سيدة النجاة تموت ساكتة

هادي جلو مرعي

خرجت من مكتبي عند مغيب شمس الأحد الماضي. ولم أشعر بوجود مايريب من أحداث تعودتها في أيامي التي مرت علي في هذا البلد.

لكني عرفت من وسائل الإعلام المحلية والعربية وإتصالات الاصدقاء إن مابقي من مسيحيي هذا البلد يتعرض بعضهم الى أذى كبير في واحدة من كنائس العاصمة (طوق النجاة) وسط العاصمة عندما كانوا يؤدون صلاة يوم الأحد.

كان المسلحون مدججين بالسلاح والأحزمة الناسفة (للحب والحياة والأخوة والتسامح). بينما كان المصلون يطوقون سيدة النجاة بالعواطف والتراتيل وكلمات المحبة التي لم تجد أحدا من المسلحين ليخشع عند سماعها.. نبي الإسلام الحبيب يقول.. إن العين لتدمع، وإن القلب ليخشع ولكن لانقول مايسخط الرب. ولكنهم لم يفقهوا قول نبي يدعون الإنتساب إليه.

مريم كانت تتعذب وهي تطارد بعينيها الذابلتين أسى جسد وليدها وولدها فيما بعد وهو يطوف قرى الجليل بروحه ومابقي من جسد ناحل لينشر السلام والمحبة وليبشر بنبي يأتي من بعده اسمه أحمد.

ومازالت تتعذب وهي ترى المحبين لولدها يقتلهم الجهل والتطرف ولم تحترم دماؤهم احتراما لذكرى نبيهم.

ماتت مريم ساكتة حزينة على الشرق الموبوء بالآلام الجسام وبالحزن الذي يغطي البيوت والدروب عبر الأزمنة، ماتت وهي آيسة من كل أمل ومن كل رجاء في تغيير يطال النفوس. فالذين أحبوا موسى ثم عيسى وأخيرا محمد يصرعهم الحقد والكره ويبحثون عن فرص لإيذاء إخوانهم.

كانت تريد للذين يتبعون ولدها أن لا يتطاولوا بالكراهية، وللذين تبعوا النبي محمد أن يفتحوا القلوب لأقلية لا تؤذي بل تشارك في الحياة.

هل أذكركم أن المسلمين في العراق من أتباع المذاهب الإسلامية المتضادة يقربون المسيحيين أكثر من إخوانهم في الدين الإسلامي لأن المسيحيين غرسوا أشجار المحبة في قلوب العراقيين من المسلمين.

هكذا تعودنا المسيحيين وعلينا أن نحميهم، لأن الشرق بلا مسيحيين كلوحة بلا ألوان زاهية، وليس من مصلحة الصحراء أن يبقى الماء بعيدا عنها لأن الأفاع والعقارب ستحكم الحياة الشحيحة فيها.

hadeejalu@yahoo. com

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تشرين الثاني/2010 - 27/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م