ملك البحرين... من القوة الناعمة الى البطش معلن

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يصر ملك البحرين بين الفينة والاخرى على ترديد تصريحاته حول مشروع الاصلاح لذر الرماد في العيون، خصوصا بعد ان شدد على تلك التصريحات بعيد انتهاء الانتخابات البرلمانية المتجزئة التي يشرف على فلترتها بنفسه، بهدف اقصاء الاغلبية الشيعية عن التمثيل الحقيقي لهم في مجلس النواب البحريني.

فيما كان لتحول السلطة الحاكمة وخروجها على المستشارين الامريكان واسلوب القوة الناعمة، والنزول على الرأي السعودي القاضي بسياسة القمع المباشر والتصعيد في التصدي للآمال المجتمع البحريني ومواجهة المعارضة السياسية بالنار والحديد علامة كبيرة في نهج تلك السلطة في مصادرة الحقوق وانتهاكها منذ هيمنتها على مقاليد الامور في تلك الدولة.

فيما يرعى ذلك ملك البحرين بشكل مباشر سياسة التغيير الديموغرافي في المجتمع البحريني عبر سياسة التجنيس الطائفي التي تجري على قدم وساق.

استهداف الطائفة الشيعية

فقد طالب عدد من كبار العلماء في البحرين الحكومة بوقف قرار منع مكبرات الصوت الخارجية في المساجد والحسينيات. واصفين القرار بأنه يستهدف الطائفة الشيعية في المملكة.

وأكد العلماء خلال اجتماع لهم في مأتم السنابس على حرمة التوقيع على أيّ تعهُّد بخصوص قانون مكبِّرات الصوت.

واعتبروا في اجتماع لهم "أنَّ مسؤولي الحسينيَّات وقيِّمي المساجد لا يملكون الحقَّ في ذلك؛ لأنَّ المسجد والحسينية ليس ملكًا شخصيًّا وأن أي تعهد من قِيِّم مسجد أو متولِّي حسينيَّة هو باطل لا قيمة له من الناحية الدِّينيَّة".

ونقلت "شبكة التوافق الإخبارية" عن الموقع الرسمي للمجلس الإسلامي العلمائي. إن سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم أشار إلى المظاهر العاشورائيَّة، قائلاً: "ما من شيعي يستوحش من هذا المظهر، المهرجان الكبير الذي فيه إحياء الدِّين، وإحياء ذِكر أهل البيت، أمَّا الأمور الشاذَّة فهي معالجة من داخل وعينا الدِّيني، ومن داخل حكمنا الشَّرعيِّ، الموقف العملي أنْ نرفض هذا القانون، وأيَّ تطبيق له على الأرض"، لافتًا إلى "أنَّهم إذا أرادوا أنْ يسجوننا جميعًا فليسجنونا، وإذا سُجن قيِّم أو مسؤول مأتم، فعلى جميع رؤساء الحسينيَّات وقيّمي المساجد وفي مقدمتهم العلماء أنْ يتقدَّموا للسجن".

وأعتبر سماحته الذرائع التي تقدمها السلطة بشأن قرار منع مكبرات الصوت لا أساس لها. مؤكداً في حال تطلب الأمر فيجب اللجوء إلى الشعب "فسنستفتيه في مسيرة حسينيَّة جماهيريَّة" حسب قوله.

وأضاف آية الله الشيخ عيسى قاسم الموقف العمليّ أنْ نرفض هذا القانون وأيَّ تطبيق له على الأرض. مؤكداً أنه لا كرامة لمواطن يوم أنْ تُمسَّ كرامةُ الدِّين.

وتابع: "إنَّ المسألة ليست مسألة مكبِّرات صوت في المسجد والحسينيَّة، وليست مسألة خروج هذا الصوت إلى الشارع، حجم المسألة أكبر، المطلوب دين، المطلوب أنْ تَخلُص هذه البلد من كلِّ مظهر دينيٍّ لا ترضاه السياسة، المصرح به أنْ يتقزَّم الخطاب الدِّيني، وأنْ يخفت صوت الدِّين في المسجد والحسينيَّة، وأنْ يتقوقع في داخل المسجد والحسينيَّة؛ ليختفي غدًا".

وأشار سماحته إلى أن "القرار والقانون وأمثاله لا يمكن تفسيره بالسياسي. بل هو ينطلق من اندفاعات طائفية تحكم توجه الأمَّة. مبيناً أنه "ليس من مصلحة السياسة اليوم أن تستفزَّ مئات الألوف لمثل هذا القرار في حالة توتُّر سياسيّ، وفي حالة اضطراب سياسيّ"، لافتًا إلى أنَّنا "نربط بين التَّصعيد الأمني الذي حصل في هذه الآونة، وبين ما تستهدفه الحكومة من وضع اليد على كامل مفاصل الدِّين".

من جهة أخرى قال سماحة آية الله السيد عبد الله الغريفي في كلمة له بجامع الإمام الصادق (ع) بالقفول «ما صدر أخيراً من إجراءات بشأن مكبرات الصوت أمر يبعث على القلق الشديد... كونه يلامس شأناً مذهبياً له حساسيته الكبيرة، ولا يقلل من هذه المخاوف تصريحات المسئولين بأن هذه الإجراءات لا تستهدف طائفة معنية، وإنما جاءت لحفظ المواطنين في السكنية العامة، ولكي لا يتعرضوا لأي إيذاء أو إزعاج، وخاصة المرضى وكبار السن في منازلهم».

وأبدى الغريفي ملاحظات تتعلق بهذا الشأن، قائلاً: «إن هؤلاء المواطنين الذين يدافع القانون المذكور عن حقهم في السكينة والهدوء والراحة، هم الذين يرفعون الآن أصواتهم غاضبة ضد هذه الإجراءات التي يعتبرونها اعتداءً على حرية شعائرهم الدينية... فلا مبرر للحديث عن الحفاظ على مصالح مواطنين من خلال إجراء يرى المواطنون أنفسهم أنه ضار بممارساتهم الدينية، وحرياتهم المذهبية».

وأضاف «هذه الإجراءات تأتي في سياق مجموعة إجراءات (ضوابط الخطاب الديني، اتهام علماء دين وأموال دينية بتمويل الإرهاب وحجز أرصدة صناديق خيرية، وخطابات تشهيرية وتحريضية موجهة)، كل هذا يجعلنا نعيش إحساساً بالاستهداف الطائفي رغم تصريحات النفي والتطمين المتكررة».

مؤكداً «نحن مع كل مكونات الشعب في وئام ومحبة رغم كل الخطابات التي تحاول أن تمارس تأجيجاً طائفياً، وشحناً طائفياً، وتحريضاً طائفياً».

وأشار سماحته إلى أن "موسم عاشوراء ليس موسمًا ينحجز ضمن أربعة جدران، المنطقة الشيعية، البلد الشيعي كلّه يضج في يوم عاشوراء، صوت الحسين يتحرّك في كلّ موقع، تريد أن أحجز صوت الحسين؟!"

وإذا كانوا يدافعون عن مرضى وعجزة وعن رضّع أقول "حتى الرضع يريدون أنْ يسمعوا صوت الحسين في يوم عاشوراء، أنت لو تحجز سماعة لضجّت عليك المنطقة وفي مقدمتهم المرضى، وقالوا: نحن لا نتمكن من الوصول إلى المأتم دعنا نصل إليه بالسَّمَّاعات".

وأضاف: "إنَّ علماءَ في مقدمة الركب يرفضون، كل علماء البلد يرفضون، كل خطباء البلد يرفضون، مسؤولو الحسينيَّات، وقيّمو المساجد يجب أنْ يعلنوا رفضهم بكلّ قوة، جماهير هذه الطائفة تعلن الرفض بكل قوة".

وأمّا العلامة الشيخ عبد الحسين الستري، فقال: "إذا كان المسؤولون يريدون أنْ يحجِّموا الصوت الحسينيَّ بشكل عام فهذا مرفوض، ولا يجوز لأيِّ مؤمن يؤمن بالله تعالى، ويصدِّق بأهل البيت (سلام الله عليهم) أنْ يوافق على مثل هذه الأمور، أو مثل هذه الوصايا والقرارات".

ولفت سماحته إلى أنَّ "من واجب أهل الحسينيات عندما يطلب منهم التعهّد أو التوقيع على مثل هذه الأمور أنْ يقولوا: نحن لا نملك الحق في أن نتعهّد في هذا الأمر الذي تطلبون، هذا حق للناس، حق للطائفة ككل، وليس من حقنا كفرد - مثلًا - أو رئيس حسينية أن أمتنع من هذا المكبّر".

واختتم حديثه بقوله: "أشكر وجودكم، وحضوركم، وتلبيتكم، وأرجو - إنْ شاء الله تعالى - أنْ تكونوا مع الدِّين ومع علماء الدِّين؛ ليرتفع صوت هذه الطائفة عاليًا - إن شاء الله تعالى -".

يذكر أنّ هذا الاجتماع التاريخي والمهم لكبار العلماء في مأتم السنابس عقد بحضور العلامة السيد جواد الوداعي، وآية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، والعلامة السيد عبد الله الغريفي، والعلامة الشيخ عبد الحسين الستري مع عدد من العلماء، وجمع حاشد من مسؤولي الحسينيَّات، وقيِّمي المساجد، حيث امتلأت القاعات المخصَّصة لهذا اللقاء بالحضور الكبير، وبهتافات النصرة للإسلام، ودعم العلماء.

المشروع الاصلاحي!!

من جهته اعلن ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة ان الانتخابات التشريعية والبلدية البحرينية هي رد على المشككين في استمرار المشروع الاصلاحي في البحرين، فيما اكد مسؤول كبير الاثنين ان الحكومة غير قلقة من تعزيز المعارضة موقعها في مجلس النواب.

ونقلت وكالة انباء البحرين عن العاهل البحريني لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء البحريني قوله ان الانتخابات التي نظمت "هي ردنا الوطني على من لم يكن متأكدا من استمرارية مشروعنا الحضاري والذي نراه في تطور مستمر".

واعتبر مسؤول بحريني كبير ان "نتائج الدور الاول من الانتخابات تثبت مجددا ان الانتخابات كانت نزيهة وان الحكومة كانت على الحياد تماما".

واضاف ان "هذا هو افضل رد على كل انواع التشكيك التي صدرت عشية الانتخابات".

وقال هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته "هذا يثبت ان المشروع الاصلاحي مستمر ويتطور بمشاركة المواطنين وممثليهم المنتخبين فيه".

واكد المسؤول عدم قلق الحكومة من فوز المعارضة ولو سيطرت على غالبية مقاعد مجلس النواب.

وقال ان "الحكومة مستعدة للتعاون مع البرلمان المقبل بكل ايجابية" من منطلق "احترام ما يقرره المواطنون عبر صناديق الاقتراع".

واعتبر المسؤول ان "احتمال زيادة عدد كتلة المعارضة في البرلمان بعد الدور الثاني من الانتخابات لا يمثل اي قلق للحكومة". بحسب فرانس برس.

اضاف "ايا كان عددهم.. 18 او حتى 30 فانهم في النهاية مواطنون بحرينيون" و"الحكومة مستعدة للتعاون مع كل يعمل لمصلحة البحرين ومستقبل الاجيال القادمة".

وكان المسؤول يرد على سؤال حول امكانية فوز مرشحين اضافيين من المعارضة في انتخابات الاعادة التي من المقرر ان تجري السبت المقبل 30 تشرين الاول/ اكتوبر وهو ما قد يرفع عدد كتلة المعارضة في مجلس النواب البحريني الى عشرين نائبا.

ونقلت الوكالة ايضا عن رئيس وزراء البحرين الامير خليفة بن سلمان ال خليفة قوله لدى استقباله عددا من كبار المسؤولين ان "الحكومة تتوقع ان يكون تعاونها مع المجلس القادم أوثق" وتتطلع "لان يكون الشأن الاقتصادي حاضرا في العمل التشريعي".

الاغلبية البرلمانية

الى ذلك أظهرت نتائج جولة الاعادة للانتخابات البرلمانية أن جمعية وعد العلمانية المعارضة خسرت مقعدين كانت تنافس عليهما الامر الذي يحرم المعارضة من الحصول على أغلبية في البرلمان الجديد.

وكانت جمعية الوفاق وهي الجماعة المعارضة الرئيسية التي تمثل الاغلبية الشيعية في البحرين تأمل في أن يساعد فوز جمعية وعد الجماعتين في كسب المزيد من النفوذ في البرلمان الذي يهيمن عليه مجلس الشورى الذي يعين الملك أعضاءه.

وحصلت جمعية الوفاق على 18 مقعدا من أصل 40 مقعدا في مجلس النواب في الجولة الاولى التي جرت لكن الجولة الثانية التي أجريت يوم السبت منحت الاغلبية لاحزاب سنية موالية للحكومة ولمستقلين مؤيدين لها الى حد كبير.

ولم تتمكن الاغلبية الشيعية من الاستفادة من عدد أبنائها في الانتخابات. ويقول محللون والمعارضة ان الحكومة قسمت الدوائر الانتخابية بطريقة تحرم الوفاق من الحصول على الاغلبية.

وأظهرت نتائج الانتخابات التي نشرت في بيان رسمي يوم الاحد خسارة مرشحي جمعية وعد حليفة الوفاق في الجولة الثانية. وخسر مرشح ثالث للجمعية في الجولة الاولى.

وقالت منيرة فخرو مرشحة وعد "حتى لو كنا دخلنا البرلمان لم نكن سنتمكن من تغيير بنود في الدستور أو العملية الانتخابية."

وكانت المعارضة تأمل في أن يساعد حصولها على نفس عدد مقاعد الاسلاميين السنة والمستقلين الموالين للحكومة في تقديم المزيد من الاستجوابات بشأن مزاعم فساد وملكية واسعة للاراضي من جانب الاسرة الحاكمة.

وفازت جماعتا الاصالة والمنبر الاسلاميتان الحليفتان للحكومة بأربعة مقاعد أخرى في الجولة الثانية التي أجريت في تسع دوائر لم يحقق فيها أي مرشح أكثر من 50 في المئة من الاصوات في الجولة الاولى.

وحصلت الجماعتان على سبعة مقاعد اجمالا وهو أقل من عدد المقاعد التي حصلت عليها في انتخابات عام 2006 وهي 15 مقعدا عندما ساعد اتفاق للتنسيق بين مرشحي الجماعتين على عدم التنافس على الاصوات في فوزهما بعدد أكبر من المقاعد.

وتمسك خليل المرزوق المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للوفاق في البرلمان السابق بالامل في تعاون بعض المستقلين في دفع الاصلاحات وحذر من اندلاع احتجاجات في الشوارع اذا ما استمر الوضع الراهن.

وأضاف "اذا ما استمر تعثر عمل البرلمان... سينعكس ذلك على الوضع على الارض وسنشهد المزيد من احتجاجات الشوارع."

هزيمة قاسية للاخوان

من جانب آخر خسر الاخوان مقعدا ثانيا يشغله النائب ابراهيم الحادي لحساب مرشح مستقل مدعوم من السلفيين هو عدنان المالكي في الدائرة الثالثة بالمحافظة الوسطى (جنوب المنامة)، فيما خسر عبد الباسط الشاعر وهو مرشح جديد للاخوان لحساب مرشح مستقل هو محمود المحمود في الدائرة الرابعة من محافظة المحرق.

وكان نائبان للاخوان قررا عدم الترشح في هذه الانتخابات هما صلاح علي رئيس كتلة المنبر النيابية والنائب ناصر الفضالة. كما خسر المنبر مقعدا اخرا في المحرق هو الذي كان يشغله النائب سامي قمبر الذي لم يترشح في هذه الانتخابات وطرح المنبر مرشحا بديلا عنه خسر في الدور الاول.

كما خسر السلفيون ايضا مقعدين من اصل ستة لينخفض الى اربعة عدد المقاعد التي حازوها في هذه الانتخابات.

وتميزت انتخابات السبت بكثافة في اقبال الناخبين في ساعات ما بعد الظهر وحتى المساء خصوصا في دوائر شهدت منافسة شديدة بين مرشحين من الاخوان المسلمين والسلفيين وجمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد- يسار قومي).

وبحسب النتائج الرسمية، فقد استرد الاسلاميون السنة بعض مواقعهم حيث فاز رئيس جمعية الاصالة غانم البوعينين. كما فاز مرشحان من جمعية المنبر الوطني الاسلامي هما النائب علي احمد الذي يدخل مجلس النواب للمرة الثالثة، وعبد الحميد المير الذي يدخل للمرة الاولى ومرشح ثالث هو محمد العمادي في الدائرة السادسة من المحافظة الشمالية ضد مرشح مستقل مدعوم من السلفيين.

وارتفع عدد المرشحين المستقلين الفائزين في هذا الدور الى اربعة هم محمود المحمود وعيسى القاضي وعدنان المالكي واحمد الملا. الى ذلك، خسر مرشحا جمعية العمل الوطني الديموقراطي هما الامين العام ابراهيم شريف ومنيرة فخرو.

وفي تطور لافت، اظهرت النتائج الرسمية اختراقا هو الاول من نوعه للنساء البحرينيات من خلال فوز المرشحة للمجلس البلدي فاطمة سلمان في الجولة الثانية في احدى دوائر المحرق، لتكون بذلك اول امراة تفوز في انتخابات في البحرين.

بدء محاكمة 27 شيعي

من جهة أخرى بدأت مؤخرا محاكمة 27 معارضا شيعيا متهمين بتدبير مؤامرة تهدف الى "تغيير نظام الحكم بوسائل غير مشروعة"، امام المحكمة الجزائية العليا في المنامة وسط اجراءات امنية مشددة وبحضور مراقبين دوليين من منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومراقبين محليين.

وتجري هذه المحاكمة قبل يومين من الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي سمحت دورتها الاولى في 23 تشرين الاول/اكتوبر للمعارضة الشيعية بتعزيز موقعها عبر فوزها ب18 من اصل 40 مقعدا في مجلس النواب.

ويلاحق اعضاء المجموعة، ويحاكم اثنان منهم غيابيا، بتهم "تشكيل منظمة على خلاف القانون الارهاب وسيلة من وسائلها" و"تمويل نشاطات ارهابية" و"بث اخبار ودعايات كاذبة عن الاوضاع في البحرين".

ولدى بدء الجلسة العلنية، انكر المتهمون التهم واجابوا "بانهم غير مذنبين". واستمعت المحكمة لجميع المتهمين الخمسة والعشرين الذين قالوا انهم "تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة ووضعوا في الحبس الانفرادي".

وطلبت هيئة الدفاع عن المتهمين "بالافراج عنهم باي ضمان ترتأيه المحكمة او نقلهم من سجنهم بمقر جهاز الامن الوطني الى سجن آخر في حال رفض اخلاء سبيلهم ومعاينتهم من قبل اطباء وتمكين المحامين والاهالي من زيارتهم".

كما طالبت هيئة الدفاع "بقيام المحكمة بالتحقيق في ادعاءات التعذيب" التي افاد بها المتهمون، مشيرة الى ان "النيابة لم تكن محايدة في التحقيقات مع المتهمين وتأجيل الفصل في الدعوى لحين الفصل في التحقيق الذي طلبوا من المحكمة اجرائه".

من جهتها، دفعت النيابة العامة في الجلسة بان "جميع الضمانات القانونية قد تم توفيرها للمتهمين اثناء التحقيقات"، مضيفة ان "ادعاءات المتهمين بالتعرض للتعذيب قد تم تثبيتها في محاضر التحقيق" و"انهم تمكنوا من الالتقاء بمحاميهم اثناء التحقيق".

وقد قررت المحكمة بعد المداولة تحويل اثنين من المتهمين الى الطبيب الشرعي لمعاينتهم ومتهم ثالث الى طبيب انف واذن وحنجرة ونقلهم من سجن جهاز الامن الوطني الى سجن آخر وتمكين الاهالي والمحامين من زيارتهم، لكنها رفضت التحقيق في ادعاءات التعذيب.

كما قررت المحكمة ايضا تسليم المحامين صورا من اوراق الدعوى وأجلت جلسة المحاكمة الى 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل للمرافعة. بحسب رويترز.

وحضر المحاكمة ممثلون عن منظمة هيومن رايتش ووتش ومنظمة العفو الدولية اضافة الى ناشطين حقوقيين محليين وصحافيين واهالي المتهمين.

وكانت منظمة العفو الدولية اعلنت في بيان مطلع هذا الاسبوع ان نحو 250 معتقلا شيعيا اوقفوا عشية الانتخابات التشريعية في 23 تشرين الاول/اكتوبر في البحرين مهددون بالتعرض للتعذيب.

وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ان "نحو 250 شخصا تم اعتقالهم في اطار حملة ضد المعارضة الشيعية والناشطين قبل الانتخابات التشريعية في 23 تشرين الاول/اكتوبر".

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش دعت من جانبها في نهاية ايلول/سبتمبر السلطات البحرينية الى السماح للمدافعين عن حقوق الانسان بالسفر بعدما منع العديد منهم اخيرا من مغادرة البلاد.

وفي الرابع من ايلول/سبتمبر اعلنت السلطات البحرينية توجيه الاتهام الى 23 معارضا شيعيا بينهم 21 اعتقلوا في اب/اغسطس وايلول/سبتمبر متهمين بتشكيل "منظمة على خلاف القانون" بهدف "تغيير نظام الحكم بوسائل غير مشروعة".

لكن اربعة متهمين اضافيين مثلوا الخميس امام المحكمة. ويحاكم متهمان غيابيا هما حسن مشيمع الامين العام لحركة الحريات والديموقراطية (حق) وسعيد الشهابي القيادي في حركة "احرار البحرين".

المخاطر السياسية

تقود أسرة ال خليفة السنية الحكومة وكثيرا ما شكت الاغلبية الشيعية مما تعتبره تمييزا ضدها في الحصول على الوظائف الحكومية والاسكان وهو اتهام تنفيه الحكومة.

وتعتبر الولايات المتحدة والسعودية البحرين التي تستضيف الاسطول الخامس الامريكي حصنا سنيا ضد القوة الشيعية الاقليمية المجاورة ايران.

وتضررت بنوك المعاملات الخارجية البحرينية بشدة بسبب انهيار قطاع العقارات بالمنطقة ويمكن أن يحول النفوذ السياسي على الاشراف على البنوك دون تقييم المستثمرين الاجانب للحجم الكامل للضرر.

-اضطرابات شيعية

تحكم أسرة ال خليفة ما يزيد عن 1.3 مليون نسمة نصفهم تقريبا من المغتربين. ومعظم البحرينيين شيعة ويشكون من التمييز في الوظائف الحكومية والمساكن والرعاية الصحية وهو اتهام تنفيه الحكومة.

كما يطالب الشيعة حكومتهم بالتوقف عن منح سنة من خارج البحرين الجنسية ووظائف في القوات المسلحة وأجهزة الامن القومي لمحاولة تغيير التركيبة السكانية.

هذه القضايا هي مصدر استياء الشيعة الذي يتم التعبير عنه من خلال اضطرابات متقطعة منذ منتصف التسعينات.

وتتنافس كتلة الوفاق وهي أكبر جماعة سياسية شيعية في الدولة الخليجية العربية والتي تسيطر على 17 مقعدا من بين 40 مقعدا في البرلمان الحالي مع جماعات اسلامية سنية ومع كتلة وعد العلمانية على مقاعد البرلمان في دولة استقرارها يهم واشنطن. بحسب رويترز.

والبحرين من صغار منتجي النفط وتحتاج على المدى الطويل الى تقليل دعم السلع تدريجيا وفرض ضرائب لخفض العجز المالي وخفض الاستثمارات في البنية التحتية.

وسيكون من الصعب على الحكومة تمرير اصلاحات اقتصادية دون توفير المزيد من المشاركة السياسية في المقابل.

وساعد وضع دستور جديد واجراء انتخابات برلمانية قبل عشر سنوات على اخماد اضطرابات الشيعة لكن التوتر ثار مجددا في الاعوام الاخيرة لان الشيعة أصيبوا بخيبة أمل بسبب محدودية نفوذ المجلس الوطني.

واقتصرت الاشتباكات التي تتكرر ليلا بين محتجين شبان يشعلون النيران في اطارات سيارات وقوات الامن على بعض القرى التي يغلب عليها الشيعة بعيدا عن أعين المصرفيين الذين يعملون بالمناطق التجارية في المنامة.

ولم يكن للاحتجاجات أي أثر على الاستثمارات الاجنبية او تدفقات الاموال لكن حملة أمنية استهدفت الشيعة قبل الانتخابات قد تصعب على الجماعات المعتدلة مثل كتلة الوفاق اكبر كتلة شيعية في البرلمان المشاركة في حوار مع الحكومة مستقبلا.

وخلال الحملة اعتقل نحو 23 رجلا بينهم بعض رجال الدين الشيعة واتهموا بالتخطيط لقلب نظام الحكم من خلال التحريض على الاحتجاجات.

وقالت الحكومة أيضا الشهر الماضي انها ألقت القبض على شخصين ذكرت أنهما خططا لسلسلة من تفجيرات السيارات الملغومة. وسيكون هذا تصعيدا لاعمال العنف لكن التفاصيل التي أوردتها الحكومة كانت مبهمة ولم يتسن التأكد من صحتها.

ما تجدر متابعته..

- انتشار الاحتجاجات في الشوارع خارج القرى الشيعية لتمتد الى العاصمة المنامة ومناطقها التجارية.

- استخدام أسلحة أكثر تطورا من القنابل الحارقة التي يتم رشق سيارات الشرطة بها أحيانا.

- أي تصريح من كتلة الوفاق يشير الى أنها تبحث مقاطعة الانتخابات في المستقبل.

- الصراع مع ايران..

تخشى دول الخليج العربية من تزايد النفوذ الاقليمي لايران القوة الشيعية وتشارك حلفاءها الغربيين الشكوك في أن طهران تسعى الى امتلاك القدرة على التسلح النووي. وتقول ايران انها لا تريد سوى الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.

ويرى مراقبون أن نفوذ ايران بالبلاد محدود لان شيعة البحرين يتطلعون الى رجال الدين في المراكز الاكثر اعتدالا لمذهبهم في العراق مثل كربلاء والنجف.

ولا تستبعد الولايات المتحدة واسرائيل عدوتا ايران اللدودتان القيام بعمل عسكري ضد ايران اذا فشلت الدبلوماسية في انهاء الخلاف النووي.

وقد تجعل القاعدة البحرية الامريكية الكبيرة في المنامة من البحرين هدفا لاي انتقام ايراني.

وترتبط البحرين بعلاقات سياسية وتجارية وثيقة مع جارتها السعودية التي تشعر بالقلق من ايران.

وتسمح القاعدة البحرية في المنامة للسعودية بالتمتع بالحماية العسكرية الامريكية لمنشآتها النفطية والممرات المائية بالخليج التي تعتمد عليها صادراتها النفطية دون أي وجود مثير للجدل لقوات غربية على أرضها.

ما تجدر متابعته..

- عدم احراز تقدم في المحادثات بين ايران والغرب.

- اي مؤشر لضربة عسكرية على ايران.

- امدادات الطاقة..

شهدت البحرين مثل جاراتها من دول الخليج العربية زيادة في استهلاك الغاز الطبيعي مع نمو اقتصادها اثر طفرة في المنطقة غذتها اموال النفط.

وفي عام 2007 كانت تستهلك 1.3 مليار قدم مكعب من الغاز في اليوم ويتوقع أن يرتفع الاستهلاك الى ملياري قدم مكعب في اليوم خلال عشر سنوات تقريبا.

وتحتاج البلاد الى سد جزء من هذه الفجوة من خلال الواردات لكن السياسات الاقليمية أثقلت محادثاتها مع مصدري الغاز مما يهدد نموها الاقتصادي.

وتعتزم شركة الومنيوم البحرين طرح أسهمها للاكتتاب العام في وقت لاحق من العام واضطرت لتأجيل التوسع في طاقتها الانتاجية بسبب نقص الطاقة.

وأجرت البحرين محادثات مع دولة قطر المجاورة اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم لكن ظهور التوتر الدبلوماسي بين الدولتين من جديد في الاونة الاخيرة بعد تسوية نزاع حدودي يجعل احتمال الوصول الى اتفاق بعيدا جدا.

ما تجدر متابعته..

- عدم احراز تقدم في المحادثات مع ايران بشأن واردات الغاز. وتوقفت المحادثات لمعظم عام 2009 بعد أن أدلى مسؤول ايراني بتصريحات شكك خلالها فيما يبدو في سيادة البحرين.

- النظام المصرفي..

صنعت البحرين لنفسها مكانة كمركز مصرفي يخدم ثروة الخليج النفطية. وتضم بنوكها أصولا قيمتها نحو 211 مليار دولار.

لكن شركات الاستثمار بها لم تنجح في ايجاد تدفقات ايرادات مستمرة خلال الطفرة النفطية والعقارية بالمنطقة التي انهارت عام 2008 لانها اعتمدت على زيادة الرسوم على العقارات ومشاريع الاستثمار الخاص وهي السوق التي انهارت منذ ذلك الحين.

وواجه بيت التمويل الخليجي الذي استخدم في الترويج لهذا القطاع خلال سنوات الازدهار صعوبة في سداد ديونه لانه لم يستطع بيع أصوله غير السائلة او ايجاد مصادر دخل جديدة.

واعتبر مصرف البحرين المركزي جهة تنظيمية قوية في المنطقة الى جانب مؤسسة النقد العربي السعودي.

لكن مصرفيين يرون أن الحجم الحقيقي للضرر الذي لحق بالقطاع لم يظهر للمستثمرين لان مصرف البحرين المركزي يهمه قبل كل شيء حماية سمعة البحرين كمركز مصرفي وقد يحاول الا يؤدي بالشركات الى العجز عن سداد ديونها.

والسؤال هو ما اذا كانت التقييمات الحالية للمحافظ العقارية لشركات الاستثمار تعكس انهيار اسعار العقارات الذي حدث عام 2008 .

ويقول مصرفيون ان بعض شركات الاستثمار مثل بيت التمويل الخليجي عقدت شراكات مع الاسرة الحاكمة بالبحرين في مشاريع عقارية على الساحل الشمالي للبلاد مما يجعل تضارب المصالح والنفوذ السياسي على الاشراف البنكي احتمالا مرجحا بشدة.

ما تجدر متابعته..

- أي حالات تخلف عن سداد الديون بين شركات الاستثمار البحرينية.

- ما اذا كانت المؤسسات الكبرى مثل بيت التمويل الخليجي واركابيتا ستستطيع العثور على تدفقات ايرادات جديدة على مدى الفترة القادمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 7/تشرين الثاني/2010 - 30/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م