحاولون تصيير تلك الممارسات اللاأخلاقية تحت رمز او ثقافة الدين او الجهاد وذلك من اجل كسب نوع من التأييد او التضامن من اولئك الناس البسطاء او السذج وربما يصل الامر الى حد استغلال البعض منهم للقيام بتلك الافعال التي لا يجيزها عرف او ناموس".

أما المواطن (رودي) وهو مسيحي يعمل مدرس في اعدادية التجارة في الموصل، كان يتحدث ودلالات الاستغراب تعلو ملامح وجه عما حدث في بغداد فيقول، "اني في حيرة من امري اليوم وانا اشاهد تلك الصور المؤلمة فالشيعة مستهدفين والمسيحين هم ايضا مستهدفين من قبل تلك الجهات التكفيرية وانا على سبيل المثال مواطن عراقي حيث ولدت هنا وترعرت وانا أدين بالديانة المسيحية وتجمعني مع المسلمين روح التفاهم والانسجام ونحن اخوه وعراقيين وابناء بلد واحد وليس هناك من عداوة بيننا او ثائر قديم يجيز لهم سحق تلك الجموع البشرية، الا أن هؤلاء القتلة".

ويشدد رودي في حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "قد بالغوا كثيرا في التمادي على ابناء الديانة المسيحية وبشكل سافر وربما تكون عملية استهداف البطريرك الكلداني بولس فرج روحو حيث اقتيد الى جهة مجهولة وقد قتلوا ثلاثة من مرافقيه في مدينة الموصل وثم طلبوا الخاطفين فدية قيمتها مليون دولار من اجل اطلاق سراحه، وبعد ذلك يقتلوه واليوم يستبيحون حرمة كنيسة النجاة في الكرادة ويقتلون المصلين فيها حيث راح ضحية ذلك الفعل الاجرامي 53 شهيدا من المصلين".

ويختتم، "هذا مما يبعث في نفسي الشعور بالرعب والخوف ويدعوني للتفكير مليا بضرورة الرحيل عن العراق كي لا اكون في عداد الضحايا للمجاميع الضالة التي ترتدي لباس الدين الاسلامي عنوان يؤطر فعلها الممسوخ اتجاه ابناء العراق عموما والمسيحين على وجه الخصوص".

أما الدكتورة (مها بنانة) وهي مختصة في علم النفس، فتقول: ما لا استطيع الاصغاء اليه ان يأتي هؤلاء المجرمين ويصنفون الناس على هواهم هذا كافر وهذا فاسق وهذا مجرم وهذا متعاون مع الامريكان ونعوت اخرى ما انزل الله بها من سلطان، فأني أتساءل من اذن لهم بتصنيف الناس ومن اعطاهم حق الشروع بمحاسبة المقصر اذا كان هناك فعلا تقصير". وتضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "بالإضافة الى ذلك فلنذعن بان هناك من العراقيين من هو مقصر اتجاه بلده فما ذنب هؤلاء النساء الاطفال حين يتعرضون الى القتل عبر وسائل التفخيخ او عمليات الذبح والقتل في ديالى والموصل وفي مناطق متفرقة من العراق، علما باني قد قرأت القرآن ولم اجد فيه نص يرمز من بعيد او قريب الى استباحت القتل بل على العكس فاني لمست من خلال النصوص القرآنية ما يشير الى حالات التسامح والتسامي عن الاضغان والاحقاد وزرع روح المحبة والاخوة بين بني البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني".

وتؤكد بنانة، "الإسلام دين سلام ومحبة وما جاء به هؤلاء التكفيرين بالتأكيد لا يقارب وحي القران او الرسالة المحمدية من قريب او بعيد، وما يتعرض اليه المسيحين اليوم في العراق ما هو الا حلقة من حلاقة الاجهاز على الروح العراقية بكافة مكوناتها الدينية او الطائفية اذن نحن اليوم أمام ثقافة الاقصاء بمختلف توجهاتها، والتي هي بالتأكيد تأتي منسجمة مع الوعي الدكتاتوري للنظام السابق".

في حين طالب الاستاذ محمد مجهول الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها بشكل فاعل وعدم الاستكانة الى الخيارات الامنية العقيمة في مواجهة الارهاب حيث يقول، "نطالب الحكومة بوضع حل جذري لهذه المهزلة التي تستهدف ابناء هذا البلد، وخصوصا ما يتعرض له ابناء الديانة المسيحية في العراق لذا يجب ان يفعل دور القانون وذلك من خلال الاقتصاص من اولئك المجرمين عبر وسائل رادعة شديدة ومنها على سبيل المثال تفعيل حكم الاعدام وعدم جعل هذا القانون مشلول او مغيب ازاء من يقدم على قتل المواطن العراقي".

ويضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "اننا منذ خمسة اعوام لم نجد من طائلة هذا الحكم الا النزق اليسير من المجرمين وهذا الامر عامل مشجع وحافز قوي لكل القتلة ان يمارسوا هذا الفعل كون القضاء العراقي ينساب خلف شعار الشفافية المطلقة اتجاه من قدم ويقدم على اراقة الدم العراقي، وهذه المسؤولية ملقاة على عاتقة المؤسسة القضائية والحكومية على حد واحد، كي تأخذ دورها الاخلاقي والانساني والوطني والديني اتجاه مكونات الطيف العراقي بدون استثناء".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/تشرين الثاني/2010 - 1/ذو االحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م